الجامعات العمانية تعزز مبادرات الحياد الصفري والتحول الأخضر
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
- استخدام المواد العازلة وأنظمة الإضاءة الذكية والتبريد المركزي لتحقيق كفاءة الطاقة
- إنشاء محطات لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية والتوعية بأهمية الطاقة المتجددة
ـ اعتماد أنظمة الري الحديثة ومعالجة مياه الصرف وإعادة تدويرها
تتجه مؤسسات التعليم العالي نحو تطبيق الحرم الجامعي الذكي وتطوير وتحديث الخدمات المتعلقة بالبنية الأساسية لمبانيها وتعزيز مبادرات التحول لمباني خضراء ذكية من خلال زيادة المساحات الخضراء واستخدام الأنظمة التقنية وتقليل الانبعاثات وتدوير النفايات وتحويلها إلى وقود حيوي واستخدام أدوات قليلة الاستهلاك للكهرباء، وإيجاد نظام بيئي متكامل يحقق الاستدامة.
جهود وطنية
وقالت الدكتورة مريم بنت بلعرب النبهانية المديرة العامة للجامعات والكليات الخاصة: سعت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار إلى المساهمة في الوصول إلى الحياد الصفري قبل حلول عام 2050، والاهتمام بكل ما يتعلق بالحياد الصفري والبيئة النظيفة والطاقة المتجددة والمناخ، وتوجيه مؤسسات التعليم العالي للتحول إلى جامعات وكليات خضراء وذكية عبر تقليل الانبعاثات وتدوير النفايات وتحويلها إلى وقود حيوي واستخدام أدوات قليلة الاستهلاك للكهرباء، وإيجاد نظام بيئي متكامل وتحقيق الاستدامة، وذلك من خلال حث مؤسسات التعليم العالي على تعزيز مبادرات المباني الخضراء وزيادة المساحات الخضراء واستخدام التكنولوجيا الرقمية، وإدارة النفايات، وقد بدأت المؤسسات في وضع خطط تنفيذية مع شركات القطاع الخاص للنظر في إمكانية المساهمة في هذا التوجيه، وقد عقدت الوزارة عدة اجتماعات مع شركات من القطاع الخاص لبحث سبل التعاون لتحويل مبانٍ مؤسسات التعليم العالي إلى مبان ذكيه خضراء ودعم المناشط والفعاليات الطلابية المتعلقة بذلك.
مضيفة: إن الوزارة عملت على تعريف مؤسسات التعليم العالي بمؤسسات التمويل مثل صندوق المناخ الأخضر وهي منظمة عالمية يتم عبرها تمويل مشاريع التحول إلى الطاقه المتجددة وصولا إلى الحياد الصفري، كما تعمل الوزارة حاليًا على التحضير لعقد دورة حول التحول إلى حرم جامعي ذكي وأخضر مستدام مؤكدة أن الوزارة حريصة على تسريع عملية التحول إلى الطاقه البديلة المتجددة خلال 3-5 سنوات بحد أقصى، وربط مؤشرات أداء مؤسسات التعليم العالي في الوصول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 90% عبر التحول إلى مبانٍ صفرية الانبعاثات الضارة.
وحول المؤسسات التي بدأت في تطبيق المشروع، بينت أن جامعة نزوى تعاقدت مؤخرًا مع استشاري عالمي لوضع تصور لحرم جامعي ذكي، تزامنًا مع جاهزية مبانيها متعددة الاستخدامات، وأنشأت جامعة البريمي محطة توليد طاقة شمسية في حرمها الجامعي لتسهم في توليد الطاقة بشكل نظيف ومستدام، حيث سعت إلى تعزيز التوعية بأهمية الطاقة المتجددة والمحافظة على البيئة، كما نفذت كلية الشرق الأوسط برنامج الحرم الجامعي الأخضر والمستدام، وتمثلت المرحلة الأولى من البرنامج في تحسين المناظر الطبيعية وزراعة أكثر من 500 شجرة، واستبدال الإضاءة التقليدية بمصابيح LED الموفرة للطاقه، واستخدام أنظمة تكييف الهواء بالمياه المبردة لتحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة في مشاريع البناء الجديدة، وتقليل النفايات وإعادة التدوير من خلال الشراكة مع صحيفة مسقط ديلي لتعزيز عادات إعادة تدوير الورق في مجتمع الحرم الجامعي وأهمية إدارة النفايات المسؤولة.
