المحكمة الإدارية بتونس.. مؤسسة قضائية تنظر في النزاعات بشأن قرارات الدولة
تاريخ النشر: 3rd, September 2024 GMT
محكمة تونسية تأسست بموجب دستور 1959 وشكلت جزءا من مجلس الدولة (مؤسسة دستورية قضائية)، وصدر القانون الأساسي المنظم لعملها عام 1972، ثم أصبحت مؤسسة دستورية مستقلة عقب حل المجلس، تختص بالفصل في النزاعات الإدارية والانتخابية، كما تقوم بدور استشاري للحكومة في المواضيع التشريعية وقضايا أخرى.
أصدرت أحكاما عدة تتعلق بالمسؤولية الإدارية والطعن في نتائج الانتخابات، من بينها رفض طعون في نتائج انتخابات 2014، وإبطال مرسوم مصادرة أملاك الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وإيقاف مرسوم عزل 57 قاضيا في 2022.
تأسست المحكمة الإدارية في تونس بموجب الفصل 69 من دستور 1959، الذي نص على أن يتكون مجلس الدولة من هيئتين هما المحكمة الإدارية ودائرة المحاسبات، وينظمه القانون الذي يحدد مهامه وصلاحياته.
بعد صدور القرارات المنظمة للهيئتين عامي 1968 و1972، عملت كل منهما بصفتها مؤسسة دستورية مستقلة عن الأخرى.
وينظم عمل المحكمة الإدارية القانون الأساسي رقم 40 الصادر أوائل يونيو/حزيران 1972، الذي وافق عليه مجلس النواب التونسي وأصدره الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، ونُقح عدة مرات.
المقريقع مقر المحكمة الإدارية في تونس العاصمة، وتتفرع منها دوائر تعقيبية واستئنافية وابتدائية تتوزع في مختلف أنحاء البلاد.
الاختصاصتختص المحكمة بالنظر في:
دعاوى تجاوز الجهات الإدارية صلاحياتها. إلغاء القرارات الإدارية الصادرة من جهات إدارية. الفصل في النزاعات الإدارية. استئناف نزاعات المجلس الأعلى للقضاء. استئناف القرارات الصادرة عن المجالس والهيئات واللجان للمالية والتأمين. النزاعات الانتخابية بجميع أنواعها طبقا لتعديل القانون الأساسي عام 2014 المتعلق بالانتخابات.ووفقا للقانون الصادر عام 1972 تختص المحكمة الإدارية استشاريا في كافة المواضيع المتعلقة بالأحكام التشريعية أو الترتيبية، أو التي تعرضها عليها الحكومة بغرض إبداء الرأي حولها، ويحال نص الاستشارة إلى مجلس النواب.
أعضاء المحكمة الإداريةتتكون المحكمة الإدارية في تونس من:
الرئيس الأول للمحكمة: يشرف على جميع أعمالها القضائية والإدارية. رؤساء الدوائر التعقيبية والاستشارية: ينظرون في الطعون المقدمة ضد الأحكام الصادرة ويقدمون الاستشارات القانونية للحكومة والجهات الإدارية. رؤساء الدوائر الاستئنافية: ينظرون في الطعون المقدمة ضد الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية الابتدائية. مندوبي الدولة العامين: يمثلون الدولة في القضايا الإدارية ويقدمون المذكرات والمرافعات باسمها، ويشاركون في إعداد التقارير القانونية والاستشارية للحكومة. رؤساء الدوائر الابتدائية ورؤساء الأقسام الاستشارية: ينظرون في القضايا الإدارية في مستواها الأول، ويقدمون الاستشارات للجهات الإدارية المحلية. مندوبي الدولة: يمثلون الدولة في القضايا الإدارية أمام المحاكم الابتدائية والاستئنافية. المستشارين: يقدمون الاستشارات القانونية ويشاركون في إعداد التقارير القانونية. المستشارين المساعدين: يساعدون المستشارين في إعداد الأحكام والتقارير القانونية. الأحكامأصدرت المحكمة الإدارية في تونس عددا من الأحكام المتعلقة بالمسؤولية الإدارية والوظائف العامة والطعون في نتائج الانتخابات العامة في البلاد منها:
في انتخابات عام 2014 تقدم أشخاص بطعنين في نتائج الانتخابات التي فاز فيها الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، وحكمت المحكمة برفضهما. أصدرت في يونيو/حزيران 2015 حكما يقضي بإبطال مرسوم مصادرة أملاك بن علي وعدد من المقربين إليه، وهو ما أثار جدلا في الأوساط القانونية بتونس. في أغسطس/آب 2022 أصدرت المحكمة قرارا بوقف تنفيذ مرسوم أصدره الرئيس التونسي قيس سعيد عزل بموجبه 57 قاضيا، مبررا القرار بأنهم ارتكبوا تجاوزات بـ"التستر على قضايا إرهابية" و"الفساد" و"التحرش الجنسي" و"الموالاة لأحزاب سياسية" و"تعطيل مسار القضايا". أصدرت حكما ابتدائيا في يونيو/حزيران 2024 بسجن الغنوشي والقيادي في حركة النهضة رفيق عبد السلام 3 سنوات، على خلفية القضية المعروفة بـ"التمويل الأجنبي للحركة". في 30 أغسطس/آب 2024 قضت المحكمة الإدارية بإعادة 3 مرشحين إلى السباق الرئاسي عقب رفض الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس ملفاتهم بدعوى أن فيها خروقات قانونية.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المحکمة الإداریة فی تونس فی نتائج
إقرأ أيضاً:
ما أوضاع المساجين السياسيين في تونس؟
تونس- ندّد سياسيون وحقوقيون بتدهور الوضع الصحي لعدد من الموقوفين في قضايا رأي وملفات سياسية مرتبطة بما يسمى "التآمر على أمن الدولة"، معتبرين ذلك انتهاكا صارخا لحقوقهم الأساسية ومصدر قلق متزايد بشأن أوضاعهم داخل السجون التونسية.
