- تكثيف التكامل المعرفي والدراسات البينية بين القطاعات الصحية والقانونية والقضائية

- إدخال القانون الطبي كمنهج معتمد في كليات الشريعة والطب

- مراجعة مناهج وبرامج أخلاقيات ممارسة مهنة الطب والمهن الصحية

- تقنين التحديات القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي

أكدت ندوة «دور التشريعات القانونية وتطبيقاتها المهنية والقضائية في المجال الصحي»، أهمية إيجاد لوائح وقرارات وزارية تناسب التطور السريع في المجال الطبي وخدمة الطب الاتصالي وتدريب الكوادر الطبية، وتقنين التحديات القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي وتشريعات المسؤولية القانونية في القطاع الطبي والرعاية الصحية، وضرورة تطوير الخطط الدراسية بما يتلاءم مع المستجدات التكنولوجية.

وأوصت الندوة بضرورة تكثيف التكامل المعرفي والدراسات البينية بين القطاعات الصحية والقانونية والقضائية من خلال إقامة المؤتمرات والندوات والورش وبرامج التدريب المشتركة لإعطاء التغذية النوعية لكادر هذه القطاعات في مسائل القطاع الصحي ومستجداته، ونشر الوعي القانوني بالمجال الطبي بين العاملين الصحيين والقانونيين فيه، وتوجيه أصحاب المهن الصحية لأهمية الحصول على استشارة قانونية من المختصين القانونين في حال وجود إشكالية أو شكوى في مجال العمل، مع التأكيد على وجوب توثيق وجمع الممارس الصحي للعلاج المقدم في ملف المريض لما له من أهمية كبيرة في حالات الخطأ الطبي، ومراجعة مناهج وبرامج أخلاقيات ممارسة مهنة الطب والمهن الصحية التي تدرس لمختلف فئات الطلبة في المجال الصحي وأهمية تحديثها بما يناسب مع التشريع القانوني والتطبيق القضائي الموجود حاليا في سلطنة عمان.

كما دعت إلى تأليف دليل استرشادي طبي قانوني يقدم نظرة ثاقبة للمفاهيم القانونية الأساسية والمبادئ الأساسية التي تحكم الأطباء في ممارسة مهنة الطب والمهن الصحية المساعدة في سلطنة عمان،وتجهيز جميع الأطباء بشكل أفضل للتعرف على الصعوبات الطبية القانونية وتجنبها. لا بد من المشرع العماني مواكبة التغير السريع في العصر الحديث من حيث انتشار الأمراض والأوبئة حاليا سيما بعد جائحة كورونا؛ فيكون إصدار القوانين بسرعة زمنية أكبر وأشمل عن ذي قبل في الفترة الماضية.

كما أكدت الندوة على أهمية إيجاد إرشادات أخلاقية للتقنيات الجديدة من خلال تطوير وتطبيق إرشادات واضحة للتطبيب عن بعد والذكاء الاصطناعي لضمان خصوصية البيانات، والموافقة المستنيرة، ومنع التحيز في تقديم الرعاية الصحية. ولا بد من وجود حلقة وصل مباشرة تربط بين المجلس العماني للاختصاصات الطبية والمجلس الأعلى للقضاء بشكل دوري منتظم للبحث والدراسة في مجال الطب والقانون سيما الحد من الأخطاء الطبية وإيجاد الحلول المثلى والمناسبة لها. وإيجاد وتفعيل منصة إعلامية طبية رائدة في بيئة قانونية متكاملة للتوعية الوطنية الشاملة في مجال الطب.

كما أوصت بتدريب الكوادر الطبية على الكفاءة الثقافية من خلال توفير تدريب مستمر لمقدمي الرعاية الصحية حول التعامل مع المعضلات الأخلاقية، وموازنة استقلالية المريض مع توقعات الأسرة، واحترام القيم الإسلامية، وأهمية تعزيز المساءلة المهنية ومراجعة وتحديث المعايير الأخلاقية لضمان التزام المهنيين بأفضل الممارسات في الأخلاقيات الطبية.