بيئة تعليمية مستدامة
وحول جهود الجامعة العربية المفتوحة في التحول إلى حرم جامعي ذكي أخضر ومستدام، أفاد الأستاذ الدكتور محمد بن حمدان البادي رئيس الجامعة: انتقلت الجامعة إلى الحرم الجامعي الجديد في عام 2023، والذي يعد ممكنًا لتحقيق رؤية الجامعة في أن تكون "الجامعة العربية المفتوحة رائدة في جودة التعليم للجميع وتطوير مجتمع المعرفة"، ولتحقيقِ هذه الرؤية فإن الجامعة ركزت على الحرم الجامعي الذكي الأخضر والمستدام، فقد نصت الغاية السابعة من الخطة الاستراتيجية على تطوير البنية الأساسية التقنية وتوفير حلول ذكية وآمنة بما يعزز التحول الرقمي، كما ركزت الغاية السادسة على توسيع برامج المسؤولية والشراكة المجتمعية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي من بين أهدافها الإسهام في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تم مؤخرًا اعتماد "خطة الاستدامة" التي تتضمن المحاور البيئية والمالية والصحية والاجتماعية والتعليمية والرقمية ومحور الحوكمة، وتهدف الاستدامه البيئية إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل الآثار البيئية السلبية من خلال تبني مبادرات الطاقة المتجددة والتخفيف من التلوث، ولذلك تم تزويد الحرم الجامعي بأعلى المواصفات لبيئة التعلُّم من أجل تحفيز القدرات الإبداعية والابتكارية للطلبة والمنتسبين للجامعة، حيث يضم الحرم الجامعي 13 مختبرًا مجهزًا بأحدث التقنيات، و 36 قاعة دراسية مزودة بأنظمة حديثة تضمن تمكين الطلاب وتعزيز مهاراتهم، حيث تتوفر لهم أحدث النظم التكنولوجية المستخدمة والمواد التعليمية الإلكترونية والصفوف التفاعلية، إضافة إلى ذلك تتيح المرافق للطلبة ممارسة الأنشطة والفعاليات التي تدعم قدراتَهم وتقوي مهاراتَهم، كما خصصت الجامعة قاعات تدريبية مجهَّزة بأحدث التقنيات لتمكين تفعيل أنشطة التدريب وخدمة المجتمع.
ويتميز مبنى الجامعة بتزيين الواجهة بمشربيات تمثل العمارة الإسلامية، وتوفر هذه المشربيات ظلًا جزئيًا، مما يقلل من دخول أشعة الشمس المباشرة، ويسمح بدخول الإضاءة الطبيعية، مما يسهم في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، وواصل البادي حديثه: كما راعى تصميم المبنى الترشيد في استهلاك الطاقة عن طريق استخدام مواد العزل الحراري للجدران الخارجية بالإضافة إلى استخدام التثبيت الميكانيكي للحجر الطبيعي المستخدم من أجل إضافة عازل حراري إضافي واستخدام المصابيح الكهربائية الموفرة للطاقة، وتم استخدام المصابيح المزودة بالألواح الشمسية في الإنارة الخارجية. ويسهم النظام الذكي لإدارة المبنى في إدارة وحدات التبريد المركزية والإضاءة الكهربائية بما يسهم في ترشيد استهلاك الكهرباء.
ويزين ساحات المبنى 51 شجرة نخيل و 27 شجرة بلوميريا وأزهارا متنوعة تضفي على الأجواء شعورًا منعشًا بالإضافة لمساحات خضراء واسعة. كما تتوزع حول المبنى 38 جلسة رخامية فسيحة محاطة بالمساحات الخضراء. كما توفر الجامعة محطات إعادة تدوير للنفايات.
