- المسرح الرئيسي يتسع لـ 1000 شخص جسديًا وآلاف افتراضيًا باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي

- يحتوي المسرح على تقنيات متطورة وقدرات لرفع الخشبة وسرداب للأوركسترا

- مسرح تجريبي آخر متعدد الاستخدامات يتسع لما بين 250 إلى 300 شخص

- خطة لجعل المسرح الوطني قادرًا على تمويل نفسه ذاتيًا وتقليل الاعتماد على الدعم

- سيكون المسرح الوطني شريكا حقيقا للفرق المسرحية الأهلية ومحققا لأهدافها

- قاعة تدريب مماثلة للخشبة الرئيسية من حيث المساحة والخامات لمزيد من الواقعية

- "فرقة المسرح الوطني" ستضم في عضويتها فنانين من مختلف الفرق ولن تنافس "الأهلية"

استضافت الجمعية العمانية للمسرح مساء اليوم في جلستها الشهرية مقهى المسرح الدكتور شبير العجمي، المشرف على مشروع المسرح الوطني، وذلك في جلسة بعنوان "المسرح الوطني.

. آمال ترى النور". شهدت الجلسة الخامسة من سلسلة الجلسات الشهرية نقاشًا مثيرًا حول مشروع المسرح الوطني في سلطنة عمان، الذي يعد أحد المشاريع الثلاثة الرئيسية في مجمع عمان الثقافي، إلى جانب المكتبة الوطنية والهيئة العامة للوثائق والمحفوظات. أدار الجلسة الإعلامي أحمد الكلباني، الذي ابتدأ الحديث مرحبًا بضيفه الدكتور شبير العجمي، قائلاً: "هذه ليست المرة الأولى التي أتحاور فيها مع الدكتور شبير ولن تكون الأخيرة، فهو مسرحي ذو خبرة طويلة في هذا المجال".

وتابع الكلباني: "مشروع المسرح الوطني لطالما كان حلمًا للكثيرين، وأنا شخصيًا لم أعايش مسرح الشباب ولكنني سمعت كثيرًا عنه من زملاء. هذا المشروع الجديد يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق تطلعات المسرحيين في سلطنة عمان، فهو يهدف إلى تحقيق تطور في المجال المسرحي والفني".

تجهيزات حديثة

بدأ الدكتور شبير العجمي بتقديم نظرة عامة عن مشروع المسرح الوطني، مشيرًا إلى أن المسرح يشكل جزءًا من مجمع عمان الثقافي الضخم، قائلاً: "المسرح الوطني هو جزء من مشروع ثقافي أكبر يضم المكتبة الوطنية، والمسرح الوطني، وهيئة الوثائق والمحفوظات، بالإضافة إلى مرافق أخرى مثل مكتبة الطفل ودار الفنون ودار السينما. المسرح الوطني سيقام على مساحة تبلغ حوالي 16,000 متر مربع، ويضم ثلاثة مرافق رئيسية: المسرح الرئيسي الذي يستوعب حوالي 1000 مقعد، ومجهز بأحدث التقنيات المسرحية، ومسرح تجريبي يستوعب حوالي 250 إلى 300 مقعد. هذا المسرح مصمم ليكون متعدد الاستخدامات، حيث يمكن تغييره ليتناسب مع احتياجات المخرجين الشباب الذين يرغبون في تجربة أفكار جديدة. كما أنه مجهز بطريقة تتيح للمخرجين إعادة ترتيب المساحة كما يشاؤون، ويمكن استخدامه للعروض التجريبية، والتصوير السينمائي، أو حتى كقاعة تدريب. بالإضافة إلى ذلك، يوجد دار للسينما تستوعب حوالي 250 مقعدًا، ويمكن استخدامها أيضًا للعروض المسرحية الخفيفة أو عروض المونودراما. وتضم القاعات الثلاث في المسرح الوطني شاشات عرض سينمائية عالية الجودة. كما يوجد قاعة تدريب كبيرة تماثل مساحة خشبة المسرح الرئيسية، مما يتيح للمخرجين إجراء تدريباتهم وتجهيزاتهم بشكل متكامل قبل العرض. هذه المساحة مجهزة بنفس خامة المسرح الرئيسي حتى يتمكن المشتغلون عليه من معايشة المسرح الرئيسي بصورة واقعية تمامًا".

