الوطن:
2024-09-16@20:04:21 GMT

محمد مغربي يكتب: قوانين الذكاء الاصطناعي.. ولكن!

تاريخ النشر: 8th, September 2024 GMT

محمد مغربي يكتب: قوانين الذكاء الاصطناعي.. ولكن!

على أعمدة معبد الكرنك العريق ثمة قاعدة محفورة تقول «الخطأ طبيعة بشرية»، وبالتالى فوجود قوانين تحاسب المخطئ وتردع المعتدى على ممتلكات الغير، أمر لا مناص منه لحماية الإنسان نفسه، هكذا أدار الفراعنة القدماء حياتهم، قبل أن تمر آلاف السنين وتتغير الأوضاع، فلم يعد الأمر يتعلق تماماً بالإنسان، وصار هناك أجهزة يمكنها القيام بالكثير من الأفعال، كما يمكنها أيضاً أن تخطئ، وبالتالى وجب ردعها!

ولأن لكل شىء إيجابى آثاراً سلبية، كانت الطفرة التكنولوجية خلال السنوات الماضية صاحبة إنجاز هائل فى تطور البشرية، لكنها من ناحية أخرى أدت إلى مشكلات كثيرة دفعت دول العالم إلى استحداث قوانين ووضع قواعد ولوائح، فى محاولة منها لعدم خروج الأمر عن السيطرة، وفى مصر كان أبرز الأمثلة قوانين مثل التجارة الإلكترونية التى تنظم عمليات البيع والشراء، بجانب قوانين الملاحقة الإلكترونية لكل من يتعرض لابتزاز أو تحرش عبر التطبيقات.

لكن حتى هذا الوقت، كانت القوانين كلها تتعلق بالعنصر البشرى، أما فى حالة الذكاء الاصطناعى الذى شهد هو الآخر طفرة جعلته يؤدى الكثير من المهام اليومية، كان السؤال الأبرز: فى حالة ارتكاب خطأ، من المسئول؟ وكيف يمكن محاكمة آلة، وما هى احتمالات الخطأ، وهل للمبرمج دور فى ذلك ليكون ضمن دائرة الاتهام؟

تلك الأسئلة تزايدت بشكل كبير بعد ظهور عدة حوادث سببها سوء استخدام الذكاء الاصطناعي، وأبرز الحوادث ما وقع فى مدينة تيمبى بولاية أريزونا الأمريكية، حين اصطدمت سيارة ذاتية القيادة بمشاة، ما أدى إلى وفاة سيدة كانت تعبر الطريق، وأظهرت التحقيقات أن نظام الذكاء الاصطناعي الذى كان يقود السيارة لم يتمكن من التعرف على المشاة بشكل صحيح، مما تسبب فى هذا الحادث المأساوي. 

وفى اليابان، وقعت حادثة أخرى حين تسببت روبوتات صناعية تعمل بالذكاء الاصطناعي فى مصنع للسيارات فى إصابة عدد من العمال بجروح خطيرة، فالروبوتات خرجت عن السيطرة بعد خطأ فى البرمجة، ما أدى إلى تنفيذ أوامر غير متوقعة عرَّضت حياة العمال للخطر.

تلك الحوادث، هي التي دفعت دولاً عالمية إلى وضع تشريعات قانونية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعى، ففى اليابان صدرت قوانين تضمن استخدام روبوتات آمنة ذات معايير صارمة للعمل فى المصانع، أما الاتحاد الأوروبى فبدأ بوضع إطار أشمل يركز على حقوق الإنسان وحماية الخصوصية، بما لا يتعارض مع الاستفادة من التكنولوجيا الجديدة.

وكذلك سارت أمريكا على الدرب حين بدأت بعض الولايات بسَنِّ قوانين تحدد المسئولية القانونية فى حالات الحوادث الناجمة عن السيارات ذاتية القيادة، لضمان حماية حقوق الضحايا وتعويضهم، ولم تختلف الصين حين وضعت تشريعات لضمان عدم استخدام التكنولوجيا الحديثة بطرق غير قانونية أو مضرة.

ولأن مصر ليست استثناء من ذلك، إذ بدأ استخدام الذكاء الاصطناعى فيها يأخذ مكانه الطبيعى ويتولى مهام كثيرة، كان لا بد من تقنينه أيضاً ووضع تشريعات تجعلنا نستفيد منه دون إضرار أحد، وظهر ذلك فى مطالبات برلمانية، حيث أكد عدد كبير من النواب أن التطور التكنولوجى يتطلب إطاراً قانونياً شاملاً يضمن استثمار تلك التقنيات ويحمينا من أى مخاطر.

لكن لماذا يحتاج البرلمان إلى الإسراع فى سَنِّ هذه التشريعات، هذا هو السؤال الذى أرى إجابته تتلخص فى النقاط التالية: أولاً، وجود قوانين تنظم استخدام الذكاء الاصطناعى ضرورة لحماية الأفراد من الأخطار المحتملة، ويمكن لهذه القوانين أن تفرض قيوداً على استخدام الذكاء الاصطناعى فى مجالات مثل الرعاية الصحية، حيث يمكن أن تؤدى أخطاء فى القرارات الطبية إلى خسائر فى الأرواح.

ثانياً، تساعد التشريعات فى تعزيز الثقة بين المواطنين والحكومة فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعى، عندما يشعر المواطنون أن هناك قوانين تحميهم سيصبحون أكثر استعداداً لاستخدام هذه التكنولوجيا فى حياتهم اليومية. ثالثاً، يمكن أن تشجع القوانين المستثمرين والشركات على تبنى تقنيات الذكاء الاصطناعى بثقة أكبر، فوجود إطار قانونى واضح يساعد الشركات على الاستثمار فى هذه التكنولوجيا دون الخوف من العواقب القانونية فى حالة وقوع أى مشاكل.

وإذا كانت هذه هى الضرورات، فالتحديات لا تقل أهمية عن ذلك، ولن أبالغ حين أقول إن الأمر يحتاج إلى مشرط جرَّاح حتى لا يتم تقييد الابتكار أو زيادة التكلفة على الشركات الصغيرة التى تريد العمل وسط هذه المنظومة، ولذلك فالأسئلة المهمة أيضاً: من سيضع هذه القوانين؟ أى سلطة ستُقرها؟ إلى من سيلجأ المشرعون فى وضع الضوابط واللوائح الخاصة بالذكاء الاصطناعى؟ وأى القضايا التى نستخدم فيها أكثر درجات الحرية؟ وما هى القطاعات التى ستشتد المعايير فيها؟

ولأن آلية إصدار القوانين فى مصر تستلزم دوماً الرجوع إلى المختصين وإقامة حوار مجتمعى حول المواد المراد تفعيلها، فالأمر يجب أن يسير كذلك مع الذكاء الاصطناعى، ولذلك أيضاً يجب اللجوء إلى المختصين، ومناقشتهم والاستفادة من خبراتهم واطلاعهم على القوانين المماثلة حول العالم، وذلك لحماية حقوق المواطنين من ناحية، ولاستخدامٍ آمن لهذه التكنولوجيا من ناحية أخرى، ولن يتحقق ذلك إلا فى ظل صياغة تلبى احتياجات الجميع.

* استشارى تأمين البيانات والمنشآت

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعى المهام اليومية استخدام الذکاء الاصطناعى الذکاء الاصطناعی

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي.. أداة يحبها ترامب وتتجنبها هاريس

في مناظرتهما الأولى، وربما الوحيدة، تحدث مرشحا انتخابات الرئاسة الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب حول الذكاء الاصطناعي.

لكن، حسب صحيفة "غارديان" البريطانية، فإن الدروس الحقيقية كانت في أعقاب المناظرة، حيث كشف التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي بشأن المنافسة، أن الجمهوريين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لتوضيح وجهات نظرهم السياسية، أما الديمقراطيون فلا يفعلون ذلك.

استخدام الجمهوريين للذكاء الاصطناعي

وركز تفاعل الجمهوريين بشأن الذكاء الاصطناعي على ادعاء من قبل مرشحهم تم دحضه، حيث قال ترامب أثناء المنظرة إن المهاجرين في سبرينغفيلد بولاية أوهايو "يأكلون الكلاب والقطط".