وأفاد الدكتور بأن الجامعة تعمل على مشروع إنشاء محطة لإنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية بهدف توفير مصادر طاقة متجددة ومستدامة للجامعة، وسيسهم هذا المشروع في تقليل انبعاثات الكربونية وتعزيز الاستدامة البيئية، والذي يعتبر جزءًا أساسيًا من خطط الجامعه لتعزيز الاستدامة البيئية. ومن المخطط أن تكون القدرة الإجمالية للمشروع 1.1 ميجاواط من الألواح الشمسية. ومن المتوقع أن ينتج المشروع أكثر من 1.8 مليون كيلوواط ساعة من الكهرباء النظيفة سنويًا لاستخدامها في مباني الجامعة. وسيسهم هذا المشروع في الخطة الوطنية للحياد الصفري ومستهدفات رؤية عمان 2040 وأهداف التنمية المستدامة، حيث سيمكن المشروع من تجنب 720 طنًا من الانبعاثات الكربونية سنويًا، أو ما يعادل 18.000 طن على مدى 25 عاما، وتخطط الجامعة لتركيب محطات متخصصة لشحن السيارات الكهربائية. كما تعمل الجامعة على مراجعة النظام الذكي لإدارة المبنى من أجل التشغيل الأمثل للأنظمة الكهربائية. كما تدرس الجامعة الخيارات المتاحة من أجل ترشيد استهلاك المياه لجميع الاستخدامات. كما تنسق الجامعة مع الجهات المختصة لتشجير المنطقة المحيطة بالجامعة لزيادة المساحات الخضراء.
وأضاف د.البادي: إن ممكنات التحول إلى حرم جامعي ذكي أخضر ومستدام يتطلب تنفيذ مجموعة من المبادرات والاستراتيجيات التي تدمج بين استخدام التكنولوجيا الحديثة ومراعاة الاستدامة البيئية، من بينها السياسات المؤسسية والخطط الاستراتيجية التي تعد مؤشرًا أساسيًا على التزام ودعم قيادة المؤسسات للتوجه نحو حرم جامعي ذكي أخضر ومستدام، أيضًا تركيب أنظمة إدارة الطاقة الذكية مثل الألواح الشمسية والتقنيات الذكية للتحكم في الإضاءة والتدفئة والتبريد، والإنارة الذكية كاستخدام مصابيح موفرة للطاقة مع أنظمة تحكم ذكية تعتمد على استشعار الحركة والضوء، كذلك شبكات المياه من خلال استخدام أنظمة ذكية لرصد استهلاك المياه واكتشاف التسريبات، أيضًا التعليم الرقمي من خلال تعزيز استخدام الأدوات والتقنيات التعليمية الرقمية لتقليل الحاجة إلى المواد الورقية، والنقل الذكي عن طريق تشجيع استخدام وسائل النقل المستدامة مثل: الدراجات الكهربائية وتوفير محطات شحن للسيارات الكهربائية، وتحليل البيانات باستخدام أنظمة تحليل البيانات لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتقديم رؤى حول كيفية تحسين الأداء البيئي للحرم الجامعي، أيضًا المشاركة المجتمعية والتدريب من خلال تنظيم ورش عمل وندوات ومسابقات لزيادة الوعي البيئي بين الطلاب والموظفين وتعليمهم كيفية المساهمة في الاستدامة، والسعي للحصول على شهادات بيئية كمؤشر على الالتزام بالاستدامة، وإجراء تقييمات دورية لأداء الحرم الجامعي البيئي واعتماد إستراتيجيات تحسين مستمرة.
