هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي وقناعاتى.

أروي هذه الشهادات، بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تُنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.

1 - ثورة مصر

فى التاسع عشر من نوفمبر 1977، قام الرئيس أنور السادات برحلته المفاجئة إلى القدس، لم أصدق الخبر، أغلقت على نفسى باب حجرتى، كان الخبر صادمًا بالنسبى لى، كدت أخرج إلى الشارع، وأمسك بيافطة أقول فيها: "لا"، كانت وسائل الإعلام تهيئ للزيارة منذ إعلان السادات، فى مجلس الشعب، استعداده للذهاب إلى القدس وعرض القضية الفلسطينية وتحقيق السلام، يومها كان ياسر عرفات، حاضرًا فى هذه الجلسة، وصفق مع المصفقين دون أن يعرف سيناريو الأحداث المقبلة..

خالد عبد الناصر ومصطفى بكري

ترآى أمام عينى مشهد الشهداء من الأسرى المصريين، الذين قتلوا بيد الإرهابي شارون، تذكرت مذابح دير ياسين وكفر قاسم، عدوان 56، 67، وانتصاراتنا فى أكتوبر 1973، لم أكن على يقين بأن هذه الزيارة قد تحدث، لكنها حدثت، وها هم قادة إسرائيل ينتظرون قدوم طائرة السادات إلى مطار بن جوريون، المشاهد تنقل على الهواء من التليفزيون المصرى مباشرة، بعد قليل يفتح باب الطائرة، إذن هذا هو أنور السادات، يتقدم عددا من المسئولين والصحفيين المصريين الذين رافقوه.

كانت الحملات الإعلامية شديدة وموجهة بعناية.. قالوا للجماهير: كفى حربًا وموتًا ودمارًا، حان الوقت لنهدأ وننعم بالخيرات، ونحصل على حقوق مصر وحقوق العرب والشعب الفلسطينى.

كانت الأحداث تمضى سريعًا، وكنت أعبر عن مواقفي من خلال اللقاءات والمؤتمرات التي كان يعقدها قادة منبر اليسار في هذا الوقت، وعندما جرى توقيع اتفاقية كامب ديفيد فى عام 1978، كنت أتجول في قرى محافظة قنا ومدنها مهاجمًا هذه الاتفاقية وملاحقها المختلفة، وعندما أعلن عن افتتاح السفارة الإسرائيلية على أرض مصر، كنت أقود مظاهرة ضمن 5 آلاف شخص طافت شوارع مدينة قنا، ترفض وجود السفارة وتحذر من خطورتها، وقد تم القبض عليّ فى هذا الوقت وقضيت نحو شهرًا فى سجن قنا العمومي.

وفي هذا الوقت جاء إلى بلدتنا خالد محيى الدين، والشيخ إمام، وأبو العز الحريري، وآخرون في مؤتمرات حاشدة ترفض هذه الاتفاقية وتحذر من مخاطرها.

ثورة مصر

2- محمود نور الدين قائد تنظيم ثورة مصر

كان محمود نورالدين، قائد تنظيم ثورة مصر- فيما بعد- يعمل فى هذا الوقت، بمكتب المخابرات العامة بالسفارة المصرية فى لندن، ثم تقدم بالاستقالة، على الرغم من أنه كان يؤدى عمله عن إيمان وعقيده، وقد رشحه العميد على أحمد، الذى كان يعمل ملحقًا عسكريًا بسفارتنا فى لندن آنذاك ليحصل على وسام عن دوره وخدماته أثناء حرب أكتوبر1973، يضاف إلى هذا السجل الحافل أن هذا الرجل كان وطنيًا، ثائرًا.

بعد استقالته من منصبه بالسفارة المصرية في لندن، أسس محمود نور الدين، مجلة تصدر من العاصمة البريطانية اسماها 23 يوليو، ترأس تحريرها الكاتب الصحفي محمود السعدني، لفترة من الوقت.