كما أعربوا عن خشيتهم من سعي السلطة للتعتيم على محاكمة الموقوفين ومنع وسائل الإعلام من تغطيتها وإطلاع الرأي العام على مجرياتها. وبينما يطالب البعض بمقاطعتها دعا آخرون إلى محاكمات عادلة أمام الرأي العام تحترم حقوق الدفاع.
وقبل أيام، نددت نقابة الصحفيين التونسيين بتدهور صحة الصحفي محمد بوغلاب، الموقوف منذ مارس/آذار 2024 في قضايا رأي أغلبها مرتبطة بالمرسوم (54)، الذي يعتبره مراقبون وسيلة للتضييق على حرية التعبير لا لمكافحة الأخبار الزائفة.
احتجاجات سابقة لإطلاق سراح المساجين السياسيين في العاصمة تونس (الجزيرة) معاناة صحفيينوقالت النقابة إن بوغلاب البالغ من العمر 61 عاما، يعاني من تدهور صحي خطير داخل السجن نتيجة إصابته بالسكري، مما أثر على بصره. وبحسب المقربين منه فإن نسبة الإبصار في عينه اليمنى أصبحت "شبه منعدمة".
وحذرت النقابة من تدهور الحالة الصحية للصحفية شذى بالحاج مبارك، التي تعاني من مرض الكلى ومن تضرر سمعها. وتم احتجازها في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أنستالينغو" منذ أغسطس/آب 2024.
ويقبع في السجون -منذ أشهر- 5 صحفيين هم محمد بوغلاب وشذى الحاج مبارك ومراد الزغيدي، إضافة إلى المنشط الإذاعي برهان بسيس والمعلقة الإذاعية والمحامية سنية الدهماني، وسط دعوات لوقف الملاحقات ضدهم وإطلاق سراحهم.
إعلانوفي ظل هذه الأوضاع، يؤكد مراقبون أن قائمة المسجونين الذين يعانون من تدهور صحي داخل السجون التونسية طويلة وتشمل شخصيات سياسية وصحفيين ونشطاء من المجتمع المدني يواجهون أوضاعا صعبة "دون رعاية طبية كافية".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية وتوليه السلطة بشكل كامل، شنّت السلطات الأمنية اعتقالات شملت صحفيين وحقوقيين وسياسيين من مختلف التوجهات، مما أثر بشكل كبير على واقع الحريات.
سياسة تنكيلوحول تردي الوضع الصحي لعدد من المساجين، يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني في تصريح للجزيرة نت إن "استمرار سجن المعارضين والصحفيين والنشطاء رغم معاناتهم الصحية يأتي في إطار التنكيل بهم".
وتطرق إلى وضعية رئيسة "هيئة الحقيقة والكرامة" سهام بن سدرين، التي تدهورت حالتها الصحية بسبب خوضها إضرابا عن الطعام منذ أسبوعين إلى درجة إدخالها غرفة الإنعاش، ورغم ذلك مدد قاضي التحقيق احتجازها 4 أشهر إضافية.
وقال أعضاء لجنة الدفاع عن سهام بن سدرين، للجزيرة نت، خلال وقفة احتجاجية مؤخرا أمام وزارة العدل، إن اعتقالها يأتي على خلفية نشاطها على رأس الهيئة التي فضحت تجاوزات منظومة الاستبداد والفساد قبل ثورة 2011.
كما أشار العجبوني إلى رئيسة منظمة "تونس أرض اللجوء" شريفة الرياحي، الموقوفة منذ نحو 8 أشهر على ذمة التحقيق على خلفية عملها في مجال حماية اللاجئين، مستنكرا إيداعها السجن بتهم واهية رغم أنها أم لرضيع في عمر الشهرين.
