هل هو سب الدين أم سب التدين يا شيخ مزمل؟
تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT
محمود عثمان رزق
7 أغسطس 2024
لقد سمعت مقطع للشيخ مزمل فقيري يهاجم فيه الإنصرافي ويتهمه بسب الدين وبالتالي يحكم عليه بالكفر إفتراضاً منه أن الإنصرافي أو الذين يسبون الدين عموماً هم يسبون الدين الإسلامي في عضمه. وقد يصدر هذا النوع من السب من شخص يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويتصدق ولكنه إذا انفعل صدر منه ذلك النوع من السب.
إذن ما المقصود بسب الدين إذا وقع من المسلم؟
الإجابة هي أن المقصود هو سب "التدين " كسلوك وليس الدين كعقيدة وأحكام. والتدين هو سلوك يعكس إنفعال النفس البشرية بقيم الدين قوة وضعفاً. وقد كان إنفعال نفس نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه بالدين عظيماً حتى مدحه ربه تعالي قائلاً: "إنك على خلق عظيم" ووصفته السيدة عائشة قائلة : "كان خلقه القرآن".! هذا مثال للتدين في أبهى صوره وأعلى مقاماته. والشاهد على هذا التفسير هو قولنا : "فلان هذا لا دين له" أو "فلان دا ما عندو دين" ونقصد بذلك أن تدينه ضعيف أو أن قيم الدين لا تنعكس في سلوكه وتفكيره وحياته ولا نقصد أنه كافر. ومن الشواهد إننا نسمع الشيخ مزمل نفسه وأصحابه ليلاً ونهاراً يهاجمون الآخرين ويقولون إن هؤلاء "لا دين لهم". ففي نظر الشيخ مزمل وأصحابه أن الصوفية لا دين لهم، وأن الإخوان لا دين لهم، وأن الشيعة لا دين لهم، وأن الختمية لا دين لهم، وهم يعلمون أن هؤلاء جميعاً يستندون للقرآن والسنة كمرجعين أساسيين في العقيدة والأحكام. فهل هجوم مزمل على الصوفية والإخوان والشيعة والختمية هجوم على دينهم وأصوله وعضمه أم هجوم على تدينهم وفهمهم له؟
ولعلنا نجد شاهداً آخر في قول الشاعر:
برز "الـثـعلب "يوما فى ثياب الواعظينا
فـمـشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينا
ويـقـول : الـحـمـد لـلـه إله العالمينا
يـا عـبـاد الله تـوبوا فهو كهف التائبينا
وازهدوا في الطير ان العيش عيش الزاهدينا
وأطـلـبوا "الديك" يؤذن لصلاة الصبح فينا
فـأتـى "الـديـك" رسول من إمام الناسكينا
عـرض الأمـر عـليه وهو يرجو أن يلينا
فـأجـاب " الـديك" عذراً يا أضل المهتدينا
بـلـغ "الثعلب" عني وعن جدودي الصالحينا
عـن " ذوي التيجان" ممن دخل البطن اللعينا
أنـهـم قـالـوا وخير القول قول العارفينا
مـخـطـىء من ظن يوما أن "للثعلب" دينا
فمقصود الشاعر أن سلوك الثعلب خلافاً لوعظه، فوعظه قيمٌ دينيةٌ سمحة لا شية فيها تسر السامعين. فالصراع إذن بين الديك والثعلب حول التدين وليس حول الدين في عضمه فعبر الشاعر عن التدين بالدين كما ذكرنا سابقاً. "فلان لا دين له" أي لا قيم دينية عنده وليس المقصود أن فلاناً كافر.
وإذا رجعنا للقرآن الكريم نجد قوله تعالى: "لكم دينكم ولي دين" أي لكم عقائدكم وسلوككم ولي عقيدة وسلوك فقد سمى عبادة الأصنام دين وهي في الحقيقة تدين يعكس أوهاماً وليس ديناً حقيقاً لأن الدين عند الله الإسلام كما جاء في القرآن الكريم.
وقبل أن يقوم الشيخ مزمل فقيري من مقامه لتكفير وتفسيق الرجل كان من الواجب عليه تلقين الرجل حجته كما في الشريعة والمحاكم المدنية! ومعلوم أن القاضي يلقن المتهم حجته التي يمكن أن تنقذه من العقاب أو تخفف عليه العقاب، كما يسمح له أن يأتي بمحامي يلقنه حجته. هل أنت مذنب أم غير مذنب؟ هل قتلت عمداً أم كان القتل خطأ؟ وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مع الشاب الذي جاءه معترفاً بالزنا. فقال له النبي {ص} لعلك قد فخّذّت، لعلك قد قبّلت .....الخ القصة، وهنا يحاول رسول الله {ص} أن يلقن المتهم حجة مرضية تجنبه العقاب، وقد أمر بدرء الحدود بالشبهات، ومن هذا الباب عطل عمر بن الخطاب {رض} عقاب السرقة عام الرمادة لأن دوافع التعدي لم تكن السرقة وإنّما كان التعدي بسبب الجوع القاتل.
