حليب الإبل … مشروبٌ مغذٍ وإرثٌ خالد
تاريخ النشر: 30th, August 2024 GMT
يعتقد المؤرخون أن الجمل العربي (ذو السنام الواحد) تم استئناسه في شبه الجزيرة العربية منذ الألفية الرابعة قبل الميلاد. وعلى مر القرون، شكلت الجمال وسيلة نقلٍ ومصدراً غذائياً أساسيين في تلك المنطقة ، وتعلق بها الناس باعتبارها من نعم الله تعالى التي سخرها لهم ورمزاً للصبر والأمل وسط هذه البيئة الصحراوية التي تعرف بمناخها القاسي.
ولطالما عول العرب على الإبل في الحل والترحال، إلا أنهم أيضاً يعون الفوائد الغذائية الجمة التي يتميز بها حليب الإبل الذي لطالما تقوى به المسافرون وعابرو السبيل، خاصة في المملكة العربية السعودية حيث تعتبر جزءاً لا يتجزأ من تاريخ وثقافة وطننا العريق.
أهميته وفائدته الغذائية
وتشير الأبحاث إلى أن حليب الإبل يتميز بسهولة الهضم مقارنة بحليب الحيوانات المجترة الأخرى، ما يعزز جاذبيته للمستهلكين، كما أنه يحتوي على الفيتامينات، والمعادن الأساسية، والجلوبيولين المناعي التي تمنحه خصائص مضادة للأكسدة، وتحارب البكتيريا الضارة والفيروسات ، كما أن حليب الإبل غنيٌ بالعديد من البروتينات القابلة للذوبان والتي تتميز بالكثير من الخصائص الغذائية والصحية ، حيث يتراوح معدل كمية البروتين الموجودة فيه ما بين 2,5 – 4,5% .
من جهةٍ أخرى، يتميز حليب الإبل بالتركيز العالي للأحماض الدهنية غير المشبعة التي تعزز جودته الغذائية بشكلٍ عام ، فضلاً عن احتواءه نسبةً عاليةً من الدهون المتعددة غير المشبعة، والأحماض الدهنية اللينوليك واللينولينيك، والتي تعد مصدراً غذائياً رئيسياً للإنسان ، حيث يتراوح متوسط كمية الدهون في حليب الإبل ما بين 2,9 – 5,5% .
كذلك، يتميز حليب الإبل بتركيزٍ أعلى لفيتامين ج، والنياسين مقارنة بحليب البقر ، وهو غنيٌ أيضاً بفيتامين ج، وفيتامين ب12، وأيضاً المعادن؛ مثل: الصوديوم، والبوتاسيوم، والحديد، والنحاس، والزنك، والمغنيسيوم، والتي تعد عناصر أساسيةً تعزز وظائف وحيوية الجسم ، إلى جانب البوتاسيوم، والكلورين، والحديد، والزنك، وغيرها .
وقد لاحظ الباحثون أن حليب الإبل يحافظ على خصائصه وعناصره الغذائية دون أن يفسد لعدة أيام؛ ويعتقدون أن السبب يعود لنشاط بعض البروتينات المضاد للميكروبات؛ مثل: بروتين اللاكتوفيرين الموجود في حليب الإبل .
الببتيدات المضادة للميكروبات
تاريخياً، لطالما استخدم حليب الإبل كمادةٍ طبيعيةٍ تساعد في تخفيف أعراض الأمراض في العديد من أنحاء العالم ، كما تساعد الأجسام المضادة الموجودة فيه على مقاومة بعض أنواع السرطان والأورام . وقد توصل الباحثون إلى أن اللاكتوفيرين البشري والبقري ومشتقاتهما من الببتيدات تتميز بدورٍ محوريٍ في الوقاية من السرطان وعلاجه . كذلك، يحتوي حليب الإبل على نسبة عالية من مضادات الأكسدة، وفيتامين أ، وفيتامين ب، وفيتامين د، وفيتامين هـ .
ويعتقد الباحثون أن حليب الإبل يساهم في خفض الحساسية، خاصة لدى الأطفال الذين يعانون من حساسية حليب البقر ، وأنه يساهم في تقليل خطر الإصابة بأمراض السكري بشكلٍ عام . وتوصلت دراسة شملت خمسة حيواناتٍ مختلفة، إلى أن حليب الإبل يتضمن أقل معدلٍ من حمض ثلاثي الفوليك (خاصة حمض اللوريك)، والذي يعد السبب الرئيسي لزيادة الكوليسترول منخفض الكثافة LDL-C في الجسم، وهو من أصناف الكوليسترول السيء الذي قد يؤثر سلباً على الدورة الدموية داخل القلب.
مميزات حليب الإبل
يعد حليب الإبل خياراً مناسباً لمن يعانون من حساسية اللاكتوز، حيث يعد تناوله وهضمه أكثر سهولة مقارنة بحليب البقر ، ويتميز بفترة تخزينٍ أطول مقارنةً بحليب البقر، ويعزى ذلك إلى التركيز العالي لمضادات البكتيريا في حليب الإبل . ومؤخراً، تم نشر الخصائص العلاجية لحليب الإبل، خاصة تلك المتعلقة بمقاومة البكتيريا والفيروسات ، وتأثيره المضاد للأكسدة والمقاوم للسرطان ، فضلاً عن تأثيراته المضادة للحساسية .
