آمنة الكتبي (دبي) 
آمنت الإمارات بأهمية الأقمار الاصطناعية ودورها في تحقق أهداف التنمية المستدامة، وتحقيق التنمية العمرانية، حيث أطلقت العديد من الأقمار الاصطناعية، كما تولت مسؤوليات تصميمها وتصنيعها وتشغيلها والمخصصة لأغراض رصد الأرض، والتي توفر بيانات دقيقة ومحدثة تسهم في التخطيط الحضري.
ويلعب برنامج الإمارات للأقمار الاصطناعية دوراً رائداً ومحورياً في تحقيق أهداف الدولة، فيما يتعلق بمجال علوم الفضاء وقطاع التكنولوجيا، كما تتمحور استراتيجية الدولة حول الابتكارات العلمية والتقدم التكنولوجي، بوصفها أدوات مهمة لدعم مسيرة التقدم القائمة على المعرفة في إطار هذا الهدف الوطني.

الظواهر الجوية الطبيعية
في البداية، أكد سالم المري، مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء مدى أهمية الأقمار الاصطناعية ودورها في توفير البيانات التي تسهم في التنمية العمرانية، وفهم تغير المناخ ورصد الأرض، موضحاً أن المركز سيطلق القمر «MBZ-SAT» في أكتوبر المقبل والذي يعد أحدث الأقمار الاصطناعية، ويتميز بتقنيات متقدمة حديثة لالتقاط الصور، وسيسهم في مجالات التخطيط العمراني المستدام، ومراقبة التغيرات البيئية، إلى جانب توقع الظواهر الجوية الطبيعية، ومراقبة جودة المياه والتنمية الزراعية.
وأوضح المري أن القمر «MBZ-SAT» يتميز بتقنيات متقدمة حديثة لالتقاط الصور، وسترسي معايير جديدة كلياً بالنسبة للأقمار الاصطناعية المخصصة للاستخدام المدني، ما سيسهم بتفرد مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن المراكز القليلة في العالم، القادرة على تطوير تقنيات متقدمة للتصوير باستخدام الأقمار الاصطناعية، كما أنه سيكون هناك فريق متخصص داخل المركز لتحليل البيانات التي يجمعها القمر لتوفير مصدر شامل للصور الفضائية.
وقال المري: بدأ مركز محمد بن راشد للفضاء الذي تأسس في عام 2006، في تطوير قدراته بمجال الفضاء، واضطلع بمهام بناء وتطوير وتشغيل العديد من الأقمار الاصطناعية لرصد الأرض، وتقديم خدمات التصوير وتحليلها ودراستها، علاوة على توليد البيانات ذات الصلة لصالح المجتمعات العلمية ومراكز البحث حول العالم، مبيناً أن المركز يلتزم برصد التحديات البيئية العاجلة، والعمل على التخفيف من تأثيرها باستخدام تقنيات تكنولوجيا الفضاء والأقمار الاصطناعية، وأهم التقنيات جاءت بعد انضمام المركز في عام 2017 إلى مبادرة Sentinel Asia، والتي تهدف إلى استخدام تقنيات الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية لدعم إدارة الكوارث في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
«خليفة سات»
بين المري أن القمر «خليفة سات» يعتبر مثالاً بارزاً على ذلك، حيث يقدم صوراً عالية الجودة للأرض، ويسهم في مراقبة التغيرات البيئية والتخطيط الحضري بفضل تحليله الدقيق، بالإضافة إلى القمر الاصطناعي (DMSat-1) الذي أطلقه المركز عام 2021 بالتعاون مع بلدية دبي، حيث يلعب هذا القمر الاصطناعي دوراً رئيساً في مراقبة الغازات الدفيئة والمواد الكيميائية والهباء الجوي في الغلاف الجوي للإمارات، مما يسهم في فهمنا لتأثيرات تغير المناخ، وتعزيز جهود التخفيف من هذه الآثار.
وقال المري: يهدف قسم تطوير التطبيقات والتحليل في مركز محمد بن راشد للفضاء إلى تطوير أنظمة وتطبيقات ذكية تعود بالفائدة على الدوائر الخدماتية في الدولة، من خلال توفير برمجيات وحلول مبتكرة مبنية على تقنيات الاستشعار عن بُعد، ومعالجة الصور ونظم المعلومات الجغرافية، ومؤخراً تم إدراج تقنيات الذكاء الاصطناعي لتدخل في جميع عمليات تطوير البرمجيات، وتوفير البيانات الرقمية، كما يوفر قسم تطوير التطبيقات والتحليل دراسات تحليلية دورية متخصصة، تتناول جوانب بيئية مختلفة، مثل مراقبة الظواهر الطبيعية والبشرية ومدى تأثيرها على موارد البيئة كالماء وجودة الهواء والغطاء النباتي، ومتابعة التغيرات التي تطرأ على سواحل الدولة، ودراسة ظواهر لها انعكاسات على الحياة البحرية، مثل ظاهرة المد الأحمر، وغيرها.
وأضاف: يقوم مركز محمد بن راشد للفضاء باستخدام الأقمار الاصطناعية ضمن الاستفادة من إمكاناته لاستخراج تقارير المنصة العلمية، والتي تعتبر من الأقمار الاصطناعية المتطورة، وهي مخصصة لأغراض مراقبة ورصد الأرض، وتوفير صور الفضائية عالية الجودة.