وأشارت إلى أن استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي والرعاية الصحية تستوجب بنية أساسية قادرة على استيعاب كمية ضخمة من البيانات الشخصية ومعالجتها بما يكفل العدالة والمساواة مع تأمين الحماية اللازمة لتلك البيانات من العبث المقصود أو غير المقصود.

وكانت الندوة التي نظمتها كلية عمان للعلوم الصحية قد افتتحت صباح اليوم تحت رعاية سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية، وبحضور عدد من أصحاب الفضيلة القضاة، والمحامين، والأطباء، وممارسين صحيين، بالإضافة إلى أكاديميين وباحثين في المجالين وذلك في المركز الرئيسي للبنك الوطني العماني.

تبادل الخبرات

وألقى الدكتور فهد بن محمود الزدجالي عميد كلية عمان للعلوم الصحية كلمة في افتتاح الندوة قال فيها: أن تنظيم هذه الفعالية يأتي لتعزيز المعرفة القانونية والعملية وتبادل الخبرات لتساهم في تطوير القطاع الصحي وأن الشراكة بين المؤسسات التعليمية والجهات القانونية والصحية تشكل حجز زاوية لتحقيق التقدم والتنمية المستدامة في المجال الصحي، مشيرا إلى أنها تعد فرصة لمناقشة سبل تطوير وتحسين التشريعات الصحية وتطبيقها في السياقات المهنية والقضائية، وأن النقاشات ستسهم في توفر منصة مهمة لتبادل الأفكار والخبرات بين المختصين والمساهمة في صياغة سياسات صحية أكثر فعالية، وتعزيز العمل المشترك حيث برزت أهمية الندوة في تسجيل أكثر من 500 شخص للمشاركة وتم قبول 225 شخصا ولهذا نتطلع إلى التوسع في تنفيذ ندوات ومؤتمرات مستقبلا في المجال الصحي القانوني..

من جهته صرح الدكتور محمد بن سيف الشعيلي الباحث القانوني بالمكتب الفني بالمحكمة العليا رئيس اللجنة العلمية في الندوة قائلا: تتطرق محاور الندوة عبر ثلاث جلسات حوارية إلى التشريعات والقوانين المرتبطة بالمجال الصحي تاريخيا وتطورا ودراسات التحديات التي تواجه الجانب التشريعي والقانوني الذي يحتضن اختصاصات ومجالات وأعمال الجانب الصحي والطبي في سلطنة عمان، وبيان القواعد السلوكية والأخلاقية لمهنة الطب وتعرج الجلسات إلى استظهار المبادئ والتطبيقات القضائية التي صدرت من القضاء في المجال الصحي فالتطبيق السليم المرتبط بالفهم الصحيح للتشريعات والأنظمة جانب مهم للكوادر الصحية والقضائية والقانونية لتعزيز الثقافة المجتمعية بشكل عام والمؤسسية بشكل خاص. كما تناقش الندوة التحديات المرتبطة بالجانب التعليمي المؤسسي الجامعي في المجال الطبي وأبرز التحديات في التكوين العلمي والحديث عن الذكاء الاصطناعي وتطبيق البرامج والتحديات الأخلاقية والقانونية في هذا الجانب.

أوراق العمل

واشتملت أعمال الندوة التي شارك فيها مجموعة من المختصين في التشريعات والقوانين الصحية على ثلاث جلسات حوارية حيث بدأت الأولى «الجلسة التشريعية والقانونية في المجال الصحي» التي أدارها فضيلة القاضي الدكتور بدر بن خميس اليزيدي بالمحور الأول «نظرة عامة حول التشريعات القانونية في المجال الصحي» قدمها الدكتور قيس بن داود السابعي المدير المساعد بالمحكمة الابتدائية بصحار، قال فيها: ما سنت القوانين إلا لتنظم حياة الناس، ويتطور العلم بتطور الحياة وتبدل الأحوال، وتغير الأشكال وأنماط العيش وسبلها، وممارسات وسلوكيات الأفراد فيها، مما أدى ذلك كله إلى سن قوانين جديدة حديثة مناهضة لعصر العولمة الحديث، من شأنها حفظ الحقوق للجميع، وبيان الواجبات. وسلط الدكتور الضوء في ورقته على التشريعات القانونية واللوائح المنظمة للمجال الصحي بسلطنة عُمان، من خلال التطرق إلى ارتباط الطب بالقانون، وعن مراحل تطور التشريعات القانونية العمانية في مجال الطب، مع بيان أهم المواد القانونية التي تضمنها قانون تنظيم مزاولة مهنة الطب والمهن الطبية المساعدة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم: 2019/75.