فهل فعل الشيخ مزمل ما فعله نبينا الكريم؟ هل قال للإنصرافي إنّ عبارة سبك هذا لها معنيان فختر أحدهما:
المعنى الأول: أنك تسب الدين في عضمه وبالتالي تسب الله ورسوله وملائكته وكتبه.
المعنى الثاني: أنك تسب تدين وسلوك الخصم
فاذا إختار الإنصرافي المعنى الأول فهو كافر باجماع الأمة ولكن الأمة قد تختلف على عقوبته حسب فقه كل مدرسة فيها، أما إذا أختار المعنى الثاني فلا إثم عليه ولا حرج فإنما ذلك رأيه وتقديره. وهذا التصريف لا ينطبق على الإنصرافي وحده بل يعم كل من يتلفظ بعبارات هذا السباب. فالشخص هو من يحدد معنى سبابه، والحكم عليه يكون وفقاً لتفسيره الشخصي لأن الإعتراف هو سيد الأدلة، وخاصة في الأقوال التي تحتمل أكثر من تفسير ومعنى، وذلك لتجنيب المجتمع صراعات التكفير والتفسيق التي تضعف الدولة والمجتمع.
morizig@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لا دین له سب الدین
إقرأ أيضاً:
دعاء ليلة 13 رمضان.. احرص عليه حتى أذان المغرب غدا
دعاء ليلة 13 رمضان من الأدعية التي يحرص المسلمون على ترديدها، طمعًا في رحمة الله ومغفرته، حيث تُعد هذه الليلة بداية الأيام البيض التي أوصى النبي ﷺ بصيامها وقيامها، لما لها من فضل عظيم في التقرب إلى الله ونيل رضوانه.
ومع دخول هذه الليلة، يسعى المسلمون إلى الإكثار من العبادات والدعاء، حيث يُعتبر الدعاء من أفضل العبادات التي تقرب العبد من ربه، خاصةً في شهر رمضان المبارك، الذي تُفتح فيه أبواب الرحمة وتُضاعف فيه الحسنات.
فضل ليلة 13 رمضان وأهمية الدعاء فيهاليلة 13 رمضان تُعد من الليالي المباركة التي يُستحب فيها الاجتهاد في الطاعات، مثل الصلاة، وقراءة القرآن، والاستغفار، والتضرع إلى الله بالدعاء، فهي أولى الليالي البيض التي حث النبي ﷺ على صيامها وقيامها. ويحرص المسلمون على اغتنام هذه الليلة بالدعاء، لأنها فرصة عظيمة لنيل المغفرة والرحمة، خاصةً أن الدعاء في رمضان مستجاب بإذن الله، فقد قال رسول الله ﷺ: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم".
الدعاء في ليلة 13 رمضان يُعد من الأعمال المستحبة التي تُقرب العبد من ربه، وتُزيل الهموم، وتفتح أبواب الخير والبركة.
ومن رحمة الله بعباده أن جعل لهم فرصة الدعاء في هذه الليلة المباركة ليستغفروا عن ذنوبهم ويطلبوا ما يتمنون في الدنيا والآخرة، فقد قال تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون".
أفضل الأدعية المستحبة في ليلة 13 رمضانهناك العديد من الأدعية التي يُستحب للمسلم أن يرددها في هذه الليلة المباركة، سواء كانت أدعية مأثورة عن النبي ﷺ أو أدعية يدعو بها المسلم بما يشاء من الخير. ومن أبرز هذه الأدعية:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني.اللهم اغفر لي ذنوبي كلها، دقها وجلها، أولها وآخرها، سرها وعلانيتها.اللهم إني أسألك الخير كله عاجله وآجله، ما علمتُ منه وما لم أعلم.اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، اللهم ارزقني الصحة والرزق الوفير، وبارك لي في أهلي ومالي، ووفقني لما تحب وترضى.اللهم اكتب لي في هذه الليلة من خير ما كتبت، واصرف عني الشر كله، اللهم اجعلني من عتقائك من النار، وارزقني الفردوس الأعلى بغير حساب. اغتنام ليلة 13 رمضان بالطاعات والعباداتمن المستحب في ليلة 13 رمضان أن يكثر المسلم من الأعمال الصالحة، فهي فرصة عظيمة لنيل الحسنات وتكفير السيئات. ومن أهم العبادات التي يُستحب القيام بها:
الصلاة وقيام الليل: حيث يُفضل أن يحرص المسلم على أداء صلاة التهجد أو صلاة التراويح، فهي من أعظم العبادات التي تقرب العبد من ربه، وتزيد من حسناته.قراءة القرآن: فرمضان هو شهر القرآن، ولذلك من المستحب أن يحرص المسلم على تلاوة ما تيسر من كتاب الله في هذه الليلة المباركة.الاستغفار والتوبة: من الأعمال التي يحبها الله، حيث يُستحب الإكثار من الاستغفار وطلب العفو والمغفرة، فقد قال النبي ﷺ: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب".الإكثار من الصدقات: فالصدقة في رمضان لها فضل عظيم، وتضاعف فيها الأجور، ومن أفضل الصدقات إطعام الطعام للفقراء والمحتاجين.