أخبار ذات صلة الإمارات تحتفي بالشباب «السلامة الغدائية»: ترويج الأغذية مجهولة المصدر على «التواصل الاجتماعي» مخالفة

التنمية المستدامة
قال الدكتور محمد إبراهيم العسيري، الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في مملكة البحرين، إن الأقمار الاصطناعية تلعب دوراً حاسماً في رصد وتخطيط التنمية العمرانية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التي حددتها الأمم المتحدة، فهي تساهم في رصد نمو المدن واتساعها، وتحديد المناطق الريفية والنائية، وتخطيط المرافق الحضرية، كما تساعد في تحديد الأراضي المناسبة لمختلف مشاريع البناء والزراعة، وتدعم تخطيط البنية التحتية الأساسية. وأضاف: إن صور وبيانات الاستشعار عن بُعد التي توفرها الأقمار الاصطناعية المختلفة تساعد بشكل كبير في تنفيذ الكثير من الدراسات الهامة التي تدعم صناع القرار من مختلف المستويات في مجال التخطيط العمراني والتنمية الحضرية، ومن بين أكثر الدراسات شيوعاً، ما يتعلق بقياس مساحة الرقعة الخضراء وانتشارها، وسلامة إسفلت الشوارع، ومتابعة مستوى جاهزية المناطق الجديدة لانتقال السكان، وتتبع الكثافة السكانية ومدى قرب الخدمات الأساسية منها، ورصد الازدحام المروري طوال العام، وقياس جودة الهواء، ومستويات الإشعاع الشمسي، وتحديد مواقع المستنقعات المائية وغيرها الكثير.
صور عالية الدقة
بيّن العسيري أن الأقمار الاصطناعية توفر منظوراً شمولياً، حيث يمكنها رصد المناطق النائية، والتي يصعب الوصول إليها من الأرض، فهي توفر البيانات والصور بدقة عالية، مما يمكن العلماء من تحليل التغيرات المناخية بشكل دقيق وفي الوقت الفعلي، كما تساهم الأقمار الاصطناعية من خلال ما يثبت عليها من مستشعرات وكاميرات فائقة ومتعددة الأطياف في رصد الكثير من التغيرات المناخية العالمية، ومن أكثر ما تقوم الأقمار الاصطناعية بمراقبته خلال السنوات الأخيرة هو ارتفاع درجات الحرارة، وارتفاع مستوى سطح البحر، إضافة لتحديد مناطق الجفاف وقياس التغيرات في الغطاء النباتي والتربة. 
دعم جهود الإغاثة الإنسانية
أوضح أن الأقمار الاصطناعية مكنت العلماء من مراقبة الظواهر المناخية المختلفة على مدى طويل، مثل رصد التغيرات القطبية وانحسار الجليد وحرائق الغابات وتغيرات الغطاء النباتي، مما ساعدهم في فهم الاتجاهات والتغيرات البيئة، وتقديم مقترحات للتخفيف من بعض الآثار السلبية المترتبة نتيجة لتلك المتغيرات، كما تساهم بشكل فعال في رصد الكوارث الطبيعية وتدعم جهود الإغاثة الإنسانية، حيث تستخدم الأقمار الاصطناعية أجهزة استشعار متقدمة لرصد التغيرات البيئية، مثل درجة الحرارة والرطوبة واتجاه الرياح وقياس الضغط الجوي والتغيرات على سطح الأرض، مما يمكنها من التنبؤ بالأعاصير والزلازل وأمواج التسونامي قبل حدوثها، مما يسمح بإصدار تحذيرات مبكرة وإجلاء السكان المعرضين للخطر المباشر. وأضاف: توفر الأقمار الاصطناعية بيانات وصوراً عالية الدقة في الوقت الفعلي، مما يسهل المراقبة المستمرة للمناطق المتأثرة بالكوارث، أو تلك التي تقع ضمن مناطق معروفة بارتفاع احتمالية تعرضها للكوارث الطبيعية، كما تمكن الأقمار الاصطناعية والسلطات من تحديد موقع الناجين وتقييم الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية وتخصيص الموارد بكفاءة، كما تستخدم لتحديد مواقع تفشي الأمراض، مثل الكوليرا وتحسين استجابة الإغاثة، وتوزيع مراكز الدعم والإيواء والرعاية، بحسب الظروف، لذا نستطيع القول إنه مع تطور التكنولوجيا، تظل الأقمار الاصطناعية حراساً ثابتين لحماية كوكبنا، وتقديم المساعدة في الأزمات.
البيانات الفضائية
حول التحديات التي تواجه استخدام البيانات الفضائية في التخطيط العمراني، قال الدكتور محمد إبراهيم العسيري: هناك 5 تحديات رئيسية، هي تكاليف الحصول على بيانات فضائية عالية الدقة باهظة، وقد لا تكون متاحة بشكل مستدام للجميع، والبيانات الفضائية يجب معالجتها وتحديثها بانتظام لضمان تطابقها مع الواقع الميداني، وهذا يتطلب توفير برمجيات خاصة وتدريب للمستخدمين، كما تختلف احتياجات التخطيط العمراني من منطقة إلى أخرى، وقد يكون من الصعب تطبيق الحلول نفسها على نطاق واسع.
 تابع: يتطلب استخدام البيانات الفضائية فهماً عميقاً للتحليل الجغرافي والتفسير المنطقي للنتائج، يجب تطوير مهارات المخططين العمرانيين باستمرار لتمكينهم من مواكبة التغيرات التكنولوجية المتسارعة للتعامل مع بيانات وصور الأقمار الاصطناعية واستخدامها بفعالية، مؤكداً أنه يمكن للتعاون الدولي تحسين استخدام الأقمار الاصطناعية لرصد التغيرات المناخية، من خلال مشاركة البيانات والتكنولوجيا، وإنشاء منصات للتعاون والمشاركة في الأبحاث العلمية لتحقيق الاستفادة للجميع من التراكم المعرفي وتفادي ازدواجية الجهود، وتشجيع الشراكات بين المؤسسات البحثية والجامعات من مختلف الدول في مجال استخدام الأقمار الاصطناعية، وفتح الأبواب لتبادل النتائج والتجارب لتطوير تقنيات جديدة ومبتكرة.
وأضاف: كما يمكن للتعاون الدولي المساهمة في دعم الدول النامية لتطوير قدراتها في استخدام الأقمار الاصطناعية لرصد التغيرات المناخية، وتوفير التدريب والتحسين المستمر لمستويات المعرفة لدى العلماء والباحثين في هذا المجال.

