الكوز والشيوعي السوداني لن يحققا طموح الطبقات الصاعدة.
تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT
طاهر عمر
ملاحظة مهمة يجب الإنتباه لها فيما يتعلق بكساد الفكر في السودان و هي ما أنتج عجز النخب السودانية عن مواجهة التحدي و التغلب عليه و التحدي هو مسألة التحول الديمقراطي و نقول ذلك لأن الشعب السوداني من أكثر شعوب المنطقة شوقا للتحول الديمقراطي إلا أن جبار الصدف يحول بينه و بين بداية طريقه لكي يبداء مسيرة التحول الديمقراطيي.
و هناك ملاحظة يجب الإنطلاق منها و هي أن النخب السودانية و خلال القرن الأخير تتحدث عن التحول الديمقراطي إلا أنها لا تسلك طرق الفكر المؤدية الى ترسيخ الديمقراطية لدرجة قد أصبح من يتقدم ساحات الفكر هم أتباع أحزاب اللجؤ الى الغيب أي أتباع المرشد و الامام و الختم و في الجانب الآخر ككفة موازية نجد صانعي الضجيج أي أتباع حزب الأستاذ الشيوعي السوداني و الشيوعي و الكوز أصبحا من يتحدث عن طموح المثقف العضوي و هذا عيب كبير في نظر عالمي الإجتماع الطاهر لبيب و هشام شرابي بمعنى أنه متى ما ظهر أتباع الايديولوجيات المتحجرة كالشيوعيين السودانيين و أتباع أحزاب اللجؤ الى الغيب زعما بأنهما من يلعبا دور المثقف العضوي في المجتمع ضاعت و تضعضعت طموحات الطبقات الصاعدة في المجتمع. و هذا هو الحاصل الآن في السودان و علاجه يحتاج لعقود من الزمن مع إنتباه النخب السودانية لإعمال التفكير النقدي.
طموح و رغبات الطبقات الصاعدة مثقفها العضوي هو المتسلح بالفكر الليبرالي بشقيه السياسي و الإقتصادي و من الغرائب في السودان أن النخب السودانية لا تعرف الى الفكر الليبرالي سبيل و هذا يعتبر من المؤشرات التي تدل على أن النخب السودانية متأخرة عن تطور الفكر بقرن كامل من الزمن حتى مقارنة بفكر بعض المفكرين العرب دعك من تطور الفكر الليبرالي في الغرب خلال القرن الأخير.
و ضربنا مثلا بكيف إنتقد هشام شرابي مشاريعه الفكرية و كيف إنعكس ذلك على جهوده الفكرية و كيف أصبح ينادي بالإنتباه لأزمة الثقافة العربية الإسلامية التقليدية و ما ترتب عنها من تشنج ناتج من صدمة الحداثة و قدم فكر يساعد على الإنفتاح على الفكر الليبرالي لكي يساعد على الإنعتاق من سلطة الأب و ميراث التسلط و يقضي على الإختلالات السياسية و الإختناقات الإقتصادية مع ضمانه لحرية الفرد في وقت نجد أن أغلب النخب السودانية عالقة في إعتقادها البايت بأن الإشتراكية تظل الأفق الذي لا يمكن تجاوزه.
و هناك ملاحظة لابد من ذكرها و هي أن هشام شرابي مقارنة بالنخب السودانية تجده في كتاباته يتحدث عن كيف تطورت الفلسفة السياسية و الفلسفة الأقتصادية منذ عام 1870 و هذا ما جعل هشام شرابي في بحوثه يميز بين الليبرالية التقليدية و الليبرالية الحديثة و بين فلسفة التاريخ الحديثة و فلسفة التاريخ التقليدية لذلك عندما إستخدم هشام شرابي في منهجه أفكار ماركس لم يستخدمه كما يدمنه متعاطيي أفيون المثقفين عندنا من أتباع الحزب الشيوعي السوداني و أصدقاء الحزب بل جاء بماركس و هو في الأغلال و ماركس في الأغلال تذكرنا بروميثيوس في الأغلال.
