بوابة الوفد:
2025-02-22@14:11:14 GMT

الشرطة والباشا

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

بين اللواء حسن أبوباشا واللواء حبيب العادلى، يمكن أن تنعكس نظرة الشرطة لآخر باشوات مصر، محمد فؤاد سراج الدين باشا.
غداة اليوم التالى لوفاة فؤاد سراج الدين أى العاشر من أغسطس عام 2000، وقبل ثلاثة أيام من تشييع الجثمان فى الثالث عشر من أغسطس، هبط اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية السابق من سيارته فى قصر البدراوى، متحاملا على حارسه الخاص بحكم السن وبحكم آثار الرصاص الذى أصابه فى محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1987 التى ارتكبها تنظيم «الناجون من النار».


كان الحزن باديا على الرجل الذى أصر على مصافحة جميع الوفديين، مقدما عزائه فى «الباشا»، وهو عزاء رأيته عرفانا من التلميذ إلى الأستاذ.
وقف اللواء حسن أبوباشا داخل بهو المقر الرئيسى للحزب بالدقى (قصر البدراوى)، باحثا عن أسرة ومحبى أستاذه، ومقدما العزاء للجميع، وهو حدث لم يكن مألوفا فى عهد الرئيس مبارك أن وزير داخلية سابق يزور مقر حزب سياسى معارض.
فهذا حدث جلل، وربما الحدث الأصلى وهو موت «الباشا» كان أكبر، بعدها بثلاثة أيام، أى الثالث عشر من أغسطس، وخلال الجنازة المهيبة لتوديع الباشا، حرص اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، على الصلاة على الجثمان فى مسجد عمر مكرم.
لكن ما إن خرج الجثمان، حتى أشار الوزير بيديه إلى كبار مساعديه بوضع «السلسلة».
على الفور، انطلقت قوات الأمن المركزى بعنف لتنفيذ تعليمات الوزير، ونفذت تطويقا منع الجماهير المحتشدة لتشييع الجنازة عن السير خلف الجثمان، ومهدت الطريق لكبار رجال الدولة لتسير هى خلف الجنازة.
فجر الوزير حبيب العادلى، غضب الوفديين الذين تبعثروا فى ميدان سيمون بوليفار وبجوار مسجد عمر مكرم، وهتفوا ضده، لتتحول الجنازة إلى مظاهرة لم تهدأ إلا بمغادرة رجال الدولة وقتها وترك الجثمان للوفديين الذين تحلقوا حوله جلوسا فى الميدان بجوار فندق شيبرد.
وبين المشهدين، تتكشف رؤية الشرطة لفؤاد باشا سراج الدين، وهى اقتناع كامل بأنه «رمز لوزارة الداخلية».. لكنه رمز مخفى بفعل فاعل.
كان اللواء حسن أبوباشا يمثل ضمير وزارة الداخلية التى ودعها عام 1984، بينما اللواء حبيب العادلى كان يمثل مظهر الوزارة التى كان يجلس على قمتها وظل حتى يناير 2011.
كان «أبوباشا» خارج دائرة الحكم فتصرف بما يمليه عليه الواجب الإنسانى، بينما كان العادلى فى قلب دائرة الحكم فتصرف مرة بالواجب الإنسانى وصلى على الجنازة، ثم تصرف مرة أخرى طبقا لتعليمات رأس الدولة وجعل الأمن المركزى فى مواجهة المشيعين، وأربك الجنازة.
خلال الأيام الأربعة بين الوفاة وتشييع الجثمان إلى مقابر الأسرة فى الإمام الشافعى ليستقر «الباشا» بجوار قبر الزعيم مصطفى النحاس، كانت الضغوط تتواصل على الأسرة للسماح بجنازة رسمية يحضرها الرئيس مبارك.
لكن الأسرة رفضت، وطلبت أن تترك وداع الباشا للوفديين ومحبيه فى جنازة شعبية، معتذرة عن عدم الموافقة على جنازة رسمية.