كما قدم الدكتور ناصر بن حماد العزري استشاري أول طب الطوارئ مدير عام الموارد البشرية بوزارة الصحة، ورقة عمل «التحديات التي تواجه تطبيق التشريعات الصحية» قال فيها: القانون الطبي مجال مستجد نسبيا في الفقه القانوني، ورغم أن بعض الموضوعات التي يتطرق إليها هي موضوعات قديمة مثل موضوع المسؤولية الطبية، إلا أن القانون الطبي كمجال يفتح آفاقا جديدة في العلاقة بين القانون والطب لم تكن مطروقة مسبقا.

وأضاف: ليس هناك تعريف محدد للقانون الطبي، كما أنه ليس فرعا مستقلا من فروع القانون المعروفة مثل القانون المدني وقانون الجزاء والقانون التجاري وغيرها، ورغم ذلك فإن هذا المجال الصاعد يشق طريقه بقوة وتظهر الحاجة إليه ملحة في العصر الحاضر لأسباب شتى. ولعله من النادر الآن في كثير من الدول أن تجد برنامجا جامعيا معتبرا في تخصص القانون لا يتضمن مقررا في مادة القانون الطبي أو القانون الصحي، بل وحتى في كليات الطب والعلوم الصحية.

ودعا الدكتور العزري إلى تفعيل أنشطة مشتركة بين العاملين في المجال القانوني والمجال الطبي (تشريعيا وأكاديميا)، وإدخال القانون الطبي كمنهج معتمد في كليات الشريعة والقانون وكليات الطب والعلوم الصحية، ويفضل أن يكون منهجا مشتركا ذا أنشطة تفاعلية، مع استمرار الندوات والمؤتمرات المشتركة لبناء جسور الفهم والمقاربة وتعزيز دور التشريعات الصحية في بناء مجتمع سليم وآمن، وتوعية العاملين في المجال الطبي والقانوني وكذلك المجتمع بالتشريعات الصحية بشكل دوري ودائم.

الأطر القانونية والأخلاقية

وخصصت الجلسة الثانية للحديث عن الممارسات التطبيقية والمبادئ القضائية في المجال الصحي، وقدم فضيلة الشيخ الدكتور عامر بن محمد الحجري ورقة عمل للبروفيسور الدكتور يحيى بن محمد الفارسي أستاذ علم الأوبئة والصحة العامة بجامعة السلطان قابوس بعنوان «الأخلاقيات المهنية لمزاولي المهن الطبية» تمحورت حول الدور الأساسي للأخلاقيات المهنية في مجال الرعاية الصحية في سلطنة عمان ومناقشة المبادئ الأخلاقية الأساسية، بما في ذلك الاستقلالية والإحسان وعدم الإضرار والعدالة مع التركيز على تطبيقاتها في الممارسة اليومية للرعاية الصحية وتسليط الضوء على التحديات الأخلاقية الرئيسية التي تواجه نظام الرعاية الصحية في سلطنة عمان مثل السرية والموافقة المستنيرة وتوزيع الموارد.وقدم الدكتور لمحة عامة عن الأطر القانونية والأخلاقية التي تحكم ممارسي الرعاية الصحية في سلطنة عمان - مدعومة بدراسة حالة ذات صلة وأهمية المساءلة والنزاهة والتعليم المستمر في الحفاظ على المعايير العالية للسلوك المهني في الرعاية الصحية.

