تعرض اللاجئون السودانيون خلال رحلتهم الشاقة من غابات إثيوبيا إلى الحدود السودانية، إلى معاناة شاقة حيث واجهوا مخاطر متعددة بما في ذلك الهجمات الشرسة من مستعمرات النحل الإفريقي والظروف المناخية القاسية..

التغيير: المتمة – كمبالا

“لم يكن لدي سوى قطعة قماش صغيرة، كنت آمل أن تحميني أنا وأمًا مع أطفالها الثلاثة من لسعات النحل، ولكن القماش كان صغيرًا جدًا ولم يكن كافيًا لتغطيتنا جميعًا.

الأم كانت في حالة من الرعب، تبكي وتصرخ، بينما كان النحل يستمر في الهجوم دون توقف، متسللاً عبر كل ثغرة في القماش”، يروي اختصاصي علم الحشرات في جامعة هاريانا الزراعية – الهند، مالك محمد عبدالسلام.

تسرد هذه الكلمات تفاصيل الهجوم المروع الذي تعرض له اللاجئون السودانيون في اليوم الثالث من رحلتهم الشاقة من غابات أولالا في إقليم أمهرة إلى الحدود السودانية، التي بدأت في 10 أغسطس الجاري. فقد تعرضوا لهجوم شرس من مستعمرات النحل الإفريقي.

قبل وصولهم إلى قرية مكة، كان الموكب الطويل يسير بخطى متثاقلة، مقسماً إلى مجموعات، النساء والأطفال في المقدمة، والشباب في الوسط، وأيضاً في مؤخرة الموكب. يقول عبدالسلام: “لم يكن أحد يتوقع ما سيحدث بعد لحظات”. وأضاف: “فجأة، اجتاحنا هجوم من مستعمرات النحل الإفريقي الشرس”.

بدأ الهجوم عندما اجتاحت الأسراب المفترسة من الخلف، مستهدفة النساء والأطفال بشكل رئيسي. كان عبدالسلام واحدًا من الذين تعرضوا للهجوم، لكنه لم يفكر في سلامته الشخصية، بل في الأطفال الذين كانوا يبكون من الألم. تحرك مع الفريق الذي اندفع لإنقاذ الأطفال. بعد أن ترك القماش للأم وأطفالها، هرع لإنقاذ طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات، محاولاً إيجاد ملاذ آمن بين الأشجار والنباتات الكثيفة، لكن النحل كان مصرًا على ملاحقتهم.

قال عبدالسلام: “مع كل خطوة، كنت أسمع بكاء الطفلة وأشعر بلسعات النحل على جسدها الصغير. في تلك اللحظة، أخرجت بعض الملابس من حقيبتي وألبستها للطفلة في محاولة لتوفير حماية بسيطة لها، ووضعت قطعة أخرى على رأسي. لكن الهجوم استمر، وبقينا محاصرين، بينما كنت أقتل النحل الذي كان يهاجم رأسها ووجهها الصغيرين.”

بعد ساعة من الرعب، بدأ الهجوم يخف تدريجياً، فقرر عبدالسلام التحرك مرة أخرى. لكن ما أن بدأوا بالتحرك مجددًا حتى عاد النحل ليهاجمهم بشراسة أكبر. لم يكن لديهم خيار سوى الغطس في بركة ماء قريبة، حيث سارع بعض الشباب لمساعدتهم، حاملين ناموسية قاموا بتغطيتهم بها وهم في الماء. وببطء، تحركوا معًا نحو بر الأمان.

لحسن الحظ، تم إنقاذ جميع الأطفال والأمهات. فقد كان بين اللاجئين طبيب وطبيبة وصيدلانية، هرعوا لمساعدتهم بالمسكنات والمضادات الحيوية. بلغ عدد المصابين بلسعات النحل أكثر من 200 لاجئ، بينهم حوالي 50 طفلاً، تعرضوا للدغات ما بين 15 إلى 20 لدغة. تكونت فرقة الإنقاذ من حوالي 30 لاجئاً.

الوضع الصحي والإنساني

أكد عضو تنسيقية اللاجئين السودانيين بإثيوبيا، حسن الصادق، أن الوضع الكارثي والتجاهل الأممي الكامل أجبر اللاجئين على إعلان الخروج سيرًا على الأقدام من غابات أولالا إلى نقطة التسجيل الحدودية للحفاظ على ما تبقى من أرواحهم بتاريخ 8 أغسطس.