نحو "صفر" انبعاثات كربونية
وقال الدكتور راشد بن سعيد العبري عميد كلية الهندسة والعمارة بجامعة نزوى: نفّذت جامعة نزوى الحرم الجديد ليصبح من أكثر المشاريع استدامة في عمان، إذ صُمم لتحقيق أهداف رؤية عمان 2040، وتقليل صافي الانبعاثات الكربونية لتعزيز البصمة الكربونية، إذ يوجّه المختصون والباحثون إلى تطوير الحرم الجامعي تحقيقا لمبادئ الاستدامة البيئية، ودمج العمارة العمانية التقليدية مع الوظائف الحديثة، وتوفير مناخ صديق للبيئة وذكي وريادي، ويشتمل المخطط الجديد للحرم الجامعي عناصر معمارية عمانية تقليدية استلهمت من الحضارة العمانية والإسلامية، مع تصميم حديث لإنشاء بيئة وظيفية وجمالية، ويشمل ذلك استخدام الفناءات الداخلية المفتوحة التي تعزز استعمال الضوء الطبيعي والتبادل الحراري لتقليل الحرارة في هذه الفناءات بشكل طبيعي ومبتكر، كما توفّر الجامعة مساحات خارجية تمتاز بالظلال والتشجير بهدف تلطيف الجو وتوفير بيئة نظيفة وخضراء، كما يتميز الحرم الجامعي أيضًا بنوافذ كبيرة وممرات مفتوحة لتكون بمثابة طبقة عازلة فعّالة ضد الحرارة، مع تحسين استخدام الضوء الطبيعي وتقليل استهلاك الطاقة.
أما بالنسبة لجدران الحرم الجامعي ونوافذه، فقد روعي في تصميمها الاستدامة البيئية والاستدامة الزمنية لعمر المباني، إذ عززت الجدران بعوازل حرارية مدمجة بطبقات متعددة من العوازل لتقليل تكاليف طاقة التبريد لأكثر من 50%، أما عن النوافذ فهي ذات ثلاث طبقات محقونة بغاز الأرغون لتعزيز كفاءة الطاقة، ويضمن دمج الأسطح البيضاء والخضراء أقصى قدر من انعكاس أشعة الشمس؛ مما يقلل من انتقال الحرارة، ويحسّن كفاءة نظام التبريد المركزي، وتسهم هذه الخيارات التصميمية في استدامة الحرم الجامعي بشكل عام؛ مما يقلل من تكاليف التشغيل ويخفّض البصمة الكربونية، فيما تمّ استخدام الأسطح البيضاء والخضراء جزءًا من التصميم البيئي المستدام في المباني، فالأسطح الخضراء تُستخدم لتحسين العزل الحراري، إذ إن هذه الأسطح تساعد في الحفاظ على درجات حرارة منخفضة، إذ تعمل النباتات على امتصاص حرارة الشمس بدلًا من تخزينها كما يحدث في الأسطح التقليدية، وتعمل الأسطح الخضراء على تحسين جودة الهواء. أما الأسطح البيضاء فتُستخدم لتقليل امتصاص حرارة الشمس المباشرة؛ مما يؤدي إلى تقليل احتياجات التبريد في المباني. الجدير بالذكر أنّ هذه التقنية تسهم في تحسين كفاءة نظام التبريد المركزي للمبنى وتقليل استهلاك الطاقة.
كما أنّ الجامعة تستخدم التبريد المركزي لتبريد مبانيها، إذ تُعدُّ جزءًا من إستراتيجية الاستدامة، فاستخدام هذا النظام يقلل تكاليف الطاقة التشغيلية بأكثر من 50%، وكذلك يُظهر نظام التبريد المركزي كفاءة عالية في استهلاك الطاقة مقارنة بأنظمة التبريد التقليدية؛ وذلك بتوزيع التبريد عبر شبكة من الأنابيب إلى المباني المتعددة من محطة مركزية، كما أن هذا النظام يستخدم المياه المفلترة والمعاد تدويرها؛ لذا يقلل من استهلاك المياه العذبة، ويزيد من كفاءة استخدام الموارد المائية. إضافة إلى ذلك، فإن عادة تدوير المياه في نظام التبريد ليست فقط للحافظ على المياه، ولكن أيضًا تسهم في تحسين الاستدامة البيئية بتقليل الاعتماد على المياه الجوفية أو إمدادات المياه العامة.
