بين اللواء حسن أبوباشا واللواء حبيب العادلى، يمكن أن تنعكس نظرة الشرطة لآخر باشوات مصر، محمد فؤاد سراج الدين باشا.
غداة اليوم التالى لوفاة فؤاد سراج الدين أى العاشر من أغسطس عام 2000، وقبل ثلاثة أيام من تشييع الجثمان فى الثالث عشر من أغسطس، هبط اللواء حسن أبوباشا وزير الداخلية السابق من سيارته فى قصر البدراوى، متحاملا على حارسه الخاص بحكم السن وبحكم آثار الرصاص الذى أصابه فى محاولة الاغتيال الفاشلة عام 1987 التى ارتكبها تنظيم «الناجون من النار».
كان الحزن باديا على الرجل الذى أصر على مصافحة جميع الوفديين، مقدما عزائه فى «الباشا»، وهو عزاء رأيته عرفانا من التلميذ إلى الأستاذ.
وقف اللواء حسن أبوباشا داخل بهو المقر الرئيسى للحزب بالدقى (قصر البدراوى)، باحثا عن أسرة ومحبى أستاذه، ومقدما العزاء للجميع، وهو حدث لم يكن مألوفا فى عهد الرئيس مبارك أن وزير داخلية سابق يزور مقر حزب سياسى معارض.
فهذا حدث جلل، وربما الحدث الأصلى وهو موت «الباشا» كان أكبر، بعدها بثلاثة أيام، أى الثالث عشر من أغسطس، وخلال الجنازة المهيبة لتوديع الباشا، حرص اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية فى ذلك الوقت، على الصلاة على الجثمان فى مسجد عمر مكرم.
لكن ما إن خرج الجثمان، حتى أشار الوزير بيديه إلى كبار مساعديه بوضع «السلسلة».
على الفور، انطلقت قوات الأمن المركزى بعنف لتنفيذ تعليمات الوزير، ونفذت تطويقا منع الجماهير المحتشدة لتشييع الجنازة عن السير خلف الجثمان، ومهدت الطريق لكبار رجال الدولة لتسير هى خلف الجنازة.
فجر الوزير حبيب العادلى، غضب الوفديين الذين تبعثروا فى ميدان سيمون بوليفار وبجوار مسجد عمر مكرم، وهتفوا ضده، لتتحول الجنازة إلى مظاهرة لم تهدأ إلا بمغادرة رجال الدولة وقتها وترك الجثمان للوفديين الذين تحلقوا حوله جلوسا فى الميدان بجوار فندق شيبرد.
وبين المشهدين، تتكشف رؤية الشرطة لفؤاد باشا سراج الدين، وهى اقتناع كامل بأنه «رمز لوزارة الداخلية».. لكنه رمز مخفى بفعل فاعل.
كان اللواء حسن أبوباشا يمثل ضمير وزارة الداخلية التى ودعها عام 1984، بينما اللواء حبيب العادلى كان يمثل مظهر الوزارة التى كان يجلس على قمتها وظل حتى يناير 2011.
كان «أبوباشا» خارج دائرة الحكم فتصرف بما يمليه عليه الواجب الإنسانى، بينما كان العادلى فى قلب دائرة الحكم فتصرف مرة بالواجب الإنسانى وصلى على الجنازة، ثم تصرف مرة أخرى طبقا لتعليمات رأس الدولة وجعل الأمن المركزى فى مواجهة المشيعين، وأربك الجنازة.
خلال الأيام الأربعة بين الوفاة وتشييع الجثمان إلى مقابر الأسرة فى الإمام الشافعى ليستقر «الباشا» بجوار قبر الزعيم مصطفى النحاس، كانت الضغوط تتواصل على الأسرة للسماح بجنازة رسمية يحضرها الرئيس مبارك.
لكن الأسرة رفضت، وطلبت أن تترك وداع الباشا للوفديين ومحبيه فى جنازة شعبية، معتذرة عن عدم الموافقة على جنازة رسمية.
