مع توجه المدارس لـالدمج في التعليم.. كيف نعلّم الطفل تقبل الآخر؟
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
تذكر منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" على موقعها الرسمي أن في العالم ما يقدر بنحو 240 مليون طفل ذوي احتياجات خاصة، مشيرة إلى أن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة -كغيرهم من الصغار- لديهم طموحاتهم ويمتلكون أحلاما لمستقبلهم.
وتشير دراسة، أجرتها إحدى المؤسسات التابعة للأمم المتحدة، إلى أن الأنظمة التعليمية بالمجمل تعتمد نهجا عنصريا تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يحرمهم من حقوق التعليم، حيث يتم استبعاد بعض التلاميذ بسبب الإعاقة، في حين يُرسل آخرون إلى مدارس خاصة لمعالجة إعاقة معينة، وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام تعليمي خاص يفصلهم عن غيرهم من التلاميذ.
وللحد من التمييز ضد ذوي الاحتياجات الخاصة، ظهر مفهوم الدمج في التعليم، الذي يُعَد من المفاهيم الحديثة والمهمة في العصر الحالي، ويسعى لتحقيق التعليم الشامل والمتكامل لجميع الطلبة دون استثناء.
ويعني الدمج في التعليم إدخال الطلبة من ذوي الاحتياجات الخاصة في نظام التعليم العام مع الطلبة العاديين، على أن يوفر لهم الدعم والخدمات اللازمة لتمكينهم من تحقيق أقصى إمكاناتهم التعليمية، وفق "يونيسيف".
من المهم التشخيص المبكر للأطفال الذين لديهم تحديات سلوكية وصعوبات تعلّم (شترستوك) أهمية التشخيص المبكرلكن قبل إدماج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة في برامج الدمج التعليمي، لا بد من تشخيصهم بشكل مبكر.
يقول مستشار التربية الخاصة والتوحد الدكتور أيمن البلشة، للجزيرة نت، إن الآونة الأخيرة "تشهد تطورا واضحا في مجال التعرف والتشخيص المبكر لمعظم حالات الأطفال، الذين لديهم تحديات سلوكية وصعوبات تعلم نمائية وأكاديمية، حيث يمكن التعرف عليهم وتحديد السمات والخصائص السلوكية والتربوية لهم في أعمار مبكرة، خاصة في مرحلة رياض الأطفال والمراحل الأساسية الابتدائية، وذلك من خلال مقاييس واختبارات تستند إلى الملاحظة المباشرة وتقدير مستوى الأداء".
ويضيف البلشة، الحاصل على دكتوراه في التربية الخاصة، أن فرصة التعرّف عليهم ووضع برامج التدخل يعتبران "مهمين وجوهريين للمحافظة على تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لمنحهم التعليم المناسب في المدارس العادية وضمن بيئة مدرسية آمنة وفاعلة وإيجابية تحقق لهم تطوير المعرفة والقدرة على التعامل مع المواد الدراسية بطريقة تناسب قدراتهم واحتياجاتهم، والوصول بالتالي إلى مستوى من التكيف النفسي والاجتماعي المناسب لضمان استمراريتهم في المدارس العادية".
وفي ضوء هذا التوجه، تنادي العديد من المؤسسات والمنظمات الحقوقية والتعليمية بضرورة تطوير المفاهيم المتعلقة بدمج هؤلاء الطلبة، والسعي لتحقيق مفهوم المدرسة الشاملة التي لديها القدرة الفعلية على استيعاب الفروق الفردية بين الطلبة، وتلبية احتياجاتهم ضمن بيئة مدرسية محفزة ومشجعة تعمل على تطوير مهاراتهم، وتقدم لهم كافة التسهيلات التي يحتاجونها لاستكمال مراحل الدراسة في المدارس العادية وضمن قدراتهم المتفاوتة.
البلشة: تجب زيادة وعي الكادر التعليمي وتدريبه على الممارسات الإيجابية مع الطلبة من ذوي التحديات (الجزيرة) الدمج المبكر يساعد على التقبلويرى البلشة أن اندماج الطلبة من ذوي التحديات السلوكية وصعوبات التعلم النمائية والأكاديمية في مراحل مبكرة ابتداءً من مرحلة رياض الأطفال يساعد بشكل كبير على تقبل أقرانهم لهم ضمن الصفوف العادية، "وكذلك فإن تلبية احتياجاتهم وتنمية قدراتهم ومنحهم الفرص الكافية للتفاعل والتواصل والتعلّم عوامل تزيد فرص التقبل لدى أقرانهم، ويصبح الأقران بمثابة الأصدقاء الداعمين أو المساندين لهؤلاء الطلبة".
