بوابة الوفد:
2024-09-13@15:26:14 GMT

الشرطة والباشا

تاريخ النشر: 26th, August 2024 GMT

بين اللواء حسن أبوباشا واللواء حبيب العادلى، يمكن أن تنعكس نظرة الشرطة لآخر باشوات مصر، محمد فؤاد سراج الدين باشا.
غداة اليوم التالى لوفاة فؤاد سراج الدين أى العاشر من أغسطس عام 2000، وقبل ثلاثة أيام من تشييع الجثمان فى الثالث عشر من أغسطس، هبط اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية السابق من سيارته فى قصر البدراوى، متحاملا على حارسه الخاص بحكم السن وبحكم آثار الرصاص الذى أصابه فى محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1987 التى ارتكبها تنظيم «الناجون من النار».


كان الحزن باديا على الرجل الذى أصر على مصافحة جميع الوفديين، مقدما عزائه فى «الباشا»، وهو عزاء رأيته عرفانا من التلميذ إلى الأستاذ.
وقف اللواء حسن أبوباشا داخل بهو المقر الرئيسى للحزب بالدقى (قصر البدراوى)، باحثا عن أسرة ومحبى أستاذه، ومقدما العزاء للجميع، وهو حدث لم يكن مألوفا فى عهد الرئيس مبارك أن وزير داخلية سابق يزور مقر حزب سياسى معارض.
فهذا حدث جلل، وربما الحدث الأصلى وهو موت «الباشا» كان أكبر، بعدها بثلاثة أيام، أى الثالث عشر من أغسطس، وخلال الجنازة المهيبة لتوديع الباشا، حرص اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، على الصلاة على الجثمان فى مسجد عمر مكرم.
لكن ما إن خرج الجثمان، حتى أشار الوزير بيديه إلى كبار مساعديه بوضع «السلسلة».
على الفور، انطلقت قوات الأمن المركزى بعنف لتنفيذ تعليمات الوزير، ونفذت تطويقا منع الجماهير المحتشدة لتشييع الجنازة عن السير خلف الجثمان، ومهدت الطريق لكبار رجال الدولة لتسير هى خلف الجنازة.
فجر الوزير حبيب العادلى، غضب الوفديين الذين تبعثروا فى ميدان سيمون بوليفار وبجوار مسجد عمر مكرم، وهتفوا ضده، لتتحول الجنازة إلى مظاهرة لم تهدأ إلا بمغادرة رجال الدولة وقتها وترك الجثمان للوفديين الذين تحلقوا حوله جلوسا فى الميدان بجوار فندق شيبرد.
وبين المشهدين، تتكشف رؤية الشرطة لفؤاد باشا سراج الدين، وهى اقتناع كامل بأنه «رمز لوزارة الداخلية».. لكنه رمز مخفى بفعل فاعل.
كان اللواء حسن أبوباشا يمثل ضمير وزارة الداخلية التى ودعها عام 1984، بينما اللواء حبيب العادلى كان يمثل مظهر الوزارة التى كان يجلس على قمتها وظل حتى يناير 2011.
كان «أبوباشا» خارج دائرة الحكم فتصرف بما يمليه عليه الواجب الإنسانى، بينما كان العادلى فى قلب دائرة الحكم فتصرف مرة بالواجب الإنسانى وصلى على الجنازة، ثم تصرف مرة أخرى طبقا لتعليمات رأس الدولة وجعل الأمن المركزى فى مواجهة المشيعين، وأربك الجنازة.
خلال الأيام الأربعة بين الوفاة وتشييع الجثمان إلى مقابر الأسرة فى الإمام الشافعى ليستقر «الباشا» بجوار قبر الزعيم مصطفى النحاس، كانت الضغوط تتواصل على الأسرة للسماح بجنازة رسمية يحضرها الرئيس مبارك.
لكن الأسرة رفضت، وطلبت أن تترك وداع الباشا للوفديين ومحبيه فى جنازة شعبية، معتذرة عن عدم الموافقة على جنازة رسمية.
فالدولة لم تكرم صاحب عيد الشرطة وهو حى يرزق، فما الفائدة من تكريمه وهو فى طريقه إلى القبر؟
كان فؤاد سراج الدين وزيرا للداخلية وقت أن تخرج الرئيس من الكلية الجوية فى مارس 1950، وربما ثمة ارتباط نفسى سابق على الارتباط السياسى بين الرئيس مبارك وفؤاد سراج الدين، إذ كان الباشا محل تقدير من الرئيس منذ أن واجه الوفد الإنجليز فى حكومته الأخيرة بداية الخمسينيات، ومشاركة الشرطة فى هذا الكفاح المسلح الذى كان ظاهرا للشعب والإنجليز وانتهى بذروة التصدى للإنذار البريطانى يوم 25 يناير 1952.
ليس ذلك فقط، بل إن اللقاء الأول الذى جمع مبارك وفؤاد سراج الدين، كان تاريخيا.
فقبل شهر من استشهاد الرئيس السادات، أصدر قراراته الشهيرة المعروفة بـ «اعتقالات سبتمبر»، وشملت رموزا منهم البابا شنودة ومحمد حسنين هيكل، والشيخ المحلاوى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وعلى رأس القائمة فؤاد سراج الدين.
وعقب الاغتيال، وتنصيب الرئيس حسنى مبارك، سعى لإحداث انفراجة وأفرج عن المعتقلين، واستقبلهم فى قصر القبة.
وطلبت رئاسة الجمهورية وقتها من المعتقلين المفرج عنهم، اختيار من يتحدث عنهم خصوصا أن المعتقلين كانوا من الإخوان والشيوعيين والناصريين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، أى خليط لا يمكن أن يتفق.
لكن هذا الخليط المتنافر، وقبل أن يدخل على الرئيس مبارك، اتفق على تفويض فؤاد سراج الدين للتحدث باسمهم.. ولم لا وهو السياسى الجامع النزيه.
كانت الندية هى عنوان اللقاء، وربما كان اللقاء تمهيدا لأجواء شبه ديمقراطية أفرزت برلمانى 1984 و1987، اللذان كانت تجربتهما أرحم كثيرا من مجالس 1990 - 2010.
فيكفى أن نعرف أن أحد أشقاء الرئيس مبارك، أدرج على قائمة الوفد فى انتخابات 1984، وعندما غضب الرئيس مبارك الذى كان رئيسا للحزب الوطنى الحاكم، رد الباشا قائلا: «الوفد لا يمكن أن يطرد ضيفا طرق بابه».
كان الباشا كبيرا بأخلاقه ونزاهته وتاريخه، ولذلك كان الرئيس مبارك يرغب فى حضور جنازة رسمية، ربما لتوجيه رسائل للخارج.. لكن الأسرة فضلت الجنازة الشعبية، من الشعب وإلى الشعب.
كان غالبية وزراء الداخلية السابقين فى الجنازة، اللواء حسن أبوباشا واللواء محمد عبدالحليم موسى واللواء حسن الألفى، عدا اللواء زكى بدر الذى غيبه الموت قبلها بثلاث سنوات، وكانت له واقعة مخزية ضد الوفد فى الثمانينيات.
كانت الدولة حاضرة فى ممثل الرئيس ياوره الخاص والدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة وحبيب العادلى وزير الداخلية ووزراء آخرين، ووفود دولية منها الصادق المهدى رئيس وزراء السودان السابق.
وانتهت الجنازة، لكن لا يزال اسم فؤاد سراج الدين غائبا عن التكريم الرسمى حتى فى ذكرى عيد الشرطة 1952.
انتهت الجنازة ولم تنتهى السيرة والمسيرة، ونتمنى أن يحمل عيد الشرطة المقبل تكريم اسم فؤاد سراج الدين.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: عيد الشرطة فؤاد سراج الدین الرئیس مبارک