رصد التغيرات المناخية براً وبحراً وجواً
قال الدكتور شريف صدقي، الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية: يمكن للأقمار الاصطناعية توفير بعض المعلومات التي تساعد في تخطيط التنمية العمرانية الجديدة عن طريق توفير صورة تحتوي على مكونات الأرض من نباتات ورمال صفراء وجبال وأرض طينية سمراء ومصادر المياه بتلك الأرض المراد تنميتها، وتوفير ارتفاعات تلك الأرض المراد تنميتها، والتي تسهم في تخطيط الطرق وشبكات المياه والبنية التحتية بشكل عام.
وتابع: بالإضافة إلى توفير معلومات عن قرب تلك الأرض من الأحياء والمدن السكنية المقامة بالفعل، وتوفير مرئيات لمتابعة نمو تلك الأراضي خلال فترة التخطيط والتنمية، وتوفير بيانات عن درجات الحرارة، بالإضافة إلى سرعة الرياح واتجاهها، وبيانات عن نسبة هطول الأمطار، بالإضافة إلى إمكانية تجمعها وسيران الفيضانات.
تبخر المياه
حول مساهمة الأقمار الاصطناعية في مراقبة التغيرات المناخية العالمية، قال الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء المصرية: يمكن للأقمار الاصطناعية قياس مؤشرات التغيرات المناخية والتي تنقسم إلى 3 فئات براً وبحراً وجواً عن طريق قياس درجات الحرارة والتنبؤ بمستقبليتها بالزيادة أو النقصان، حيث يمكن قياس نسبة تبخر المياه بالإضافة إلى قياس نسبة هطول الأمطار بالإضافة إلى قياس سرعة الرياح، بالإضافة إلى توجهها وكمية السحب، ونسبة غاز الميثان وثاني أوكسيد الكربون المسببين للاحتباس الحراري، وزيادة درجة الحرارة، وذوبان الجليد بالقطب الشمالي والجنوبي، وقياس نسبة ارتفاع مياه البحار والمحيطات.
وأضاف من الممكن للأقمار الاصطناعية أن تساعد في التنبؤ بحدوث بعض الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات عن طريق بعض البيانات، مثل نسبة هطول الأمطار، وارتفاعات الأماكن التي يمكن حدوث الفيضانات، بالإضافة إلى التنبؤ حول الحرائق عن طريق بعض البيانات، مثل ارتفاع درجات الحرارة، نسبة الرياح واتجاهها، وأماكن الغابات القابلة للاشتعال.
حالات الطوارئ
حول أهمية البيانات التي تجمعها الأقمار الاصطناعية في تحسين الاستجابة لحالات الطوارئ قال د. صدقي: تقوم الأقمار الاصطناعية بجمع معلومات كثيرة والتي تساهم بشكل أساسي في الاستجابة لحلات الطوارئ، مثل توفير بيانات ضخمة عن التغيرات المناخية والتي تعتبر من أكبر مسببات حالات الطوارئ. 
وأضاف: كما تساعد بيانات الأقمار الاصطناعية في رصد الغطاء النباتي، وتقييم صحة الغابات كما تقوم الأقمار الاصطناعية بتصوير الأرض بأطياف موجية عدة، ومن بينها الأطياف المرئية والأطياف تحت الحمراء القريبة والمتوسطة والبعيدة والتي يمكن من خلالها التعرف على الغطاء النباتي من خلال بعض المعادلات لتلك الأطياف والتفرقة بين أنواع المحاصيل والأشجار عن طريق البصمات الطيفية للمحاصيل والأشجار.
الاستدامة البيئية