وأوضح الدكتور شبير أن المسرح الرئيسي يتميز بتجهيزات تقنية متقدمة تلبي احتياجات الفرق المسرحية وتتيح إمكانية تنظيم عروض متطورة تتماشى مع أحدث تقنيات العرض، بما في ذلك أنظمة الإضاءة المتطورة والتقنيات الصوتية. مشيرًا إلى أن المسرح تم تصميمه ليتناسب مع التقدم المستقبلي في التكنولوجيا، مما يعني أنه سيكون قادرًا على استيعاب أي تحديثات تقنية قادمة، سواء كانت في مجالات الذكاء الاصطناعي أو الواقع الافتراضي. وأوضح أن المسرح الرئيسي مجهز بالكثير من التقنيات الضخمة مثل رافعات الخشبة، والسرداب المخصص لفرق الأوركسترا، إضافة إلى احتواء المسرح الرئيسي على 25 غرفة بين غرف تبديل الملابس وغرف استراحة الممثلين، وغرف خاصة للفنيين. كذلك السرداب يحوي غرفًا للموسيقيين. وبالإشارة إلى مساحة المسرح، أشار إلى أن المسرح الرئيسي يبلغ عمقه 40 مترًا وعرضه 25 مترًا، وهو مسرح مرن يمكن تقليص مساحته أو تمديدها حسب حاجة العروض".

تكنولوجيا العروض

ومن الابتكارات المثيرة التي يعمل عليها المشروع، دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لزيادة عدد الجمهور الافتراضي، حيث يمكن للمسرح استيعاب ألف شخص جسديًا، ولكن باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي، يمكن استيعاب آلاف آخرين افتراضيًا. هذا سيسمح للجمهور بمشاهدة العرض من زوايا مختلفة وكأنهم يجلسون في المسرح فعليًا. وأوضح أن هذه التكنولوجيا قادرة على جعل التجربة المسرحية أكثر تفاعلية، حيث يمكن لشخص يجلس في مكان بعيد أن يشعر وكأنه حاضر في العرض، مما يعزز من إمكانيات التفاعل مع العروض المسرحية وزيادة انتشارها عالميًا عن طريق ما يعرف بتقنية "الفي آر" أو "الواقع الافتراضي" التي تعمل بالنظارات الخاصة.

اللجنة الاستشارية

وتطرق الحديث إلى اللجنة الاستشارية للمشروع، التي تضم نخبة من المسرحيين والخبراء في مجالات متعددة، وقد تم تقسيم الأدوار بينهم لضمان تقديم أفضل تجربة ممكنة للمشروع. يرأس اللجنة الدكتور عبد الكريم جواد، وتضم في عضويتها أسماء بارزة مثل الدكتور سعيد السيابي وعماد الشنفري والدكتورة رحيمة الجابرية والمخرج يوسف البلوشي والمخرج محمد النبهاني والدكتور عبد الرحيم الزدجالي وغيرهم. مؤكدًا أن الدور الرئيسي للجنة هو تحديد نوعية العروض التي سيتم تقديمها في المسرح الوطني، بالإضافة إلى وضع معايير للجودة الفنية والفكرية للعروض المقدمة.

مستقبل المسرح

يرى الدكتور شبير أن المسرح الوطني سيكون محورًا رئيسيًا في تطوير الحركة المسرحية في سلطنة عمان، مشيرًا إلى أن عدد الفرق المسرحية في السلطنة يشهد زيادة مستمرة، والمسرح الوطني الذي من المتوقع أن يفتتح في 2028 سيكون رافدًا ومعينًا للمسرحيين. كما تحدث الدكتور شبير العجمي عن العلاقة المستقبلية بين المسرح الوطني والفرق المسرحية العمانية، مشيرًا إلى أهمية الدعم والتنظيم لتعزيز هذه الشراكة. وأشار إلى أن المسرح الوطني سيسعى لدعم الفرق المسرحية الأهلية بشكل قوي من خلال تنظيم التعاونات الإنتاجية، حيث يمكن للفرق المسرحية تقديم عروضها على المسرح الوطني وفق معايير محددة. هذا التعاون قد يشمل صيغة تتضمن نسبًا معينة من الإيرادات تعود للمسرح الوطني، والباقي للفرقة المشاركة.