كان محمود ناصريًا، وله علاقة وثيقة بأبناء الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، خاصة نجله خالد، استمرت المجلة لمدة عام تقريبًا، لكن محمود، لم يتمكن من الاستمرار فى إصدارها، خصوصًا أنه كان يرفض تبعيتها لأي من الأنظمة.

وبعد اغتيال السادات، على يد مجموعة إرهابية، بدأ الرئيس حسنى مبارك، مرحلة جديدة، لكن اتفاقية كامب ديفيد، كانت قد وضعت أسسًا جديدة فى التعامل بين مصر وإسرائيل، السياح الصهاينة يتدفقون، والعلاقات الثقافية والسياسية والاقتصادية مستمرة، والعلم يرفرف على واحدة من أكبر عمارات الجيزة، على النيل مباشرة.

3- تهديدات حركة «كاخ» الصهيونية للمثقفين المصريين

فى عام 1983، تلقى عدد من المثقفين والصحفيين المصريين، خطابات تهديد من حركة كاخ الإرهابية الصهيونية التى يتزعمها الحاخام مائير كاهانا تهدد فيها باغتيال كل من يعادي إسرائيل ونهجها العنصرى، وقد أثارت تلك التهديدات محمود نورالدين، كما أثارت غيره من المواطنين المصريين.

في تلك الفترة قرر محمود نورالدين، أن يعود إلى مصر، طلب من السفير حسن أبوسعدة، سفير مصر فى لندن، التوسط لدى الرئيس مبارك، كي يسمح له بالعودة إلى القاهرة، وبالفعل تمت الموافقة، وبذل محمود نور الدين، جهودًا من أجل أن يصدر مجلة جديدة فى مصر برخصة أجنبية، لكن هذا المشروع لم يكتب له النجاح بعد ذلك.

عندما عاد محمود، إلى القاهرة طلب من شقيقه عصام، أن يقوم بتوصيله إلى منزل أسرة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فهناك علاقة تربطه بـ «خالد وعبد الحميد وعبد الحكيم».

وبعد هذا اللقاء الذى استمر قرابة الساعة وتحديدًا مع خالد عبد الناصر، أبلغ محمود شقيقه عصام، أنه قرر تشكيل منظمة ناصرية عسكرية، هدفها الأساسى والوحيد هو توجيه الرصاص إلى صدور بعض من ينتمون إلى أجهزة المخابرات الإسرائيلية والأمريكية، لم يعترض عصام ولم يتردد، وكانت الخلية الأولى من شخصين هما محمود وعصام، ومنذ اليوم حدد محمود لشقيقه مواصفات العضو المؤهل للانضمام للتنظيم، وأهم هذه المواصفات رفض التطبيع والاستعداد لتنفيذ التكليفات العسكرية.

انقطع محمود نور الدين، فترة طويلة عن مصر، ولهذا عهد إلى شقيقه بهذه المهمة، وتمكن عصام، فى هذه الفترة من تجنيد العقيد السابق محيى عدلى، وتلاه المقدم السابق أحمد على، ثم توالت عمليات التجنيد التى شملت المقدم محيى دسوقى.

وتوجه عصام، نحو عدد من أصدقائه وكان من بينهم نظمى شاهين، فذهب إليه فى منزله فى عابدين، وسأل عنه وعرف أنه سافر إلى العراق فأرسل له خطابًا طالبه فيه بالعودة إلى مصر، وبالفعل عاد "نظمى" بأسرع مما يتوقع صديقه، التقى به، واصطحبه للقاء شقيقه محمود نور الدين، جلس ثلاثتهم يتحدثون فى كل شيء، وتطرق الحديث إلى الوجود الإسرائيلى فى مصر، فاتحه محمود نورالدين، فى أمر المنظمة، " تحمس نظمى " لكنه طلب إمهاله لبعض الوقت، ثم سرعان ما عاد ليعلن انضمامه، وليلعب دورًا هامًا فى التنظيم إسماعيل عبد المنعم إسماعيل، والرقيب أسامة خليل، والشيخ حامد إبراهيم يوسف، وجمال شوقى عبد الناصر وآخرون.

