بوابة الوفد:
2024-09-17@02:23:18 GMT

اعرف نفسك

تاريخ النشر: 18th, August 2024 GMT

لعل مقولة (اعرف نفسك) التى أطلقها سقراط قبل أكثر من ألفى عام، تعد واحدة من أهم (النصائح) التى يجب أن يسترشد بها الإنسان.

ذلك أن من يعرف نفسه معرفة حقة صادقة يسهل عليه تطويرها واستثمار مهاراتها من أجل إنجازات أكبر فى معارك الحياة من جهة، أو يخفف من عيوبها وسلبياتها بما يجعله إنسانا مقبولا فى بيئته ومجتمعه من جهة أخرى.

فعلى سبيل المثل: هل تأمل الواحد منا ذاته بعمق وسأل نفسه هذه الأسئلة: هل أنا شخص موهوب، وفى ماذا بالضبط تتجلى هذه الموهبة، وإلى أى مدى؟

هل أنا إنسان ذكى اجتماعيًا، أستطيع جلب محبة الناس والتفافهم حولى لو كنت مسئولا فى عمل؟ أم أنا رجل غليظ منفر يفر منى المرؤوسون؟ هل أنا ضمن قبيلة الشجعان أواجه الفساد والجور والظلم بحسم وذكاء، أم أن الجبن منغرز فى نفسى والهروب من المواجهة طبع متأصل فى كياني؟

وتتناسل الأسئلة التى يجب على المرء أن يطرحها على نفسه ليكتشف ذاته بشكل أعمق، مثل: هل لى حصة فى خفة الظل؟ أم أن ثقل الدم بات من نصيبي؟ هل للبخل مساحة ضخمة فى سلوكياتي، أم أن الكرم يزين أعمالي؟ علمًا بأن البخل فى المال انعكاس بشكل ما للبخل فى المشاعر والأحاسيس، فالذين أدركتهم نعمة الكرم يتقززون من الذين أدركتهم لعنة البخل.

الهمة العالية صفة مرغوبة ومطلوبة وأساسية فى الحياة، فهل سأل الواحد منا نفسه: هل أنا من أصحاب الهمة العالية؟ أى أننى أعشق عملى وأتفانى فى إتقانه، بل أبتكر ما يطوره فيسعدنى ويسعد الناس؟ أم أن الكسل يلازمنى ويعرقل إقدامى فى عملى وفى حياتى بشكل عام؟

وبطبيعة الحال، لا يمكن أن ننسى ثنائية الغرور والتواضع فى النفس البشرية، فهل وعى كل واحد منا علاقته بهذه الثنائية؟ وهل بسط الواحد منا سلوكياته أمام نفسه وتفحصها جيدًا وتساءل: هل نشأت مكبلا بسلاسل الغرور أم أن أسرتى ووعيى بالحياة هذبا مشاعرى وأنبتا زهور التواضع فى صدرى عند تعاملى مع الآخرين؟

ونأتى إلى دور الجينات الوراثية، وهو دور حاسم، فهل نظر المرء فى تاريخ أبويه وراقب بجدية تصرفات والده ووالدته وأشقائه؟ هل انتبه كل واحد منا إلى أنبل ما فى والدته بعيدًا عن مشاعر الحب التى تسكبها الأم على أبنائها بحكم قوانين الغريزة؟ هل شاهد الابن أباه وهو يتعامل معه ومع الآخرين وأدرك كم هو رجل محترم متسامح كريم النفس يراعى الناس، أم أن هذا الأب إنسان أنانى ضيق الأفق حقود ذو قلب أسود غليظ اللسان؟ أم بين بين؟

إن العمل بمقولة (اعرف نفسك) ليس يسيرًا، بل هو أمر شاق على العقل والنفس والروح، إذ يحتاج من المرء البحث والتدقيق والتمحيص والتأمل فى عمق أعماق ذاته وأفعالها وردود أفعالها.

لذا أظن أن منتصف العشرينيات من العمر هو السن المناسب الذى يجب على المرء فيه أن يبحر فى ذاته لعل وعسى يعرف جوهرها.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ناصر عراق اعرف نفسك النصائح الإنسان الموهبة محبة الناس هل أنا

إقرأ أيضاً:

الثورة الرقمية والشرط الإنساني

محمد نجيم 
كتاب «الإنسان العاري، الديكتاتورية الخفية للرقمية» لمارك دوغان وكريستوف لابي، وهو كتاب بالغ الأهمية، يتناول كل القضايا الخاصة بالآثار الكارثية التي خلفتها الثورة الرقمية على الشرط الإنساني، ما يعود إلى علاقة الفرد بالزمان وبالمكان، وعلاقته مع نفسه ومع الآخرين، بل امتد تأثيرها ليشمل مجمل الأنوات التي بها يحيا الفرد، وهي ما يشكل «هوياته» الموزعة على فضاءات لا يلعب فيها الواقعي سوى دور بسيط، وعادة ما يكون مجرد ممر نحو عالم افتراضي لا حد لامتداداته، فعوض أن يبحث الناس في الحياة الحقيقية عن أصدقاء حقيقيين، راحوا يلهثون في الشبكات الاجتماعية وراء «صداقات» وهمية خالية من أي دفء إنساني. وهذا دليل آخر على أن الفضاء الحميمي يجنح الآن إلى الاختفاء، «فالحياة الخاصة أصبحت مختلفة كلياً»، كما يؤكد ذلك صاحبا الكتاب.
ويرى مترجم الكتاب سعيد بنكراد، أن الثورة الرقمية جاءت بالخير، و«كسب الإنسان بفضلها أشياء كثيرة: في المعلومة ومعالجتها وتداولها وفي الصحة والأمن والسرعة، ولكنه خسر كل شيء أيضاً، الحميمية والحياة الخاصة والحرية والحس النقدي. 
إنها مفارقة غريبة، يقول بنكراد «فلم تقُد هذه الثورة بإنجازاتها الكثيرة، كما كان مؤملاً، إلى تجدد الإنسانية وتطورها، وإلى بلورة المزيد من القيم التي تحتفي بروح الأخوة والصداقة والكرامة، بل أعلنت ميلاد «فرد فائق» (hyper individu) يتحرك ضد نفسه وضد المجموع ضمن ممكنات «واقع فائق» (hyper realité). إنه إنسان «مزيد» بالافتراضي والبدائل الاصطناعية، ولكنه مُفرغ من الداخل. لقد اختفى الحلم والمتخيل والفعل الاستعاري عنده لتحل محله «الرغبة» و«الاتصال الدائم»، كل ما يتحقق في «اللحظة»، كما يمكن أن تُعاش في زمنية تنتشر في «فضاء أفقي» مصدره كل الشاشات: التلفاز والحاسوب واللوحات والهواتف المحمولة».

أخبار ذات صلة الإمارات تشارك في اجتماع وزراء الثقافة لدول «بريكس» تجليات الغربة والاغتراب

لا يتعلق الأمر بتمثيل مزيف للواقع، كما كانت تفعل ذلك الإيديولوجيا قديماً، بل هو الإيهام الدائم «بأن الواقعي ليس هو الواقعي»، كما يقول جان بودريار، فعالم الحياة الفعلية لا يُدرك إلا من خلال مضاف افتراضي يُعمق غربة الفرد عن نفسه وعن واقعه، ويستدرجه إلى وحدة «ينتشي» بها وسط الجموع. إن الواقعي ناقص، وتلك طبيعته، كما هو الإنسان ناقص أيضاً، وتلك عظمته وذاك مصدر قوته. ولكن النقصان في الحالتين معاً لا يمكن أن يعوض بالافتراضي، بل يجب أن يتجسد في فعل إنساني واقعي يسعى فيه الإنسان إلى التغطية على جوانب النقص في وجوده، وذاك كان مسعاه منذ أن استقام عوده وانفصل عن محيط صامت ليخلق تاريخه الخاص.
لقد امتدت سيطرة الافتراضية في عصر الرقمية لكي يشمل كل شيء. فهي الثابت في وجودنا. فنحن لا نكف عن اللعب بهواتفنا أو لوحاتنا، إننا لا نحس بالآخرين حولنا، بل نبحث عن سلوان ومواساة وفرحة ونشوة، أو حالات استيهام، في ما تقوله الصورة في أجهزتنا. لقد تغير كل شيء في حياة إنسان القرن الحادي والعشرين، لم يعد الناس يعيشون ضمن هذه الثورة باعتبارهم كينونة مستقلة تتغذى من القيم وتنتشي بكل مظاهر العزة والكرامة والاستقلالية في القرار، وفي العواطف.

مقالات مشابهة

  • في لبنان.. هكذا تستطيع أن تحمي نفسك من استغلال التجّار!
  • ارتفاع أسعار الذهب في بغداد
  • تطور خلف الكواليس - يديعوت: مقترح وساطة أمريكي هذا الأسبوع لحماس وإسرائيل
  • لاعب الأهلي السابق : بيرسي تاو في تحدٍ مع ذاته لإثبات قدراته مع الأحمر
  • قتل إرهابيين اثنين والثالث فجر نفسه بعد محاصرته في كركوك
  • مخبر أمن دولة.. يوميات معتقل (9)
  • سيدة تلاحق زوجها بدعوى طلاق بعد عام من زواجهما.. اعرف التفاصيل
  • الثورة الرقمية والشرط الإنساني
  • خسوف جزئي وقمر عملاق في آن واحد قريبا
  • وزير الإسكان يتفقد بشكل مفاجئ سير العمل بعدد من روافع مياه الشرب والصرف الصحى بمدينة القاهرة الجديدة