أكد د. صدقي: تقوم الأقمار الاصطناعية بتعزيز الاستدامة البيئية في المدن، من خلال توفير خرائط الأرض التفصيلية، لكن للأسف يواجه استخدام البيانات الفضائية في التخطيط العمراني تحديات عدة، منها قلة الخبرة لدى مهندسي التخطيط العمراني في التعامل مع البيانات الفضائية، ضخامة البيانات الفضائية والتي تحتاج إلى أجهزة سحابية لمعالجتها، وكثرة الخوارزميات التي تستخدم لاستخراج المعلومات الهامة من البيانات الفضائية، بالإضافة إلى فقر البيانات الفضائية للمعلومات الحقيقية والتي تحتاج معايرة حقلية من المدن المراد تخطيطها.
وأكد يمكن تعزيز التعاون الدولي في مجال رصد التغيرات المناخية من خلال 6 نقاط رئيسية، تتمثل في تعزيز الشراكات بين منظمات التغيرات، ونقل الخبرات بين الجهات والمنظمات الدولية، والزيادة من المؤتمرات والندوات التخصصية والتثقيفية للتغيرات المناخية، وإنشاء معامل مركزية للتغيرات المناخية ومشاركة بياناتها بين الدول والجهات والمنظمات المحلية والدولية، بالإضافة إلى إنشاء منصات إلكترونية لمتخذي القرارات بناء على المخرجات من تلك المعامل والمراكز.
الغطاء النباتي 
أوضح الرئيس التنفيذي للهيئة الوطنية لعلوم الفضاء في مملكة البحرين، أن للأقمار الاصطناعية دوراً لمراقبة التغيرات في الغطاء النباتي، ومراقبة مواقع مشاريع التشجير والغابات، حيث يمكنها رصد الغطاء الأرضي وتغير مساحته، وحساب كميات الأمطار وكثافة الغطاء النباتي وقياس مستويات الكلوروفيل، بما يساعد في مراقبة صحة النباتات، كما تساهم الأقمار الاصطناعية، من خلال توفير الصور عالية الدقة في تحديد تصنيفات الغطاء الأرضي وملاءمته للأنواع النباتية المختلفة، بما في ذلك تحديد مستويات رطوبة التربة وقياس ملوحتها. ومع التغيرات المناخية الحرجة التي يشهدها العالم، تُستخدم الأقمار الاصطناعية لمراقبة وتقييم حرائق الغابات وتأثيرها على الغطاء النباتي وصحة وسلامة أماكن تواجد السكان، كما يمكن للأقمار الاصطناعية تحليل الخصائص الطبوغرافية ومعدلات التصحر.
وأضاف: تعد الأقمار الاصطناعية أداة حيوية لتعزيز الاستدامة البيئية في المدن، من خلال مقدرتها على رصد التغيرات في الغطاء الأخضر والمسطحات المائية، كما تساعد في تحديد مناطق التلوث، بما يسمح بالتدخل المبكر للحفاظ على البيئة، كما توفر الأقمار الاصطناعية بيانات شاملة حول التغيرات البيئية، مما يساعد في تخطيط استدامة المياه والزراعة، بما يدعم الجهود للحفاظ على التنوع البيولوجي، كما تتبع الأقمار الاصطناعية أنماط الطقس، وتوفر تحذيرات مبكرة حول الأعاصير والفيضانات، مما يساهم في تحقيق الاستجابة الفعالة للكوارث الطبيعية، والحد من الأضرار.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات الأقمار الاصطناعية التكنولوجيا الأرض مركز محمد بن راشد للفضاء الزراعة مرکز محمد بن راشد للفضاء للأقمار الاصطناعیة البیانات الفضائیة التنمیة العمرانیة التغیرات البیئیة التخطیط العمرانی الرئیس التنفیذی الغطاء النباتی درجات الحرارة بالإضافة إلى رصد الأرض فی مراقبة تساعد فی عن طریق من خلال فی رصد

