الاستثمار الإستراتيجى فى البحيرات المصرية
تاريخ النشر: 31st, July 2024 GMT
تمتلك مصر ثروة من البحيرات الطبيعية والصناعية. وتتنوع هذه المسطحات المائية من العذبة إلى المالحة، وتساهم بشكل جماعى بحوالى 12% من إجمالى إنتاج الأسماك فى البلاد. وإدراكًا لإمكانيات هذه البحيرات، تهدف الحكومة المصرية إلى زيادة إنتاج الأسماك من 2.2 مليون طن فى عام 2023 إلى 2.5 مليون طن بحلول عام 2025 من خلال التطوير الاستراتيجى وتنويع مصادر الاستزراع السمكى.
الإمكانات الاقتصادية غير المستغلة للبحيرات المصرية كبيرة. توفر هذه البحيرات الغنية بالتنوع السمكى فرصا هائلة لإقامة مشاريع واسعة النطاق لتربية الأسماك وانتاجها وتصديرها. ومن شأن تنشيط هذا القطاع أن يعزز الاقتصادات المحلية بشكل كبير، ويولد فرص عمل جديدة، ويضمن الأمن الغذائى. بالإضافة إلى ذلك، فإن المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة بالعديد من البحيرات، مثل المنزلة والبرلس، توفر إمكانات سياحية واسعة. فبتطوير البنية التحتية السياحية كبناء وتحسين المرافق، وتحديث الخدمات، يمكن لهذه البحيرات جذب عشاق الطبيعة والسياح ودعم نمو السياحة المستدامة.
أما من الناحية الزراعية، يمكن استخدام مياه بعض البحيرات لرى الأراضى المجاورة، خاصة فى المناطق القاحلة، وبالتالى زيادة الإنتاجية الزراعية والاستدامة. علاوة على ذلك، تحتوى الرواسب السفلية لهذه البحيرات على معادن قيمة مثل الملح والجبس، وتوفر فرص مربحة لمشاريع التعدين التى يمكن أن تزيد من تنويع الاقتصادات المحلية وتدعيم القواعد الصناعية. كما أن إمكانية تطوير الطاقة المتجددة حول هذه البحيرات قائمة أيضًا. باستغلال طاقة الرياح فى المناطق المحيطة ببحيرات معينة يمكن التوافق مع أهداف الاستدامة العالمية، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفورى، ودعم نمو قطاع الطاقة الخضراء، والمساهمة فى الاستدامة البيئية وتحقيق الفوائد الاقتصادية.
تمتد إمكانات السياحة إلى ما هو أبعد من المناظر الطبيعية الساحرة. فالبحيرات تُعد موطن للعديد من أنواع الحيوانات والنباتات النادرة، مما يجعلها مثالية للسياحة البيئية والمشاهد الطبيعية. كما يمكن الترويج للرياضات المائية، بما فى ذلك التجديف وركوب الأمواج والغوص، فى البحيرات المناسبة، وجذب السياحة الرياضية وتعزيز أنماط الحياة النشطة. بالإضافة إلى ذلك، تتميز بعض البحيرات بمياه غنية بالمعادن ذات فوائد صحية، وهو ما يمهد الطريق أمام المنتجعات السياحية العلاجية وسياحة الاستشفاء. ويوفر التراث الثقافى المحيط بالعديد من هذه البحيرات مزيجًا فريدًا من السياحة الطبيعية والثقافية، والذى قد يعزز التجربة السياحية الشاملة ويقدم رواية غنية للزوار.
وعلى الرغم من هذه الفرص الواعدة، إلا أن معالجة بعض التحديات القائمة يمكن أن تساهم فى تحقيق الإمكانات الكاملة للبحيرات المصرية وتحويلها إلى محركات قوية للنمو والتنمية. التلوث كمثال لا يزال مشكلة مُهمة، تتطلب لوائح بيئية شاملة ومبادرات وطنية لاستعادة هذه النظم البيئية وحمايتها. كما أن تحسين البنية التحتية، وخاصة شبكات النقل، يُعد عنصرًا مهمًا لتسهيل الوصول ودعم الأنشطة السياحية والاقتصادية. ويُعد رفع مستوى الوعى حول إمكانات البحيرات المصرية من خلال الحملات التثقيفية والتسويق المستهدف ضرورة لجذب المستثمرين والسياح من الداخل والخارج.