وأكد العجمي أن المسرح سيكون مجهزًا بكافة التقنيات المطلوبة، بما في ذلك ورشات الديكور التي ستتيح للفرق إمكانية تجهيز ديكورات عروضها داخل المسرح نفسه، مما يسهل عملية الإنتاج. كما أشار إلى أن مهرجان المسرح العماني سيكون ضمن أولويات المسرح الوطني بعد تأسيسه، مع التركيز على دعم وتنظيم الفرق المسرحية لضمان تقديم عروض ذات جودة عالية تلبي تطلعات الجمهور. وأضاف العجمي أن لجنة الاستثمار، المنبثقة من اللجنة الاستشارية، تعمل حاليًا على دراسة كيفية جعل المسرح الوطني قادرًا على تمويل نفسه ذاتيًا بعد عدة سنوات من التشغيل، مما سيقلل من الاعتماد على الدعم الحكومي. وقال: "الهدف هو خلق فرص استثمارية تُسهم في تحقيق استدامة مالية للمسرح وتوفير دخل جيد للعاملين في المجال المسرحي".

فرقة المسرح الوطني

وأوضح الدكتور شبير أن اللجنة القائمة على مشروع المسرح الوطني لديها خطة لإشهار فرقة المسرح الوطني، وستكون هذه الفرقة موجودة، لكنها لن تضم فنانين موظفين بل ستكون فرقة مكونة من فنانين من فرق مسرحية أخرى. وقال: "اللجنة الاستشارية تعمل حاليًا على تعزيز هذه الفرقة، وستتبع الهيكل التنظيمي للمسرح الوطني، لكن الفنانين المنتسبين إليها سيأتون من الفرق المسرحية بشكل عام، ولن يتم توظيفهم بشكل دائم. بالتالي، لن تكون هذه الفرقة منافسة للفرق الأهلية في المهرجانات المحلية، بل هي فرقة خاصة بمشاريع المسرح الوطني، للإنتاجات والعروض التي يقوم المسرح بإنتاجها بشكل مباشر".

أسئلة الحضور

وفتح المجال للحضور لطرح مرئياتهم وتساؤلاتهم، التي تركزت على أهمية تأسيس الجمهور المسرحي ودور المسرح الوطني في ذلك، والدور الذي سيقوم به المسرح الوطني في تبني الطاقات المسرحية، ومدى تعاون المسرح الوطني والقائمين عليه مع الفرق المسرحية وتوفير القاعات التدريبية لهم. وردًا على جملة الأسئلة، أجاب الدكتور شبير العجمي بأن المسرح الوطني لديه خطط كثيرة للتسويق للمسرح العماني من خلال التعاونات مع وسائل الإعلام، إلى جانب دائرة التواصل التي ستكون في المسرح الوطني. وحول موضوع التدريب قال: "من المكونات المقترحة الآن والتي تعمل عليها اللجنة الاستشارية هو إنشاء مركز تدريب مسرحي ضمن المسرح الوطني. هذا المركز سيكون معنيًا بالتدريب المسرحي، ولن ينتظر حتى عام 2028 ليبدأ عمله، بل سيتم تفعيله في أقرب وقت ممكن. من المخطط أن يبدأ نشاطه الفعلي في بداية عام 2025. المركز سيكون مركز تدريب أكاديمي محترف، يقدم دورات علمية تمتد من شهر إلى ثلاثة أشهر، في البداية، سيتم توجيه هذه الدورات بشكل دقيق إلى الموظفين، لضمان تأهيلهم وتدريبهم وفقًا لأعلى المعايير".

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللجنة الاستشاریة الواقع الافتراضی الفرق المسرحیة المسرح الرئیسی إلى أن المسرح مشیر ا إلى فی المسرح حیث یمکن

إقرأ أيضاً:

العقل الرعوي للنور حمد: جدلية البداوة والتمدن في سرديات الحداثة

إبراهيم برسي
١٢ يوليو ٢٠٢٤

يقف كتاب “العقل الرعوي” للدكتور النور حمد شامخًا في قلب النقاش الفكري السوداني الحديث، كصرح فلسفي وأدبي يغوص في أعماق الهوية الثقافية والجماعية للسودانيين.
يقدم الكتاب تأملًا في بنية العقل السوداني كمرآة تعكس تناقضاته التاريخية والحضارية، حيث تتصارع قيم البداوة مع التمدن، وتتجاذب قوى الرعوية والحداثة في تشكيل الوجود الجمعي للأمة.