كما شدد مستشار التربية الخاصة والتوحد على ضرورة مساعدة الصغار على تخطي التحديات والصعوبات الموجودة لديهم، "وضمان استمرارية وجودهم في الصفوف العادية، وعدم الوصول في مراحل لاحقة إلى التنمر عليهم، أو استبعادهم من النشاطات والممارسات الصفية والمدرسية، ونهاية باستبعادهم من المدرسة".
"ولتحقيق ذلك يجب رفع الوعي لدى الكادر الإداري والتعليمي في المدرسة، وتدريبه على تطبيق أفضل الممارسات الفعالة والإيجابية مع هؤلاء الطلبة، ومن ثم الانتقال إلى الطلبة ورفع الوعي لديهم، وتكوين الاتجاهات الإيجابية وتدريبهم على طرق التعامل المناسبة، وتحقيق مفهوم المدرسة الشاملة"، بحسب البلشة.
الحدق: من المهم تعليم الطلاب مهارات التواصل الاجتماعي والانخراط في المجتمع ومظاهر الاختلاف (الجزيرة) تعزيز ثقافة التعايش والتنوعمن جانبها، تقول المرشدة النفسية والتربوية جنى الحدق إن تعليم الطلبة كيفية تقبل الآخر وتعزيز ثقافة التعايش والتنوع "يعتبران جزءا مهما من توجه المدارس نحو الدمج والتعايش المجتمعي".
وتؤكد أنه من المهم تعليم الطلاب مهارات التواصل الاجتماعي والانخراط في المجتمع ومظاهر الاختلاف، وتدريبهم على طرق التخلص من ظاهرة التنمر وبناء الثقة والاحترام والتوعية بالتنوع، "وعندها يتقبلون الآخر، بالإضافة إلى التعاون مع مربيات الصفوف والمعلمات بدمج مفهوم تقبل الآخرين عبر موادهم التعليمية، خاصة أن موضوع الدمج يعتبر حديثا في المدارس".
ويولي أولياء أمور الأطفال ذوي الإعاقة دمج أطفالهم مع أقرانهم في المدارس العادية أهمية كبيرة، حتى يعي ولي الأمر والطفل ذو الإعاقة أهمية وجوده بالمدرسة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، أسوة بالأطفال العاديين.
يجب توفير الدعم للطلاب للتعامل مع التحديات والمشاكل التي يواجهونها أثناء التعايش المجتمعي المدرسي (شترستوك) تقبّل الطالب ذي الإعاقة في صفهولتعزيز ثقافة التعايش والتنوع، تشدد الحدق على ضرورة أن يحث المرشد التربوي وولي الأمر الطالب العادي على تقبل زميله من ذوي الإعاقة في صفه، وعدم تغذية الإحساس بالنقص لديه عن الطلاب العاديين، حتى يشعر بأهميته.
أما ولي أمر ذي الإعاقة، فينبغي عليه "تشجيع الطفل على الذهاب إلى المدرسة، والتفاعل مع أقرانه في الصف، وحثه على العمل الجماعي".
وتضيف "من المهم أن يتم تطبيق هذه الإستراتيجيات بشكل مستمر ومنتظم في بيئة تعليمية تشجع التواصل والتعاون بين الطلاب من مختلف الخلفيات الثقافية، كما يجب توفير الدعم والتوجيه للطلاب للتعامل مع التحديات والمشاكل التي يواجهونها أثناء عملية التكامل، والتعايش المجتمعي المدرسي".
"وفي النهاية نحن كمرشدين تربويين نسعى جاهدين لتقديم الدعم المعنوي والنفسي لطلبتنا في المدارس، ودعم التشاركية والتفاعلية مع زملائنا المعلمين وأولياء الأمور في ظل حلقة ووحدة واحدة، آملين لهم التوفيق والنجاح في حياتهم الدراسية والعملية"، تختم الحدق.
الباحثة الاجتماعية والنفسية ميساء القرعان: الدمج وتقبل الآخر يرتبطان بطبيعة تنشئة وتربية الطفل (الجزيرة) التنشئة والتربية الإنسانيةأما الباحثة الاجتماعية والنفسية ميساء القرعان، فترى بدورها أن الدمج وتقبل الآخر يرتبطان أيضًا بطبيعة تنشئة وتربية الطفل، بغض النظر عن من يمارسها، فهنالك برامج تربوية ومناهج يجب أن تكون مخصصة لسحب التقوقع على الذات الجمعية، سواء كانت هذه الذات تمثل العرق أو الجنس أو غيرها.
وتضيف "من وجهة نظري ليس كافيا أو ناجعا أن يتم إعطاء الطلبة محاضرات لتقبل الآخر، بل من المهم إلاء أهمية لكيفية جعل الطالب إنسانا أولا".
وتختم "هذا يعني أن لا يكون المربون عنصريين لأي شيء يميزهم، وأن يتعلم الطفل أو الطالب أن الإنسانية هي القاسم المشترك بين جميع الناس، وأن لا تفوق لأحد على أحد بسبب أشياء لم يخترها، كالعرق أو الجنس أو الإعاقة أو غيرها، وأن التفوق يكون بمعايير موضوعية وبموازين إنسانية علمية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اجتماعي ذوی الاحتیاجات الخاصة الدمج فی التعلیم تقبل الآخر من المهم من ذوی
إقرأ أيضاً:
«كتاب الأمنيات».. عزف على وتر الخيال
محمد عبدالسميع (الشارقة)
أخبار ذات صلة بعثة العمرة الرسمية لـ«إسلامية دبي» تعود إلى أرض الوطن قمة المليار متابع تعلن عن 10 مرشحينقدمت فرقة مسرح دبي الأهلي مساء أمس الأول، مسرحية «كتاب الأمنيات»، ضمن عروض مهرجان الإمارات لمسرح الطفل في دورته الثامنة عشرة 2024، وهي من تأليف الكاتب الليبي معتز بن حميد، وإخراج الفنان سالم التميمي، وتمثيل كل من الفنانين: عبدالله صنقور، عبدالعزيز حبيب، حمدي حجيرة، مارسيل، ليان المحلاوي، ومريم خال، رانيا عيزوقي وآخرون.
تدور حكاية العرض، حول مجموعة من الأطفال، يجتمعون في منزل الطفلة ياسمينة، من خلال حفلة متخيلة من قبلهم كلعبة يمارسونها بينهم في الأوقات التي يتلاقون فيها، حيث تبدأ الحفلة بلعبة من ألعاب الخيال، لتنتهي بعد ذلك بأحداث عجيبة وغريبة، حينما يقترح عليهم أحد الأطفال لعب لعبة العودة بالزمن، والتي تتحول من لعبة متخيلة إلى واقع حقيقي، تنقلهم إلى عصور وأماكن غريبة يجدون أنفسهم عالقين فيها وغير قادرين على الخروج والعودة إلى عصرهم ومنازلهم. وتستمر أحداث المسرحية حتى تصل إلى نهايتها بعودة الأطفال إلى واقعهم بعد دروس عدة تعلموها من خلال رحلة مزجت بين الخيال والواقع.
ساهم العرض في رسائله الموجهة للطفل، في تكريس قيم المعرفة، وأهمية الخيال في بناء إدراك الطفل ووعيه.
حالة تواصل
خلق العرض حالة من التواصل الجيد مع الجمهور، من خلال الحكاية التي لامست مخيلة الطفل، والتفاعل معها، وكذلك من خلال الحلول الإخراجية التي اعتمدها المخرج والتي ارتكزت على الممثل، وعلى الإضاءة التي لعبت دوراً كبيراً في إيصال رسائل العرض إلى المتلقي الصغير، كذلك ساهم الديكور في بناء مشاهد محببة للأطفال، حيث استند العرض في ذلك على التكثيف والاختزال، والذي ظهر جلياً على مستوى الماكياج والأزياء وحتى الموسيقى والمؤثرات الصوتية التي لم تكن مجرد شكلاً جمالياً، بل كانت أجزاء متممة للعرض.