يا حلاوة دمياط في مولد النبي.. صناعة تنافس بلاد الشام واكتسبت شهرة عالمية
تاريخ النشر: 13th, September 2024 GMT
على مدار عقود ظلت دمياط متربعة على عرش صناعة الحلوى، ولطالما نافست الشام فى مختلف الأصناف بل تفوقت عليها، واكتسبت حلوى دمياط شهرة عالمية ذاع صيتها بمختلف أنحاء العالم، وتنتعش قلعة صناعة الحلوى بقدوم ذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ تتعطر شوارع المدينة الساحلية الساحرة برائحة الحلوى الذكية، وتتزين بأشكال وألوان مختلفة من الحلوى.
وتتنافس عشرات محال الحلوى فى عرض الكثير من الأنواع والأشكال والأحجام للحلوى، بل وتقديم عروض مميزة على العلب مختلفة الأوزان، التى يقبل الكثيرون من مختلف المحافظات على شرائها بالتزامن مع قرب ذكرى المولد النبوى، وأوضح باسم مسلم، أحد صناع الحلوى فى دمياط، أن صناعة الحلويات لها تاريخ طويل يمتد إلى أكثر من 5 عقود بالتزامن مع إنشاء ميناء دمياط القديم، وتبادل العلاقات بين المدينة الساحلية ومناطق الشام وشرق البحر المتوسط، ويتوارثها الأجيال، موضحاً أن الميناء أسهم فى زيادة التصدير وشهرة دمياط عالمياً.
وذكر أن موسم تصنيع حلوى المولد النبوى بدأ قبل أشهر، سواء لإنتاج الحلوى للتصدير، أو البيع محلياً، خصوصاً المشبك الدمياطى الشهير، مشيراً إلى أن أكثر أسباب إقبال التجار على الشراء منهم هو حفاظهم على أصل صناعة الحلوى منذ بدايتها دون تغيير فى مكوناتها، مثلما تعلموها من أجدادهم قبل سنوات طويلة، وأكد أنهم يبتعدون عن استخدام الألوان الصناعية، أو النكهات فى صناعة الحلوى، على الرغم من انتشارها مؤخراً فى مختلف محال الحلوى بباقى المحافظات.
وكشف محمد البدرى، صاحب محل حلوى، عن أن الأسعار تختلف حسب عدد القطع أو الوزن، إذ تبدأ من 150 جنيهاً لعلبة الحلوى التى تحتوى على 16 قطعة، وتصل إلى 2950 جنيهاً للعلبة الكبرى التى تضم نحو 81 قطعة أو أكثر، موضحاً أنهم أتاحوا بيع الحلوى بالقطعة، إذ يتراوح سعر القطعة من 17 وحتى 30 جنيهاً، حسب المكسرات المستخدمة فيها، وأشار إلى أن «العروسة والحصان» تراث أصيل يحرصون على عدم اندثاره، وينتجونه بكثرة خلال موسم المولد النبوى، موضحاً أن أسعارهما تتراوح بين 25 و100 جنيه، حسب الحجم.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المولد النبوى صناعة الحلوى
إقرأ أيضاً:
سوريا اليوم: عناصر لقراءة سوسيولوجية- تاريخية حول الراهن
عندما نراجع الأحداث المستجدة على الساحة السورية يتضح أن الانهيار المفاجئ لنظام الأسد قد خدم هيئة تحرير الشام وتركيا، ولكن بصورة وقتية وقد تكون عابرة. مسارعة الكيان بتدمير البنى التحتية والمقدرات العسكرية لمنظومة الدفاع السابقة، بقطع النظر عن أي تفسير أو تأويل لأسبابها أو مبرراتها، وكذلك قرار الاستغناء عن الجيش الوطني السابق برمته والاعتماد فقط على قوات هيئة تحرير الشام الفاقدة على ما يبدو لأي لقدرات دفاعية جوية أو قدرات قتالية جدية على الأرض، جعلت سوريا عزلاء وعارية أمام هجومات جيش الكيان وتوسعه داخل أراضيها وتعمده إذلالها، بل العمل على تقسيمها مسنودا في ذلك بضوء أخضر من القيادة السياسية الأمريكية (وليس بالضرورة قيادة الجيش). وعلاوة على تحدي حكم الشرع وتهديده، يعمد الكيان إلى تهديد الوجود العسكري التركي بسوريا ويقرر منع أي خطر يتأتى منه من خلال تدمير القواعد والمطارات العسكرية السورية حتى لا يستعملها الجيش التركي، كما يوجه وزير حربه إنذارا صارما إلى أردوغان.
هذه المعطيات الموضوعية تفيد بأن التطورات السورية المتسارعة أوقعت كلا من سلطة هيئة تحرير الشام وتركيا في ورطة، وأن الوضعية حبلى بالتوترات والمخاطر. فمن ناحية لا نتوقع أن تخاطر تركيا بالزج بمقدراتها العسكرية بما فيها صواريخ S400 الروسية والطائرات من كل صنف في مجابهة قاسية وربما خاسرة مع الكيان؛ المتوفر على أحدث التكنولوجيات العسكرية الأمريكية وفي رهان غير حيوي وإن كان هاما كإقامة قواعد في سوريا.