ولم يكن التصريح صحيحا، حيث تحقق المشرفون على محطة "إيه بي سي" من صحة أقواله بمعلومات من مفوض مراقبة الحيوانات في المدينة، الذي لم يتلق أي مكالمات حول مثل هذه الوقائع، وبعد ذلك بات المهاجرون في المدينة يواجهون عنفا حقيقيا بسبب ادعاء ترامب الكاذب.

وفي غياب صور حقيقية لمثل هذا التصرف الذي لم يحدث بالفعل، لجأ ترامب وشركاؤه إلى صور أنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وقبل أن تبدأ المناظرة، غرد دونالد ترامب الابن بصور لوالده وهو يمتطي قطا عملاقا ويحمل مسدسا، وكتب: "أنقذوا حيواناتنا الأليفة".

وجاء في منشور لترامب الابن أثناء المناظرة: "إنهم يعرفون من يشجعون الليلة"، مع صورة غير حقيقية لـ3 قطط وبطة أو أوزة، تشاهد مواجهة المرشحين على شاشة التلفزيون.

وتحمل الصور علامة مميزة للمواد التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وبعد يومين من المناظرة، نشر ترامب صورة لنفسه على متن طائرة محاطا بالقطط والأوز، وأخرى لقط يحمل لافتة كتب عليها "كامالا تكرهني"، وثالثة له وهو يتحدث في تجمع "قطط من أجل ترامب".

كما غرد أعضاء في لجنة القضاء بمجلس النواب الأميركي، بصورة لترامب وهو يحتضن الحيوانات في الماء، مع تعليق: "احموا بطنا وقططنا الصغيرة في أوهايو".

وانضم الملياردير إيلون ماسك بدوره إلى التغريد بلقطات لمنشورات ترامب على موقع "تروث سوشيال"، مصحوبة برمز تعبيري للضحك والبكاء.

استخدام الديمقراطيين للذكاء الاصطناعي

وفي الساعات التي أعقبت انتهاء المناظرة، لم تكن هاريس هي التي ردت على استخدام الجمهوريين للذكاء الاصطناعي، بل كانت نجمة البوب العالمية تايلور سويفت، التي استهدفت صراحة الصور غير الحقيقية التي نشرت لها وهي تدعم ترامب.

وكتبت سويفت على "إنستغرام": "علمت مؤخرا أن الذكاء الاصطناعي الذي يظهرني وأنا أؤيد زورا ترشح دونالد ترامب للرئاسة قد نشر على موقعه. أثار ذلك مخاوفي حقا بشأن الذكاء الاصطناعي ومخاطر نشر المعلومات المضللة. أوصلني إلى استنتاج مفاده أنني بحاجة إلى أن أكون شفافة للغاية بشأن خططي الفعلية لهذه الانتخابات كناخب".

وأكدت ترامب، التي لها جمهور من مئات الملايين حول العالم، تأييدها لهاريس.

ولم تنشر هاريس نفسها أي صور "اصطناعية" سواء كانت متعلقة بالمناظرة أو غيرها، بل في الأيام التي أعقبت النقاش مع ترامب نشرت حملتها صور كامالا وهي طفلة تزور أجدادها في الهند.

مقالات مشابهة

  • إيتيدا تنظم "يوم اختبار البرمجيات" وتناقش أحدث توجهات استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا المجال
  • لمحة حول ويندوز 11 مع مساعد الذكاء الاصطناعي كوبايلوت في الحواسيب المحمولة
  • رئيس جامعة القاهرة يفتتح معملي الذكاء الاصطناعي والروبوتات
  • ملتقى بالرستاق حول تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • للمنافسة في الذكاء الاصطناعي.. سويسرا تكشف عن حاسوبها الجديد «إي آي بي إس»
  • الرواحي لـ"الرؤية": "النقل والاتصالات" تقود جهود الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة الاقتصاد الرقمي
  • الذكاء الاصطناعي.. أداة يحبها ترامب وتتجنبها هاريس
  • مسلسل «برغم القانون».. الـذكاء الاصطناعي يسيطر على تتر العمل
  • بعد نجاح ألبومها.. أنغام تهاجم الذكاء الاصطناعي
  • كيف تستفيد الخدمات المالية من الذكاء الاصطناعي؟