فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
أنا من غامبيا وأنا مسلم بفضل الله تعالى أسأل عن القرآن الكريم إذا كان مكتوبا بلغة غير عربية، ونحن أحيانا نواجه صعوبة في قراءة القرآن الكريم بغير اللغة العربية لكون القراءة شاقة فأنا أصم، فأسأل عن قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة وخارج الصلاة هل له أجر قراءة القرآن نفسه بالعربية؟
حيّاه الله وبارك الله فيه وفي كل إخوانه في غامبيا نسأل الله سبحانه وتعالى لهم الخير والهدى والرشد وأن يجمعنا وإياهم دائما على طاعته، والحقيقة أن هذا التنوع وهذه الأسئلة من مختلف الأقطار الإسلامية تبعث على الاستبشار نسأل الله سبحانه وتعالى أن يؤلف بين قلوب المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها دائما، أما ما طرحه فهنا مسألتان المسألة الأولى تتعلق بقراءة القرآن بغير العربية في الصلاة والمسألة الثانية القراءة خارج الصلاة، أما في الصلاة فلا يباح لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، وهو قرآن لفظا ومعنى ورسما، فبهذا هو قرآن، وهذا مما نبه عليه أهل العلم قديما، فعلماء القراءات وعلماء الرسم وعلماء القرآن وفقهاء الشريعة ينصون على أن القرآن الكريم يصدق على اللفظ والمعنى، حينما يتحدثون عن اللفظ فإنهم يتحدثون عن الرسم وأنه بحرف عربي وعن المعاني التي يشتمل عليها، فلو افترضنا جدلا أن هذه المعاني التي يشتمل عليها يمكن أن تؤدى بلغة أخرى تفسيرا وبيانا وترجمة فإن هذا الشيء الآخر ليس بقرآن.
إذن القرآن هو ما يوجد بين دفتي المصحف هو كلام الله تبارك وتعالى الموحى به إلى نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، المتعبد بتلاوته المنقول عنه تواترا، هذا هو القرآن الكريم، كل ما سوى هذا ليس بقرآن، فلا تصح تلاوة ما سوى القرآن الكريم في الصلاة، ولذلك شددوا في أمر المصلي إذ عليه أن يتعلم ما يحسن به صلاته، والآن الذين يتحدثون لغة الإشارة هذا يعني أن عليهم أن يتعلموا إشارات قراءة الفاتحة ولو مع الفاتحة شيئا من قصار السور، باللغة التي تترجم التي تنقل النص العربي للقرآن الكريم لا ما سواه.
يرخص في المسلم حديثا إلى حين أن يتعلم، واختلف هل يمكن أن يؤتى بما يفهم من لغته من القرآن أو أن يأتي بأذكار، لكن هذه المرحلة لا يصح أن تطول تحت كل الأقوال، لماذا هذه القضية ينظر إليها بقدر من الحزم، لأن هناك دعوات في غرب إفريقيا وأخونا من غامبيا أشار إليها لإحلال قراءة القرآن باللغات والألسن واللهجات الموجودة عندهم، وبدأت تنتشر، وتنبه لها دعاة الإسلام أنه يراد فصل المسلمين عن القرآن وعن لغة القرآن الكريم، ولذلك لا يتعامل مع هذه القضية بتساهل، يجب أن يتعامل معها بحزم، وقد صدر فيها قرار من مجمع الفقه الإسلامي في دورته الماضية الدورة الخامسة والعشرين، صدر فيها قرار يتفق مع ما تقدم.
أما خارج الصلاة فلأجل فهم المعاني وتعلم لغة القرآن الكريم فلا مانع أن يتعلم باللغة التي يفهمها، يريد أن يتعلم معاني القرآن الكريم لأجل الدراسة، وفهم المعاني فلا مانع من ذلك، على ألا يكون أيضا هذا الجهد آتيا على أن يحفظوا القرآن وأن يتعلموه بلغته العربية، وسبحان الله في هذا الاجتماع في دورة مجمع الفقه الإسلامي كان هناك علماء وفقهاء مشاركون من هذه البلدان الإسلامية في غرب إفريقيا وذكروا إحصائيات ودراسات إحصائية أن حفظ الذي يدخل في الإسلام حديثا لسور من القرآن الكريم الفاتحة وبعض السور القصار أو الآيات أسرع من حفظهم لترجمة هذه باللغات المحلية، وأن تلاوتهم حينما يتعلمون الحرف العربي أسرع وأسهل لهم حتى ولو نقل لفظ القرآن ولكن كتب بخطوط وبرسم اللغات المحلية، وهذه أيضا من الوسائل للاستدراج، فإن تعلمهم للغة العربية وإحسان تلاوتهم للقرآن الكريم تفوق كثيرا ما لو وجد هذا اللفظ لفظ القرآن الكريم مرسوما باللغة المحلية، ولذلك أيضا أيّدوا هذا القرار أو هذه الفتوى الشرعية الصادرة.