وقدم الدكتور محمد بن سيف الشعيلي الباحث القانوني بالمكتب الفني بالمحكمة العليا في المحور الثاني من الجلسة قراءة لأهم المبادئ القضائية في المجال الصحي أشار فيها إلى فلسفة المشرع والقضاء العماني في تعاطيه مع القضايا والطعون المتعلقة بمسائل التخصصات الطبية، سيما المنهج القضائي المتبع قديما وحديثا بشأن التعويضات، والأخطاء الطبية والأحكام المرتبطة بسلوكيات هذه المهن بشكل عام، واستعراض الأحكام والمبادئ القضائية من حيث الشق الجزائي المرتبط بالمسؤولية الجنائية في أعمال المجال الصحي، التي قد تلازمها المسؤولية المدنية أو الأدبية لهذه المهن.

واختتمت الجلسة بورقة عمل بعنوان «المعايير الأخلاقية والقانونية للأخطاء الطبية» قدمتها الدكتورة أمل بنت أحمد البلوشية طبيبة اختصاصية ومقررة اللجنة العليا للأخطاء الطبية، متحدثة في ورقتها عن المعايير القانونية الأساسية للأخطاء الطبية التي يتم تحديدها من قبل اللجنة الطبية العليا، وأهم المواد القانونية المرتبطة بالخطأ الطبي ابتداء بتعريف الخطأ الطبي وأركانه، واختصاص اللجنة الطبية العليا بتقرير الخطأ الطبي من عدمه والحالات المستثناة من المسؤولية عن الأخطاء الطبية حسب القانون العماني.

تحديات وطموحات

وتطرقت الجلسة الثالثة التي أدارها عبدالعزيز بن راشد الشافعي الباحث القانوني بكلية عمان للعلوم الصحية حملت عنوان «التحديات والطموحات للجوانب التشريعية والتعليمية في المجال الصحي» بعرض ثلاث أوراق عمل، في البداية تحدثت الدكتورة أسماء بنت سعيد البلوشية استشارية طب الطوارئ مديرة دائرة شؤون المتدربين بالمجلس العماني للاختصاصات الصحية حول «التحديات القانونية التي تواجه المؤسسات التعليمية والطبية وكيفية التعامل معها» قائلة: تواجه المؤسسات التعليمية الطبية العديد من التحديات القانونية قد تتعلق بتنظيم التعليم الطبي، وضمان الجودة، وحماية حقوق الطلاب المتدربين والموظفين. وقد تتعلق تلك التحديات بحماية المتدربين في حالة حدوث أخطاء طبية أو تعليمية أثناء ممارسة التدريب السريري وإجراءات التعامل معها، مما قد يعرض المؤسسات للمسؤولية القانونية نتيجة ذلك، لذا يتطلب وجود سياسات وإجراءات واضحة للتعامل مع هذه الحالات.

وأكدت الدكتورة أسماء أن الهدف الأسمى هو تقديم رعاية صحية آمنه للمواطنين والمقيمين على أرض سلطنة عمان، وحيث إن سلامة المرضى يعد مبدأ أساسيًا من مبادئ الجودة لذا لابد من مراجعة مناهج أخلاقيات ممارسة مهنة الطب والفئات الطبية المساعدة التي تدرس لمختلف فئات الطلبة في المجال الصحي وأهمية تحديثها وآلية تدريسها لجميع الطلاب بما يناسب مع التشريع القانوني الموجود حاليا في سلطنة عمان، والنظر في التشريعات القانونية الموجودة التي استهدفت فئة الممارسين الصحيين والتطرق للمتدربين مما يوجب النظر فيها ورفع التوصيات لمراجعتها وإمكانية تحديثها لوضع لوائح أو قوانين أو الضوابط التي تحمي المتدربين أثناء الممارسات السريرية إذا ما وقع خطأ إكلينيكي.

