أغسطس 19, 2024آخر تحديث: أغسطس 19, 2024

lحمد الربيعي

عرضت مؤخرا التجربة البريطانية في التعليم، والتي يتميز نظامها بتعليم الطلاب المهارات الأساسية والتركيز على التفكير النقدي وحل المشكلات والتعلم التعاوني والتقييم المستمر وخلق بيئة محفزة للعمل (مصدر 1). في هذه الحلقة، التي تغير عنوانها قليلا، سانتقل الى تجربة مختلفة تماما، وهي تجربة الصين، لاستعراض ايجابياتها وسلبياتها، وساتطرق باختصار الى عملية الاصلاح الجارية.

يمتاز النظام التعليمي الصيني بالعديد من الايجابيات، مثل التركيز على التفوق الاكاديمي والانضباط والهيكلية. ومع ذلك، يواجه ايضا تحديات مثل الضغط العالي على الطلاب والاعتماد على الحفظ والتلقين. هناك اتجاه نحو تحقيق توازن بين التفوق الاكاديمي وتطوير مهارات التفكير النقدي والابداعي لضمان نجاح الطلاب في المستقبل.

الايجابيات

يتميز النظام التعليمي الصيني بتركيزه الكبير على التفوق الأكاديمي، خاصة في المواد الأساسية مثل الرياضيات والعلوم واللغات، مما يساعد الطلاب على تحقيق نتائج ممتازة في المسابقات والاختبارات الدولية. يتصف هذا النظام بانضباطه وهيكليته الصارمة، مما يعزز مهارات إدارة الوقت والانضباط والتنظيم لدى الطلاب، وهي مهارات أساسية للنجاح الأكاديمي والمهني في المستقبل. ويتم إعطاء أهمية كبيرة للمواد الأساسية مثل العلوم والرياضيات واللغات، مما يوفر للطلاب أساسًا أكاديميا قويا يمكنهم البناء عليه في مسيرتهم الأكاديمية والمهنية. بالإضافة إلى ذلك، يولي النظام التعليمي الصيني أهمية كبيرة لتعليم مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة  (STEM)، مما يساعد الطلاب على التأهل للعمل في مجالات ذات طلب عالٍ مثل التكنولوجيا والهندسة. تنجح الصين أيضا في خلق أبطال رياضيين من خلال برامج رياضية متخصصة منذ سن مبكرة، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتحسين الأداء، والتوازن بين التعليم والرياضة، والدعم الحكومي الكبير. هذه الاستراتيجيات المتكاملة تساعد في تحقيق نجاحات رياضية كبيرة رغم التركيز على التعليم الأكاديمي والضغط العالي على الطلاب.

السلبيات

النظام التعليمي الصيني معروف بضغطه العالي والمنافسة الشديدة بين الطلاب، مما يؤدي إلى مستويات عالية من التوتر والقلق، ويؤثر سلبا على الصحة النفسية للطلاب. أحد الانتقادات الرئيسية لهذا النظام هو اعتماده الكبير على الحفظ والتلقين بدلاً من تعزيز التفكير النقدي والإبداعي، مما يحد من قدرة الطلاب على التفكير بشكل مستقل وحل المشكلات بطرق مبتكرة. وبالرغم من أن الطلاب الصينيين يظهرون مهارات تفكير قوية في المرحلة الثانوية، إلا أنهم يفقدون هذا التفوق في المرحلة الجامعية بسبب نقص التحفيز والتحديات الأكاديمية في الجامعات. كما يركز النظام التعليمي الصيني بشكل كبير على الامتحانات، خاصة امتحان القبول الجامعي الوطني  (gaokao)، مما يمكن أن يقتل الإبداع ويحد من تطوير مهارات أخرى غير أكاديمية. هذا التركيز يؤدي غالبا إلى حياة رتيبة “من المنزل إلى المدرسة إلى المنزل”، مع ساعات دراسية طويلة والعديد من الامتحانات لكل مادة، مما يترك القليل من الوقت للأنشطة اللامنهجية أو الهوايات.

التاثيرات السلبية للتعليم القائم على الامتحانات على طلاب المدارس في الصين

في دراسة لروبرت كيركباتريك ويويبينغ زانغ  يشير فيه الباحثين الى الاثار الضارة لنظام التعليم القائم على الامتحانات في الصين على طلاب المدارس الثانوية. سلطت دراستهم الضوء على عدة قضايا رئيسية، منها:

– الاثار السلبية:  يمكن ان يعيق النهج القائم على الامتحانات خيال الطلاب وابداعهم واحساسهم بالذات. هذه الصفات ضرورية للنجاح داخل وخارج الفصل الدراسي. يمكن ان يؤثر الضغط للتميز في الامتحانات ايضا سلبا على الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب.

– تاثير الارتداد: يشير مفهوم “الارتداد” الى تاثير الاختبارات على التدريس والتعلم. يناقش المقال كيف يمكن ان يكون لهذا التاثير جوانب ايجابية او سلبية، اعتمادا على السياق. في حالة الصين، يكون تاثير الارتداد سلبي الى حد كبير، حيث يعيق تركيز نظام التعليم على الامتحانات التعلم والتطوير الاوسع.

– الحجج السياسية: يستكشف الكاتبان الحجج السياسية والافتراضات الكامنة وراء النهج القائم على الامتحانات. يقترحون ان الضغط المعتدل للتميز، الى جانب تقليل التركيز على الامتحانات ذات المخاطر العالية، يمكن ان يحفز الطلاب بشكل افضل ويحسن النجاح الاكاديمي والرفاهية النفسية.

خلصت الدراسة الى ان النهج الاكثر توازنا في التعليم، والذي يشمل تقليل التركيز على الامتحانات، يمكن ان يؤدي الى نتائج افضل للطلاب من حيث الاداء الاكاديمي والتطوير الشامل.

وفي هذا السياق، لابد من الاشارة الى حصول تغييرات كبيرة في اتجاه اصلاح نظام التعليم في الصين في السنوات الاخيرة، فقد اتخذت الحكومة الصينية خطوات جادة لاصلاح النظام التعليمي بهدف تحسين جودة التعليم وتقليل الضغط على الطلاب. ادناه بعض الاصلاحات الرئيسية:

– حظر الدروس الخصوصية:  في حزيران 2021، حظرت الحكومة الصينية الانشطة التعليمية بعد المدرسة، مما ادى الى انهيار السوق للشركات التعليمية الخاصة. كان الهدف من هذا الحظر هو تقليل الضغط على الطلاب وتخفيف العبء المالي على الاسر.

– خطة تحديث التعليم 2035: تهدف هذه الخطة الى تحديث نظام التعليم في الصين بحلول عام 2035. تشمل الاهداف الرئيسية تحسين جودة التعليم في جميع المراحل، تحقيق حضور شامل في التعليم قبل المدرسي، وتوفير تعليم عالي الجودة ومتوازن في التعليم الالزامي (الصفوف 1-9)، وتحسين التعليم المهني والتقني.

تحسين جودة المعلمين والبنية التحتية التعليمية: تشمل الاصلاحات تحسين جودة المعلمين وتطوير البنية التحتية التعليمية، بما في ذلك القوانين والسياسات واطار المؤهلات والتقييم.

التعليم مدى الحياة:  تروج الحكومة لفكرة التعليم مدى الحياة وتشجيع التعلم المستمر في جميع مراحل الحياة.

تسعى هذه الاصلاحات الى تحقيق توازن افضل بين التعليم الاكاديمي والنمو الشخصي للطلاب، وتقليل التركيز على الامتحانات ذات المخاطر العالية.

في الختام، يمكن القول ان التجارب التعليمية المختلفة، سواء في بريطانيا او الصين، تقدم رؤى قيمة حول كيفية تحسين نظم التعليم. بينما تركز بريطانيا على تطوير مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات، تسعى الصين إلى تحقيق توازن بين مهارات الحفظ وتطوير مهارات التفكير النقدي. ان الاصلاحات الجارية في الصين تهدف إلى تقليل الضغط على الطلاب وتحسين جودة التعليم، مما يعكس التوجه نحو نهج اكثر توازنا وشمولية في التعليم.

————————

(1)  al-nnas.com/ARTICLE/MAlRubey/4y01.htm

بماذا للعراق ان يستفيد من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟
التجربة البريطانية

 

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: القائم على الامتحانات التفکیر النقدی الترکیز على على الطلاب فی التعلیم تحسین جودة فی الصین یمکن ان

إقرأ أيضاً:

جامعة بنها الأهلية تفوز بالمركز الثاني في نهائيات “هاكاثون التعليم الذكي”

حقق فريق كلية الهندسة بجامع بنها الأهلية بالمركز الثاني في نهائيات “هاكاثون التعليم الذكي”،  الذي نظمته جامعة بنها تحت رعاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالتعاون مع صندوق رعاية المبتكرين والنوابغ “ISF” ومعهد تكنولوجيا المعلومات (ITI) التابع لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، للعام الرابع على التوالي تحت شعار “تطبيقات الذكاء الاصطناعي مستقبل مصر الرقمي”.