المعطيات الموضوعية تفيد بأن التطورات السورية المتسارعة أوقعت كلا من سلطة هيئة تحرير الشام وتركيا في ورطة، وأن الوضعية حبلى بالتوترات والمخاطر
وبالنسبة لسوريا، فمما يعزز وضعية المأزق والعجز عن مجابهة العدوان ضعف مقومات الصلابة الضرورية للجبهة الداخلية، ذلك أن مقاربة النظام الجديد عجزت حتى الآن عن استيعاب تنوع واختلاف مكونات المجتمع السوري والتعاطي المطلوب وطنيا مع تنوع واختلاف مكونات المشهد السياسي السوري، وهو أمر غير مستغرب باعتبار ماضيه القريب. هذا ما عبر عنه الإعلان الدستوري المؤقت المعلن بعد مؤتمر وطني صوري ووجد تجسيده في تركيبة حكومة أريد منها أن تظهر كتنازل لمطلب التنويع بالانفتاح على التكنوقراط أو المستقلين؛ ولكنها في الصميم خاضعة بالكامل للتوجه السياسي لهيئة تحرير الشام ومجموعة حكومة إدلب، ولا يمكن أن تكون إلا كذلك ما لم توجد إرادة حقيقية لتشريك مختلف القوى المعارضة أو أبرزها في تصور المستقبل وإدارة الشأن السوري. وعليه فالتعلل بحداثة عهد النظام الجديد وهو الذي توفرت له فرصة التشريك الفعلي للفعاليات السياسية الديمقراطية الليبرالية التي كانت في معارضة نظام الأسد؛ يصبح محض تبرير مرفوض للانفراد بالقرار.
تقديرنا أن المصلحة الوطنية السورية (إلى جانب مصلحة الأمتين العربية والإسلامية) تقتضي الإقدام على حوار وطني واسع ومعمق حول مبدأ القبول بقدر من اللامركزية في الحكم، بما لا يتعارض مع وحدة السلطة الوطنية ووحدة الدولة، كما تتطلب الاعتراف بحقوق الأقليات القومية والدينية وتمثيلية التيارات والأطراف السياسية.
الغريب والمفارقة أن حكومة الشرع تتصرف تماما كما كان يفعل نظام البعث مع هذه المسألة، أي بفرض تحكم عصبية حزبية- عسكرية في إدارة البلاد وإقصاء من يختلف عنها أو معها.
والطريف في الأمر أن التنوع والاختلاف في ظل سلطة الدولة الواحدة كان هو القاعدة منذ استقر الأمر للإسلام، سواء في بلاد الشام أو غيرها حتى الحقبة المعاصرة، حيث كان المجتمع الأهلي يدير الكثير من شؤونه بعيدا عن التدخل اليومي لأجهزة للدولة، وكانت مكوناته القومية أو القبلية والدينية والمذهبية تتمتع باستقلالية واسعة في حياتها الاقتصادية والثقافية والفكرية وحتى التحكيم في خلافاتها باللجوء إلى العرف أو إلى الشريعة. بعبارة أخرى، فإن الدولنة والمركزة المفرطة ظاهرة حديثة، وهي تجسيم لأنموذج الدولة القومية التي أنتجها التطور الأوروبي وفي المقدمة النموذج اليعقوبي الفرنسي إلى جانب النماذج المتفرعة عنه واللاحقة له، كالشيوعية والفاشية في الغرب وكسلطة الدولة القومية و"الوطنية" (القُطرية) والإسلاموية في العالم الإسلامي المعاصر.
المطلوب موضوعيا وبعد انهيار النظام البعثي وانكشاف هشاشة الوضع الداخلي والخارجي؛ هو استخلاص درس التاريخ المعاصر، وذلك بإقامه بناء وطني جديد جامع لا يفرق ولا يستثني أحدا، مع إرساء وحدة وطنية كفاحية في وجه الكيان الصهيوني المعربد وحاميه الأمريكي الجديد
وبناء على ما تقدم نقترح الفرضية التالية: الأنموذجان القومي والإسلاموي من تصور وممارسة السلطة وجهان مختلفان لعملة واحدة في الحالة السورية الراهنة وحتى في غيرها من تجارب الدولة "القومية"، والتي هي قومية في الظاهر والخطاب وقُطرية في الحقيقة والممارسة، الفارق الأساسي هو أن الأول يفرض سلطانه باسم شرعية الطموح الوحدوي العربي المعبر عنه بمفردات الخطاب القومي، والثاني يفرض سلطانه خدمة لطوبى الوحدة السياسية لأمة المسلمين.
طبعا نتوقع أن يرفض الكثير من القوميين والإسلاميين هذا التشبيه، ولكن ذلك لا يثنينا عن اقتراحه كفرضية عمل لتناول المسار التاريخي بالفهم وتنسيب تعارضات تبدو مطلقة لأول . فرغم اختلاف العقيدة الأيديولوجية ونمط تكوين وانتقاء النخبة القيادية/ الحاكمة وحتى المشروع والتحالفات.. الخ، إلا أن التعامل هو نفسه مع مسألة السلطة وذلك عبر التصور العضوي بل الكلّيّاني لهذه الأخيرة وما يؤدي إليه بالضرورة، من احتكار وإملاء ينتهي في خاتمة المطاف إلى شخصنة وانفراد واستبداد، والأمثلة على ذلك كثيرة.
وبالرجوع إلى سوريا الآن، المطلوب موضوعيا وبعد انهيار النظام البعثي وانكشاف هشاشة الوضع الداخلي والخارجي؛ هو استخلاص درس التاريخ المعاصر، وذلك بإقامه بناء وطني جديد جامع لا يفرق ولا يستثني أحدا، مع إرساء وحدة وطنية كفاحية في وجه الكيان الصهيوني المعربد وحاميه الأمريكي الجديد، والسؤال: هل ستكون الأطراف السياسية السورية في مستوى هذا التحدي؟