وعندما أصيب محمود نور الدين بمرض نفسى وتم احتجازه بمستشفى أبو العزايم، لبعض الوقت، خرج ونجح فى تجنيد الدكتور حمدى الموافى، الذى كان يتولى علاجه بالمستشفى، كما نجح فى ضم «سامى فيشة» الذى يعمل (كهربائى) وجاء به نظمى شاهين، ليقوم بتوصيل الكهرباء إلى شقة محمود نورالدين، كما جرى ضم جمال عبد الحفيظ، من خلال شقيقه عصام إلى صفوف التنظيم فى يناير 1986.

وأثناء رحلة استجمام قام بها محمود نور الدين، إلى مدينة الغردقة، تعرف هناك على العميد السابق حسن رهوان عن طريق العقيد (السابق) محيى عدلى وشقيقه العقيد (السابق) ممدوح عدلى عضوي التنظيم، وقد قام محمود نورالدين، بمفاتحة العميد حسن رهوان فوافق على الفور، وقال أنه يمكنه ضم قيادات أخرى، فوافق محمود نورالدين.

نظمى شاهين وسامى فيشة وحمادة شرف

وهكذا نجح التنظيم خلال سنوات معدودة فى أن يضم إلى صفوفه عددًا من الأعضاء، الذين وافقوا على الفور بمجرد مفاتحتهم، بل أن أعضاء التنظيم فوجئوا يوم تنفيذ عملية المعرض بأن أحمد على، قد جاء معه بشخصية يرونها للمرة الأولى، وكان هذا الشخص يدعى مراد وهو (ضابط سابق) وقد قدمه أحمد على، إلى محمود نورالدين، ولم يجلس معه سوى ساعات محدودة، فما كان منه إلا أن انضم فى سرية تامة إلى التنظيم، وبعد أيام راح يشارك فى تنفيذ عملية المعرض مع زملائه الآخرين، وهو ما يعطى دلالة على حجم الكراهية للصهاينة وعملائهم بسبب جرائمهم واحتلالهم للأرض وتشريدهم للشعب.

سيارة اتراكشي بعد إطلاق النار عليه

4- تنظيم الثورة حديث الرأى العام فى مصر

كان تنظيم ثورة مصر، حديث الرأى العام، دون أن يعرف أحد تفاصيل عملياته التى تمت، عمليته الأولى قتل فيها (زيفى كيدار) أحد عناصر الموساد الإسرائيلى الذى كان يعمل مسئول أمن السفارة الإسرائيلية فى 4 يونيو 1984، ثم تلتها عملية اغتيال أحد مسئولى الموساد بالسفارة الإسرائيلية بالقاهرة، والذى كان يعمل بمكتب الموساد بلندن ويدعى (اتراكشى) فى 20 أغسطس 1985، وكانت العملية الثالثة قد وقعت مساء 19 مارس 1986، حيث هاجم عدد من أعضاء التنظيم بعض الإسرائيليين فى معرض الكتاب فأصابوا ثلاثة منهم وقتلوا "إيلى تاور" الموظفة بالسفارة الإسرائيلية والغريب أن نظمى شاهين، كان يحمل رشاشًا على كتفه ووقف مع الضباط والجنود على بوابة المعرض وكأنه واحد منهم، ولم يسأله أحد من أى جهة أمنية ينتمى إليها، وكان ينتظر مترصدا المسئولة الإسرائيلية عن الجناح الإسرائيلى.

وامتدت عمليات التنظيم إلى الأمريكيين، من عملاء السى. آى. إيه. ففى 26 مايو1987، هاجمت بعض عناصر التنظيم بقيادة محمود نورالدين، سيارة الأمريكى (دينيس ويلياميز) ومعه اثنان آخران بالرصاص فى مدينة نصر، إحتجاجًا على خطف الأمريكان للطائرة المصرية التى كانت تقل عددًا من الفلسطينيين المتورطين فى عملية "اكيلى لارو"، إلا أنهم لم يتمكنوا من قتلهم بسبب تمكن "ويليامز" من الهروب سريعًا.