فالدولة لم تكرم صاحب عيد الشرطة وهو حى يرزق، فما الفائدة من تكريمه وهو فى طريقه إلى القبر؟
كان فؤاد سراج الدين وزيرا للداخلية وقت أن تخرج الرئيس من الكلية الجوية فى مارس 1950، وربما ثمة ارتباط نفسى سابق على الارتباط السياسى بين الرئيس مبارك وفؤاد سراج الدين، إذ كان الباشا محل تقدير من الرئيس منذ أن واجه الوفد الإنجليز فى حكومته الأخيرة بداية الخمسينيات، ومشاركة الشرطة فى هذا الكفاح المسلح الذى كان ظاهرا للشعب والإنجليز وانتهى بذروة التصدى للإنذار البريطانى يوم 25 يناير 1952.
ليس ذلك فقط، بل إن اللقاء الأول الذى جمع مبارك وفؤاد سراج الدين، كان تاريخيا.
فقبل شهر من استشهاد الرئيس السادات، أصدر قراراته الشهيرة المعروفة بـ «اعتقالات سبتمبر»، وشملت رموزا منهم البابا شنودة ومحمد حسنين هيكل، والشيخ المحلاوى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وعلى رأس القائمة فؤاد سراج الدين.
وعقب الاغتيال، وتنصيب الرئيس حسنى مبارك، سعى لإحداث انفراجة وأفرج عن المعتقلين، واستقبلهم فى قصر القبة.
وطلبت رئاسة الجمهورية وقتها من المعتقلين المفرج عنهم، اختيار من يتحدث عنهم خصوصا أن المعتقلين كانوا من الإخوان والشيوعيين والناصريين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، أى خليط لا يمكن أن يتفق.
لكن هذا الخليط المتنافر، وقبل أن يدخل على الرئيس مبارك، اتفق على تفويض فؤاد سراج الدين للتحدث باسمهم.. ولم لا وهو السياسى الجامع النزيه.
كانت الندية هى عنوان اللقاء، وربما كان اللقاء تمهيدا لأجواء شبه ديمقراطية أفرزت برلمانى 1984 و1987، اللذان كانت تجربتهما أرحم كثيرا من مجالس 1990 - 2010.
فيكفى أن نعرف أن أحد أشقاء الرئيس مبارك، أدرج على قائمة الوفد فى انتخابات 1984، وعندما غضب الرئيس مبارك الذى كان رئيسا للحزب الوطنى الحاكم، رد الباشا قائلا: «الوفد لا يمكن أن يطرد ضيفا طرق بابه».
كان الباشا كبيرا بأخلاقه ونزاهته وتاريخه، ولذلك كان الرئيس مبارك يرغب فى حضور جنازة رسمية، ربما لتوجيه رسائل للخارج.. لكن الأسرة فضلت الجنازة الشعبية، من الشعب وإلى الشعب.
كان غالبية وزراء الداخلية السابقين فى الجنازة، اللواء حسن أبوباشا واللواء محمد عبدالحليم موسى واللواء حسن الألفى، عدا اللواء زكى بدر الذى غيبه الموت قبلها بثلاث سنوات، وكانت له واقعة مخزية ضد الوفد فى الثمانينيات.
كانت الدولة حاضرة فى ممثل الرئيس ياوره الخاص والدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة وحبيب العادلى وزير الداخلية ووزراء آخرين، ووفود دولية منها الصادق المهدى رئيس وزراء السودان السابق.
وانتهت الجنازة، لكن لا يزال اسم فؤاد سراج الدين غائبا عن التكريم الرسمى حتى فى ذكرى عيد الشرطة 1952.
انتهت الجنازة ولم تنتهى السيرة والمسيرة، ونتمنى أن يحمل عيد الشرطة المقبل تكريم اسم فؤاد سراج الدين.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عيد الشرطة فؤاد سراج الدین الرئیس مبارک

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك: الشباب أهم مواردنا وتمكينهم أساس نهضتنا

أبوظبي: «الخليج»
قال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، إن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً يشكلون أكثر من نصف عدد السكان في دولة الإمارات، ما يجعل تمكينهم أساساً لنهضتنا الوطنية، ولذا فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، يؤكد لنا دائماً أن الشباب هم أهم مواردنا الوطنية، ولهذا، تعتمد خطط الدولة على التعاون بين كافة الجهات المعنية، من الأسر والمدارس والقطاعين الحكومي والخاص، لضمان إعداد الشباب للمستقبل بنجاح.
جاء ذلك خلال كلمة الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، في افتتاح فعاليات المؤتمر الدولي الثاني لحوار الحضارات والتسامح، الذي ينظمه مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات بالتعاون مع وزارة التسامح والتعايش، تحت شعار «تمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح»، والذي انطلقت أنشطته أمس بحضور العلامة عبدالله بن بيّه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، رئيس منتدى أبوظبي للسلم، وعفراء الصابري مدير عام وزارة التسامح والتعايش، وأكثر من 100 من المتحدثين الدوليين و5000 مشارك من ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والهيئات الحكومية، والأكاديميين، من أكثر من 70 دولة، إضافة إلى 200 ورقة بحثية حول بحوث التسامح والتعايش، و10 عروض موسيقية وفنية تمثل تنوع الحضارات وتعزز رسالة السلام والتسامح حول العالم.
وأكد الشيخ نهيان بن مبارك، أن البحث العلمي في مجال التسامح يشكل حجر الأساس في وضع مبادرات فعالة تعزز القيم الإنسانية وتؤثر إيجاباً في الأفراد والمجتمعات، مشدداً على دور المشاركين في المؤتمر في إثراء الوعي المحلي والإقليمي والعالمي حول التسامح والأخوة الإنسانية ودورهما في تشكيل مستقبل المجتمعات البشرية.
وحول شعار المؤتمر لهذا العام، قال إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، يؤكد لنا دائماً أن الشباب هم المستقبل وهم أهم مواردنا الوطنية، وركز على أهمية إعداد الشباب ليكونوا عناصر فاعلة في المجتمع العالمي، من خلال تنمية مهاراتهم الفكرية والإبداعية، وتعزيز قدرتهم على التعامل مع التحديات واستثمار الفرص.
وأوضح أن «عام المجتمع» يعكس التزام الدولة بمواصلة الجهود الرامية لتمكين الشباب عبر التعليم والمهارات اللازمة ليكونوا مواطنين نشطين ومسؤولين، وتعزيز الهوية الوطنية من خلال ترسيخ الفخر بالثقافة والتراث العربي والإسلامي، وتمكين الشباب اقتصادياً عبر توفير الفرص والبرامج التي تضمن مشاركتهم الفعالة في سوق العمل.
وتطرق الشيخ نهيان بن مبارك إلى الدور الذي يلعبه الشباب في بناء مجتمع عالمي متسامح، مشيراً إلى أن التنوع الثقافي الذي يميز دولة الإمارات يشكل فرصة كبيرة لهم لفهم القيم الإنسانية المشتركة والانفتاح على الآخرين، كما أكد على دور المرأة الإماراتية في التنمية الوطنية، موضحاً أن تمكين المرأة في الإمارات بات حقيقة واقعة.