أما من حيثُ استخدام مصادر الطاقة المتجددة، فقد أفاد الدكتور بأن الأسطح جهزت لتركيب أنظمة شمسية كهروضوئية لتقليل الاعتماد على الكهرباء من الشبكة وتكاليف التشغيل، مع تقديمها أداة عملية للتعليم والبحث في مجال الطاقة، كما يعتمد الحرم الجامعي الجديد على أنظمة إدارة المياه المتقدمة، بما في ذلك استخدام معالجة مياه الصرف الصحي وإعادة تدويرها، والمفاعلات البيولوجية، والأغشية التناضحية العكسية لإنتاج مياه عالية الجودة للاستخدام في الري؛ مما يقلل من الطلب على إمدادات المياه العذبة العامة وتكاليف التشغيل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مؤسسات التعلیم العالی الاستدامة البیئیة الطاقة المتجددة استهلاک الطاقة الحرم الجامعی مما یقلل من التحول إلى من خلال من أجل
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يعزز الاستدامة ويسرع مكافحة التغير المناخي
طه حسيب (أبوظبي)
المساعي العالمية الحثيثة لمواجهة التغير المناخي وفهم تداعياته وأدوات التصدي له تستفيد من الطفرة الكبرى في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وهناك العديد من الخطوات التطبيقية التي تثبت أهمية الذكاء الاصطناعي في المواجهة العالمية لتداعيات التغير المناخي. على سبيل المثال، يستطيع الذكاء الاصطناعي قياس التغييرات في الجبال الجليدية أسرع من البشر بمقدار 10000 مرة، ما يعني مساعدة العلماء على تحديد كميات المياه الناجمة عن ذوبان الجليد بالمناطق القطبية جراء الاحترار الناجم عن تغير المناخ.
ولدى الذكاء الاصطناعي القدرة على قياس تأثير إزالة الغابات على المناخ، حيث نجحت شركة مقرها اسكتلندا في استخدام بيانات الأقمار الاصطناعية وتوظيف تقنيات يتم تطبيقها عن بعد في أكثر من 30 دولة لرصد مقدار الكربون المختزن في الغابات.
وفي أفريقيا، يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مشروع الأمم المتحدة لمساعدة المجتمعات المعرضة لتغير المناخ في بوروندي وتشاد والسودان، وذلك ضمن مبادرة المناخ الدولية «IKI» الممولة من وزارة البيئة الألمانية، وتسعى المبادرة التي تستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي إلى المساعدة في التنبؤ بأنماط الطقس، بهدف تمكين المجتمعات على المستوى المحلي من معالجة آثار تغير المناخ.. وتحسين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وتنفيذ أنظمة إدارة النفايات المناسبة وتشجيع إعادة زراعة الغابات.
تقنيات الذكاء الاصطناعي تساعد على معالجة تغير المناخ من خلال تحسين نمط إدارة النفايات وجعلها أكثر كفاءة، فالنفايات قادرة على إنتاج الميثان وهي مسؤولة -وفقًا لوكالة حماية البيئة بالولايات المتحدة- عن 16% من الانبعاثات العالمية من غازات الدفيئة.
ويشير تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن منظمة Ocean Cleanup في هولندا تستخدم الذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى للمساعدة في رصد التلوث البلاستيكي من المحيط. فمن خلال الذكاء الاصطناعي يتم رسم خرائط مفصلة للنفايات المتراكمة في مياه المحيط، خاصة بالمواقع البعيدة، ومع تحديد هذه الأماكن يمكن جمع نفايات المحيط وإزالتها، والتي تكون أكثر كفاءة من طرق التنظيف السابقة باستخدام السفن والطائرات، مما يحد من التلوث البلاستيكي، الذي يؤجج تغير المناخ عن طريق انبعاث غازات الدفيئة وإيذاء الطبيعة من خلال إرباع التنوع الحيوي.
ويساعد الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بالكوارث المناخية، فعلي سبيل المثال، تستطيع شركة Sipremo في البرازيل التنبؤ بوقت حدوث كوارث المناخ، بما يضمن جاهزية الشركات والحكومات للتصدي لها بشكل أفضل.
ويسعى مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي من «جوجل» إلى محاربة التغير المناخي من خلال منظمة غير ربحية هي: Climate Change AI التي دشنها متطوعون من الأوساط الأكاديمية والقطاع الصناعي ممن يرون دوراً رئيسياً لتعلم الآلة في مكافحة تغير المناخ.
وتركز أدوات Google AI على تحسين التنبؤ بالطقس واستثمارها في زيادة إنتاجية طاقة الرياح.