هذه الأطروحة ليست فقط تحليلًا نقديًا للعقل الجمعي، بل هي أيضًا عزف فلسفي ينسجم مع حساسية النور حمد كفنان تشكيلي، حيث تتداخل الألوان الرمزية للفن التشكيلي مع تشكيلات الفكر، وتخلق مشهدًا بصريًا لا يكتفي بالسطح، بل يغوص في أعماق فلسفة الجمال، ليعيد صياغة العلاقة بين الزمان والمكان في السودان.

يتناول الكتاب العقل الرعوي لا كمجرد منظومة اقتصادية أو أنماط حياة بدوية، بل كبنية معرفية وقيمية متجذرة تهيمن على التفكير والسلوك الجماعي، وتمارس دورها كقيد ثقافي يعيق التحول نحو الحداثة.

هنا، يستلهم النور حمد رؤية فلسفية أشبه بما طرحه أنطونيو غرامشي في نظريته عن “الهيمنة الثقافية”، حيث يرى غرامشي أن القوى المهيمنة تعيد إنتاج أفكارها المهيمنة في النسيج الثقافي والاجتماعي، بحيث تصبح هذه الأفكار جزءًا من “المنطق العام” الذي يُعاش وكأنه طبيعي.

وتنعكس هذه الرؤية في تحليل النور حمد لخطاب الرعوية، الذي يُعاد إنتاجه عبر أدوات السياسة والدين والتعليم، مما يجعله نسقًا يخترق كافة تفاصيل الحياة السودانية.

ومع ذلك، يُظهر النور حمد تفردًا في تناوله لهذه الفكرة، حيث يضعها في سياق محلي دقيق يُبرز خصوصية الثقافة السودانية وعمق جذورها.

لقد رسم الكاتب لوحته الفكرية عبر استدعاء المفهوم الدائري للتاريخ، وهو مفهوم أثير لدى الفيلسوف جون غراي، حيث يرفض الخطية التقدمية في حركة الزمن، مؤكدًا أن التاريخ الإنساني غالبًا ما يعود ليعيد إنتاج أزماته وأمراضه بأشكال جديدة.

إن هذا التشخيص يتناغم مع التحليل الماركسي، الذي يرى أن التحولات الكبرى لا تتحقق إلا بتغيير البنية التحتية، مما يجعل من العقل الرعوي تجليًا واضحًا للجمود الاقتصادي والاجتماعي الذي حال دون تحقيق قطيعة حقيقية مع الماضي.

لكن النور حمد، وإن أضاء على هذا الجانب، يتجاوزه إلى مستوى أعمق من النقد، حيث يرى أن الرعوية تتسرب كفعل ثقافي وأخلاقي حتى داخل مظاهر الحداثة المزيّفة، وهو ما يسميه بـ”حداثة المظهر”، التي تبدو كقشرة واهية تحجب تحتها هشاشة أسس الدولة الحديثة.

في كتابه، يعرّي النور حمد تلك القيم الرعوية التي تعادي التمدن، وتستبطن التبسيط والانغلاق، مستشهدًا بمظاهرها في التاريخ السوداني.

فهو يشير إلى التحولات التي عاشها السودان منذ دخول الخديوية وحتى الاستقلال، حيث كانت كل محاولة للتحديث تصطدم بجدار من القيم التقليدية التي تُعيد إنتاج التخلف بأشكال جديدة.

إن هذا التشخيص يكشف عن علاقة معقدة بين القيم الرعوية والنظم السياسية، وهي علاقة قريبة مما طرحه عبدالله بولا في كتابه “شجرة نسب القول”، الذي يدرس فيه أنماط السلطة الثقافية وكيف تُعيد إنتاج هيمنتها داخل بنى الخطاب الثقافي والاجتماعي.

ويمتد هذا التحليل ليلتقي بما تناوله خالد الكد في كتابه “الأفندية ومفاهيم القومية في السودان”، حيث يشير إلى أن النخب السياسية لم تستطع تحرير المجتمع من القيود الثقافية التقليدية، بل أعادت إنتاجها بشكل حداثي زائف يخدم استمرار سلطتها.