5- القبض على أعضاء تنظيم ثورة مصر بمعاونة السفارة الأمريكية

كنت أتابع هذه الأحداث منذ بدايتها، لكننى لم أكن أعرف من يقف خلفها، مضت الأيام وعندما تم القبض على أعضاء التنظيم يوم 17/9/1987، كانت المفاجأة، حيث تم القبض على جميع أعضاء التنظيم بعدما قام “عصام الدين”، شقيق محمود نورالدين بإبلاغ السفارة الأمريكية بالقاهرة بأسماء أعضاء التنظيم مقابل مبلع مالى كبير، وجواز سفر أمريكى، إلا أن السفير "فرانك ويزنر" بعد أن سجل كل المعلومات أبلغ بها الجهات المصرية.

قبل أن يتم الكشف عن قضية تنظيم ثورة مصر تم القبض على "عصام" ضمن أعضاء التنظيم، وحكم عليه بعد ذلك بالسجن لمدة 15عامًا.

قبيل الكشف عن التنظيم بأيام قليلة، كنت قد أجريت حوارًا موسعًا لمجلة المصور مع د.خالد جمال عبد الناصر، الذى تربطنى به علاقة وثيقة منذ بداية الثمانينات، حيث كنت أذهب إليه لنلتقى فى منزله كثيرًا، وكنت التقيه فى ضريح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى 15يناير (عيد ميلاد الزعيم)، 23 يوليو (عيد انطلاق الثورة)، و28سبتمبر ذكرى الرحيل.

إحدى عمليات تنظيم ثورة مصر

عندما ذهبت بالحوار الذى أجريته إلى مكرم محمد أحمد، رئيس تحرير المصور، أكد لى الأستاذ مكرم أن خالد عبد الناصر، متورط مع الآخرين فى الانضمام إلى تنظيم ثورة مصر، كان قرارًا قد اتخذ من النائب العام بحظر النشر فى هذه القضية حرصًا على مسار التحقيقات بعد أن أعلنت الصحافة المصرية خبر القبض على أعضاء التنظيم.

كان الثامن والعشرون من سبتمبر من كل عام يناسب ذكرى رحيل الزعيم جمال عبد الناصر، ذهبت إلى ضريح عبد الناصر فى الصباح المبكر، كان هذا العام يصادف مرور الذكرى السابعة عشرة للرحيل، اصطف جميع أفراد الأسرة لمصافحة الحاضرين، كان هناك عبد الحميد، وعبد الحكيم و د.هدى ومنى أنجال عبد الناصر، وكانت السيدة تحية كاظم زوجة الزعيم الراحل موجودة أيضًا، وكان هناك أشرف مروان زوج منى، وحاتم صادق زوج د.هدى، ولم يكن خالد عبد الناصر موجودًا، وهو الحريص على التواجد فى تلك المناسبات واستقبال الحاضرين.

فى هذه اللحظة أدركت أن خالد عبد الناصر، قرر البقاء فى لندن، بعد الشائعات التى انتشرت عن انضمامه لتنظيم ثورة مصر، حيث بدأت المعلومات ترد من كل اتجاه مشيرة إلى دور خالد فى التنظيم، ثم سرعان ما بدأت الأخبار تتردد بعد ذلك عن عزم الموساد اغتيال خالد عبد الناصر فى بريطانيا.

وبعدها وبناء على نصيحة أمنية تقدم خالد عبد الناصر، للانتقال من لندن إلى يوغسلافيا، حيث أرسل إليه الرئيس اليوغسلافي طائرة خاصة تقله هو وأسرته التي لحقت به فيما بعد، حيث استقبل استقبال الأبطال، وكان موضع حفاوة وتكريم من القيادة اليوغسلافية.

وفى الأيام الأولى لوصول خالد عبد الناصر ذهب إليه العديد من السفراء العرب والأجانب يقولون له: نحن جميعًا رهن إشارتك، فلا أحد ينسى فضل والدك على الأمة العربية ودول العالم الثالث.