واعتقلت السلطات الأمنية عددا من النشطاء الذين يعملون في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين عقب تصريحات أطلقها الرئيس الحالي قيس سعيد في فبراير/شباط 2023 بشأن ارتفاع تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء باتجاه تونس.
عدد كبير من المعارضين السياسيين المعتقلين يواجهون تهمة التآمر على أمن الدولة (الجزيرة) إيقاف تعسفيورفع العجبوني علامات استفهام وحيرة حول المعايير القانونية التي يتم بها اتخاذ قرارات الاحتجاز، مستنكرا ما اعتبره تعسفا بإصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق شخصيات سياسية ومدنية لا تشكل أي خطر.
إعلانويؤكد أنه حضر بعض المحاكمات لإعلاميين موقوفين على غرار المحامية والمعلقة الإذاعية سنية الدهماني، مؤكدا للجزيرة نت أن "ملفاتها القضائية خالية من أي أدلة تدينها، لكن رغم مرافعات المحامين وحججهم تتم إدانتها".
وحكم على الدهماني 8 أشهر بعدما تمت إدانتها إثر تعليقات ساخرة انتقدت فيها الوضع العام بالبلاد. وقبل أيام خفضت محكمة الاستئناف ضدها حكما من عامين إلى عام ونصف سجنا بتهمة ترويج أخبار زائفة على شبكات التواصل.
وأفاد العجبوني بأنه سيوجه رسالة مفتوحة لدعوة فريق الدفاع عن المساجين من أجل مقاطعة محاكمتهم التي يعتبرها جائرة ولا تتوافر فيها شروط المحاكمة العادلة، قائلا "لا يجب إعطاء أي شرعية للأحكام التي ستصدر".
أوضاع متدهورةبدورها، تقول المحامية دليلة بن مبارك مصدق، عضوة هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين للجزيرة نت، إن العديد منهم يعانون من أوضاع صحية متدهورة بالسجون نتيجة تردي الأوضاع بالسجن أو نتيجة أمراض مزمنة.
وتطرقت إلى وضعية القيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، الذي يقبع بالسجن بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، مفيدة أنه يعاني من سرطان في الحنجرة، فضلا عن اكتشاف ورم جديد لم يحدد نوعه بعد نقله للمستشفى قبل فترة.
وتضيف بن مبارك وهي شقيقة القيادي بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك، الموقوف بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، أن هناك استجابة من إدارة السجون لنقل المساجين المرضى للمستشفى لكنها تبقى متأخرة بسبب الإجراءات.
وتطرقت كذلك إلى تدهور الوضع الصحي للناشط السياسي خيام التركي، الموقوف على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة بسبب معاناته من التهاب في أوتار الكتف والرقبة بسب ارتفاع نسبة الرطوبة في السجن، وفقا لتصريحاتها.
وتؤكد للجزيرة نت أن العديد من المساجين السياسيين المحتجزين في قضايا "التآمر على أمن الدولة" يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم وأمراض المعدة في حين يستغرق نقلهم للمستشفيات وقتا طويلا بسبب طول الإجراءات الأمنية.
إعلان ظروف الاعتقالوبشأن زيارة الموقوفين داخل السجون، تقول بن مبارك إن عائلات المساجين عادوا لزياتهم بشكل طبيعي على إثر تعطيلات سابقة، لكنها أشارت إلى الإرهاق الذي تكابده هذا العائلات بسبب طول الانتظار والاكتظاظ داخل السجون.
ووفق تصريحاتها تم تصنيف الموقوفين في قضايا التآمر على أمن الدولة "إرهابيين"، مما حرمهم من دخول مكتبة السجن ومنعهم من الزيارات المباشرة لذويهم ما عدا الزيارات التي تتم عبر بلور عازل، كما تم منعهم من كتابة الرسائل أو تسلمها.
من جهة أخرى، عبرت عضوة لجنة الدفاع عن المساجين عن قلقها من توجه السلطة للتعتيم على محاكمتهم وتنظيمها عن بُعد دون السماح لوسائل الإعلام بتغطيتها ونقل مجرياتها للرأي العام، قائلة إن "تم ذلك، فهو خرق صارخ لشفافية المحاكمة".
وستنطلق أولى جلسات محاكمة العشرات من السياسيين الموقوفين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة يوم 4 مارس/آذار 2025. وتقول دليلة مصدق إن توجه السلطة لمحاكمتهم بشكل غير علني "دليل على خوفها من اكتشاف أراجيفها.
وصفت مصدق قضية التآمر المرفوعة ضدهم بـ"المفبركة" والقائمة على وشايات كاذبة من مخبرين اثنين، مؤكدة أن الهدف من تحريك هذه القضية هو "إسكات صوت المعارضين وترهيبهم".
ووفقا لها، فإن تحريك القضية كان هدفه إزاحة المعارضين من طريق الرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقالت إن "أصواتهم كانت مزعجة وعالية للتنديد بانقلابه على الديمقراطية في 25 يوليو/تموز 2021".