فالدولة لم تكرم صاحب عيد الشرطة وهو حى يرزق، فما الفائدة من تكريمه وهو فى طريقه إلى القبر؟
كان فؤاد سراج الدين وزيرا للداخلية وقت أن تخرج الرئيس من الكلية الجوية فى مارس 1950، وربما ثمة ارتباط نفسى سابق على الارتباط السياسى بين الرئيس مبارك وفؤاد سراج الدين، إذ كان الباشا محل تقدير من الرئيس منذ أن واجه الوفد الإنجليز فى حكومته الأخيرة بداية الخمسينيات، ومشاركة الشرطة فى هذا الكفاح المسلح الذى كان ظاهرا للشعب والإنجليز وانتهى بذروة التصدى للإنذار البريطانى يوم 25 يناير 1952.
ليس ذلك فقط، بل إن اللقاء الأول الذى جمع مبارك وفؤاد سراج الدين، كان تاريخيا.
فقبل شهر من استشهاد الرئيس السادات، أصدر قراراته الشهيرة المعروفة بـ «اعتقالات سبتمبر»، وشملت رموزا منهم البابا شنودة ومحمد حسنين هيكل، والشيخ المحلاوى وعبدالمنعم أبوالفتوح، وعلى رأس القائمة فؤاد سراج الدين.
وعقب الاغتيال، وتنصيب الرئيس حسنى مبارك، سعى لإحداث انفراجة وأفرج عن المعتقلين، واستقبلهم فى قصر القبة.
وطلبت رئاسة الجمهورية وقتها من المعتقلين المفرج عنهم، اختيار من يتحدث عنهم خصوصا أن المعتقلين كانوا من الإخوان والشيوعيين والناصريين ورجال الدين المسلمين والمسيحيين، أى خليط لا يمكن أن يتفق.
لكن هذا الخليط المتنافر، وقبل أن يدخل على الرئيس مبارك، اتفق على تفويض فؤاد سراج الدين للتحدث باسمهم.. ولم لا وهو السياسى الجامع النزيه.
كانت الندية هى عنوان اللقاء، وربما كان اللقاء تمهيدا لأجواء شبه ديمقراطية أفرزت برلمانى 1984 و1987، اللذان كانت تجربتهما أرحم كثيرا من مجالس 1990 - 2010.
فيكفى أن نعرف أن أحد أشقاء الرئيس مبارك، أدرج على قائمة الوفد فى انتخابات 1984، وعندما غضب الرئيس مبارك الذى كان رئيسا للحزب الوطنى الحاكم، رد الباشا قائلا: «الوفد لا يمكن أن يطرد ضيفا طرق بابه».
كان الباشا كبيرا بأخلاقه ونزاهته وتاريخه، ولذلك كان الرئيس مبارك يرغب فى حضور جنازة رسمية، ربما لتوجيه رسائل للخارج.. لكن الأسرة فضلت الجنازة الشعبية، من الشعب وإلى الشعب.
كان غالبية وزراء الداخلية السابقين فى الجنازة، اللواء حسن أبوباشا واللواء محمد عبدالحليم موسى واللواء حسن الألفى، عدا اللواء زكى بدر الذى غيبه الموت قبلها بثلاث سنوات، وكانت له واقعة مخزية ضد الوفد فى الثمانينيات.
كانت الدولة حاضرة فى ممثل الرئيس ياوره الخاص والدكتور يوسف والى نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة وحبيب العادلى وزير الداخلية ووزراء آخرين، ووفود دولية منها الصادق المهدى رئيس وزراء السودان السابق.
وانتهت الجنازة، لكن لا يزال اسم فؤاد سراج الدين غائبا عن التكريم الرسمى حتى فى ذكرى عيد الشرطة 1952.
