واشنطن بوست: الجمهوريون يتوسلون إلى ترامب لتغيير أسلوبه لكنه لا يستمع
تاريخ النشر: 16th, August 2024 GMT
ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، أنه في ظل دعوات متكررة من الجمهوريين إلى مرشحهم للرئاسة دونالد ترامب لتعديل أسلوبه والتركيز على السياسات بدلا من الحديث عن أحجام الجماهير والهجمات الشخصية، إلا أن ترامب يواصل تجاهل هذه النصائح.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن كيلاني كونواي، مديرة حملة ترامب السابقة، قدمت وصفة لنجاح الحملة في 2024، قائلة إنه يجب تقليل الإهانات وزيادة الرؤى والتمييز في السياسات.
وبدوره، أكد مستشار ترامب السابق بيتر نافارو أن الهجمات الشخصية على نائبة الرئيس الأمريكي الحالية كامالا هاريس تزيد من دعمها بين الناخبين المتأرجحين، خاصة النساء.
وفي تجمع حاشد في آشفيل، نورث كارولينا، واصل ترامب توجيه الشتائم إلى هاريس، واصفا إياها بـ "المجنونة" و"الغبية"، وساخرا من ضحكتها. ورغم أن الحدث كان مخصصا للحديث عن السياسة الاقتصادية، أوضح ترامب أنه ليس الموضوع المفضل لديه، وأشار إلى أنه يفضل العودة إلى مواضيع أخرى.
وقالت الصحيفة أنه في حين يتسابق حلفاء ترامب على وسائل الإعلام مثل فوكس نيوز، يدعون ترامب لتغيير أسلوبه والتركيز على السياسات، يرفض ترامب الاستجابة، ويواصل التركيز على أحجام الجماهير وهجماته الشخصية. وقد فشلت جهود الجمهوريين لتوجيهه نحو سياسة واضحة ومحددة.
وتشير التصريحات الأخيرة إلى أن ترامب لا يعتزم تغيير نهجه، حتى مع الدعوات المستمرة من شخصيات مثل نكي هايلي وفيفيك راماسوامي وكيفين مكارثي للتركيز على السياسات وليس على القضايا الجانبية. يبقى أن ترامب يواصل التركيز على هجومه على هاريس، مع مزيد من الهجمات على حاكم جورجيا براين كيمب، ويظهر اهتماما أكبر بانتقاد الرئيس جو بايدن بدلا من تقديم سياسات محددة.
وقالت نكي هايلي، منافسة ترامب السابقة في الانتخابات التمهيدية، إن ترامب "لن يفوز" بالتحدث عن أمور مثل أحجام الجماهير أو عرق هاريس وذكائها. كما دعا منافس ترامب السابق في الانتخابات التمهيدية، فيفيك راماسوامي، إلى إعادة الضبط وزيادة التركيز على السياسة.
كما حث رئيس مجلس النواب السابق كيفين مكارثي (من كاليفورنيا) ترامب على "التوقف عن التساؤل عن حجم حشودها" والتركيز على سجل هاريس.وقال مقدم البرامج في فوكس نيوز شون هانيتي إننا "لا نملك الوقت" لهجمات ترامب على حاكم جورجيا براين كيمب، فيما اعتبرت زميلته السابقة في القناة ميجان كيلي أن تركيز ترامب على أحجام الحشود:"سخيف جدا.. فقط ركز على الحدود".
ولم يكرر ترامب ادعاءه السخيف يوم الأحد بأن حشود هاريس في ديترويت كانت "مدعومة بالذكاء الاصطناعي" أوأنه "لم يكن هناك أحد." ولكن عبر منصة إكس يوم الاثنين وفي حديثه إلى الصحفيين يوم الأربعاء، أبرز أحجام جماهيره الخاصة.وقال ترامب يوم الأربعاء: "لدينا أكبر الحشود على الإطلاق في تاريخ السياسة، لدينا حشود لم يرها أحد من قبل.. ونستمر في الحصول على ذلك".
واستمر ترامب في مهاجمة كيمب، رغم دعوة العديد في حزبه إلى تهدئة الصراع مع حاكم ولاية حيوية.كما أنه رغم مخاوف الجمهوريين من هجومه السابق على عرق هاريس، أعاد ترامب تأكيد هذا الهجوم في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي.