جاء ذلك خلال ختام فعاليات الهاكاثون بحضور الدكتور حسين المغربي، نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية، والدكتور محمد سعيد مدير برنامج كلية الهندسة، والدكتور شادي المشد مدير برنامج كلية علوم الحاسب.

وهنأ الدكتور تامر سمير رئيس جامعة بنها الأهلية الفريق الفائز من كلية الهندسة، معرباً عن فخره بما حققه طلاب الجامعة من مجهود خلال فترة الإعداد للمشروع والمشاركة والتصعيد، مؤكداً على دعمه الكامل للمشاركة في تلك المسابقات التي تعزز من مهارات الطلاب الإبداعية والابتكارية والتكنولوجية.

كما أكد الدكتور حسين المغربي على أهمية المشاركة في مثل هذه الفعاليات، حيث تساهم في تطوير المهارات العملية للطلاب وتعزز من قدرتهم على الابتكار. وأشار إلى أن هذه التجارب تفتح آفاقًا جديدة للطلاب وتساعدهم على مواجهة تحديات سوق العمل.

وأشار الدكتور محمد سعيد، مدير برنامج كلية الهندسة، إلى أن الفريق الفائز بالمركز الثاني في مسار أنظمة مساعدة المدرسين قدم مشروعًا مبتكرًا تحت عنوان "SAMU".

تمثلت فكرة المشروع في تطبيق ذكي يساعد جميع منسوبي الجامعة من الطلاب، الأمن الجامعي، وأعضاء هيئة التدريس في كافة المشكلات التي تواجههم في الجامعة ومنها: إدارة الحضور بشكل أوتوماتيكي ، نظام طلب الطعام من المطاعم، دردشة ذكاء اصطناعي لإرشاد الطلاب وتحليل التقارير للأساتذة، ولوحة أنشطة طلابية تعرض الفعاليات والأندية الجديدة.

وضم الفريق الفائز مجموعة من الطلاب المتميزين، وهم:
أدهم عبد القادر وكيرلس تامر ومحمد هشام وصلاح تامر
وسيف عبد الحليم وعبد الرحمن نايف وبيير سمير
فكرة واشراف مدرس مساعد دينا النجار ،كما شارك في الإشراف: مدرس مساعد مريم عبدالواحد.

وأشار الدكتور محمد سعيد إلى أن مشاركة كلية الهندسة تأتي في إطار حرص الجامعة على تشجيع الطلاب على الابتكار والمشاركة في الفعاليات العلمية والتكنولوجية، مما يسهم في تطوير مهاراتهم ويعزز من فرصهم في سوق العمل.

في ذات السياق، أضاف الدكتور شادي المشد أن هاكاثون جامعة بنها شهد تصعيد عدد 35 فريق من 25 جامعة حكومية وأهلية وخاصة في 7 مسارات، وقد تم تقييم المشاريع من قبل لجنة تحكيم مكونة من خبراء في مجالات التكنولوجيا والتعليم، حيث تم الاعتماد على معايير الابتكار.

مقالات مشابهة

  • «تربية سوهاج» توقع بروتوكول تعاون مع معهد تكنولوجيا المعلومات لتدريب الطلاب
  • وزير الصحة يبحث الاستفادة من خبرة الفلبين في مجال التمريض
  • وزير الصحة يبحث الاستفادة من الخبرة الفلبينية بمجال التمريض في مصر
  • ماسك يعيد تشكيل وزارة التعليم.. هل سيحلّ الذكاء الاصطناعي محل الموظفين؟
  • جامعة شقراء تعلن تحويل الدراسة إلى التعليم عن بعد بسبب الأحوال الجوية
  • جامعة بنها الأهلية تفوز بالمركز الثاني في نهائيات “هاكاثون التعليم الذكي”
  • أمر تنفيذي من ترامب للتغلب على الصين بمجال الذكاء الاصطناعي
  • مقتل طالب جامعي في إيران يشعل احتجاجات غاضبة ضد النظام وخامنئي
  • 50 شركة إيطالية تبحث الاستثمار في مجال التعليم الفني بمصر
  • تعاون سعودي-تركي مرتقب في التعليم.. ومذكرة تفاهم قيد الإعداد