هذا ما سيحصل للبنان في غياب رئيس الجمهورية
تاريخ النشر: 25th, August 2024 GMT
نظريًا يمكن القول إن أزمة رئاسة الجمهورية لم تغب عن الكلام الأميركي والفرنسي العلني والهادف إلى منع توسّع الحرب الإسرائيلية. والملاحظ أن الطرفين لم يدخلا في الأسماء وفي التفاصيل، بل اقتصر كلامهما على ضرورة وجود رئيس قبل أي ترتيب مستقبلي. وهذا ما سبق أن قاله الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وبعده الموفد البابوي أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين عندما زار لبنان مؤخرًا، والذي كشف في لقاءاته البعيدة عن الاعلام قلق قداسة البابا فرنسيس على مستقبل لبنان مع استمرار تغييب دور رئاسة الجمهورية بما ترمز إليه وطنيًا، ما دفعه إلى الاعراب عن خشيته على هوية لبنان بما تعنيه هذه الخشية من ضمور متدرج للدور التاريخي للمسيحيين، من دون أن يكون "الحق دائمًا على الطليان"، بل أن جزءًا كبيرًا من مسؤولية تراجع الدور التاريخي للمسيحيين يعود إلى الخلافات المسيحية – المسيحية وعدم تفاهمهم على الطريقة الأسلم لإنقاذ هذا الدور من الاندثار، وتوازيًا عدم مشاركتهم فعليًا في عملية انقاذ ما يمكن إنقاذه من وطن يتهالك ويتلاشى شيئًا فشيئًا أمام ناظريهم، وهم لا يحرّكون ساكنًا.
فلو كان المسيحيون بكل تلاوينهم، وفي مقدمهم الموارنة والأرثوذكس والكاثوليك، متفقين في ما بينهم أقّله بالنسبة إلى وحدة الحال الرئاسية لما استطاع الآخرون، وبالأخصّ "الثنائي الشيعي"، التأثير على مسرى هذا الاستحقاق، وإن كان وطنيًا وتاليًا مسيحيًا بامتياز، كون رئيس الجمهورية ينتمي دينيًا وعرفًا إلى الطائفة المارونية، ولما كان لبنان يعيش هذا الفراغ القاتل في سدّة المسؤولية الأولى في البلد.
إلاّ أن عودة موضوع رئاسة الجمهورية إلى الحضور في الكلام الأميركي والفرنسي الأخير تجاه لبنان لا يعني بالضرورة أن الانتخابات الرئاسية ستحصل غدًا، لأن الهمّ الأساسي لحركة الموفدين الدوليين إلى لبنان يركّز بالدرجة الأولى على منع توسّع الحرب الإسرائيلية وكبح جماح الردود المتبادلة بين إسرائيل و"حزب الله". وباستثناء اللقاء الذي عقده الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين مع وفد "المعارضة" خلال زيارته الأخيرة للبنان، والذي تناول فيه مع أعضاء الوفد موضوع الاستحقاق الرئاسي، لم نلاحظ أن أيًّا من الموفدين الآخرين تطرق في محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين إلى موضوع الانتخابات الرئاسية، وإن كان "حزب الله"، الذي لا يزال مصرّا على التمسك بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، قد نفى أي علاقة بين الوضعين الغزاوي والجنوبي بالاستحقاق الرئاسي.
أمّا أي كلام رئاسي آخر فلم يخرج عن الأدبيات الديبلوماسية للموفدين الدوليين، إلاّ ما يمكن أن تشكّله الرئاسة اللبنانية من اهتمام أممي، وبالدرجة الأولى فاتيكاني وفرنسي، بالنسبة إلى ارتباط هذه المسألة بمستقبل لبنان، وبالتالي أهمية الدور المسيحي في الحياة السياسية اللبنانية من زاوية علاقاتهم التاريخية مع محيطهم العربي. فإذا كان الكلام الفاتيكاني بالنسبة إلى المسرى الرئاسي أكثر وضوحًا من غيره من المواقف، وبالأخصّ في ما قاله الكاردينال بارولين وهو خارج من "عين التينة"، بعد لقائه الرئيس نبيه بري، فإن ما يتطرق إليه الموفدون الدوليون في زياراتهم للبنان بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي لا يعدو كونه موقفًا مبدئيًا وطبيعيًا، خصوصًا أن ترتيبات المرحلة المقبلة بالنسبة إلى وضعية المنطقة والصيغة التي يمكن التوصّل إليها في محادثات الدوحة - القاهرة، عاجلًا أو آجلًا، تفرض أن يكون على رأس الدولة اللبنانية رئيس للجمهورية.