عندما بدأت المعلومات تتردد من كل اتجاه أن هناك نية لضم خالد عبد الناصر، إلى قرار الاتهام فى القضية نصحه البعض بطلب اللجوء السياسى فى يوغسلافيا، إلا أن خالد عبد الناصر اعترض على ذلك، وقال إنه فى حال ورود اسمى فى قرار الاتهام فإننى سأواجه الأمر بشجاعة وأذهب إلى مصر مع أولى جلسات المحاكمة وعندما ذهب أشرف مروان، لزيارة خالد عبد الناصر فى يوغسلافيا قبل بدء المحاكمة بقليل، أبلغه رسالة من الرئيس مبارك، فحواها بضرورة العودة إلى مصر، وهو ما حدث بعد ذلك.

كنت أتواصل مع د.خالد عبد الناصر أثناء تواجده فى لندن ويوغسلافيا، أتابع معه آخر الأحداث والتفاصيل، تعرفت على “نادية حسن سرى” مطلقة محمود نورالدين وبناته الصغار داليا ودينا ولمياء، كنت أرسل عبرها رسائل إلى محمود نورالدين داخل السجن.

كما قامت السيدة نادية حسن سرى، بتهريب أسئلة حوار صحفى أجريته معه، ووصلنى الحوار الذى نشرته فى العديد من الصحف والمجلات فى هذا الوقت وقد أجاب فيه محمود نورالدين، عن كل التساؤلات، كما أجريت حوارًا مع السيدة نادية حسن سرى ردت فيه على الشائعات حول علاقتها بطليقها محمود نورالدين، وأشهد أن السيدة نادية ظلت مخلصة لوالد بناتها حتى اليوم الأخير.

محمود نور الدين وزوجته وأولاده

6- وفاة محمود نور الدين داخل السجن

كنت أتابع أحوالهم في السجون، وكانت والدة نظمى شاهين، هي جسر التواصل بيني وبينهم داخل السجون، أبعث بالرسائل وتأتينى منهم الرسائل، كانت الحاجة "أم نظمى" منهكة القوى، لكنها صلبة وقوية، ويوم أن أفرج عن ابنها نظمى، أقامت لنا عزومة غداء فى منزلها فى عابدين، وكم كانت كريمة..

ظل التواصل بينى وبين نظمى شاهين، وسامى فيشة، وأسامة خليل، وحمادة شرف، والشيخ حامد وغيرهم، من أعضاء تنظيم ثورة مصر.

كنت أتابع المحاكمة من داخل قاعة المحكمة بحضور الأساتذة أحمد الخواجة، نقيب المحامين ود.عصمت سيف الدولة وأحمد نبيل الهلالى، ونبيل نجم وغيرهم، حتى صدور الحكم فى 12 إبريل 1991، حيث قضت المحكمة ببراءة خالد عبد الناصر، الذى عاد من الخارج ومثل فى قفص الاتهام أمام المحكمة وأربعة آخرين بينما تم الحكم على محمود نورالدين بالأشغال الشاقة المؤبدة والسجن 15 عامًا على 5 متهمين على رأسهم نظمى شاهين، والبقية صدرت ضدهم أحكام من 6 أشهر إلى عشر سنوات.. وهكذا أغلق ملف قضية ثورة مصر.

ظللت على تواصل مع عدد من الذين صدرت ضدهم الأحكام من خلال السيدة والدة نظمى شاهين، وأيضًا من خلال السيدة نادية سرى مطلقة محمود نورالدين، التى لم تتخل عنه أبدًا منذ تاريخ القبض عليه.

وفى 15 سبتمبر 1998، أعلن عن وفاة محمود نورالدين، داخل سجنه، حيث أصدرت وزارة الداخلية بيانًا قالت فيه إن محمود نورالدين توفى إثر إصابته بحمى فيروسية، وأن الوفاة طبيعية.

وفاة محمود نورالدين

اهتز الوجدان المصرى لوفاة البطل محمود نورالدين، وعندما شيعت جنازته يوم 16 سبتمبر تقدمت الجنازة قيادات شعبية وحزبية وجمهور كبير من المواطنين.

