أجابت دار الإفتاء المصرية عن تساؤل ورد إليها حول ما حكم التحويل والسحب من المحافظ الإلكترونية؟ حيث يقول السائل: أعمل في تحويلات "الكاش" من خلال المحفظة الإلكترونية بعمولةٍ على التحويل أو السحب، ونظام عملي يكون عن طريق الواتساب أو التليفون، بمعنى: أن العميل يكلمني أو يرسل لي الرقم المطلوب التحويل له، والمبلغ المراد تحويله، ويحاسبني آخِرَ اليوم أو بعدَه بيوم أو يومين بنفس عمولة التحويل المتفق عليها (5ج أو 10ج على كل ألف)، من غير زيادة على تأخير المبلغ.

فهل هذا حلال أو حرام؟ وهل يندرج تحت (كل قرض جر نفعًا فهو رِبًا)؟

 

قائلة فتوى تحمل رقم “8407”: المعاملة المسؤول عنها جائزة شرعًا، لأنها من قبيل عقد الوكالة، مع وجوب أن تتم وفق اللوائح والقوانين المُنظمة لها، وعلى مقتضى ما تم التعاقد عليه بين من يعمل هذا العمل والشركة المنظمة له.

التكييف الفقهي لمعاملة تحويل وسحب فودافون كاش

المعاملة المسؤول عنها: وهي طلب شخصٍ من آخر يعمل في التحويلات المالية "الكاش" أن يحول أموالًا من محفظته الإلكترونية إلى شخصٍ ثالثٍ، على أن يدفع طالب التحويل المال المحول إلى صاحب الخدمة آخِرَ اليوم أو بعدَه بيوم أو يومين مع عمولة التحويل المتفق عليها (5ج أو 10ج على كل ألف) -هي عملية مركبة من جزئين:

أحدهما: هو طلب مبلغ من المال يحول إلى شخص آخر مع الرجوع على الطالب بما تم تحويله في الوقت المتفق عليه، وهذا يكيف على أنه قرض، حيث يتم دفع المال وتمليكه للطرف الثالث بناء على طلب الطرف الأول مع التزامه برد مثله في الوقت المتفق عليه وهذه هي حقيقة القرض؛ إذ القرض عند الفقهاء يطلق على "دفع المال لينتفع به آخذه ثم يرد له مثله أو عينه"، كما في "كفاية الطالب الرباني"، للإمام أبي الحسن المنوفي المالكي (2/ 164، ط. دار الفكر)، فصاحب الخدمة مُقرِض والعميل مُقترض والمال المحول إلى الطرف الثالث هو مال القرض الواجب على العميل رده إلى صاحب الخدمة.

والقرض الحسن من الأمور المندوب إليها، التي يثاب صاحبها عليها؛ حيث إنَّه من جملة الخير المأمور به في مثل قوله تعالى: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77].

وقد روى أبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَن نَفَّسَ عن مسلم كُرْبةً مِن كُرَبِ الدُّنيا، نَفسَ الله عنه كُرْبةً من كرب يوم القيامة، ومَن يَسَّرَ على مُعْسِرٍ، يَسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخِرَة، ومَن سَتَر على مسلمٍ، سَتَرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة، واللهُ في عَونِ العبد ما كان العبدُ في عَونِ أخيه».

ثانيهما: القيام بعملية التحويل نفسها بناء على طلب العميل، ويكيَّف شرعًا على أنه عقد وكالةٍ، حيث يقوم صاحب الخدمة "الوكيل" بتوصيل المال إلى الشخص الذي يرغب العميل "الموكل" دفعه إليه عن طريق خدمة "الكاش" من خلال المحفظة الإلكترونية، وهذه هي حقيقة الوكالة، إذ هي عبارة عن إقامةِ الإنسانِ جائز التصرف غيرَه مَقامَ نَفْسه نيابة عنه في تصرُّفٍ معلومٍ، كما في "العناية" للإمام البَابَرْتِي الحنفي (7/ 499، ط. دار الفكر)، و"الإنصاف" للإمام المرداوي الحنبلي (5/ 353، ط. دار إحياء التراث العربي)، فالعميل موكل وصاحب الخدمة وكيل والمال المطلوب إيصاله هو محل الوكالة.

والوكالة جائزة شرعًا، فكل ما جاز للإنسان أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل فيه غيره، ومن ذلك التوكيل في عقود الأموال وطلب الحقوق وإعطائها، وهو محل سؤالنا.

ولا يمنع من صحة المعاملة المذكورة اجتماع القرض  مع الوكالة، فقد نص الفقهاء على جواز قضاء الوكيل دين موكله من مال الوكيل واعتباره قرضًا يرجع عليه به.

قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (6/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [الوكيل بقضاء الدين إذا لم يدفع الموكل إليه مالا ليقضي دينه منه فقضاه من مال نفسه، يرجع بما قضى على الموكل؛ لأن الآمر بقضاء الدين من مال غيره استقراض منه، والمقرض يرجع على المستقرض بما أقرضه] اهـ.

حكم أخذ العمولة على التحويل

أما عمولة التحويل فهي من قبيل المصاريف الإدارية مقابل هذه الخدمة، وهي جائزة شرعًا.

