خلافات واسعة بشأن تعديلات قانون الأحوال الشخصية في العراق
تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT
يتصاعد الجدل في الشارع العراقي وفي أروقة البرلمان بشأن المخاوف من تمرير التعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وسط شد وجذب يتركز على تداعياته السياسية والاجتماعية، بين فسيفساء التوجهات الدينية والمدنية والعرقيات المختلفة، فضلا عن أهداف الأحزاب الشيعية والسنية وحتى الكردية على حد سواء.
وتعوّل أحزاب "الإطار التنسيقي" الشيعي على أغلبيتها البرلمانية في إقرار تلك التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية الذي يحظى بدعم مرجعيات دينية في النجف، وتأمين مساندة الكتل السنية التي تطالب -في المقابل- بإصدار قانون العفو العام عن آلاف السجناء ضمن ما توصف بأنها صفقة سياسية لتمرير القانونين معا.
وجاء في هذا السياق، اجتماع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان مع مجموعة من البرلمانيات وشبكة النساء العراقيات، حيث تم التطرق إلى الملاحظات والتعديلات المقترحة على مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959، والاعتراضات عليه.
لكن الجدل اللاحق حول القانون تعدى دوائر صنع القرار الحزبية تحت قبة البرلمان ومجلس القضاء إلى وسائل التواصل والقنوات الإعلامية ودوائر النقاش الضاغطة في المنظمات المهتمة بالأسرة والطفل، وسط تساؤلات عن الدوافع التي تقف وراء الإصرار على إصدار القانون في هذا التوقيت، إذ تتركز أبرز الخلافات بشأن تعديلات قانون الأحوال الشخصية، بقضايا سن الزواج للإناث وتسجيل عقد الزواج في المحاكم والمرجعية القانونية والشرعية للزواج المختلط وحقوق المرأة المطلقة وحضانة الأطفال.
قانون الأحوال الشخصيّة الحالي يحدد السنّ القانونيّة للزواج بـ18 عاما، أو 15 عاما مع إذن من القاضي (الفرنسية) ما التعديلات الجديدة؟وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق قد أُقّر عام 1959 خلال عهد رئيس الوزراء آنذاك عبد الكريم قاسم، وهو قانون يسري على جميع العراقيين دون تمييز مذهبي حتى الآن، لكن التعديلات الجديدة تشير في إحدى فقراتها على أنه "يحق للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع مسائل الأحوال الشخصية، ويجوز لمن لم يسبق له اختيار تطبيق أحكام مذهب معين عند إبرام عقد الزواج، تقديم طلب إلى محكمة الأحوال الشخصية المختصة لتطبيق أحكام الشرع على الأحوال الشخصية، وفق المذهب الذي يختاره ويجب على المحكمة الاستجابة لطلبهم".
وينص مشروع القانون على أنه "إذا اختلف أطراف القضية الواحدة في الأسرة بشأن تحديد مصدر الأحكام الواجب تطبيقها في طلبهم، فيعتمد الرأي الشرعي فيها"، كما يلزم التعديل الجديد "المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس الدولة بوضع مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال 6 أشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون".
ويشمل التعديل كذلك تصديق محكمة الأحوال الشخصية على عقود الزواج "التي يبرمها الأفراد البالغون من المسلمين على يد من لديه تخويل شرعي أو قانوني من القضاء أو من ديواني الوقفين الشيعي والسني بإبرام عقود الزواج، بعد التأكد من توافر أركان العقد وشروطه وانتفاء الموانع في الزوجين".
وتعتقد الأصوات الشيعية في "الإطار التنسيقي" أن التعديلات تنسجم مع الدستور الاتحادي ولا تلغي القانون النافذ، وأنها تعالج كثيرا من قضايا الأسرة، وتنفي أن يكون تزامنُ إدراج تعديل قانون الأحوال الشخصية مع قانون العفو العام مخططا مقصودا، وهو ما أشار له الباحث السياسي جليل اللامي بالقول "إن قانون الأحوال الشخصية الجديد يرتبط ارتباطا وثيقا بتنظيم حياة الأسرة كونه يتعلق بمعتقدات الفرد ومركزه الاجتماعي، وكذلك الصبغة الفقهية الإسلامية ذات الأبعاد المذهبية".
وأضاف اللامي للجزيرة نت "أن الدستور العراقي أكد على حالة التنوع من خلال النص بحسب ما جاء في المادة 1 على أن (العراق دولة اتحادية)، ونص المادة 2 و 3 بأن العراق (بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب)، ونص المادة 41 من الدستور التي وجهت المجتمع والسلطات على أن (العراقيين أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية)، ولذلك فإن تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 جاء مستندا إلى النص الدستوري، ومنسجما مع الأعراف والأفكار المجتمعية من حيث الناحية العملية، كما أن سن البلوغ القانونية للفتاة عند الزواج من الناحية الفقهية يكون حسب القياسات العلمية المتبعة"، بحسب قول اللامي.