لكن في سياق التعلم والمدارسة وفهم المعاني لا مانع من أن يقرأ باللغة التي يفهمها، أن يقرأ التراجم باللغة التي يفهمها فالتراجم هي على الصحيح تفسير وشرح مختصر بلغة أخرى لمعاني كتاب الله عز وجل وهذا لا حرج فيه. والله تعالى أعلم.
سؤال يتعلق عن واقع الصم أنهم يعلمون يقينا بأن الله سبحانه وتعالى ما أنزل هذا القرآن إلا ليُتعلم ويُعمل به لكن أكثر الصم يجدون صعوبة في فهم النص القرآني، فهم لا يريدون ترك العمل عن قصد وعمد، ولكن بينهم وبين الوصول إلى هدايات القرآن ومعانيه حاجز اللغة، ولا يجدون من يعبر لهم عن هذه المعاني ويفوتهم كثير من الأحكام التي يدعو إليها القرآن الكريم، فهل إذا تعذر عليهم فهم آيات القرآن ومراشده يعذرون بذلك؟
لعل السائل يشير إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «من تعلم القرآن ثم نسيه، حشر يوم القيامة أجذم» فالحديث فيه وعيد لمن تعلم القرآن ثم نسيه، وهو يشير إلى أن ما هم عليه من حالة صحية تمنعهم من تذكر المعاني والأحكام التي يتعلمونها، وهم معذورون بذلك بل هم مأجورون بالمداومة على التعلم وبالحرص على عدم فوات ما تعلموه، هم مأجورون عند الله تبارك وتعالى لأنهم يبذلون جهدا أكبر، ولا يكلفون فوق ما يستطيعون وإنما في حدود ما يستطيعون فهمه واستيعابه، ثم في حدود ما يتمكنون من تذكره، وهم مأجورون عند الله تبارك وتعالى وهذا عمل مبرور، وإنما عليهم تعلم القرآن الكريم وأن يتعهدوه باستمرار ويداوموا عليه وألا يهجروه، وأن يبحثوا عن السبل والوسائل التي تعينهم على ضبط هذه المعاني التي فهموها وعلى تذكرها وحفظها والعمل بها وعلى تذاكرها فيما بينهم ولا يلزمهم فوق هذا، وهم بإذن الله تبارك وتعالى مأجورون على هذا السعي وهذا الجهد، وأنا على يقين أيضا أنهم سيكونون حريصين على تعهد كتاب الله عز وجل وسيجدون من الوسائل ما يعينهم على ذلك. والله تعالى أعلم.
شاب من ذوي إعاقة الصم دخل الإسلام حديثا ثم بسبب هذا القرار الذي يعد منعطفا في حياته فارق كثيرا من رفقائه وأصحابه السابقين الذين لا يوافقونه في الدين إلا أنه شعر بغربة ووحشة في وطنه بعد هذا القرار وبدأت وساوس الشيطان تحيط به في الخروج عن الإسلام لأنه لم يجد أعوانا على الثبات في دينه، فما نصيحتكم له؟
نسأل الله تعالى له الثبات والعون والهدى والسداد ونصيحتي له أولا حتى وإن لم يوجد من هم من الصم المسلمين من حوله
فليرتبط بشيء من المراكز الإسلامية الموجودة المعتدلة التي فيها دعاة صلحاء ولا يقطع نفسه عن إخوانه المسلمين، حتى وإن كانوا لا يحسنون لغة الإشارة فإن الظن بالمسلمين أنهم سيكونون حريصين على احتوائه خاصة في المراكز الإسلامية وفي المساجد الموجودة في ألمانيا وفي عموم أوروبا، فالظن أنهم سيؤدون واجبهم بالوقوف معه وبتثبيته وليسعى إلى إيجاد وسيلة للتخاطب معهم إذا كان يحسن الكتابة فليكتب، وليتواصل كذلك اليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي مع المسلمين الذين يتقنون لغة الإشارة ليبث إليهم همومه
وليطرح معهم ما يجول في خاطره، وليتدارس معهم أحواله بما يعينه ويثبته، لكن لا يسلم نفسه إلى هذه الأفكار ولا أن ينعزل عن المسلمين حتى لا يرجع القهقرى كما أشار هو في سؤاله، هذا ابتلاء من الله تبارك و تعالى، والله عز وجل كما بيّن في كتابه الكريم قال «الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ» فعلى المسلم أن يجتهد مهما كانت الظروف صعبة أمامه
ومهما اشتدت الأهوال، ومهما تنكر له الزمان عليه أن يحرص على الثبات على دينه، وأن يوجد الوسائل التي تعينه على ذلك،
ويجب عليه أن يسعى إلى إيجاد هذه الوسائل فليتواصل مع إخوانه، وليتواصل مع المراكز الإسلامية مع المساجد مع جماعة المسلمين ليتواصل عن طريق وسائل التواصل ومن خلال الشبكة العالمية للمعلومات مع سائر إخوانه المسلمين وهم موجودون بحمد الله تبارك وتعالى، تنشأ صلة وصداقات وأخوة فيما بينهم، ليجد معه درعا وردءا يعينه على الثبات على الإسلام وليتذكر أنه حينما دخل في هذا الدين فإنه دخل عن قناعة، لما وجده من إجابة عن أسئلة طرحها ما وجد لها إجابات مقنعة صحيحة، وليتذكر أنه اتخذ هذا القرار بناء على وعي وفهم وإدراك فلا ينبغي له أن يرجع عنه، عليه أن يحرص قدر المستطاع، ستكثر الفتن وستأتيه مغريات أيضا لكن عليه أن يثبت على دين الله تبارك وتعالى، وأن يصبر نفسه بالتواصل مع إخوانه المسلمين وإلحاق نفسه بهم والله تعالى الموفق.