إقرأ أيضاً:

الصناعة في عُمان.. ركيزة للتنويع الاقتصادي

 

 

د. هلال بن عبدالله الهنائي **

 

يشهد القطاع الصناعي في سلطنة عُمان تطورًا مُتسارعًا في ظل الجهود الحكومية الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط، انسجامًا مع رؤية "عُمان 2040". وتلعب الصناعة دورًا محوريًا في تحقيق هذه الرؤية من خلال توفير فرص عمل، وتعزيز القيمة المضافة، ودعم الصادرات العُمانية.

وتعمل الهيئة العامة للمناطق الصناعية على توفير بيئة استثمارية جاذبة عبر تطوير المناطق الصناعية والمناطق الحرة، مثل مدائن، خزائن، والمناطق الحرة في صلالة وصحار والمزيونة. وتُوفر هذه المناطق بنية تحتية حديثة، وخدمات لوجستية متقدمة، ومزايا استثمارية تنافسية، مما يجعلها محركًا رئيسيًا لنمو القطاع الصناعي في السلطنة.

 

موقع استراتيجي يعزز الاستثمار

 

تمتلك عُمان موقعًا جغرافيًا فريدًا يربط بين الأسواق الآسيوية والإفريقية والأوروبية، مما يمنحها ميزة تنافسية في مجالي التصنيع والخدمات اللوجستية. ويعزز هذا الموقع من دور السلطنة كمركز تجاري إقليمي، خصوصًا مع وجود موانئ بحرية عالمية مثل ميناء صحار، ميناء الدقم، وميناء صلالة.