عضو تنسيقية اللاجئين السودانيين بإثيوبيا: الوضع الكارثي والتجاهل الأممي الكامل أجبر اللاجئين على إعلان الخروج سيرًا على الأقدام من غابات أولالا

وطالبت تنسيقية اللاجئين العالقين بغابات أولالا، في بيان في 9 أغسطس الجاري، الجهات المسؤولة عن حماية اللاجئين في منظمة الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين وشركائها، مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، المنظمة الدولية لحقوق الإنسان، اليونيسيف، منظمة إنقاذ الطفولة، ومنظمة أطباء بلا حدود الدولية، بتوفير المراقبة والحماية الدولية بالمرافقة.

كما حملت جميع الجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان وحماية اللاجئين مسؤولية تعرضهم لأي نوع من المخاطر المحتملة خلال مسيرتهم.

وبكل أسف، كما قال الصادق في مقابلة مع (التغيير)، خرج اللاجئون في التاريخ المعلن، وكان بينهم 693 طفلاً و349 امرأة، من ضمنهم 18 حاملًا، و39 مرضعة، و97 من كبار السن. وكان بينهم أيضًا حالات خاصة تشمل 24 معاقًا، و15 مصابًا بأزمات صحية، و2 بسرطان، و3 بفشل كلوي، ومريض قلب، و15 مصابًا بالسكري، و23 مصابًا بضغط الدم، و5 يعانون من ضغط وسكر. قطعوا حتى 16 أغسطس حوالي 70 كيلومترًا سيرًا على الأقدام. تبقى لهم حوالي عشرة كيلومترات لم يجدوا العون من أي طرف أو منظمة عدا الجهد المشكور من المواطن الإثيوبي. تحمّلوا الكثير من الصعوبات ومتاعب السير في الطريق، والأمطار، ولسعات مستعمرات النحل التي كادت أن تودي بأرواح العديد من الأطفال والنساء، ومروا خلال طريقهم بخمس محطات (كومر، مكة، شهيدي، كوكيت، المتمة).

وصل اللاجئون بتاريخ 16 أغسطس إلى مدخل مدينة المتمة التي بها مركز التسجيل الأولي، مع وجود العديد من التخوفات بتدهور حالاتهم الصحية أكثر من الآن، وذلك من خلال انهيار الوضع الصحي والحالة النفسية للعديد من الذين أرهقهم السير في الطريق وتأثرهم بالرعب والإرهاب طوال المئة يوم التي قضوها عالقين في غابات أولالا.

مطالب بالإجلاء

“أمضينا 100 يوم في الغابة دون تلقي أي نوع من المساعدات الإنسانية من أي جهة أو منظمة”، بهذه الكلمات بدأت رواية حبيب حديثها في مقاطع فيديو مسجلة حصلت عليها صحيفة (التغيير) من التنسيقية. وذكرت أن رحلتهم كانت شاقة للغاية، حيث وصلوا إلى المنطقة الحدودية مع السودان سيرًا على الأقدام، وسط صعوبات كبيرة، مثل الأمطار الغزيرة والظروف المناخية القاسية. وأشارت إلى أن المجموعة كانت تضم نساء حوامل وأطفال حديثي الولادة، يعانون من نقص الغذاء والمأوى في ظل استمرار هطول الأمطار. وانتشرت الأمراض، خاصة الحميات، بين الأطفال، دون وجود أي مساعدات طبية. وختمت رواية حديثها بأن الوضع أصبح لا يُحتمل، ومع استمرار الحرب، لا يمكنهم العودة إلى السودان، مطالبة الأمم المتحدة بإجلائهم إلى دولة آمنة غير إثيوبيا.

تساءل لاجئ آخر، لم يُذكر اسمه، عن حقوق الإنسان ودور الجهات المسؤولة عن رعاية اللاجئين، حيث قال في مقاطع الفيديو المسجلة: “لقد قطعنا الغابة سيرًا على الأقدام لمدة أسبوع، في ظل الأمطار الغزيرة ونقص العلاج والطعام. لم نحصل على أي مساعدة من الجهات الحكومية أو المنظمات الإنسانية. نحن بشر نعاني بشدة، أمضينا أسبوعًا كاملًا في طريقنا دون أن يلتفت إلينا أحد. نناشد المجتمع الدولي بالتدخل الآن، بعد أن رفضنا الانتهاكات والقتل والاغتصاب التي تعرضنا لها في إثيوبيا.”