انطلقت الجنازة من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، تحت حراسة أمنية مشددة، تولى المهندس إبراهيم شكرى، رئيس حزب العمل إمامة المصلين على الجثمان، وخرج الجثمان ملفوفًا بعلم مصر، أطلق الشباب شعارات مدوية بالموت لإسرائيل والهتاف للبطل محمود نورالدين، كان التقرير الطبى يقول: إن محمود نورالدين أصيب بفيروس فى المخ تسبب فى وفاته.

عبد العظيم مناف ووالدة نظمي شاهين

مضينا بالجثمان، كان الحزن باديًا على الجميع، أجهش الفنان حمدى أحمد، بالبكاء، وأصر على إقامة الصلاة على الجنازة مجددًا عند المقابر، كان الحزن مسيطرًا على بناته الثلاث وزوجته السابقة، انتحينا جانبًا ندعو له بالرحمة والمغفرة، نظرت إلى جوارى ووجدت أم نظمى شاهين، هذه السيدة الصلبة، الواعية، كانت تنتحى جانبًا وترفع يدها إلى السماء لتدعو له، ولتدعو لابنها (نظمى) الذى كان لا يزال فى السجن مع زملائه.

الشيخ حامد أحد أبطال ثورة مصر يبكى محمود نور الدين كمال أبو عيطة ومصطفى بكري في وداع محمود نور الدين

7- الإفراج عن أعضاء تنظيم ثورة مصر

وفى 23 سبتمبر من عام 2002، أفرجت السلطات عن أعضاء تنظيم ثورة مصر، الذين كانوا لا يزالون ينفذون الحكم بسجنهم 15سنة، حيث شمل الإفراج نظمى شاهين، وحماده شرف، وسامى فيشه وغيرهم..

بعد الإفراج عن هؤلاء الأبطال التقينا فى منزل نظمى شاهين بعابدين، وشارك معنا بقية المفرج عنهم من أبطال ثورة مصر اللقاء، وبعدها بأيام قليلة أقمنا لهم حفل تكريم بجريدة "الأسبوع" وحضره كافة الصحفيين والعامليين والعديد من الرموز الوطنية الأخرى وتمضى الأيام، وتبقى الذكرى الغالية خالدة فى القلب وفى الذاكرة.

جاء ذلك، في الحلقات التي ينشرها «الجمهور» يوم الجمعة، من كل أسبوع ويروي خلالها الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم السادات ومبارك والمشير طنطاوي ومرسي والسيسي.

اقرأ أيضاًشهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: صحافة الشيخ أحمد الصباحي

شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: اللقاء الأول مع مبارك

شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: طريقي إلى صاحبة الجلالة

شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: (الطريق إلى ليمان طرة)

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مصطفى بكري المخابرات العامة النائب مصطفى بكري تاريخ مصطفى بكري شهادة مصطفى بكري محمود نور الدين خالد عبدالناصر تنظيم ثورة مصر ثورة مصر السفارة الإسرائیلیة یرویها مصطفى بکری جمال عبد الناصر محمود نور الدین خالد عبد الناصر شهادات وذکریات الزعیم الراحل أعضاء التنظیم عبد الناصر فى القبض على هذا الوقت تم القبض الذى کان من خلال بعد ذلک إلى مصر فى لندن إلا أن فى هذه عدد من

إقرأ أيضاً:

مصطفى ليس الأول.. حكاية شقيق ثالث فقده حسين فهمي

يقف منظبطا في مدخل سرادق العزاء، يتحاشى التقاء عيناه بعيون الحضور، حتى لا تنهمر دموعه المحبوسة، فهو يقف الآن يتلقى واجب العزاء في شقيقه الأصغر وصديقه وشريك رحلته الذي وارى جسده الثرى بعد فترة من المرض، ولكنها لم تكن آلم الحزن والفقد الوحيدة التي اختبرها حسين فهمي في حياته، حيث ودع الكثير من الأحباب واحدا تلو الآخر.