 

وتدعم شبكة الموانئ هذه الصناعات التحويلية والصناعات الثقيلة، حيث يتم استيراد المواد الخام بسهولة، وتصنيعها، ثم إعادة تصديرها للأسواق العالمية. ومن خلال مبادرات تطوير البنية التحتية، تسعى الحكومة إلى تحسين الربط بين المناطق الصناعية والموانئ، مما يسهم في خفض تكاليف الإنتاج وتعزيز تنافسية الصناعات العُمانية.

 

المناطق الصناعية في عُمان: محركات التنمية الاقتصادية

 

تُشرف الهيئة العامة للمناطق الصناعية على عدد من المناطق الصناعية والمناطق الحرة، والتي تتميز بتخصصها في قطاعات صناعية محددة وفقًا لمزايا كل منطقة.

• مدينة خزائن الاقتصادية: تُعد واحدة من أهم المشاريع المستقبلية في السلطنة، حيث توفر بنية تحتية متكاملة للصناعات الخفيفة والمتوسطة، بالإضافة إلى منطقة لوجستية متطورة تدعم حركة التجارة الداخلية والخارجية.

• المنطقة الحرة في صحار: تُركز على الصناعات الثقيلة مثل الصناعات المعدنية والبتروكيماوية، مستفيدةً من قربها من ميناء صحار الصناعي.

• المنطقة الحرة في صلالة: تشتهر بصناعات التعبئة والتغليف والصناعات الغذائية، إضافة إلى استثمارات في قطاعات الطاقة المتجددة.

• مدائن: تضم العديد من المناطق الصناعية مثل الرسيل، صحار، ريسوت، نزوى، وسمائل، وتدعم الصناعات التحويلية، والتقنية، والغذائية، إضافةً إلى الصناعات الصغيرة والمتوسطة.

 

دور الصناعة في تعزيز الاقتصاد الوطني

 

شهد القطاع الصناعي نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، إذ ارتفع الناتج الإجمالي للصناعات التحويلية بنسبة 10.1% في النصف الأول من عام 2024، ليصل إلى 1.868 مليار ريال عُماني.

 

ومن أبرز القطاعات الصناعية التي حققت تقدمًا كبيرًا:

• الصناعات البتروكيماوية والمعدنية: شهدت زيادة في الإنتاج نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على المعادن والمواد الخام المكررة.

• الصناعات الغذائية والدوائية: توسعت بشكل ملحوظ لتلبية الطلب المحلي والعالمي، خصوصًا بعد الجائحة التي سلطت الضوء على أهمية تحقيق الأمن الغذائي والدوائي.

• الصناعات التقنية والإلكترونية: بدأت بعض الشركات العُمانية بالدخول في مجال تصنيع الإلكترونيات والمعدات الذكية، وهو توجه جديد يعزز من مكانة السلطنة في الاقتصاد الرقمي.

 

التحديات التي تواجه الصناعة العُمانية

 

على الرغم من التطورات الكبيرة التي يشهدها القطاع الصناعي، إلا أن هناك تحديات لا تزال بحاجة إلى حلول لضمان تحقيق نمو مستدام وزيادة القدرة التنافسية، ومن أبرزها:

1. ارتفاع تكاليف الإنتاج: تحتاج السلطنة إلى زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتقليل تكلفة الطاقة المستخدمة في المصانع.

2. التكامل بين الصناعات المحلية وسلاسل التوريد العالمية: حيث لا تزال بعض المصانع تعتمد على استيراد المواد الخام، مما يزيد من تكاليف التشغيل.

3. الحاجة إلى المزيد من الابتكار والتكنولوجيا: تعزيز الاستثمار في البحث والتطوير، واستخدام الذكاء الاصطناعي والروبوتات في عمليات التصنيع، سيعزز من تنافسية القطاع.

4. تطوير القدرات البشرية: على الرغم من وجود كوادر عمانية مؤهلة، إلا أن الحاجة إلى مزيد من التدريب والتأهيل المتخصص لا تزال قائمة لمواكبة التطورات الصناعية.