وإذا جازت هذه المعاملة فإنه يجب أن تتم وفق اللوائح والقوانين المنظمة لها، وعلى مقتضى ما تم التعاقد عليه بين من يعمل هذا العمل والشركة المنظمة له، وألا يخالف مقتضى العقد المبرم بينهما؛ لما تقرر شرعًا من وجوب الوفاء بالعقود والمحافظة على العهود، قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1].

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (6/ 32 بتصرف، ط. دار الكتب المصرية): [أمر الله سبحانه بالوفاء بالعقود، قال الحَسَن: يعني بذلك عقود الدَّيْن، وهي ما عَقَدَه المرء على نفسه، من بيع، وشراء، وإجارة، وكِراء، ومناكحة، وطلاق، ومزارعة، ومصالحة، وتمليك... وغير ذلك من الأمور] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالمعاملة المسؤول عنها جائزة شرعًا مع وجوب أن تتم وفق  اللوائح والقوانين المنظمة لها، وعلى مقتضى ما تم التعاقد عليه بين من يعمل هذا العمل والشركة المنظمة له.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: المحافظ الإلكترونية الإفتاء قرض القرض الحسن المتفق علیه المنظمة له

إقرأ أيضاً:

أوقاف الفيوم تنظم 150 ندوة علمية للتوعية بأهمية الماء وسبل الحفاظ عليه

نظمت مديرية أوقاف الفيوم، اليوم الخميس، أكثر من 150 ندوة علمية دعوية تحت عنوان: "نعمة الماء وسبل المحافظة عليها".

أقيمت الندوات بعد صلاة العشاء ضمن برنامج "مجالس العلم والذكر"، وذلك بتوجيهات من وزير الأوقاف، الأستاذ الدكتور أسامة السيد الأزهري، وبرعاية الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم، وشارك في الندوات نخبة من الأئمة والدعاة المتميزين، الذين ركزوا على توعية الحاضرين بأهمية الماء كنعمة أساسية في حياة الإنسان والمجتمع.

وكيل أوقاف الفيوم: نعمل على نشر الفكر الوسطي وتطوير الدعوة الدينية باللغات المختلفة جامعة الفيوم تنظم ورشة عن خدمات مركز المعلومات بكلية الطفولة المبكرة

أكد العلماء المشاركون أن الماء هو أساس الحياة وسر بقائها، مشددين على أن نقطة الماء تساوي حياة، وأن إهدارها يعني إهدار مورد حيوي للبشرية جمعاء. وأشاروا إلى أن الماء ليس مجرد مورد طبيعي، بل هو نعمة عظيمة تستوجب الشكر للحفاظ عليها وتنميتها.

واستشهد العلماء بآيات من القرآن الكريم وأقوال العلماء والحكماء، حيث قالوا إن الله سبحانه وتعالى وعد بالمزيد من النعم لمن يشكرها: "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"

 وأضافوا أن شكر نعمة الماء يتحقق بترشيد استخدامه، والحفاظ على نقائه، وعدم تلويثه بمخلفات البيوت والمصانع أو القاذورات التي تضر بالصحة العامة.

على هامش أمسية دعوية بمسجد عمر بن الخطاب بإبشواي: وكيل أوقاف الفيوم يكرّم حفظة القرآن الكريم وكيل أوقاف الفيوم يناقش تطوير العمل الدعوي مع الأئمة بإدارتي بندر أول وثان

وأوضح المشاركون أن الحفاظ على الماء واجب ديني وأخلاقي ووطني، مشيرين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير الناس أنفعهم للناس". 

ومن هذا المنطلق، دعوا الجميع إلى تبني سلوكيات إيجابية في التعامل مع الماء، بدءًا من الترشيد، ومرورًا بالحفاظ على نظافته، وصولًا إلى المساهمة في نشر الوعي بأهميته كعنصر أساسي للحياة والرخاء.
تهدف وزارة الأوقاف من خلال هذه الندوات إلى تعزيز وعي المواطنين بقيمة الماء وأهمية الحفاظ عليه كجزء من مسؤوليتهم تجاه المجتمع والوطن. كما تسعى الوزارة إلى ربط القضايا البيئية والدينية بالواقع اليومي للناس، ما يعزز الارتباط بين تعاليم الدين وممارسات الحياة اليومية.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الفعاليات تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة العلمية والدعوية التي تنظمها وزارة الأوقاف لتفعيل دور المساجد كمراكز للعلم والتوعية، بما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا واستدامة.

مقالات مشابهة

  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • هل بر الوالدين يكفر الذنوب؟.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم القنوت في صلاة الفجر؟.. اختلفت عليه المذاهب الأربعة
  • ما حكم الانشغال بالتصوير أثناء أداء الحج والعمرة؟.. الإفتاء تجيب
  • ماحكم الوضوء من الترع على حالها؟.. الإفتاء تجيب
  • في بطن الحوت: كيف قلب يونس عليه السلام المحنة إلى منحة؟
  • حكم خلع لباس الإحرام وتغييره.. دار الإفتاء تجيب
  • أوقاف الفيوم تنظم 150 ندوة علمية للتوعية بأهمية الماء وسبل الحفاظ عليه
  • عاجل - قرار جديد من "CIB" بشأن شحن المحافظ الإلكترونية