إذا تأملنا هذا الطرح في ضوء ما كتبه ماركس وإنغلز عن العلاقة بين البنية الفوقية والبنية التحتية، نجد أن النور حمد يذهب إلى ما هو أبعد، حيث يؤكد أن الرعوية ليست فقط نتاجًا للعلاقات الاقتصادية، بل هي حالة ذهنية ونفسية تُعاد صياغتها باستمرار.

هنا، تتقاطع أطروحته مع أعمال سيغموند فرويد، الذي يرى أن الهويات الثقافية تحمل دائمًا بُعدًا لا واعيًا، حيث تُهيمن الموروثات الجماعية على سلوك الأفراد والمجتمعات.

لكن النور حمد لا يكتفي بالتشخيص النقدي. فهو يستدعي البعد الجمالي والموسيقي، ليعيد صياغة العلاقة بين القيم الثقافية والوعي الإنساني.

في هذا السياق، يمكن أن نرى كيف أن خبرته كفنان تشكيلي له علاقة وثيقة بالموسيقى تفيض على النص، لتمنحه شعرية مدهشة.

حين يتحدث عن “العقل الرعوي”، فإنه لا يرسم صورة جامدة، بل يقدم سيمفونية فكرية تعيد ترتيب النغمات الثقافية، لتكشف عن تنافرها الظاهر وانسجامها الخفي.

لقد استطاع الكاتب أن يعري الرعوية كمنظومة قيمية تناقض روح الدولة الحديثة، حيث تتغذى على النزعات القبلية والعصبية، وتعيد إنتاج نفسها عبر تمجيد القوة والغلبة، على حساب القانون والنظام.

كتاب “العقل الرعوي” هنا يكشف عن كيف تُطوع الثقافة لتصبح أداة مهيمنة تخدم الأنظمة السياسية عبر إدامة الجهل والتخلف، مستخدمة أساليب متنوعة تتراوح بين الخشونة الظاهرة والنعومة المقنّعة.

وهي الفكرة التي تستدعي ارتباطات بما قاله إدوارد سعيد في “الثقافة والإمبريالية” عن الأنظمة التي تُعيد إنتاج خطابها من خلال الثقافة.

ولكن في النهاية، يبقى السؤال الذي يراوغنا: كيف نُعيد ترتيب أنغامنا الثقافية في سيمفونية جديدة تتجاوز نشاز الرعوية؟

أطروحة النور حمد ليست فقط دعوة للنظر في مرآة الذات، بل هي صرخة فلسفية تحثنا على تفكيك قيود العقل الجمعي وتحرير الفرد من أغلال الماضي.

إنها رؤية تدعو إلى إعادة تعريف الحداثة ليس كقطيعة مع الجذور، بل كحوار خلاق يتناغم فيه الإرث الثقافي مع ضرورات الحاضر.

إن التحول المنشود لن يتحقق دون دور فعال للأجيال الجديدة، التي تحمل في داخلها بذور التغيير، وتملك القدرة على تجاوز ثنائية الرعوية والتمدن.

إنها دعوة لإعادة بناء الوعي الجمعي، حيث تصبح الحداثة مشروعًا جامعًا يتجاوز القيود الثقافية والسياسية، ويفتح الطريق نحو مستقبل تتلاقى فيه الأصالة مع الابتكار، في رقصة أبدية بين النور والظل.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • تسليط الضوء على "تقنيات التصنيع الرقمي" بـ"مقهى الابتكار"
  • د. النور حمد، في متاهته..!
  • كبار مديري شركة بترومسيلة.. نرفض استهداف الشركة وإدارتها وكوادرها ونحمّل الجهات التي تحاول تعطيل وتدمير هذا الصرح الوطني كامل المسئولية القانونية
  • هل يُخيّب ترامب آمال نتنياهو؟
  • مقتل منفذ عملية طعن في تل أبيب بعد هجومه على مقهى.. فيديو
  • العقل الرعوي للنور حمد: جدلية البداوة والتمدن في سرديات الحداثة
  • السنباطي: تشكيل مسرح تفاعلي للترويج لقضايا الطفل عبر الفن والعروض المسرحية
  • «السنباطى»: تشكيل «مسرح تفاعلي» لترويج قضايا الطفل من خلال الفن والعروض المسرحية
  • «آمال الفلسطينيين مُعلّقة».. قطاع غزة ينتظر تنفيذ وقف إطلاق النار
  • وقف إطلاق النار في غزة يدخل حيز التنفيذ وسط آمال بانتهاء الإبادة