فما يواجهه لبنان في غياب رئيس الجمهورية، أيًّا كان هذا الرئيس ومن دون الدخول في لعبة أفعال التفضيل، خطير جدًّا. وأخطر ما يمكن أن يحدث هو أن تمرّ المياه الإقليمية من تحت أرجل اللبنانيين وهم مختلفون على "جنس" الرئيس، أو هم غير متفقين حتى على أدق التفاصيل، التي من شأنها أن تنتشل البلاد أقله في الوقت الحاضر من العتمة وتخرجها إلى النور.
ومن الظلمة الدامسة انتقالًا إلى عودة "التيار" إلى بعض من بصيص نور يقف اللبنانيون على قارعة طريق الحلول المتوقعة منتظرين القطار الذي لن يستطيعوا "التعمشق" به لأنهم غير مؤهلين وغير حاضرين، ولأن ليس لديهم رئيس ينطق باسمهم جميعًا إلى طاولة المفاوضات، التي لن يكون لهم فيها مكان إن لم يكن لديهم رئيس منبثق من إرادة وطنية جامعة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: بالنسبة إلى ا یمکن
إقرأ أيضاً:
أول عيد فطر بعد الحرب... هكذا يواجهه اللبنانيون في غياب الأحبة
أول عيد من دون الأحبة"، بهذه الكلمات عبّر أحد أبناء بلدة حولا الجنوبية عن مشاعره مع قدوم أول عيد فطر من دون أقاربه وأصدقائه الذين استشهدوا، والأسرى الذين لا يزالون في الأراضي الإسرائيلية. هذا العيد، بكل أسى، لا يشبه أي عيد مرّ من قبل، فالأوقات التي تلت الحرب لا تشبه تلك التي سبقتها. في قلب كل فرد من أبناء هذه المنطقة، يختلط الألم بالذكريات. فماذا يقول أبناء البلدات الجنوبية الحدودية عن أول عيد فطر بعد الحرب؟ فاطمة مصطفى، ابنة بلدة حولا، التي استشهد ثلاثة من أفراد عائلتها في الأحداث الأخيرة، تحدثت لـ "لبنان 24"، قائلة: "جو رمضان هذا العام يحمل في طياته حرقة وألمًا وفقدانًا، خاصة في بلدتنا التي كنا نعيش فيها هذه الأيام المباركة بكل فرح."
وأضافت: "في السنوات الماضية، كنا في مثل هذا الوقت نتحضر للعيد بتزيين المنازل وشراء الملابس والألعاب للأطفال، وكانت تجمعاتنا العائلية تملأ الأجواء بالبهجة. أما الآن، فإن رمضان يمر وكأنه مجرد أيام عابرة، دون أي انتظار حقيقي للعيد."
وتابعت فاطمة حديثها بصوت مؤثر: "ما أتطلع إليه فعلاً في هذا العيد هو العودة إلى بلدتنا لقضائه فيها بعد أن حُرمت من ذلك لمدة عامين، لكن العودة ستكون صعبة للغاية من دون شهدائنا الثلاثة. الإحساس بعدم الأمان يطغى على كل شيء، خاصة وسط القصف المستمر على البلدات الجنوبيّة. بيتي مدمر، وكذلك منزل جدي الذي كنا نلتقي فيه مع العائلة، والجامع الذي كنا نصلي فيه تعرض أيضًا للتدمير."
ورغم كل هذه التحديات، أضافت فاطمة: "إرادتنا أقوى من كل ما يحدث، ونحن نحاول قدر المستطاع أن نزرع الأجواء الإيجابية والفرح في قلوبنا، رغم كل الظروف الصعبة التي نعيشها".
ومن بلدة حولا الجنوبية إلى صور، تحدثت فتون سرور لـ "لبنان 24" عن أجواء العيد، حيث قالت: "حركة العيد خجولة جدًا. وعندما تجولت اليوم في المنطقة، لاحظت حركة خفيفة للغاية، والأسواق لدينا بدأت تفتح منذ عدة أيام فقط."
وتابعت: "الناس هنا يتعاطفون مع بعضهم البعض، فلا يمكن أن نحتفل بالعيد في وقت يعاني فيه من حولنا. فمثلاً، جارتي كان حفيدها مفقودًا منذ فترة، وقد عثروا عليه منذ أيام قليلة شهيدًا."