الوسومآثار الحرب في السودان اللاجئون السودانيون بأثيوبيا حرب الجيش والدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان حرب الجيش والدعم السريع سیر ا على الأقدام غابات أولالا من غابات لم یکن

إقرأ أيضاً:

12 مشروبا احرص على تناولها أثناء الإصابة بالبرد.. «هتتحسن على طول»

مع انخفاض درجات الحرارة خلال فصلي الخريف والشتاء، يكون العديد من الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد خاصة أصحاب المناعة الضعيفة والأطفال وأيضا كبار السن وكذلك أصحاب الأمراض المزمنة، ولذلك يحرص الكثيرون على تناول الأدوية والأطعمة والمشروبات التي تساعدهم على الوقاية من نزلات البرد والفيروسات.

من الضروي عند الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا شرب السوائل بوفرة، إذ إن الأولوية تكون للماء والعصائر الطبيعية مما يساعد في تعزيز المناعة، والخلاص من البلغم، وفقا لما ذكره الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة في تصريحات خاصة لـ«الوطن».

أهمية المشروبات الساخنة أثناء نزلات البرد

مشروبات الأعشاب الساخنة من عناصر التدفئة الآمنة ورفع المناعة والوقاية من فيروسات الجهاز التنفسي، إذ إنها تفيد في التخلص من احتقان الأنف والجيوب الأنفية، كما يفضل استنشاق بخار الأعشاب قبل شربها لتنشيط الدورة الدموية وزيادة المناعة.

مشروبات ساخنة للتخلص من نزلات البرد

الأعشاب الطبيعية توفر فيتامينات وأملاح معدنية ومضادات أكسدة وألياف وكلها ترفع المناعة فعلاً، وذلك مثل الشاي والزنجبيل مع الليمون المحلى بعسل النحل لتعزيز المناعة، وأيضا تناول شاي بالزنجبيل، فهو مفيد للجيوب الأنفية حيث يوفر مضادات الأكسدة ومضادات الميكروبات ومضادات الالتهابات ومضادات الحساسية الطبيعية، وكذلك شاي البابونج.

أوراق الزعتر من ضمن المشروبات التي تساعد على التخلص من نزلات البرد بكل سهولة، حيث يساعد الزعتر في علاج التهابات الجهاز التنفسي وهو مطهر يساعد على طرد البلغم وتهدئة السعال واحتقان الأنف، وتطهير الحلق، فضلا عن تناول ثمار الشمر وجذر العرقسوس.

لم تقتصر المشروبات التي تساعد على التخلص من نزلات البرد عند هذا الحد، ولكن جاء من ضمنها تناول مشروب الكركم، القرفة، وأيضا الينسون، وكذلك الحلبة، بالإضافة إلى التحلية بعسل النحل، حيث يساعد في علاج احتقان الحلق والحنجرة وإخراج المخاط، وذلك لأن عسل النحل يحتوي على مادة «فوق أكسيد الهيدروجين» التي توقف نمو الكثير من الميكروبات.

مقالات مشابهة

  • حقوق اللاجئين السودانيين
  • تدشين مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء في مديرية جبل راس بالحديدة
  • بالجبن والشوكولاتة والتمر.. طريقة عمل خلية النحل بأكثر من وصفة
  • مخاوف متزايدة من تأثير الشتاء الصحراوي على اللاجئين السودانيين في الكفرة
  • عاصفة قوية تضرب إسطنبول: إلغاء رحلات بحرية وغرق شوارع!
  • «ألماس خام» يحصد جائزة جائزة شادي عبدالسلام لأفضل فيلم بمهرجان القاهرة
  • الغارديان : اللاجئون السودانيون في غابات في إثيوبيا .. أزمة مستمرة
  • عقوب: الأوضاع في الكفرة تتفاقم مع تزايد أعداد اللاجئين السودانيين يوميًا
  • 12 مشروبا احرص على تناولها أثناء الإصابة بالبرد.. «هتتحسن على طول»
  • مصطفى بكري: الأزمات التي تحيط بالمنطقة جعلت الدولة تضع قانونا لتنظيم وجود اللاجئين