من جانبه قال عبدالله بن بيّه، إن الحديث عن الحوار ليس تَرَفاً ولا فضولاً، وإنما هو من صميم واجب الوقت، المتعين على الجميع النهوض به، على مختلف المستويات، وضمن دوائر التأثير المتعددة، ويكتسي الحوار أهمية كبرى ويصبح ضرورة قصوى في عصرنا الحاضر الذي تواجه فيه البشرية تحديات وجودية من قبيل الحروب والنزاعات والأوبئة والمجاعات، فالبشرية اليوم في أمس الحاجة إلى تبني الحوار نهجاً وتطبيقه سبيلاً لإنقاذ سفينة البشرية وحماية كوكب الأرض. وأوضح أن الحوار وسيلة مطلوبة في كل الظروف وعلى مختلف المستويات، وأنه ضرورة قبل الحرب لتجنّبها، وأثناء الحرب لإيقافها، وبعد الحرب للتخفيف من آثارها، وضمانِ عدم عودتها.
من جانبه قال الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس مجلس أمناء مركز باحثي الإمارات، إن مشاركة نخبة من الشخصيات الدولية لمناقشة القضايا العالمية ذات العلاقة بالتسامح والتعايش تعطي ثقلاً كبيراً لهذا المؤتمر، الذي يشرف برعاية الشيخ نهيان بن مبارك له.
وأطلق مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات «منصة التعايش»، وهي أول منصة رقمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي تهدف لنشر رؤية قيادة دولة الإمارات في قضية الحوار والتسامح، وبتقديم الدكتور فواز حبال، أمين عام مركز باحثي الإمارات ورئيس المؤتمر، والدكتور فراس حبال، رئيس مركز الإمارات للبحوث والدراسات، ونائب رئيس مجلس الأمناء. وكرّمت وزارة التسامح والتعايش، مركز تريندز للبحوث والاستشارات، ومنحته جائزة التسامح لعام 2025 وذلك خلال حفل افتتاح أعمال المؤتمر.
السيد الهاشمي: الإمارات نموذج عالمي في تعزيز التعايش
أكد السيد علي بن السيد عبد الرحمن الهاشمي مستشار الشؤون القضائية والدينية بديوان الرئاسة أن الحوار الهادف يُعد حجر الزاوية في الحفاظ على الحقوق ويشكل عنصراً أساسياً في تلبية احتياجات العيش المشترك وتحقيق المصالح المتبادلة، مشيراً إلى أن الإمارات نموذج عالمي في تعزيز قيم التسامح والتعايش.
وأوضح، خلال مشاركته في مؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي الذي انطلقت فعالياته، أمس، في المنامة، تحت عنوان «أمةٌ واحدةٌ ومصيرٌ مشتركٌ»، أن هذا المؤتمر ضرورة روحانية وأخلاقية وثقافية تساهم في تعزيز قيم الاحترام المتبادل وتقوية الروابط الإنسانية بين الشعوب، وتعبر عن رؤية الإمارات بشأن تعزيز الوحدة والتسامح بين الأديان والمجتمعات.
وقال إن دولة الإمارات من أبرز النماذج في تعزيز الوحدة والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، وتمثل نموذجاً يُحتذى به في المنطقة والعالم، وشهدت بفضل رؤية المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نهضة كبيرة في شتى المجالات من السياسة إلى الاقتصاد وصولاً إلى الثقافة والتعليم.
(وام)

مقالات مشابهة

  • وزير الداخلية: تضحيات رجال الشرطة ستظل محل فخر واعتزاز لنا جميعاً.. فيديو
  • جنازة نصر الله.. تفاصيل مراسم التأبين ومكان الدفن
  • حزب الله يستعد لإقامة جنازة نصر الله بالضاحية الجنوبية
  • رئيس جامعة الأزهر يؤم المصلين في صلاة الجنازة على مسئول بـ جاكرتا
  • الرشايدة -مراجعة مبارك مبروك سليم
  • بتهم النصب والاحتيال وترويج عملة مزيفة.. القبض على متهمين اثنين بكركوك
  • نهيان بن مبارك: الشباب أهم مواردنا وتمكينهم أساس نهضتنا
  • نهيان بن مبارك: الشباب أهم مواردنا الوطنية
  • مسلسل حكيم باشا.. صراع على «ميراث حرام» من تجارة الآثار
  • عكس العام الماضي.. صراع بين سهر الصايغ ومصطفى شعبان في مسلسل «حكيم باشا»