لم أحضر مطلقا الجيم نفسه الذي يذهب إليه إريك درينكووتر، عالم الرياضة بجامعة ديكين في ملبورن، أستراليا. في الواقع، يفصل بيننا أكثر من 1000 كيلومتر، ولكن بمجرد أن بدأنا الحديث عبر الهاتف، اكتشفنا أننا نتشارك المدربين الرياضيين نفسهم، الموجودين على الجانب الآخر من العالم في لوس أنجلوس.

نحن مجرد اثنين من مجموعة متنامية تتدرب عبر الإنترنت مع مدربين لم يقابلوهم من قبل، بعيدا عن جداول المواعيد والأماكن.

هذه ظاهرة كانت تنتظر الانفجار منذ ظهور الإنترنت والأجهزة الذكية، وقد قدم وباء كوفيد-19 الدافع لها للانفجار. ففي عام 2016، تم تنزيل تطبيقات اللياقة البدنية أكثر من 200 مليون مرة. وفي عام 2022، في أعقاب الوباء، وصل الرقم إلى ما يقرب من 900 مليون، مع انخفاض طفيف فقط في العدد في عام 2023. فقد أُجبر عدد كبير من الصالات الرياضية على الإغلاق مؤقتا مع انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، ولكن عندما أعيد فتحها، تغيرت أنظمة التمرين لدى الكثير من الناس، ولم يعد البعض -مثلي- إليها أبدا.

لكن هل يفرق الأمر إذا كنت تمارس الرياضة بمفردك في المنزل بدلا من ممارستها مع مجموعة أو في صالة رياضية مزدحمة؟ هناك العديد من الفوائد الموثقة لممارسة التمارين الرياضية جنبا إلى جنب مع الآخرين. يقول درينكووتر: «الجانب الاجتماعي للتدريب البدني مهم بالنسبة للعديدين». على سبيل المثال، وجدت دراسة أجرتها إيما كوهين بجامعة أكسفورد وزملاؤها في عام 2021 أن الطبيعة الاجتماعية لممارسة الرياضة مع الآخرين في سباقات الجري المجتمعية المجانية التي تبلغ مسافتها 5 كيلومترات والتي تقام حول العالم، ارتبطت بمتعة أكبر، والتي بدورها ارتبطت بأوقات جري أسرع دون زيادة مقابلة في المجهود المتصور.

يحدث الكثير مما يسمح لنا بالشعور بالارتباط بالآخرين خارج وعينا، من خلال محاذاة أجسادنا وتعبيراتنا وحركاتنا، كما تقول كوهين. «يمكن أن يسهل هذا الشعور القوي بالوحدة أو الاتصال». وتضيف: وبما أن التواصل الاجتماعي هو عادة تجربة ممتعة، فإن هذا يمكن أن يعزز متعة النشاط، مما يحفزنا على الاستمرار فيه.

ولكن أولئك منا الذين يمارسون الرياضة فقط برفقة مدرب عبر الإنترنت لا يفقدون بالضرورة هذه الروابط. يقول درينكووتر: «هذا هو الحد العلمي الأكثر إثارة للاهتمام والذي لم يتم استكشافه بعد لامتلاك جهاز آيباد كمدرب وهو بناء وهم أن المستخدم جزء من مجموعة». على سبيل المثال، يقدم التطبيق الذي يستخدمه كل منا مجموعة من المدربين الذين يمكننا الاختيار من بين جلساتهم المسجلة مسبقا، والتي يخالطها المزاح والتشجيع.

الشيء الذي حيرني، لكنه جعل دروس التمرين عبر الإنترنت مستدامة، هو الاتصال غير المتوقع الذي أشعر به مع هؤلاء المدربين. يُعرف هذا تقنيا باسم العلاقة الطفيلية، وهو شعور بالارتباط بشخص لا يعرف أنك موجود - وهو شيء تستفيد منه المنصات عبر الإنترنت التي تقدم مدربين متنوعي الشخصيات والخلفيات حتى يتمكن الجميع من العثور على شخص لديه علاقة معه. تقول نيام موندي، أيضا بجامعة ديكين: «كلما عززت هذه التطبيقات الشعور بالاتصال، كان الالتزام أفضل».

يمكن أن يساعد هذا في الإجابة على سؤال آخر يدور في ذهني وذهن درينكووتر: لماذا نبذل قصارى جهدنا في الفصول الدراسية عبر الإنترنت، على الرغم من أن المدرب لا يستطيع رؤيتنا؟ يقول درينكووتر: «أنا فقط والدراجة، لكنني دائما أعمل بجد أكبر مما لو كنت أتبع برنامجا صممته بنفسي، على الرغم من أن المدرب لا يستطيع رؤية مقدار التعرق الذي أبذله».

يمكن أن يعزى هذا الدافع إلى ما يسميه علماء النفس تأثير هوثورن، حيث يزيد الناس من أدائهم عندما يشعرون بأنهم مراقبون. من أجل الاستفادة من هذا، تحتوي بعض تطبيقات اللياقة البدنية على ميزات تقيم أداءك مع الآخرين الذين يتابعون البرنامج نفسه - على سبيل المثال، «شريط حرق» يوضح كيف يقارن معدل ضربات قلبك مع الآخرين الذين أخذوا الفئة نفسها.

يمكن أن تتجاوز فصول اللياقة البدنية عبر الإنترنت أيضا بعض السلبيات المرتبطة بممارسة الرياضة مع الآخرين، مثل الشعور بالخجل من كونك الأسوأ في المجموعة أو التفكير في أنك غير مناسب للمقاس. أحب اليوجا، على سبيل المثال، لكنني أجد الفصول الدراسية وجها لوجه مخيفة لأنني لست مرنا. يعني ممارسة اليوجا عبر الإنترنت أنه يمكنني العمل على حركاتي دون إحراج أو خوف من الحكم.