محمود باشا فهمي الأب والرمز والقدوة في حياة حسين فهمي، كانت الكسرة الأولى في حياة الفنان الشاب في ذلك الوقت الذي كان يختبر النجومية للمرة الأولى، ليرحل الأب بعد ما شاهد نجله في بداية مشواره الفني، ولكن القدر لم يمهله الكثير من الوقت حتى يستوعب تلك الفاجعة التي لاحقتها فاجعة آخرى أشد قسوة.

حسين فهمي يفقد والدته بعد شهرين من وفاة والده 

بعد شهر أو اثنين من رحيل محمود باشا فهمي، يختبر حسين فهمي وأشقاءه آلم الفقد مرة أخرى برحيل والدتهما التي لم تستطيع تحمل فكرة رحيل زوجها ورفيق رحلتها في الحياة لتلحق به على الفور، وذلك وفقا لما رواه حسين فهمي في لقاء مع الإعلامية وفاء الكيلاني في حلقة من برنامجها «السيرة».

3 أشقاء.. كانت تلك الثروة التي تركها محمود باشا فهمي وزوجته الراحلة، الابن الأكبر حسن، والأوسط حسين والأصغر مصطفى، يقفون في ظهر بعضهما البعض سندا في مواجهة الزمن، وكان للشقيق الأكبر حسن طريق مختلف عن شقيقاه اللذان جذبتهما نداهة الفن.

حسين فهمي عن أشقاءه: أصحاب قريبين من بعض 

كان حسن فهمي الذي يعمل سفيرا في وزارة الخارجية يتواجد في مدينة فرانكفورات الألمانية عندما تلقى حسين ومصطفى فهمي خبر رحيله، بعد إصابته بما يعرف طبيا بـ «الأمفزيما» أو انتفاخ الرئة، التي تؤدي إلى تلف الحويصلات الهوائية في الرئتين بسبب التدخين، إذ كان الراحل مدخن شره، وفقا للفنان حسين فهمي، الذي أكد أن العلاقة بينه وبين أشقاءه لم تكن علاقة أخوة فقط ولكنها كانت أعمق من ذلك بكثير، «كنا احنا التلاتة قريبين جدا لبعض وأصدقاء أكتر من كوننا أخوات».

وبعد رحيل حسن، لم يتبقى سوى حسين ومصطفى فهمي في مواجهة الحياة معا، فكان يعتبر العلاقة بينهما نادرة وقوية، قائلا: «مصطفى ده رغم أنه أخويا الصغير، لكنه بعتبره أخويا الكبير، أول واحد بفكر فيه وبلجأ له لما يحصلي مشكلة، ودائما واقف جنبي وفي ضهري».

وذلك قبل أن يغيب الموت الشقيق الأصغر يوم الأربعاء الماضي بعد فترة من قضاها في مواجهة السرطان ليرحل عن عمر 77 عاما، ويعود حسين فهمي ليختبر آلم الفقد مرة أخرى برحيل شقيقه الأصغر وأعز أصدقاءه وأقربهم إلى قلبه.

مقالات مشابهة

  • ساعة «عبد الناصر» في مزاد عالمي
  • «الهنا اللي أنا فيه».. كريم محمود عبد العزيز يروج لـ أحدث أعماله الفنية
  • مصطفى بكري عن قانون الإجراءات الجنائية: تاريخ الحياة البرلمانية سيتوقف كثيرا أمام هذه اللحظة
  • مصطفى ليس الأول.. حكاية شقيق ثالث فقده حسين فهمي
  • في ذكرى رحيله.. كيف فسر مصطفى محمود العلاقة بين إسرائيل وأميركا؟
  • مراسم حفل تسليم شهادات دبلومة إدارة المشروعات الرقمية لنواب رئيس محكمة النقض
  • النقض والاتصالات يشهدان مراسم حفل تسليم شهادات دبلومة إدارة المشروعات الرقمية
  • خالد العامري: كان هناك تواصل من الخطيب والمرض منع والدي من الترشح
  • شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: حكايتي مع جيهان السادات
  • آخرهم مصطفى فهمي.. مشاهير خطفهم الموت بسبب السرطان