وأضافت: "جوّ العيد والطابع العام حزين، لكن ما يميزنا نحن أهل الجنوب هو أنه رغم كل ما مررنا به، لا يزال الناس يبحثون عن الفرح، ويسعون جاهدين لإعادة الأمل."
أما هيام، ابنة بلدة الحلانية في بعلبك، فشرحت لـ "لبنان 24" معاناتهم بعد الحرب، حيث أكدت أنّ "الأوضاع صعبة للغاية، وقد حلّ شهر رمضان علينا هذا العام بحزن. لا يمكننا الاحتفال بالعيد، فكل بيت حولنا فيه شهيد أو شهيدين، وجيراننا وأصدقاء أولادي فقدوا أعزّاءهم."
وأضافت بصوت مثقل بالحزن: "نفوسنا متعبة جدًا، وما زلنا نعيش في أجواء الحرب، ولم نشعر حتى الآن بأي استقرار أو أمان في بلداتنا. الوضع محبط، وكل شيء حولنا يذكرنا بالدمار."
وأشارت إلى التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه الجميع، قائلة: "الوضع الاقتصادي صعب جدًا على الكل، فزوجي عسكري متقاعد، والأسعار ارتفعت بشكل غير معقول، وأصبح تأمين الحاجات الأساسية هو التحدي الأكبر."
وتذكرت الأيام الجميلة التي مضت، حيث أوضحت: "قبل الحرب، كان هناك هدوء وسكينة في البلدة. كنا نلتقي مع نساء الضيعة على السحور، نعدّ "كعك العيد" سويًا، ونقضي الليل في السهر والفرح. أما اليوم، فقد غابت تلك الأجواء، ولم يعد هناك مكان للفرح. حتى تجهيز الثياب والألعاب للأطفال والزينة، كل هذه التفاصيل التي كانت تملأ بيوتنا بالبهجة، أصبحت الآن مجرد ذكريات نتمنى عودتها." حال النساء الثلاثة يعكس واقعًا مريرًا يعايشه تقريبًا جميع أبناء الجنوب وبعلبك والبلدات التي فقدت أحبائها هذا العام. فمع قدوم العيد، تظلّ جراح الفقدان ماثلة في قلوب الجميع، ويحلّ الحزن محلّ الفرح الذي كان يميز هذه المناسبة في السنوات الماضية. فبأي حال عدت، يا عيد؟
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة إحصاء خسائر الحرب الإسرائيلية بغياب مصادر لتمويل إعادة الإعمار Lebanon 24 إحصاء خسائر الحرب الإسرائيلية بغياب مصادر لتمويل إعادة الإعمار 28/03/2025 09:31:42 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 غياب حلفاء "حزب الله": تحوّلات في المشهد السياسي اللبناني Lebanon 24 غياب حلفاء "حزب الله": تحوّلات في المشهد السياسي اللبناني 28/03/2025 09:31:42 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 أول ظهور لفنان شهير بعد غياب طويل.. هل تغير شكله؟ Lebanon 24 أول ظهور لفنان شهير بعد غياب طويل.. هل تغير شكله؟ 28/03/2025 09:31:42 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد غياب فنانة لبنانية شهيرة تعود للساحة.. نحافة ملحوظة وظهرت بجلسة تصوير مثيرة Lebanon 24 بعد غياب فنانة لبنانية شهيرة تعود للساحة.. نحافة ملحوظة وظهرت بجلسة تصوير مثيرة 28/03/2025 09:31:42 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 تابع قد يعجبك أيضاً التوتر يعود إلى الجنوب.. قصف إسرائيلي بعد رصد إطلاق صواريخ (فيديو) Lebanon 24 التوتر يعود إلى الجنوب.. قصف إسرائيلي بعد رصد إطلاق صواريخ (فيديو) 01:32 | 2025-03-28 28/03/2025 01:32:30 Lebanon 24 Lebanon 24 إطلاق نار على محل ألعاب في باب الرمل Lebanon 24 إطلاق نار على محل ألعاب في باب الرمل 03:24 | 2025-03-28 28/03/2025 03:24:22 Lebanon 24 Lebanon 24 في 5 نيسان... وضع الحجر الأساس في مكتبة بعقلين لأكبر كتاب في العالم Lebanon 24 في 5 نيسان... وضع الحجر الأساس في مكتبة بعقلين لأكبر كتاب في العالم 03:10 | 2025-03-28 28/03/2025 03:10:40 Lebanon 24 Lebanon 24 وزير الزراعة جال في المؤسسات الرقابية والإدارية لتعزيز التعاون والتنسيق Lebanon 24 وزير الزراعة جال في المؤسسات الرقابية والإدارية لتعزيز التعاون والتنسيق 03:06 | 2025-03-28 28/03/2025 03:06:18 Lebanon 24 Lebanon 24 ماذا سيحّل بلبنان إذا رفض الضغوطات الخارجية عليه؟ Lebanon 24 ماذا سيحّل بلبنان إذا رفض الضغوطات الخارجية عليه؟ 03:00 | 2025-03-28 28/03/2025 03:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة دخلت في غيبوبة.. نقل فنانة شهيرة إلى العناية المركزة بعد تعرضها لأزمة صحية حادة (صورة) Lebanon 24 دخلت في غيبوبة.. نقل فنانة شهيرة إلى العناية المركزة بعد تعرضها لأزمة صحية حادة (صورة) 05:20 | 2025-03-27 27/03/2025 05:20:39 Lebanon 24 Lebanon 24 لهذا السبب تم استدعاء كريم سعيد Lebanon 24 لهذا السبب تم استدعاء كريم سعيد 08:10 | 2025-03-27 27/03/2025 08:10:00 Lebanon 24 Lebanon 24 غادر موقع التصوير.. هذا ما حصل مع بطل مسلسل "طائر الرفراف" التركي Lebanon 24 غادر موقع التصوير.. هذا ما حصل مع بطل مسلسل "طائر الرفراف" التركي 05:57 | 2025-03-27 27/03/2025 05:57:27 Lebanon 24 Lebanon 24 لم يُحقق النجاح المطلوب.. هل فشلت دانييلا رحمة في "نفس"؟ Lebanon 24 لم يُحقق النجاح المطلوب.. هل فشلت دانييلا رحمة في "نفس"؟ 04:38 | 2025-03-27 27/03/2025 04:38:08 Lebanon 24 Lebanon 24 بعدما خانها تيم حسن وتزوج عليها.. شاهدوا رد فعل كاريس بشار (فيديو) Lebanon 24 بعدما خانها تيم حسن وتزوج عليها.. شاهدوا رد فعل كاريس بشار (فيديو) 04:22 | 2025-03-27 27/03/2025 04:22:56 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب إليانا ساسين - Eliana Sassine أيضاً في لبنان 01:32 | 2025-03-28 التوتر يعود إلى الجنوب.. قصف إسرائيلي بعد رصد إطلاق صواريخ (فيديو) 03:24 | 2025-03-28 إطلاق نار على محل ألعاب في باب الرمل 03:10 | 2025-03-28 في 5 نيسان... وضع الحجر الأساس في مكتبة بعقلين لأكبر كتاب في العالم 03:06 | 2025-03-28 وزير الزراعة جال في المؤسسات الرقابية والإدارية لتعزيز التعاون والتنسيق 03:00 | 2025-03-28 ماذا سيحّل بلبنان إذا رفض الضغوطات الخارجية عليه؟ 02:45 | 2025-03-28 تركت "التيار" لعدم الاحراج فيديو "فرّ" من الجيش.. فنان لبناني شهير يكشف تفاصيل عن حياته وهذا ما قاله عن فضل شاكر (فيديو) Lebanon 24 "فرّ" من الجيش.. فنان لبناني شهير يكشف تفاصيل عن حياته وهذا ما قاله عن فضل شاكر (فيديو) 04:59 | 2025-03-25 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 برج إيفل مُغطى بحجاب.. إعلان في فرنسا يؤدي لانقسامات ثقافية ودينية (فيديو) Lebanon 24 برج إيفل مُغطى بحجاب.. إعلان في فرنسا يؤدي لانقسامات ثقافية ودينية (فيديو) 02:50 | 2025-03-25 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 "خايفة عالبقاع".. ماغي فرح تؤكد ان الحرب لم تنتهِ بعد وهذا ما قالته عن الوضع في لبنان (فيديو) Lebanon 24 "خايفة عالبقاع".. ماغي فرح تؤكد ان الحرب لم تنتهِ بعد وهذا ما قالته عن الوضع في لبنان (فيديو) 00:43 | 2025-03-25 28/03/2025 09:31:42 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد رمضانيات عربي-دولي فنون ومشاهير متفرقات Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24