القضاة يجدون أنفسهم أحيانا أمام الأمر الواقع وغالبا ما يختارون تسجيل زواج القصّر (الأناضول) مخاوفلكن أصواتا أخرى ترى القضية بمنظار مختلف، وتعتقد أن ثمة مخاوف مشروعة لرفض هذه التعديلات المقترحة بأنها تمّس بوحدة البلد اجتماعيا وتفتح الباب أمام الانقسام الطائفي، كما أنها تحد من مكاسب المرأة والأسرة العراقية، كما يقول الأكاديمي في علم النفس السياسي والاجتماعي حيدر الجوراني للجزيرة نت.
ويضيف الجوراني أن "الحُجة الخلافية الكُبرى تكمن في ما تضمنه المشروع" بمُدونة الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية، "وهي أصلا مقترحٌ غير معد لكنها كفكرة ترتكز على آراء فقهية واجتهادات تُلزم القضاء، وستكون مثار جدل كبير لو أُقرت، وقد تنعكس تأثيراتها على المجتمع العراقي وعلاقاته الأسرية."
وأشار الجوراني إلى أن "تحديد سن الزواج (ببلوغ 18 عاما المعمول به حاليا) جاء ضمن المساعي للحد من عقود الزواج خارج أسوار المحاكم، مشيرا إلى أن التعديلات عليه قد تُعرّض شريحة كبيرة من الإناث للزواج القسري في عمر مبكر أو دون نضوج فكرة الزواج كمشروع أسرة لدى تلك الفئة العمرية"، على حد وصفه.
وهذا يعني أن المحاذير أعلاه لن تكون لها قيمة في حال إقرار تلك التعديلات، لأن قضية زواج الأطفال ستكون مشروعة حسب العمر فقط، بناء على ما تقره مراجع الفقه الجعفري عند الشيعة، وهو ما حذر منه خبراء قانونيون إذ إنه يتجاهل النظر إلى المستوى الاجتماعي والعقلي الذي يؤهل شخصا ما للزواج بجانب العرف الساري في أغلب المناطق العراقية، بينما أوضح المجمع الفقهي (أعلى مرجعية سنية في العراق) أن الزواج في سن التاسعة، وإن كان قد ورد في عهد النبوة، لكن تلك الزيجات تخضع للعرف في تلك الفترات، وهو ما لا ينطبق بالضرورة على وقتنا الحاضر، حسب ما قاله الشيخ عبد الستار عبد الجبار خطيب جامع أبي حنيفة في بغداد.
على أن واحدة من أبرز المشاكل تتعلق بكون عديد من عقود الزواج لا تخضع للتسجيل في المحاكم ويتم إجراؤها من قبل شخصيات دينية وبعضها تكون لمدة مؤقتة، مما يجعلها غير قانونية بموجب قانون الأحوال الشخصية العراقي الحالي، كما أنها لا تضمن حقوقا للزوجات في حال وقوع الطلاق، ولا يعترف بنسب الأطفال، ومن ثم فإن هذه التعديلات يمكن أن تُضفي الشرعية على هذا النوع من الزواج، وحسب بعثة الأمم المتحدة في العراق "يونامي"، فإنه يشمل 22% منها فتيات تحت سن 14 عاما.
وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنّ الزيجات الدينية غير المسجّلة تُستخدم أساسا ثغرة تُمكّن من زواج الأطفال، وهذه بدورها تزيد من عواقب زواج الأطفال على الفتيات خصوصا، بما تشمله من زيادة أخطار العنف الجنسي والبدني، وضياع الحقوق، والموت عند الولادة، وأضرار نفسيّة، والحرمان من التعلّم، ووفقا للإحصاءات على مدى السنوات الـ20 الماضية، فقد ارتفعت معدّلات زواج الأطفال في العراق بشكل مستمر.
يشار إلى أن قانون الأحوال الشخصيّة الحالي يحدد السنّ القانونيّة للزواج بـ18 عاما، أو 15 عاما مع إذن من القاضي، بحسب "البلوغ الشرعي والقابليّة البدنيّة"، غير أنّه توجد حالات مسجّلة لرجال دين يسمحون بزواج فتيات لا تتجاوز أعمارهنّ 9 سنوات، وفي الزيجات التي يكون فيها أحد الزوجين أو كلاهما قاصرا ويتقدّمان إلى المحكمة للتصديق على زواجهما، يجد القضاة أنفسهم أمام الأمر الواقع وغالبا ما يختارون تسجيل زواج القصّر، خوفا من معارضة النفوذ القوي للمراجع الدينية في العراق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قانون الأحوال الشخصیة زواج الأطفال عقود الزواج فی العراق على أن
إقرأ أيضاً:
تعديلات قانون العمل الجديد.. إعادة هيكلة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج
كتب- محمد أبو بكر:
أقر قانون العمل الجديد تعديلات مهمة على المادة 17 التي تنظم عمليات إلحاق المصريين بالعمل داخل وخارج البلاد، وذلك في إطار تنظيم وتشديد الإجراءات المتعلقة بمزاولة هذه العمليات.
كانت المادة 17 في نصها السابق تنص على أن عمليات إلحاق المصريين بالعمل تتم من خلال عدة جهات، فيما تم تعديل هذه الفقرة لتشمل جهات جديدة وتنظيمات محددة.
نص المادة 17 قبل التعديل:كانت المادة 17 قبل التعديل تنص على الآتي:
مع عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتشغيل، يتم إلحاق المصريين بالعمل داخل وخارج البلاد من خلال:
- الوزارة المختصة.
- الوزارات والهيئات العامة.
- الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
- شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص المصرية التي تبرم تعاقدات مع الجهات الأجنبية في حدود أعمالها وطبيعة نشاطها.
- شركات المساهمة أو شركات التوصية بالأسهم أو ذات المسئولية المحدودة، بعد الحصول على ترخيص من الوزارة المختصة.
- النقابات المهنية بالنسبة لأعضائها فقط.
نص المادة 17 بعد التعديل:أما بعد التعديل، فقد تم تحديث المادة لتشمل التنظيم التالي:
- مع عدم الإخلال بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بالتشغيل، تتم مزاولة عمليات إلحاق المصريين للعمل داخل وخارج البلاد من خلال الوزارة المختصة أو الجهات التالية:
- الوزارات والهيئات العامة بالنسبة للعاملين لديها.
- المنظمات النقابية العمالية بالنسبة لأعضائها فقط.
- شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام والقطاع الخاص المصرية فيما تبرمه من تعاقدات مع الجهات الأجنبية في حدود أعمالها وطبيعة نشاطها.
- وكالات التشغيل الخاصة التي تتخذ شكل الشركات المساهمة أو التوصية بالأسهم أو ذات المسؤولية المحدودة أو الشخص الواحد المرخص لها بذلك من الوزارة المختصة.
حذف البند الخامس:تم حذف البند الذي كان يتيح للنقابات المهنية مزاولة عمليات إلحاق أعضائها المصريين للعمل داخل أو خارج البلاد، وكان ذلك في ضوء الدور الأساسي للنقابات المهنية في ضبط النشاط المهني والإشراف على ممارسته ورقابة أعضائها.
وتم التأكيد على أن هذه النقابات مسؤولة عن متابعة نشاط الأعضاء ومعاقبة من يخل بواجباتهم المهنية، ولكنها ليست الجهة المعنية بممارسة عمليات إلحاق العمالة سواء داخل أو خارج البلاد.
اقرأ أيضًا:
شبورة ورياح بهذه المناطق.. الأرصاد تكشف طقس الـ6 أيام المقبلة
إجراءات يجب اتخاذها حال خصم رصيد من كارت عداد الكهرباء
حكم الذهاب للحج بتأشيرة عمل.. أمين الفتوى يوضح - فيديو
وزيرة البيئة: ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤثر على ملايين الأشخاص بالعالم
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
قانون العمل تعديلات قانون العمل المصريين بالعمل في الخارجتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى: رواتب مجزية و4 أيام عمل| فرص عمل متاحة بهذه المحافظة -التخصصات والتقديم الأخبار المتعلقة "قوى النواب" توافق على مواد الأجور بقانون العمل.. وترجئ الموافقة على تشكيل أخبار تعديلات قانون العمل.. إلغاء السماح بتدريب الأطفال وشروط جديدة للتدرج المهني أخبار قانون العمل الجديد يمنح العاملين مزايا غير مسبوقة في الإجازات المرضية أخبار تعديل قانون العمل الجديد.. منح العامل حق تحديد موعد إجازته أثناء الامتحانات أخبارإعلان
إعلان
أخبارتعديلات قانون العمل الجديد.. إعادة هيكلة عمليات إلحاق المصريين بالعمل في الخارج
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 22القاهرة - مصر
22 13 الرطوبة: 45% الرياح: شمال غرب المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك