سودانايل:
2024-11-02@11:25:43 GMT

هل هو سب الدين أم سب التدين يا شيخ مزمل؟

تاريخ النشر: 8th, August 2024 GMT

محمود عثمان رزق

7 أغسطس 2024

لقد سمعت مقطع للشيخ مزمل فقيري يهاجم فيه الإنصرافي ويتهمه بسب الدين وبالتالي يحكم عليه بالكفر إفتراضاً منه أن الإنصرافي أو الذين يسبون الدين عموماً هم يسبون الدين الإسلامي في عضمه. وقد يصدر هذا النوع من السب من شخص يصلي ويصوم ويزكي ويحج ويتصدق ولكنه إذا انفعل صدر منه ذلك النوع من السب.

فإذن كيف نفهم ذلك التعارض؟ كيف يجتمع الإيمان ومقتضياته مع الكفر في نفس اللحظة؟ والحقيقة التي لا جدال فيها أن المسلمين كلهم محبين للدين الإسلامي، ولا يرون فيه إلا مظاهر الكمال والجمال والحق والعدل. وبالتالي لا يُتوقع من أحد سب الدين في عضمه إلا إذا كان ذلك الشخص كافر به كفراً صريحاً كالملحدين العرب أو أصحاب الآيدلوجيات المعادية للدين عموماً الذين لا يهمهم الدين أصلاً وهم له أعداء، فهؤلاء أن سبوا الدين فمقصودهم الدين في عضمه.

إذن ما المقصود بسب الدين إذا وقع من المسلم؟

الإجابة هي أن المقصود هو سب "التدين " كسلوك وليس الدين كعقيدة وأحكام. والتدين هو سلوك يعكس إنفعال النفس البشرية بقيم الدين قوة وضعفاً. وقد كان إنفعال نفس نبينا الكريم صلوات الله وسلامه عليه بالدين عظيماً حتى مدحه ربه تعالي قائلاً: "إنك على خلق عظيم" ووصفته السيدة عائشة قائلة : "كان خلقه القرآن".! هذا مثال للتدين في أبهى صوره وأعلى مقاماته. والشاهد على هذا التفسير هو قولنا : "فلان هذا لا دين له" أو "فلان دا ما عندو دين" ونقصد بذلك أن تدينه ضعيف أو أن قيم الدين لا تنعكس في سلوكه وتفكيره وحياته ولا نقصد أنه كافر. ومن الشواهد إننا نسمع الشيخ مزمل نفسه وأصحابه ليلاً ونهاراً يهاجمون الآخرين ويقولون إن هؤلاء "لا دين لهم". ففي نظر الشيخ مزمل وأصحابه أن الصوفية لا دين لهم، وأن الإخوان لا دين لهم، وأن الشيعة لا دين لهم، وأن الختمية لا دين لهم، وهم يعلمون أن هؤلاء جميعاً يستندون للقرآن والسنة كمرجعين أساسيين في العقيدة والأحكام. فهل هجوم مزمل على الصوفية والإخوان والشيعة والختمية هجوم على دينهم وأصوله وعضمه أم هجوم على تدينهم وفهمهم له؟

ولعلنا نجد شاهداً آخر في قول الشاعر:

برز  "الـثـعلب "يوما فى ثياب الواعظينا

فـمـشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينا

ويـقـول : الـحـمـد لـلـه إله العالمينا

يـا  عـبـاد الله تـوبوا فهو كهف التائبينا

وازهدوا في الطير ان العيش عيش الزاهدينا

وأطـلـبوا "الديك" يؤذن لصلاة الصبح فينا

فـأتـى  "الـديـك" رسول من إمام الناسكينا

عـرض الأمـر عـليه وهو يرجو أن يلينا

فـأجـاب  " الـديك" عذراً يا أضل المهتدينا

بـلـغ "الثعلب" عني وعن جدودي الصالحينا

عـن " ذوي التيجان" ممن دخل البطن اللعينا

أنـهـم  قـالـوا وخير القول قول العارفينا

مـخـطـىء  من ظن يوما أن "للثعلب" دينا

فمقصود الشاعر أن سلوك الثعلب خلافاً لوعظه، فوعظه قيمٌ دينيةٌ سمحة لا شية فيها تسر السامعين. فالصراع إذن بين الديك والثعلب حول التدين وليس حول الدين في عضمه فعبر الشاعر عن التدين بالدين كما ذكرنا سابقاً. "فلان لا دين له" أي لا قيم دينية عنده وليس المقصود أن فلاناً كافر.

وإذا رجعنا للقرآن الكريم نجد قوله تعالى: "لكم دينكم ولي دين" أي لكم عقائدكم وسلوككم ولي عقيدة وسلوك فقد سمى عبادة الأصنام دين وهي في الحقيقة تدين يعكس أوهاماً وليس ديناً حقيقاً لأن الدين عند الله الإسلام كما جاء في القرآن الكريم.

وقبل أن يقوم الشيخ مزمل فقيري من مقامه لتكفير وتفسيق الرجل كان من الواجب عليه تلقين الرجل حجته كما في الشريعة والمحاكم المدنية! ومعلوم أن القاضي يلقن المتهم حجته التي يمكن أن تنقذه من العقاب أو تخفف عليه العقاب، كما يسمح له أن يأتي بمحامي يلقنه حجته. هل أنت مذنب أم غير مذنب؟ هل قتلت عمداً أم كان القتل خطأ؟ وقد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مع الشاب الذي جاءه معترفاً بالزنا. فقال له النبي {ص} لعلك قد فخّذّت، لعلك قد قبّلت .....الخ القصة، وهنا يحاول رسول الله {ص} أن يلقن المتهم حجة مرضية تجنبه العقاب، وقد أمر بدرء الحدود بالشبهات، ومن هذا الباب عطل عمر بن الخطاب {رض} عقاب السرقة عام الرمادة لأن دوافع التعدي لم تكن السرقة وإنّما كان التعدي بسبب الجوع القاتل.

فهل فعل الشيخ مزمل ما فعله نبينا الكريم؟ هل قال للإنصرافي إنّ عبارة سبك هذا لها معنيان فختر أحدهما:

المعنى الأول: أنك تسب الدين في عضمه وبالتالي تسب الله ورسوله وملائكته وكتبه.

المعنى الثاني: أنك تسب تدين وسلوك الخصم

فاذا إختار الإنصرافي المعنى الأول فهو كافر باجماع الأمة ولكن الأمة قد تختلف على عقوبته حسب فقه كل مدرسة فيها، أما إذا أختار المعنى الثاني فلا إثم عليه ولا حرج فإنما ذلك رأيه وتقديره. وهذا التصريف لا ينطبق على الإنصرافي وحده بل يعم كل من يتلفظ بعبارات هذا السباب. فالشخص هو من يحدد معنى سبابه، والحكم عليه يكون وفقاً لتفسيره الشخصي لأن الإعتراف هو سيد الأدلة، وخاصة في الأقوال التي تحتمل أكثر من تفسير ومعنى، وذلك لتجنيب المجتمع صراعات التكفير والتفسيق التي تضعف الدولة والمجتمع.

morizig@hotmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لا دین له سب الدین

إقرأ أيضاً:

دفن جثة سيدة مسنة عثر عليه داخل مسكنها في المطرية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أمرت نيابة المطرية  بدفن جثة سيدة مسنة عثر عليها داخل مسكنها عقب الانتهاء من اعداد تقرير الصفة التشريحية وكلفت المباحث الجنائية بسرعة اجراء التحريات حول الواقعة كما أمرت جهات التحقيق باستدعاء أسرتها.


كشفت التحقيقات الأولية أن  مسنه توفيت نتيجة اصابتها بامراض الشيخوخة وبمعاينة الشقة تبين سلامة جميع منافذها ولا توجد بها بعثرة في محتويات الشقة.

 

تلقت قسم شرطة المطرية بلاغا من الأهالي يفيد بالعثور على جثة سيدة داخل شقتها في أحد  العقارات بمنطقة المطرية وبانتقال قوات الأمن لمحل البلاغ  والفحص تبين صحة البلاغ الوارد و
تم نقل الجثة الي المشرحة واخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات وكشف ملابسات وفاتها.

مقالات مشابهة

  • كشف سر العادة النبوية: لماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يمسح بجسده بالمعوذتين قبل النوم؟ وما هي فوائد هذه العادة؟
  • هذا ما تنص عليه اتفاقية الشراكة بين روسيا وإيران
  • تطورات جديدة بشأن دفن جثماني حسن نصر الله وهاشم صفي الدين
  • تطورات جديدة بشأن مكان دفن جثماني حسن نصر الله وهاشم صفي الدين
  • أطلق النار عليه وقتله بسبب أفضلية مرور
  • برنامج يومي حرص عليه النبي واوصانا به فما هو؟.. علي جمعة يوضح
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • اليوم.. محاكمة المتهم بخطف طفل والتعدي عليه بالجيزة
  • تعدوا عليه بشومة.. قرار قضائي ضد شخصين في البساتين
  • دفن جثة سيدة مسنة عثر عليه داخل مسكنها في المطرية