واستعرضت الدكتورة قمرة بنت سعيد السريرية استشارية أولى في الصحة العامة والمديرة العامة لمركز ضمان الجودة بوزارة الصحة ورقة عمل بعنوان «التحديات القانونية التي تواجه تسجيل الحوادث الطبية وأهمية التوثيق الطبي» ذكرت فيها أن نظام أمان نظام إلكتروني وطني لتسجيل الحوادث التي تحدث في المؤسسات الصحية وهو عبارة عن قاعدة بيانات رقمية متخصصة ومصممة للإبلاغ ويتمثل هدف النظام الأساسي في الحفاظ على السلامة وتحسين جودة الخدمات الصحية من خلال نهج غير عقابي وبسرية تامة يركز على نشر ثقافة الإبلاغ وتوثيق الحوادث الطبية بالإضافة إلى وضع خطط تصحيحية واستراتيجيات للحد من تكرار الحوادث المسجلة بالإضافة إلى التعلم منها.

واختتمت الندوة بورقة عمل بعنوان «التحديات القانونية المرتبطة بالتطورات الطبية والتكنولوجية» مع التركيز على دور الذكاء الاصطناعي كنموذج للتطورات التكنولوجية من تقديم الدكتورة إيناس محمد قطيشات عميدة كلية القانون بجامعة صحار، قالت فيها: مع دخول التكنولوجيا شتى مناحي الحياة، والتطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي ودخوله القطاع الصحي أصبح لزاماً تسليط الضوء على التحديات القانونية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع الطبي وتقديم الرعاية الصحية لمحتاجيها.

وأضافت: إن الذكاء الاصطناعي يلعبا دورا مهما في المساعدة في إدارة الملف الطبي للمريض بشكل عام، والاستفادة منه في تقديم الاستشارة الطبية ووصف العلاج أحيانا والمساعدة في التدخلات الطبية والعلاجية مرات أخرى، إلا أن ذلك لا يمنع القول: إن دخول الذكاء الاصطناعي القطاع الصحي بصورة عامة من شأنه أن يفرز تحديات قانونية وأخلاقية تحتاج إلى تنظيم قانوني من قبل المشرع خصوصا مع أتمتمة الوظائف الإدارية التي تدعم عملية تشخيص الحالة المرضية واقتراح التدخلات الدوائية من خلال القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات والمعلومات المخزنة بالإضافة إلى استخدام تطبيقاته المختلفة في التدخلات الجراحية وغيرها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التشریعات القانونیة الذکاء الاصطناعی فی المجال الصحی الرعایة الصحیة القانون الطبی فی سلطنة عمان القانونیة فی القطاع الصحی بالإضافة إلى المهن الصحیة المجال الطبی التی تواجه الصحیة فی مجال الطب فی مجال من خلال

إقرأ أيضاً:

هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون

لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.

يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".



ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".

في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:

الدفاع المضاد للطائرات
 تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".

ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث: "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".

لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى لو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".

ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".

ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.

ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.

يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.



 الاستطلاع/الاستعلام
 تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.

ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".

ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".

مقالات مشابهة

  • خرافات وحقائق عن الأكل الصحي.. ندوة بكلية الألسن جامعة عين شمس
  • دراسة تدعو إلى إيجاد تدخلات شاملة تعزز التغذية الصحية بالمجتمع
  • اسبوع الوقف الصحي يؤكد أهمية الشراكة لدعم واستدامة الخدمات الطبية
  • ندوة تثقيفية حول التغذية الصحية في رمضان بدار الكتب بطنطا
  • التحديات التي تواجه خطة إعادة الإعمار
  • الشباب وتنمية الوعي السياسي لمواجهة التحديات الإقليمية.. ندوة بإعلام الداخلة بالوادي الجديد
  • استجابةً لشكاوى المواطنين.. تحويل المركز الطبي الشرقي إلى عيادات تخصصية لمرضى التأمين الصحي بالمنيا
  • هل تستطيع أوروبا تعويض كييف عن المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن؟.. خبراء يجيبون
  • عاجل | ترامب: سنوقف التمويل الفيدرالي عن الكليات والمدارس التي تسمح بالاحتجاجات غير القانونية
  • الزراعة السورية: نحتاج للتمور العراقية وهذه أبرز التحديات التي نواجهها