تقول كوهين إن تطبيقات اللياقة البدنية التي تعيد إنشاء مكونات التواصل الاجتماعي والترابط، مع تقليل الآثار السلبية للمقارنة الاجتماعية التي يمكن أن تحدث في إعدادات المجموعات في العالم الحقيقي، ستستحوذ على بعض فوائد التدريب الجماعي الشخصي.

وبينما تعد وتيرة التغيير في صناعة اللياقة البدنية مذهلة، علينا أن نتوقع الأكثر. تقول موندي: «هذه المساحة تتطور بسرعة.. والمدربون من الذكاء الاصطناعي على وشك الظهور». ومن يدري ما الذي يمكننا فعله حين نتمكن من ممارسة الرياضة في الواقع الافتراضي مع مدرب تم إنشاؤه بشكل مصطنع - مصمم خصيصا لشخصيتنا وخلفيتنا الثقافية واحتياجاتنا التدريبية؟

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اللیاقة البدنیة على سبیل المثال عبر الإنترنت مع الآخرین یمکن أن فی عام

إقرأ أيضاً:

الهواتف المحمولة قد يكون لها دور.. السويد أول دولة أوروبية تشهد تراجعا لسرطان الجلد بين الشباب

تراجعت معدّلات الإصابة بسرطان الجلد بين الشباب في السويد للمرة الأولى بعدما كانت تشهد زيادة طوال عقود، وباتت الدولة الإسكندنافية أول بلد في أوروبا يسجّل تقدمًا كهذا، وفق دراسة نُشرت الاثنين.

وأوضحت هيلدور هيلغادوتير، المُعدّة الرئيسية للدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "غاما ديرماتولوجي" الطبية الأستاذة المساعدة في علم الأورام بمعهد كارولينسكا، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن انخفاضا في خطر الإصابة بسرطان الجلد سُجّل لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاما.

ورجّحت أن يكون هذا الانخفاض عائدًا بدرجة كبيرة إلى زيادة الوعي بالحاجة إلى حماية البشرة من الشمس وقلة اللجوء إلى مقصورات التشمس الاصطناعي.

ولاحظت أن "انعكاسًا واضحًا وكبيرًا للاتجاه حصل قرابة عام 2015".

وشرحت أن "زيادة (في سرطان الجلد) بمتوسط 5% سنويا كانت تُسجّل قبل عام 2015 لدى الأشخاص الثلاثينيين. ولكن منذ عام 2015، انخفضت هذه النسبة بمعدل 5% سنويا".

وأضافت أن معدّل الإصابة بسرطان الجلد "يزيد بنسبة 5% على الأقل سنويا" لدى من هم فوق الخمسين، "وتتسارع الزيادة مع التقدم في العمر".

ومع أن الباحثين لم يحللوا أسباب انخفاض معدلات الإصابة بسرطان الجلد، فإنهم رأوا أن عوامل رئيسية عدة أدّت دورا في ذلك.

الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر

فبالإضافة إلى تحسّن الحماية، ساهم في هذا الانخفاض تحديد السن الدنيا لاستخدام مقصورات التشمس الاصطناعي في السويد بـ18 عاما عام 2018، إضافة إلى تراجع بدأ قبل ذلك بكثير في عدد هذه المقصورات.

كذلك رأت هيلغادوتير أن الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر قد تكون أدّت أيضا إلى تراجع الإصابات، نظرا إلى أن الشباب باتوا يمضون وقتًا أطول في الداخل وبالتالي اصبحوا أقل تعرضا لأشعة الشمس. لكنّ هذا الاتجاه أحدث زمنيا و"ليس له بعد تأثير كبير".

وفيما يتعلق بالوفيات الناجمة عن سرطان الجلد، لوحظ أن الانخفاض واضح حتى سن 59 عاما ولكن ليس بالنسبة لأولئك الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما.

ويعزى الانخفاض في معدل الوفيات بين الفئات الأصغر سنا إلى انخفاض معدل الإصابة بسرطان الجلد واعتماد أدوية جديدة مضادة للسرطان أدت إلى تحسين تشخيص المرض.

وقال الباحث إن معدل الوفيات بين كبار السن لا يتناقص لأن معدل الإصابة بالمرض لا يزال مرتفعا جدا.

مقالات مشابهة

  • البورصة تكسب 5 مليارات جنيه في بداية التداولات
  • كتلة سياسية وسطية تلوح في الأفق… فمن يكون المؤسس؟!
  • "ليزر" هاريس و"فزع" ترامب.. ماذا تقول لغة الجسد عن المناظرة؟
  • شات عربي.. تجربة دردشة مبتكرة وآمنة للتواصل مع الآخرين
  • ماركا الإسبانية: إبراهيم.. هل يكون الكرة الذهبية الأفريقية التالية للمغرب؟
  • خالد الصاوي لن يكون بديلاً لأي فنان في “المداح”.. إليكم التفاصيل
  • العمل تكشف اهداف البحث الاجتماعي للمتسولين: لن يكون هناك غير مستحق - عاجل
  • موريتانيا: لن نحرس حدود الآخرين
  • تحت شعار "صيف شبابنا" مركز تدريب اللياقة البدنية ببورسعيد يواصل نشاطه لتطوير مهارات الشباب
  • الهواتف المحمولة قد يكون لها دور.. السويد أول دولة أوروبية تشهد تراجعا لسرطان الجلد بين الشباب