ورغم أن العديد من الجمهوريين وحلفاء ترامب قد دعوه للتركيز بشكل أكثر دقة على سجل هاريس، إلا ان ترامب تحدث عموما فقط بعبارات عامة عن كيف أن هاريس سيئة، دون التركيز على سياسات محددة في سجل هاريس— بما في ذلك السياسات الليبرالية التي اتخذتها خلال حملتها الرئاسية لعام 2020.
وفي الواقع، يبدو أن ترامب غالبا ما يكون أكثر تركيزا على خصمه السابق، الرئيس جو بايدن، بدلا من هاريس. يظهر نص حدث ترامب على "إكس" يوم الاثنين أنه ذكر بايدن بالاسم 21 مرة وهاريس بالاسم 8 مرات فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أنه حتى الآن، تجاهلت حملة ترامب الدعوات لتغيير النهج. لم يرد مستشارو ترامب الرئيسيون على انتقادات هايلي بشكل مباشر عندما طلب منهم ذلك. ولكنهم اقترحوا أن المشكلة تكمن أكثر في وسائل الإعلام التي لا تغطيها عندما يتحدث ترامب عن السياسة.
ولفتت الصحيفة إلى أنه المرشح الجمهوري على منصب نائب الرئيس جي دي فانس أكثر تحديا يوم الأربعاء، وقال فانس للصحفيين:"لأولئك الذين يقولون إن دونالد ترامب يجب أن يفعل شيئا مختلفا، كان لديهم فرصة لجعل دونالد ترامب يفعل شيئا مختلفا من خلال تحديه في ثلاث انتخابات تمهيدية منفصلة — وكل واحدة منها فاز بها، لذلك أعتقد أن دونالد ترامب قد كسب الحق في أن يدير الحملة بالطريقة التي يريدها".
أصر فانس على أنه هو وترامب يتحدثون عن السياسة، ولكنه أضاف "نفضل رئيس أمريكي يكون كما هو".
وأشرت الصحيفة إلى أن تجاهل ترامب لهذه الدعوات يعكس عدم قدرته أو عدم استعداده لتعديل نهجه، مما يثير قلقا متزايدا بشأن حملة 2024. والجمهوريون، رغم اعترافهم بتحديات هذا الأسلوب، قرروا على ما يبدو الاستمرار في دعمه كما هو، مما قد يكون له تأثيرات سلبية على الحملة.
اقرأ أيضاًترامب: بمجرد فوزي في الانتخابات سأقوم بتخفيض الأسعار بسرعة
ترامب: فوز كامالا هاريس بالانتخابات الأمريكية يعني أن الولايات المتحدة قد انتهت
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجمهوريون ترامب مستشار ترامب السابق واشنطن بوست دونالد ترامب ترامب السابق الترکیز على ترامب على أن ترامب إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمن يرفع وتيرة المواجهة.. ترامب أمام خيارين سيّئين
في إبريل وحده، سُجل رقم غير مسبوق في تاريخ المواجهة الجوية بين اليمن والولايات المتحدة: سبع طائرات أمريكية من طراز MQ-9 Reaper تم إسقاطها فوق البحر الأحمر ومحيطه. هذه الطائرة، التي تكلّف نحو 30 مليون دولار، وتُعد رأس الحربة في منظومة المراقبة والضربات الأمريكية، باتت تُصطاد بوتيرة أسبوعية تقريباً، ما يعكس تحولاً نوعياً في القدرات الدفاعية اليمنية، ويضع أمام الإدارة الأمريكية علامة استفهام كبرى حول فعالية تدخلها العسكري المتواصل منذ أكثر من ستة أشهر في هذه الساحة.
لكن الاستنزاف لا يقتصر على الجو. في الأيام الأخيرة، ارتفعت وتيرة الحديث داخل الإعلام الغربي والمراكز العسكرية الأمريكية عن احتمالية إطلاق عملية برية في اليمن، هدفها كسر الطوق البحري الذي فرضته صنعاء، واستعادة زمام المبادرة بعد فشل القصف الجوي والحصار البحري في تقليص قدرة صنعاء على الضرب أو المناورة. غير أن التقديرات الأمريكية لا تمنح هذا الخيار أي هامش أمان: الأرض اليمنية صعبة، والتجربة العسكرية هناك تُشبّه، لدى بعض جنرالات البنتاغون، بفيتنام مصغّرة، خاصة أن القوات اليمنية تمتلك ما وُصف مؤخراً بأنه “نظام دفاع متعدد الطبقات” لم يُستخدم كله بعد.