و هذا متعارف عليه أي فكرة ماركس في الأغلال عند كثير من علماء الإجتماع في الغرب مع تقديمهم لشرح مهم جدا لنقد ماركسية ماركس و هو أن ماركس بماركسيته حاول تقديم حلول للصراع الطبقي لمجتمع ما قبل الثورة الفرنسية و قبل الثورة الفرنسية كان الناس لا يولدون أحرارا و لكن بعد الثورة الفرنسية و شعارها الحرية و المساواة و الأخاء أصبح الناس يولدون أحرارا و متساويين في ظلال الأخاء و بالتالي لم يعد هناك صراع طبقي في مجتمع أفراده متساويين في ظل الحرية و الاخاء و عليه تكون هناك إختلالات سياسية و إختناقات إقتصادية و ليس صراع طبقي و عليه تأتي أهمية السياسة و مفهوم الدولة الحديثة و علاقة الفرد بالدولة مباشرة لتجسيد فكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد و هذا ما إنتبه له توكفيل و فات على ماركس و إنتباه توكفيل لمفهوم الدولة و فكرة ممارسة السلطة قد فات على ماركس الذي لا يؤمن بفكرة الدولة من الأساس.
إنتباه هشام شرابي لفكر ماركس جعله يأتي بماركس في الأغلال لمجتمع عربي يعيش في زمن ما قبل الثورة الفرنسية و زمن ما قبل الثورة الصناعية حيث يسود في المجتمع العربي التقليدي إضطهاد لا يوصف للمراءة و بالتالي جاء هشام شرابي بفكر ماركس لتحليل مجتمع عربي ما زال في زمن ما قبل الثورة الفرنسية و بالتالي أفراده لا يعرفون الحرية و لا المساواة و لا الأخاء و هذا هو سبب إستخدام منهج ماركس من قبل هشام شرابي لتفكيك مجتمع عربي لم يصل بعد بل ما زال في أزمنة ما قبل الثورة الصناعية و زمن ما قبل الثورة الفرنسية لكي يجسر بينه و الفكر الليبرالي و بعده ينفتح الفكر في العالم العربي بإتجاه الفكر الليبرالي و أستفاد هشام شرابي من ماركس كعالم إجتماع ناجح و لكن هشام شرابي كان يعرف بأن ماركس كإقتصادي فاشل جدا.
هذه فكرة ماركس في الأغلال التي لم ينتبه لها المثقف التقليدي السوداني و هي مستخدمة عند علماء الإجتماع في الغرب و نذكر أن فكرة ماركس في الأغلال يذكرها على الدوام في فرنسا فلاسفة فرنسا مثل ميشيل غوشية كفيلسوف و عالم إجتماع و عمانويل تود في الإختلالات السياسية و الإختناقات الإقتصادية في فرنسا الراهنة كما يستخدمها هشام شرابي في نقده لحالة المجتمع العربي الذي لم يعرف أفراده حتى اللحظة شعار الحرية و المساواة و الاخاء لذلك نجد هشام شرابي ينادي بحرية المراءة قولا و فعلا و يجعلها من أهم الشروط لإنعتاق العالم العربي من ثقافته العربية الإسلامية التقليدية.
و هذا هو إختلاف هشام شرابي من سمير امين فهشام شرابي يأتي بماركس في الأغلال لكي يفتح طريق المجتمع العربي المتكلس نحو الليبرالية و سمير امين يأتي بماركس حرا طليقا في وقت قد أصبحت ماركسية ماركس لم تخدع غير المثقف المنخدع. لذلك نجد هشام شرابي يعيب على مثقفي العالم العربي و الإسلامي إنغلاقهم في أيديولوجية متكلسة كالشيوعية و كذلك إنغلاقهم في أحزاب اللجؤ الى الغيب أي أحزاب وحل الفكر الديني.
و عليه تكون توصيتنا بأننا نحتاج لأفكار هشام شرابي و ليس لأفكار سمير امين. و هنا يمكننا أن نقارن بين هشام شرابي و سمير امين لأن إختلافهما يذكرنا بفيلسوفين فرنسين و هما بول نيزان و ريموند أرون و قد كانا صديقيين و ثلاثهم جون بول سارتر بول نيزان في بداية الثلاثينيات من القرن المنصرم وصل لنفس وجهة النظر التي كانت عند ريموند ارون و وجهة نظرهما أن فلاسفة فرنسا و كانوا أستاذتهم لم يعودوا مبالين بمشاكل الشعب الفرنسي.
أخرج بول نيزان كتابه كلاب الحراسة مدافعا فيه عن الماركسية و مهاجم أستاذته و وصفهم بكلاب الحراسة لمجتمع ترعاه البرجوازية في وقت إتجه ريموند أرون الى فلسفة ماكس فيبر مع تبني فكر النيوكانطية و قد وصل الى أن ماركسية ماركس لا تخدع غير المثقف المنخدع و كرس ريموند أرون جهوده خلال ستة عقود و كان يرى بأن الإتحاد السوفيتي لا يمكن إصلاحه على الإطلاق و مآله الزوال و بالفعل عندما حاول غورباتشوف إصلاحه قد تفكك كأنه لم يكن و لم تعد الشيوعية كأفق لا يمكن تجاوزه.