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: اغتيال فؤاد شكر أشعل الأوضاع في لبنان

قال العميد إلياس فرحات الخبير العسكري، إن جبهة الجنوب اللبناني مشتعلة منذ الثامن من أكتوبر تحت عنوان «إسناد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة»، وتضمنت تلك الجبهة اشتباكات على طول الحدود من رأس الناقورة على ساحل البحر المتوسط إلى مزارع شبعا، وهي حرب مواقع مستمرة، وكانت تمتد في العمق أحيانا إلى داخل لبنان وإسرائيل.

تصعيد بين حزب الله وإسرائيل ضمن قواعد الاشتباك

وأكد «فرحات» خلال مداخلة هاتفية مع قناة «القاهرة الإخبارية»، أن حزب الله على مدار الحرب وحتى الآن يلتزم بعدم استهداف أهداف مدنية في إسرائيل رغم أن القوات الإسرائيلية استهدفت العديد من المواطنين اللبنانيين، موضحا أن ما أجج الأوضاع حاليا على الجبهة اللبنانية اغتيال إسرائيل لفؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت رغم التطمينات الدولية بعدم استهداف إسرائيل للضاحية.

 وأضاف الخبير العسكري، أنه على الرغم من أن حزب الله رد على اغتيال شكر، وعادت الأوضاع إلى سابقتها إلا أن حاليا توجد حالة من التصعيد ضمن قواعد الاشتباك، حيث تقصف إسرائيل بعنف منطقة الليطاني ووصلت الغارات في بعض الأحيان إلى 15 غارة متتالية، فيما قصف حزب الله معظم المواقع العسكرية الإسرائيلية في منطقة الجليل جنوبا من نهاريا إلى طبريا وصولا إلى الجولان؛ بواسطة الطائرات المسيرة والصواريخ الكاتيوشا والباليستية، ما أدى إلى نزوح نحو 100 ألف إسرائيلي من المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان.

وواصل أن أعداد النازحين الكبيرة من المناطق المتاخمة مع الحدود اللبنانية، خلق مشكلة غير مسبوقة في إسرائيل وتشكل ضغطا على حكومة نتنياهو والمجتمع الإسرائيلي، فضلاً عن الشلل الذي أصاب المصانع الإسرائيلية، وقطاعي السياحة والزراعة.

 

مقالات مشابهة

  • شرف الدين بعد لقائه ميقاتي: الاجواء ايجابية وسيضعها دولة الرئيس على سلم الأولويات
  • ليلة رحيل سراج منير.. ماذا فعل فطين عبد الوهاب بعد دفن شقيقه؟
  • "القومي للمسرح" يحيي ذكرى وفاة سراج منير
  • بالصواريخ والمدافع.. حزب الله يستهدف مواقع الاحتلال
  • وزير الصحة يدشن مخيم الرسول الأعظم الطبي المجاني في مديرية بني الحارث بالأمانة
  • تدشين مخيم الرسول الأعظم الطبي المجاني الثاني في بني الحارث بالأمانة
  • خبير عسكري: اغتيال فؤاد شكر أشعل الأوضاع في لبنان
  • فنان شهير يُنقذ زينة من ورطة “بنات الباشا”
  • فؤاد من إيطاليا: الليبيون فاشلون في كل شىء
  • أجهزة الأمن الحوثية تعلن القبض على قتلة رجل الأعمال فؤاد المسلماني ونجله في صنعاء