وإذا كانت صلته بأسرته وبأصدقائه السابقين لا تؤثر على دينه، ولا تؤثر على ثباته على الإسلام، بل كان يمكن أن يؤثر هو فيهم فلا يقطع هذه الصلة، إذا كانوا لا يمسون دينه وإنما يريد أن يدخل معهم في شيء من الأحاديث العادية المباحة في هذا الدين من شأن أمور الحياة فهذا أيضا لا حرج فيه، لعله يكون سببا لهدايتهم، لكن دخوله في الدين لا يعني أن يقطع صلته مع أسرته و مع سابق أصدقائه إلا إذا خشي على دينه منهم فقط والله تعالى أعلم.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الله تبارک وتعالى القرآن الکریم قراءة القرآن الله تبارک والله تعالى باللغة التی هذا القرار الله تعالى فی الصلاة أن یتعلم إذا کان علیه أن
إقرأ أيضاً:
رئيس أزهر سوهاج يتفقد أعمال التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم السنوية
تفقد الدكتور أحمد حمادي رئيس الإدارة المركزية لمنطقة سوهاج الأزهرية، اليوم السبت، أعمال التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم السنوية العام 2024/2025، للمعاهد والمكاتب والأروقة الأزهرية، والمنعقدة بمعهد بنين سوهاج بحضور الدكتور كمال فايز مدير إدارة شئون القرآن الكريم، و ابراهيم عبد الرؤوف مدير إدارة الكمبيوتر التعليمي.
وتجري تصفيات اليوم لمكاتب إدارة أخميم، ومعاهد ومكاتب إدارات المنشاة والعسيرات وساقلتة، وتبدأ غدا معاهد ورواق إدارة المراغة.
ومن المقرر أن تنتهي التصفيات على مستوى المنطقة في الثلاثين من نوفمبر الجاري.
وفي سياق آخر بدأت الإدارات الأزهرية التابعة لمنطقة سوهاج الأزهرية، اليوم السبت الموافق 23 من شهر نوفمبر الجاري، تلقي طلبات المتقدمين للعمل بنظام الأجر " الحصة "، ولمدة خمسة عشر يومًا، بناءً على تعليمات فضيلة الدكتور احمد حمادي، رئيس الإدارة المركزية لمنطقة سوهاج الأزهرية، الذي وجه بأن تكون التقديمات فى الإدارة التابع لها المتقدم، ولن تقبل طلبات في المنطقة تسهيلاً على المتقدمين ومنعًا للازدحام.
وتأتي المصوغات والأوراق المطلوبة كالأتي: أصل المؤهل وعدد (٤) صور منه، والموقف من التجنيد للذكور والخدمة العامة للإناث، وعدد (٤) صور من بطاقة الرقم القومي، وعدد (٤) صور من شهادة الميلاد، وحافظة مستندات، وإقرار بعدم المطالبة بالتعيين أو التعاقد.
اما عن الشروط والأحكام فهي: بالنسبة للعلوم العربية والشرعية لا بد أن يكون المؤهل أزهريا، وبالنسبة للعلوم الثقافية يقبل المؤهل الأزهري أو العام بشرط أن يكون تربويا أو حاصلا على دبلوم تربوي، ولا يقل التقدير عن جيد، ولا تزيد السن على ٤٠ سنة، ويجوز التقديم على إدارتين وعلى مرحلتين.
كما تشمل الشروط: لا بد من وجود المتقدم بنفسه، ولا يجوز التقديم عن طريق البريد، ولا يجوز التقديم بعد نهاية الفترة المحددة خمسة عشر يوماً، ولاتقبل أي طلبات ناقصة أو مخالفة لهذه الشروط، ويقوم المتقدم بتسليم الأوراق والمستندات بالعدد ويتسلم إيصالا مختوما بالشعار.