انتهت الجنازة ولم تنتهى السيرة والمسيرة، ونتمنى أن يحمل عيد الشرطة المقبل تكريم اسم فؤاد سراج الدين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عيد الشرطة فؤاد سراج الدین الرئیس مبارک
إقرأ أيضاً:
بعد حديث الرئيس عنه.. من هو الإمام جلال الدين السيوطي؟
كتب- محمد شاكر:
تطرق الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته بحفل تخرج الدورة الثانية لتأهيل أئمة وزارة الأوقاف من الأكاديمية العسكرية المصرية، إلى نموذج ملهم في التاريخ الإسلامي، وهو الإمام جلال الدين السيوطي الذي تمكن وهو في عمر الـ 62 عامًا، من تأليف 1164 مؤلفًا، في زمن لم تكن فيه أدوات الطباعة والنشر متاحة كما هي اليوم، متسائلًا: "كيف استطاع أن يُنجز كل هذا خلال عمره؟".
وأوضح الرئيس أن المغزى لا يكمن في الرقم ذاته، بل في الإخلاص والنية الصافية التي منّ الله بها على هذا العالم، والتي مكنته من تحقيق هذا الإنجاز الهائل، مضيفًا: "نتحدث عنه اليوم بعد مرور أكثر من 500 عام، وهذا دليل على الأثر العميق الذي يمكن أن يتركه الإنسان إذا أخلص".
من هو الإمام السيوطي؟
- الإمام السيوطي يُعدّ من أبرز علماء العصر المملوكي، وهو إمام حافظ، ومفسر، ومؤرخ، وأديب، وفقيه شافعي، حيث تميز هذا العصر بازدهار التأليف الموسوعي.
- وُلد في القاهرة سنة 849 هـ / 1444م، ونشأ في بيئة علمية (والده كان فقيهًا شافعيًا).
- حفظ القرآن صغيرًا، ودرس العلوم الشرعية واللغوية على يد كبار علماء عصره مثل الكمال بن الهمام والعز بن فهد.
- أتقن عدة علوم منذ صغره، كالحديث، التفسير، الفقه، اللغة، والتاريخ.
- عُرف بـ ابن الكتب لكثرة مؤلفاته، في مختلف المجالات ومن أشهرها:
- "تفسير الجلالين" (بالاشتراك مع جلال الدين المحلي).
- "الجامع الصغير" (في الحديث النبوي).
- "تاريخ الخلفاء" (في السيرة والسياسة الإسلامية).
- "الإتقان في علوم القرآن" (مرجع أساسي في علوم القرآن).
- اهتم بجمع العلوم وتصنيفها، فكان موسوعيًا يجمع بين الفقه، الحديث، اللغة، والتاريخ.
- اعتمد على النقل الموثوق مع التحليل والاختصار المفيد.
- دافع عن السنة النبوية وردّ على المشككين في أحاديثها.
- في آخر حياته، اعتزل الناس 40 سنة تقريبًا، وكرّس وقته للتصنيف والعبادة.
- رفض منصب قاضي القضاة أكثر من مرة، مفضلاً العزلة والعلم.
- توفي في القاهرة سنة 911 هـ / 1505م، ودُفن في مقبرة خارج باب القرافة.
- ترك إرثًا علميًا ضخمًا يُدرّس حتى اليوم في الجامعات الإسلامية.
وقال الرئيس السيسي: "العلوم والمعارف اليوم تتسع بشكل غير مسبوق، وأن الدور المستقبلي في عملية التجديد يمكن أن تقوم به مؤسسة كاملة".
وتابع: "نقف على المنابر كثيرا، ونستمع كثيرا، لكن هل يمتد التأثير فعلاً؟ .. الحقيقة إن لم يصاحب الكلام عمل يُجسد هذه القيم، فلن يكون التأثير كافيًا.. الموعظة تنتهي بانتهاء الخطبة، مهما كان تأثيرها، خاصة في زمن لم تعد فيه الذاكرة كما كانت في الماضي، حيث كان القدماء يستطيعون حفظ آلاف الأبيات من الشعر".
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
جلال الدين السيوطي السيسي تخريج دفعة الأئمةتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
بعد حديث الرئيس عنه.. من هو الإمام جلال الدين السيوطي؟
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك