قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن استمرار السلطات الإسرائيلية في فرض حصار تعسفي على قطاع غزة، ومنع دخول المساعدات والمواد الأساسية التي لا غنى عنها للبقاء، بما في ذلك منع إدخال أدوات التنظيف والنظافة الشخصية في خضم انتشار الأمراض المعدية والظروف المعيشية الصعبة لنحو 2.3 مليون فلسطيني هو تكريس لجريمة الإبادة الجماعية الشاملة التي تنفذها منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر الماضي.



وأعرب الأورومتوسطي، في تقرير له اليوم أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، عن بالغ قلقه إزاء التداعيات الوخيمة لاستمرار تعمد إسرائيل تأزيم الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، ومنع دخول مواد التنظيف والنظافة الشخصية والأدوات الصحية ومواد التعقيم، وعدم السماح بإدخال الكثير من الأصناف الضرورية ذات العلاقة، مشيرًا إلى أن لا سبب يبرر إخضاع السكان لظروف معيشية قد تؤدي بهم إلى الهلاك الفعلي، بما في ذلك من خلال تفشي الأمراض المعدية والجلدية الخطيرة ومرض الكبد الوبائي وغيره.

وأكد المرصد الأورومتوسطي أن استمرار إسرائيل بحرمان جميع سكان قطاع غزة بشكل تعسفي ومنهجي من أدوات ومواد النظافة يساهم في الانتشار السريع للكارثة الصحية الهائلة التي صنعتها إسرائيل في قطاع غزة، والتي تفاقمت إثر النزوح القسري وواسع النطاق والمتكرر للسكان، وافتقارهم إلى المعقمات ومواد والنظافة الشخصية، لا سيما في مراكز ومخيمات الإيواء المكتظة بمئات آلاف النازحين، وذلك بسبب منع وعرقلة إسرائيل المتواصل لدخول الإمدادات الأساسية إلى القطاع، واستمرار تفشي الأمراض المعدية وتلوث المياه وغياب خدمات الصرف الصحي، بفعل تدميرها من قبل قوات الجيش الإسرائيلي.

وشدد الأورومتوسطي على أن الحصار الإسرائيلي التعسفي والمتواصل وإغلاق كافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية قبل نحو عشرة أشهر، ومنع وعرقلة إدخال الإمدادات الإنسانية، أدى إلى تراكم خطير لمجموعة من الأزمات التي تهدد بشكل مباشر حياة وصحة سكان قطاع غزة، وفي مقدمتها حرمانهم من المواد الغذائية، والماء الصالحة للشرب، والأدوية، والمستهلكات الطبية، وكذلك الأدوات الصحية ومواد التنظيف.


وفي إفادة لفريق الأورومتوسطي، قالت "آية كمال عاشور عابد" (20 عامًا)، وهي أم لطفلين، ونازحة في مدرسة "دير البلح الإعدادية للبنات" وسط قطاع غزة: "نحن أكثر من 30 شخصًا نعيش في هذا الفصل منذ نحو 9 أشهر، كان عددنا نحو 70 شخصًا قبل أشهر، ولكن تقلّص العدد قليلًا عند خروج بعض النازحين إلى خيام خارج المدرسة".

وأضافت: "عابد" أنه "على الرغم من أن عددنا كبير جدًا ونحتاج بشكل متواصل لمواد التنظيف والنظافة الشخصية، إلا أننا لا نحصل عليها إلا بشكل محدود كل شهرين أو ثلاثة. حتى في الأسواق لا توجد مواد صحية مثل المحارم والصابون والشامبو، وإن توفر ذلك يكون بسعر مرتفع جدًا. على سبيل المثال، سعر مكعب الصابون وصل إلى 30 شيكل (نحو 9 دولارات أمريكية)، وعبوة الشامبو وصلت إلى 90 شيكل (نحو 25 دولارًا أمريكيًّا). من أين لنا أن نوفر هذه المبالغ فقط للنظافة الشخصية ونحن لا نجد ما نأكل؟"

وذكرت "عابد" التي نزحت من منزلها في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، بعد قصفه في أكتوبر/تشرين أول الماضي، أن ابنيها الاثنين أصيبا بحساسية وبكتيريا تحتاج إلى مراهم لا تستطيع توفيرها ولا تتوفر في عيادات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مضيفة: "عرضت ابني على الطبيب فأبلغني أن جسده بأكمله مصاب بالبكتيريا بشكل خطير بسبب قلة النظافة".

وأوضحت أن معاناتها الأكبر باتت في توفير الفوط الصحية، والتي أصبح توفرها في الأسواق المحلية شحيح وسعرها مرتفع، وقالت "أضطر إلى قص فوط أطفالي إلى قطع صغيره واستخدامها كفوط صحية خلال الدورة الشهرية رغم أنها غير ملائمة أبدًا للاستعمال، كما أنني اضطر أن أقضي اليوم كاملًا باستخدام فوطة واحدة فقط، وهو ما تسبب لي بتسلخات والتهابات عديدة".

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى وجود نحو 680 ألف امرأة وفتاة في سن الحيض في قطاع غزة، لا تتوفر لهن بشكل كافٍ الإمدادات الضرورية الخاصة بالدورة الشهرية، وبخاصة الفوط الصحية، فضلًا عن عدم كفاية المياه ومستلزمات النظافة والمراحيض، وانعدام الخصوصية، واضطرارهن إلى استخدام مواد ملوثة أو غير معقمة، مما يعرضهن لخطر الإصابة بالأمراض، بما في ذلك سرطان الرحم، والتهابات الجهاز التناسلي والمسالك البولية والعقم.

وأبرز الأورومتوسطي تفاقم مخاطر غياب الأصناف الأساسية لمواد التنظيف الشخصية والأسرية في قطاع غزة، في ظل الاحتياج الشديد للتنظيف والرعاية الشخصية، جراء إجبار أكثر من 2 مليون نسمة على النزوح القسري، غالبيتهم لعدة مرات، ولجوء مئات آلاف منهم إلى مراكز إيواء وخيام تفتقر لأدنى مقومات الحياة والنظافة الشخصية والرعاية الصحية، إلى جانب مخاطر تراكم النفايات وغرق الطرقات والأسواق بطفح المياه العادمة نتيجة عدم القدرة على تصريفها، بسبب قطع إسرائيل الكهرباء عن قطاع غزة بشكل كامل، ومنعها لدخول الوقود لتشغيل المولدات الكهربائية البديلة، عدا عن تدمير غالبية البنية التحتية الحيوية في القطاع، بما في ذلك شبكات الصرف الصحي.

ولاحظ فريق الأورومتوسطي عرض كميات من مواد التنظيف البديلة والبدائية التي يتم تصنيعها محليًا وتعد غير آمنة ولا تفي بالغرض إلى حد كبير، في أسواق وسط وجنوب قطاع غزة، وذلك باستخدام صبغات الطعام كبديل عن الصبغات المستخدمة في تحضير الصابون السائل ومواد التعقيم، والتي لم تدخل إلى قطاع غزة منذ أشهر بفعل الإغلاق الإسرائيلي للمعابر وفرض الحصار التعسفي.

وقد سجلت نقاط طبية في مراكز الإيواء وتجمعات النازحين في الخيام، عشرات آلاف حالات الإصابة بالأمراض الجلدية، وبالتحديد الأكزيما التي تظهر بشكل ملحوظ على أيدي النساء ممن يعملن على تنظيف أواني الطعام بمواد بدائية غير آمنة، في وقت تشير الأمم المتحدة إلى أن الطفح الجلدي والالتهابات الجلدية، لا سيما بين الأطفال، آخذة في الارتفاع بشكل حاد في قطاع غزة.

وأشار المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن إسرائيل تفرض على سكان غزة حصارًا تعسفيًا خانقًا بقصد الإهلاك العمد لهم، عبر التجويع، ومن خلال حشرهم في بيئة بمساحات جغرافية ضيقة، ومنع الأدوية ومواد التنظيف عنهم وحرمانهم من القدرة على الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والاستخدام الإنساني، وارتفاع درجات الحرارة.

وأكد الأورومتوسطي على أن الحق في الكرامة هو حق أساسي ومضمون لجميع الأفراد دون تمييز أو استثناء، بما يشمل توفير الظروف التي تتيح للناس العيش بكرامة، وحمايتهم من الإذلال والإهانة، وضمان حصولهم على الاحتياجات والحقوق الأساسية الأخرى، مثل الحق في الصحة والحق في الوصول إلى المياه والصرف الصحي، التي تعتبر حقوقا إنسانية معترف بها دوليًا للحفاظ على حياة السكان وحفظ كرامتهم.

وشدد الأورومتوسطي على أنه لا يمكن كفالة حقوق سكان قطاع غزة إلا من خلال وقف جريمة الإبادة الجماعية ورفع الحصار التعسفي عن قطاع غزة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في القطاع الذي بات غير قابل للحياة على كل الصعد، مشيرًا إلى أن كل يوم تأخير من شأنه أن يوصل القطاع إلى نقطة اللاعودة أو لدفع كلفة باهظة من أرواح المدنيين وصحتهم.

وجدد الأورومتوسطي دعوته إلى المجتمع الدولي لضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، بما يشمل دخول العناصر الأساسية الغذائية وغير الغذائية الضرورية للاستجابة للوضع الكارثي الذي يعاني منه سكان القطاع بأكمله، وبشكل فوري وآمن وفعّال، بما في ذلك إلى شمال قطاع غزة، وإعطاء الأولوية لتوفير الإمدادات الكافية من منتجات النظافة الشخصية والأسرية، وتلك الخاصة بالدورة الشهرية للنساء والفتيات في قطاع غزة، بالإضافة إلى خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية لمنع وتخفيف المزيد من الضرر للنساء والأطفال بشكل خاص، ولجميع السكان الفلسطينيين بشكل عام، بحسب ما يقتضي القانون الدولي لحقوق الإنسان والالتزامات الدولية ذات العلاقة.

كما دعا إلى ضرورة الضغط على إسرائيل لإعادة تشغيل خطوط أنابيب المياه الرئيسية التي تصل إلى قطاع غزة، خاصة في شمال القطاع، وضمان سلامة الفنيين وإتاحة الفرصة لهم لإجراء أعمال الإصلاح وإعادة التأهيل لخطوط المياه ومصادرها المتعددة، إلى جانب صيانة مرافق وخدمات الصرف الصحي.

وطالب بضرورة الضغط على إسرائيل للسماح بإدخال المواد اللازمة لأعمال الإصلاح وإعادة تأهيل البنى التحتية المدنية لتقديم الخدمات التي لا غنى عنها لحياة السكان المدنيين في قطاع غزة وانقاذهم من خطر الكوارث الصحية، بالإضافة إلى ضمان إدخال الوقود الكافي لتشغيل البنى التحتية للمياه والصرف الصحي، بما في ذلك محطات تحلية المياه وآبار المياه، ودورات المياه المتنقلة.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تشن إسرائيل بدعم أمريكي مطلق حربا على قطاع غزة أسفرت عن أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.

وتواصل تل أبيب الحرب متجاهلة قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.

إقرأ أيضا: الدروع البشرية.. جريمة حرب يواصل الاحتلال استخدامها في غزة


المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة منع فلسطيني مواد التنظيف احتلال فلسطين غزة منع مواد تنظيف المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المرصد الأورومتوسطی الإبادة الجماعیة النظافة الشخصیة مواد التنظیف إلى قطاع غزة فی قطاع غزة بما فی ذلک

إقرأ أيضاً:

حماس تؤكد مواصلة جهودها لوقف حرب الإبادة بغزة في ذكرى انطلاقتها

أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم السبت، أنها تواصل جهودها الكبيرة لوقف حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة، مشددة على أنها تعاطت بكل إيجابية ومسؤولية عالية مع كافة المبادرات.

جاء ذلك خلال بيان صحفي أصدرته حركة حماس بمناسبة ذكرى انطلاقتها الـ37 والموافق 14 ديسمبر من كل عام، وقالت: "لقد بذلك الحركة ولا تزال جهودا كبيرة لوقف العدوان وإنهاء معاناة شعبنا، وتعاطت بكل إيجابية ومسؤولية عالية مع كافة المبادرات".

وتابعت: "منفتحون على أيّة مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال بحق شعبنا، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والوفاء لدماء الشهداء وتضحياتهم".



وجددت الحركة، تمكسها بـ"عودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى" في أي مبادرة لوقف الإبادة بغزة.

ولم تعقب حماس في البيان، على مزاعم نشرها موقع "واللا" الإخباري العبري، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين اثنين قالا إن "تل أبيب قدمت لحماس، الأسبوع الماضي، مقترحا محدثا لاتفاق لإطلاق سراح بعض الرهائن (الأسرى الإسرائيليين) المائة المتبقين الذين تحتجزهم وبدء وقف لإطلاق النار بغزة".

كما ادعى "مسؤولون إسرائيليون أن حماس أبدت استعدادا أكبر للتحلي بالمرونة، والبدء في تنفيذ حتى صفقة جزئية"، وفق الموقع.



والسبت، ادعى مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، قرب التوصل إلى صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحركة حماس، دون تأكيد رسمي من إسرائيل أو حماس.

وفي بيانها، أوضحت حماس أن الشعب الفلسطيني "له الحق المطلق ويملك القدرة والكفاءة والإرادة الحرّة، في أن يُقرّر مستقبله ويرتّب بيته الداخلي بنفسه"، قائلة: "لا يجوز لأحد أن يفرض الوصاية عليه، أو أن يُقرّر بالنيابة عنه".

وشددت على رفضها "أي مشاريع دولية وصهيونية لتحديد مستقبل قطاع غزة بما يتناسب مع معايير الاحتلال ويكرس استمراره".

وقال مسؤولون إسرائيليون، في تصريحات سابقة، إن تل أبيب تجري مناقشات "حول اليوم التالي (مستقبل غزة بعد حرب الإبادة)، حيث يقول متطرفون من بينهم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن "الشيء الصحيح هو احتلال قطاع غزة وإعادة الاستيطان".

ودعت الحركة، محكمة العدل الدولية والمنظمات الحقوقية إلى "مواصلة عملها في توثيق جرائم الحرب الصهيونية ضدّ الشعب الفلسطيني وتقديم مرتكبيها للمحاكمة ومنع إفلاتهم من العقاب".

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 151 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

مقالات مشابهة

  • عمرها 3 أيام .. الرضيعة حنان ترتقي بقصف إسرائيلي رفقة والدتها في غزة
  • غزة - استشهاد مصور قناة الجزيرة أحمد اللوح
  • حماس تحذر من انهيار المنظومة الدولية لعجزها عن وقف جرائم الاحتلال
  • رداً على انضمام إيرلندا لدعوى الإبادة الجماعية..”إسرائيل” تغلق سفارتها
  • الجامعة العربية: ما يحدث في غزة من أبشع حملات الإبادة الجماعية بالعصر الحديث
  • استشهاد 195 صحفيًا فلسطينيا منذ بدء حرب الإبادة الجماعية في غزة
  • سيكولوجية الإبادة الجماعية.. كيف يقتل جنود جيش الاحتلال بدمٍ بارد؟
  • “اليونيسيف” تدعو إلى حماية أطفال غزة من استمرار حرب الإبادة الجماعية
  • حماس تؤكد مواصلة جهودها لوقف حرب الإبادة بغزة في ذكرى انطلاقتها
  • كالامارد: حان الوقت لتوجيه تهم الإبادة الجماعية لكل قادة “إسرائيل”