وقد أشارت دراسة حديثة إلى أن حليب الإبل يتميز على حليب البقر لكونه يحتوي على نسبة أقل من اللاكتوز والدهون المشبعة والكوليسترول، وعلى نسبة أعلى من الأحماض الدهنية غير المشبعة، كما أنه يحتوي على عشرة أضعاف نسبة الحديد، وثلاثة أضعاف فيتامين ج، كما أنه أسهل في الهضم .
المكونات الغذائية في حليب الإبل تجعله خياراً مناسباً لصحة العظام ينافس مصادر الحليب الأخرى. وعلى مدى التاريخ، لطالما وثق الناس بحليب الإبل ومنتجاته باعتبارها مصادر غذائية تعزز تكوين العظام لدى الأطفال الرضع، وتمتلك خصائص علاجية للعديد من الأمراض الداخلية . والعديد من المصادر الصحية أكدت أن حليب الإبل يوصف لعلاج مختلف أنواع الالتهاب، واليرقان، والربو، وارتفاع ضغط الدم ، كما يعرف بفائدته في تنظيم مستويات السكر في الدم ، بما في ذلك مرضى السكري .
استخدامات حليب الإبل في الطهي
وخلصت العديد من الأبحاث إلى أن حليب الإبل يعتبر بديلاً واعداً لحليب الأبقار في صناعة حليب الأطفال . ويمكن تحضير الكثير من منتجات الألبان، والزبدة والأجبان من حليب الإبل سواء بطريقة التخمير أو بالطرق المختلفة الأخرى . وأثبتت التجارب أن مستخلص حليب الإبل يمكن استخدامه لصنع المشروبات الحمضية، والتي تتميز بقيمة غذائية عالية بفضل احتوائها على الأحماض الأمينية الأساسية، واللاكتوز، وحمض اللبنيك، والفيتامينات والمعادن .
يذكر أن حليب الإبل بدأ ينتشر في الأسواق المحلية تحت العلامة التجارية “نوق”، والتي نجحت في تقديم منتجات ألبان الإبل بمعايير عالية وجودة متميزة، وهي تحظى حالياً بإقبالٍ ملموسٍ من قبل المستهلكين في العديد من مناطق المملكة.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی حلیب الإبل حلیب البقر کما أن
إقرأ أيضاً:
العرب يتدخلون لإنقاذها.. أستراليا تشن حربًا شرسة ضد الإبل
تعاني الإبل في أستراليا خطرًا داهمًا، إذ تمنح الحكومة الأسترالية المال لأي مواطن يتمكن من قتل ناقة، للحد من تكاثرها ووحشيتها، مع تقديم لحومها كطعام للتماسيح.
ففي عام 2020، أثارت حملة واسعة النطاق نفذتها الحكومة الأسترالية لإعدام آلاف الإبل الوحشية باستخدام القناصة من الطائرات جدلًا كبيرًا داخل أستراليا وخارجها.
ورغم أن السلطات بررت الحملة بأنها خطوة ضرورية لحماية الموارد الطبيعية مثل المياه والنباتات، فإن منظمات حقوق الحيوان والمجتمع الأسترالي نبذت هذه الخطوة، ووصفتها بأنها قاسية وغير إنسانية.
على النقيض تمامًا، تُعد الإبل الحيوان الأغلى عند العرب، كقيمة مادية وكقيمة رمزية من أهم معالم الثقافة العربية.
وأظهرت بعض الجهات الخليجية، اهتمامًا كبيرًا بشراء الإبل ونقلها إلى منطقة الخليج العربي، حيث يُنظر إلى الإبل في الخليج على أنها ذات قيمة اقتصادية وثقافية كبيرة، سواء من حيث استخدامها في المسابقات أو تحسين السلالات.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } الحكومة الأسترالية المال لأي مواطن يتمكن من قتل ناقة - Hindustan Times
كما أبدى مستثمرون خليجيون استعدادهم لشراء الإبل من أستراليا ونقلها إلى دولهم بدلًا من إعدامها، كجزء من جهود أكثر استدامة وإنسانية لإدارة هذه الأزمة.
هذه الإبل أدخلها المسلمون الأفغان إلى أستراليا في القرن التاسع عشر، كجزء من إرث إسلامي صحراوي، فسأهمت الإبل في شق الطرق، وبناء خطوط السكك الحديدية، وربط المجتمعات النائية، ما جعلها عنصرًا رئيسيًا في بناء أستراليا الحديثة.
المسلمون الأفغان، بخبراتهم في التعامل مع الإبل، لعبوا دورًا مهمًا في ترويضها وإدارتها في الظروف القاسية، ما ساعد في استكمال مشاريع ضخمة كانت ضرورية لاستيطان المناطق الصحراوية في القارة.
لكن انتهاء الحاجة إلى الإبل مع ظهور وسائل النقل الحديثة أدى إلى إطلاقها في البرية، حيث تكاثرت بشكل كبير، لتتحول مع الوقت إلى أزمة بيئية كبيرة.
تسعى الحكومة الأسترالية حاليًا لتطوير حلول بديلة ومستدامة للسيطرة على أعداد الإبل الوحشية، تشمل برامج لتعقيم الإبل والحد من تكاثرها، وتحسين إدارة الموارد الطبيعية التي تتأثر بتكاثرها.
كما تعمل السلطات على تعزيز التعاون مع مستثمرين دوليين وجهات خليجية لتطوير آليات لتصدير الإبل، والاستفادة منها بدلًا من تدميرها.