في حديثه الأخير، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، أن المرحلة القادمة قد تحمل مفاجآت من العيار الثقيل، ملمّحاً إلى امتلاك بلاده لمنظومات وأسلحة لا تزال خارج دائرة الاستخدام. الرسالة كانت موجّهة بوضوح إلى واشنطن، التي تدير العمليات في البحر الأحمر من الجو والبحر منذ ديسمبر الماضي، دون أن تنجح في تقليص مستوى التهديد أو حتى تأمين ممر ملاحي واحد خالٍ من الهجمات.
في المقابل، تختبر الإدارة الأمريكية الحالية، حدود قدرتها على خوض معركة مفتوحة في ساحة مثل اليمن. فالرجل الذي عاد إلى البيت الأبيض بخطاب “الانكفاء الذكي” يعرف أن المغامرة البرية هناك قد تتحول إلى كارثة انتخابية وعسكرية في آن. لا إمكانية لتحقيق نصر سريع، ولا قدرة على ضمان انسحاب مشرّف. وفي خلفية هذا التردّد، تصطف التحديات الأخرى: غزة، إيران، أوكرانيا، ناهيك عن الداخل الأمريكي المنقسم والمأزوم اقتصادياً.
من زاوية البنتاجون، يبدو المشهد أكثر كلفة من أي وقت مضى. لم تكلّف العمليات البحرية الأمريكية في المنطقة هذا القدر من الأموال منذ حرب العراق. حاملات طائرات، مدمرات، طلعات يومية، استنزاف في الذخيرة وتكنولوجيا فائقة تُسقط تباعاً. ويضاف إلى ذلك الإرباك الاستراتيجي: العدو لم يعد تقليدياً، بل يعمل وفق منظومة حرب عصابات عالية التقنية، تُسقط الطائرات، وتُحبط التشويش، وتنفّذ هجمات دقيقة خارج حدود اليمن.
أما على الأرض، فإن أي تفكير بعملية برية لا يصطدم فقط بجغرافيا اليمن وتعقيدات قبائله، بل أيضاً ببنية عسكرية متماسكة. فخلافاً لما ساد سابقاً، أظهرت صنعاء في السنوات الأخيرة قدرة على التنظيم والتحديث والتطوير المستقل، سواء في التسليح أو في تكتيكات الانتشار والانسحاب. التقارير الاستخباراتية الأمريكية نفسها تعترف أن اليمنيين لا يقاتلون بشكل انفعالي، بل يراكمون الردع بطريقة محسوبة، ويحتفظون دوماً بمستوى أعلى من القدرة مقارنة بما يظهرونه في الإعلام.
الضربة الأخيرة التي وصلت إلى شمال فلسطين لم تكن استعراضاً رمزياً، بل إعلاناً تقنياً عن امتداد المدى وتحسّن الدقة، بما يكشف عن تطور في الملاحة الصاروخية وتكامل في منصات التوجيه. هذا بحد ذاته، وُصف في تقرير داخلي للبنتاغون بـ”الاختراق الخطير في بنك الأهداف”، لأنه يثبت أن صنعاء باتت قادرة على تجاوز ما يُعرف في العقيدة العسكرية الأمريكية بـ”نطاق الاحتواء”. أي أن القواعد التي بُنيت عليها استراتيجية الردع الجوية والبحرية باتت قديمة وغير صالحة.
في واشنطن، الأصوات التي تنادي بـ”ضبط التصعيد” تتزايد، لكنها تصطدم بالواقع: لا يمكن لترامب أن يُسجّل تراجعاً واضحاً أمام صنعاء، ولا يمكنه أيضاً أن يغامر بمستنقع لا يملك فيه عناصر السيطرة. هو يعرف، كما يُدرك المحيطون به، أن الوقت ليس في صالحه، خاصة إذا تحوّلت اليمن إلى جبهة استنزاف دائمة.
في النتيجة، تقف واشنطن اليوم بين خيارين سيّئين: الاستمرار في استنزاف باهظ غير منتج، أو المخاطرة بعملية برية عالية التكلفة وضعيفة الضمانات. كلاهما لا يحمل أفق نصر واضح، ولا يشبه “الحروب النظيفة” التي اعتادت عليها الإدارات السابقة.
صحفية لبنانية