تقول Google DeepMind، التي تعتبر مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي من Google، إنها تطبق الذكاء الاصطناعي للمساعدة في محاربة تغير المناخ في عدد من المجالات.
وفي تصريحات خاصة لـ«الاتحاد»، أكد حسني غديرة، أستاذ ممارسة الرؤية الحاسوبية بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أن التقنيات المتقدمة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي تلعب دوراً في تحفيز وتسريع الاستدامة. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي والاستدامة فرصة فريدة لتحفيز وتسريع مبادرات الاستدامة، على الرغم من المخاوف المتعلقة باستهلاكه للطاقة، يتمتع الذكاء الاصطناعي بإمكانيات هائلة في التخفيف من آثار تغير المناخ وإنشاء أنظمة أكثر كفاءة واستدامة.
وأوضح غديرة، في حواره الخاص مع «الاتحاد»، أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تعمل بنشاط على معالجة التحدي المزدوج المتمثل في تحسين كفاءة الذكاء الاصطناعي في استهلاك الطاقة، مع الاستفادة من إمكاناته لدفع الاستدامة عبر مختلف القطاعات.
ويرى غديرة أن الجامعة تعمل حالياً على تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لتعزيز الأمن الغذائي العالمي، وتحسين التخطيط والاستجابة لتفشي الأمراض المعدية، وزيادة كفاءة عمليات تلقيح السحب، وتحسين أداء محطات الطاقة الشمسية واسعة النطاق. ويساهم هذا العمل في جهود دولة الإمارات العربية المتحدة بعد مؤتمر المناخ (كوب 28) لتكون رائدة في إزالة الكربون والتخفيف من تغير المناخ بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي.
إحدى الطرق الأساسية التي يمكن أن يساعد بها الذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة هي تقليل استهلاكه الخاص للطاقة، وتتطلب تقنيات الذكاء الاصطناعي، لا سيما في مراكز البيانات واسعة النطاق، كميات كبيرة من الطاقة، ومن المتوقع أن ينمو هذا الطلب بشكل كبير في السنوات القادمة.
وأشار غديرة إلى أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تقود الجهود البحثية لمعالجة هذه المشكلة من خلال تحسين تصاميم الأجهزة والبرمجيات. وعلى سبيل المثال، من خلال تحسين كفاءة هياكل الحوسبة مثل وحدات معالجة الرسومات (GPUs) ووحدات «معالجة تنسور» (TPUs)، يمكن للذكاء الاصطناعي تنفيذ المهام المعقدة بكفاءة أكبر، مما يقلل من استهلاك الطاقة. (وحدات معالجة تنسور هي مسرع تعلم آلي تم تطويره بواسطة جوجل خصيصاً لأعباء عمل الشبكات العصبية.
وقد صُممت هذه المعالجات المتخصصة لتسريع عمليات التعلم الآلي وتوسيع نطاقها بشكل كبير، خاصةً بالنسبة لمهام الاستدلال والتدريب).
بالإضافة إلى ذلك، تعمل الجامعة على تطوير نظام تشغيل خاص بها يسمى AIOS، والذي يهدف إلى تقليل البصمة الكربونية المرتبطة بإنشاء ونشر نماذج الذكاء الاصطناعي، مما يضمن أن التقدم في هذا المجال لا يأتي على حساب الاستدامة.
وأوضح غديرة، في تصريح خاص لـ«الاتحاد»، أن الذكاء الاصطناعي يلعب أيضاً دوراً كبيراً في حماية البيئة، وخاصة في الحفاظ على الغابات والموائل الطبيعية في العالم، مشيراً إلى أن إزالة الغابات تعد من العوامل الرئيسية المساهمة في تغير المناخ، حيث يتم فقدان ملايين الهكتارات من الغطاء الشجري سنوياً. ويمكن للذكاء الاصطناعي دعم مراقبة هذه النظم البيئية الحيوية وحمايتها بشكل أكثر فعالية.