المهم في الأمر قتل بول نيزان في الحرب و لكن إنتصرت في النهاية أفكار ريموند أرون في فكرها الليبرالي كما إنتصر توكفيل في أيام إضطرابات 1848 على ماركس و حينها كان ماركس مؤيد لأحداث عام 1848 و كان توكفيل سياسي و هنا في مقالنا نقول أن فكر هشام شرابي متقدم جدا على فكر سمير امين الذي يصر على ماركس طليقا.
في ختام هذا المقال ما أود قوله أننا نحتاج لفكر ليبرالي يتجاوز عجز الهاربين من جحيم الحزب الشيوعي السوداني إلا أنهم إنحبسوا في أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة و معروف أن فلاسفة ما بعد الحداثة كان لديهم إلتباس في مسألتي مفهوم الدولة في ترسيخ فكرة المسؤولية الإجتماعية نحو الفرد و فكرة ممارسة السلطة في مجتمعات ما بعد الثورة الصناعية و قد إنتهت أفكار فلاسفة ما بعد الحداثة في المجتمعات المتقدمة مع نهاية ثورة الشباب في فرنسا عام 1968 و بعدها قد أصبح نمط الإنتاج الرأسمالي و علاقته بالديمقراطية علاقة طردية بعدما أثبتت الأيام أن علاقة الشيوعية علاقة عكسية مع الديمقراطية فلا سبيل الى التحول الديمقراطي في السودان إلا بنقل الفكر الليبرالي الى ساحة الفكر السودانية و الإقتناع بأن الليبرالية هي الأفق الذي لا يمكن تجاوزه.
taheromer86@yahoo.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: التحول الدیمقراطی الثورة الفرنسیة الشیوعی السودانی الفکر اللیبرالی النخب السودانیة فی المجتمع فی السودان على مارکس سمیر امین لا یمکن ما بعد
إقرأ أيضاً:
أرقام جلوس احتياطية وتوقيت نهاري لامتحانات الشهادة السودانية
أكملت الوزارة استعدادتها لقيام الامتحانات في الوقت المحدد وتسليم أرقام الجلوس لكل الولايات عدا الخرطوم التي ينتظر أن تتسلمها خلال اليوم
التغيير: بورتسودان
يجلس في الثامن والعشرين من الشهر الجاري عدد ( 343644) طالب وطالبة لامتحانات الشهادة السودانية المؤجلة بفعل الحرب في (2300) مركز داخل وخارج السودان بنسبة بلغت 83% ويجلس الطلاب للامتحان علي غير العادة داخليا وخارجيا عند الساعة الثانية والنصف ظهرا .
وقال وزير التربية والتعليم، د. احمد خليفه عمر، أن استعدادات الوزارة أكملت لقيام الامتحانات في الوقت المحدد وتسليم ارقام الجلوس لكل الولايات عدا الخرطوم التي ينتظر أن تتسلمها خلال اليوم نظرا لزيادة أعداد الطلاب بعد “دحر المليشيا” في بحري وبعض مناطق أمدرمان منوها إلى وجود ارقام احتياطية لكل الولايات لتمكين كافة الطلاب الراغبين من أداء الامتحان .
وأوضح الوزير في منبر وكالة السودان للأنباء أن هناك مساعي جارية لحل مشكلة الطلاب السودانيين في تشاد وقال إنهم جاهزون لإيصال الامتحانات والمراقبين حال تكللت المساعي الحكومية والشعبية في حل الاشكال .
وأكد الوزير أن الامتحانات مؤمنة تأمينا كاملا من دخولها المركز وحتى إعلان النتيجة مشيىرا إلي أن الأجهزة الأمنية وعلي طول مسيرة الامتحانات ظلت تقدم خدماتها حتى بات الأفراد خبراء في مجال تأمين وسير الامتحانات .
وأشار الوزير إلى أن عدد الطلاب الوافدين من الولايات بلغ (١٢٠٧٢١ ) وافدا في (٤٩) مركزا بينما بلغ عدد الطلاب الممتحنين في الخارج (46553) منهم ٢٧ ألف طالب في مصر فيما بلغ عدد المراكز (٢٣٠٠) وعدد المراكز داخل وخارج السودان (٥٩) منها خارجي منها (٢٥) في مصر .
الوسومالشهادة السودانية وزارة التربية والتعليم