 

الحلول والمبادرات الحكومية لدعم القطاع الصناعي

 

تعمل الحكومة العُمانية على تنفيذ مجموعة من المبادرات لتحفيز القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي. ومن بين هذه المبادرات:

• الإعفاءات الضريبية والحوافز الاستثمارية: تقدم الحكومة مزايا مثل إعفاءات ضريبية على الشركات الصناعية لفترات تصل إلى 10 سنوات، وتسهيلات تمويلية لدعم المشاريع الناشئة.

• التحول نحو التصنيع الذكي: يتم تشجيع المصانع على تبني تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مثل إنترنت الأشياء، والذكاء الاصطناعي، والطباعة ثلاثية الأبعاد.

• برنامج "صُنع في عُمان": الذي يهدف إلى تعزيز الوعي بأهمية دعم المنتجات الوطنية، والترويج لها في الأسواق المحلية والعالمية.

• الاستثمار في الطاقة المتجددة: تعمل الحكومة على إطلاق مشاريع جديدة للطاقة النظيفة، بهدف تزويد المصانع بالكهرباء بأسعار تنافسية، وتقليل الانبعاثات الكربونية.

 

دور الهيئة العامة للمناطق الصناعية في تعزيز النمو الصناعي

 

تضطلع الهيئة العامة للمناطق الصناعية بدور حيوي في دعم الصناعات العُمانية، من خلال توفير بيئة استثمارية متكاملة للمصانع، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل عمليات الإنتاج والتصدير. ومن بين إنجازاتها:

• إطلاق مبادرات لدعم رواد الأعمال: تقديم حوافز مالية وإدارية لرواد الأعمال والشركات الناشئة في القطاع الصناعي.

• تطوير البنية التحتية الصناعية: من خلال إنشاء مجمعات صناعية حديثة، وتحسين شبكات النقل والاتصالات داخل المناطق الصناعية.

• تعزيز الاستدامة البيئية: عبر تشجيع المصانع على استخدام مصادر الطاقة النظيفة، وتحفيز الشركات على تبني ممارسات صديقة للبيئة.

 

نحو مستقبل صناعي أكثر تنافسية

 

تمثل المناطق الصناعية والموقع الاستراتيجي لعُمان عاملين أساسيين في تعزيز مكانتها كوجهة استثمارية إقليمية، لكن هناك حاجة إلى مزيد من التطوير في مجالات البنية التحتية، والاستدامة، والتكنولوجيا، لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه المزايا التنافسية.

 

ومع تنفيذ رؤية “عُمان 2040”، يُتوقع أن يشهد القطاع الصناعي نموًا متسارعًا، مدعومًا بالإصلاحات الاقتصادية، والاستثمارات الأجنبية، والتوجه نحو الصناعات المتقدمة، مما سيُسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص عمل جديدة للعُمانيين.

** رئيس مجلس إدارة جمعية الصناعيين العُمانية

مقالات مشابهة

  • الإمارات تستعرض خبراتها في حوكمة البيانات المعنية بالمرأة
  • بالفيديو.. أمطار مرتقبة على 6 محافظات
  • لفتة إنسانية.. نيمار يظهر مع صاحب "عين سانتوس الاصطناعية"
  • قرار من النيابة بشأن عامل نظافة طـ.ـعن صيدلي بـ مقص في العمرانية
  • رئيس شؤون الضباط في وزارة الدفاع العميد محمد منصور: الجيش العربي السوري كان وسيبقى عماد السيادة الوطنية، واستعادة الكفاءات والخبرات العسكرية التي انشقت وانحازت للشعب في مواجهة نظام الأسد البائد والتي خاضت معارك الدفاع عن الوطن أمرٌ ضروري لتعزيز قدرات جيشن
  • عندما تصبح البيانات سلاحا.. هل يشكل ديب سيك تهديدا لأمان وخصوصية المستخدمين؟
  • رئيس الوزراء يتفقد وكالة الفضاء المصرية.. ويؤكد التزام الدولة بدعم وتطوير القطاع
  • رئيس الوزراء يتفقد منظومة محاكاة البيئة الفضائية
  • رئيس الوزراء يتفقد وكالة الفضاء المصرية.. ويطلع على أحدث التطورات في مجال تكنولوجيا علوم الفضاء| صور
  • الصناعة في عُمان.. ركيزة للتنويع الاقتصادي