حماية الموارد الطبيعية
وعلى سبيل المثال، طورت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي أداة متقدمة للرصد عن بُعد تدعى «+جيوتشات» GeoChat+، والتي تستخدم تقنيات رؤية الحاسوب والتعرف على الأنماط لتحليل صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة للكشف عن تغييرات استخدام الأراضي أو الأنشطة غير القانونية مثل قطع الأشجار الجائر أو أنشطة إزالة الأراضي. وهذه التقنيات قادرة على تمكين الجهات المعنية في دول، كالبرازيل والهند، من مراقبة مناطق شاسعة ونائية بشكل أكثر كفاءة، مما يتيح استجابة أسرع وحماية أفضل للموارد الطبيعية.
وعن دور الذكاء الاصطناعي في تحسين توزيع الطاقة وكفاءة الشبكات الكهربائية، أكد غديرة أنه مع تزايد الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين دمج هذه الموارد المتغيرة في الشبكة الكهربائية.
وأضاف غديرة أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تستشرف استخدام تقنيات التعلم الفيدرالي (Federated Learning) لإنشاء شبكات طاقة ذكية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مما يسمح لمزودي الطاقة بتحليل أنماط الاستهلاك لدى ملايين المستخدمين دون المساس بخصوصية البيانات. وهذه الابتكارات، تساعد -حسب غديرة- في استقرار الشبكة الكهربائية، وتحسين توزيع الطاقة، وتقليل الطلب في أوقات الذروة، وهي جميعها عوامل أساسية في تعزيز أنظمة الطاقة المستدامة.
وحسب غديرة، يقوم باحثو الجامعة بتطبيق تقنيات رؤية الحاسوب والطائرات المسيرة لمراقبة أداء محطات الطاقة الشمسية واسعة النطاق، مما يتيح معالجة المشكلات المحتملة بشكل استباقي وزيادة إنتاجية الطاقة.
دعم المزارعين
وأوضح غديرة أن تأثير الذكاء الاصطناعي يمتد أيضاً إلى الزراعة، حيث يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم التحديات مثل الجفاف وموجات الحرارة والطقس غير المتوقع. وتساعد الحلول القائمة على الذكاء الاصطناعي المزارعين على التكيف من خلال زيادة غلة المحاصيل وتحسين كفاءة الموارد.
وأشار غديرة، في تصريحه الخاص لـ«الاتحاد»، إلى أن قسم الروبوتات بجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي يعمل على تطوير طائرات مسيرة وروبوتات تعمل بالذكاء الاصطناعي قادرة على مراقبة المحاصيل، واكتشاف الآفات، وتحسين عمليات الري. وتتيح هذه التقنيات الزراعية الدقيقة، الفرصة لتقليل الاستخدام المفرط للمياه والمواد الكيميائية، وتحد من الأثر البيئي للزراعة، كما أن تعاون الجامعة مع شركة «سلال» لدعم الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في دولة الإمارات يهدف إلى تعزيز الإنتاج الغذائي المستدام باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة.
واستنتج غديرة أن الذكاء الاصطناعي يساهم في التخفيف من تأثير الجزر الحرارية الحضرية، وهي مصدر قلق متزايد في المدن التي تعاني من ارتفاع درجات الحرارة نتيجة لتغير المناخ. بالشراكة مع شركة «آي بي إم» IBM، تعمل جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي على تطوير حلول ذكاء اصطناعي للكشف عن هذه الجزر الحرارية وتحليلها، مما يساعد المخططين الحضريين على تصميم استراتيجيات لتقليل درجات الحرارة وجعل المدن أكثر قابلية للعيش خلال موجات الحر الشديدة. وتساهم جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي في بيئات حضرية أكثر استدامةً وقدرةً على الصمود في مواجهة تحديات الاحتباس الحراري.
مواجهة تحديات تغير المناخ
الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً محورياً في مواجهة تحديات تغير المناخ والاستدامة. وأوضح غديرة أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تركز على تسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي، مع تقليل تأثيره البيئي. ومن خلال تحسين كفاءة الطاقة، وتعزيز استخدام الموارد، ودفع الابتكار في قطاعات رئيسية مثل الزراعة والطاقة والتخطيط الحضري، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم بشكل كبير في تحقيق الأهداف العالمية للاستدامة.