ومن الضرورى وضع خطة للتنمية الاستراتيجية لتسخير إمكانات البحيرات المصرية. ويجب أن تتضمن هذه الخطة دراسات جدوى شاملة لكل بحيرة لتحديد طرق الاستغلال الأمثل وضمان التنمية المستدامة. ومن الأهمية أن تركز هذه الخطة على حماية البيئة والنمو الاقتصادى لتشجيع الاستثمارات مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. ويُشكل تأمين التمويل اللازم لتطوير البنية الأساسية، مثل الطرق والموانئ ومرافق الضيافة، وتدريب القوى العاملة على مهارات جديدة، خطوات بالغة الأهمية. الترويج للبحيرات المصرية كوجهات سياحية فريدة من خلال الحملات التسويقية الوطنية والدولية يمكن أن يعزز أيضا الأنشطة السياحية والاقتصادية بشكل كبير.
عامةً، الاستثمار فى تنمية البحيرات المصرية من شأنه أن يوفر فرصا تنموية كبيرة، ولكنها تتطلب من صناع السياسات إعطاء الأولوية للممارسات المستدامة والتخطيط الشامل لتحويل هذه الأصول الطبيعية إلى موارد وطنية كبيرة. ولكن تبقى الأسئلة الكبرى المطروحة: هل ستتمكن مصر من تحقيق التوازن المثالى بين الاستفادة الاقتصادية من البحيرات والحفاظ على البيئة؟ وهل ستكون السياسات المستقبلية قادرة على إدارة التحديات البيئية المتزايدة والتغيرات المناخية المتسارعة التى قد تؤثر على هذه الموارد الطبيعية الحيوية؟
تلك التساؤلات تدعو إلى تفكير عميق وتخطيط دقيق، حيث يتعين على القرارات السياسية أن تتبنى استراتيجيات مستدامة تضمن استفادة أقصى من البحيرات المصرية دون المساس بتوازن البيئة والموارد الطبيعية. هذا التوازن هو المفتاح لضمان أن يكون للاستثمار فى البحيرات المصرية تأثير إيجابى مستدام يمتد لجميع شرائح المجتمع المصرى ويحافظ على الثروة الطبيعية للأجيال القادمة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: البحيرات المصرية الاستثمار الاستراتيجي مصر المالحة البحیرات المصریة هذه البحیرات من البحیرات البحیرات ا
إقرأ أيضاً:
اليوم.. انطلاق فعاليات بورصة برلين السياحية بحضور ممثلو 180 دولة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تنطلق صباح اليوم الثلاثاء، فعاليات بورصة برلين للسياحة "ITB 2025" بألمانيا، وبقيادة دولة ألبانيا كمضيفة رسمية للحدث الذي ينطلق في الفترة من 4 إلى 6 مارس 2025، بحضور أكثر من 180 دولة، وكبار قادة الصناعة ورؤية مشتركة لقطاع سياحي "أكثر مرونة" حسبما عبرت منظمة الأمم المتحدة للسياحة، على لسان الأمين العام للمنظمة زوراب بولوليكاشفيلي، الذي سيقود محادثات رفيعة المستوى من شأنها أن تساعد في تشكيل مستقبل القطاع.
المؤتمر الصحفي للمعرضوستعمل قمة الوزراء المنعقدة اليوم، كمنصة لقادة القطاع العام لرسم مسار للنمو على أساس ركائز السلام والاستثمارات في السياحة، ومن خلال الأحداث الجانبية، ستعمل منظمة الأمم المتحدة للسياحة أيضًا على تعزيز الجهود لضمان استفادة الجميع من خلال إمكانية الوصول الأكبر والتركيز على الاستدامة مع نمو السياحة.
ألبانيا استعدت جيدا لتولي مركز القيادة كدولة مضيفة رسمية لمعرض بورصة برلين الألمانية للسياحة 2025، وهو المعرض التجاري الرائد والأضخم للسفر في العالم، وتبدأ الفعاليات بحفل افتتاح كبير في سيتي كيوب ببرلين، حيث من المتوقع أن يحضره حوالي 2500 ضيف، بما في ذلك شخصيات سياسية رفيعة المستوى وقادة الصناعة، وسيقود رئيس وزراء ألبانيا، إدي راما، الوفد الريمي لبلاده مما يؤكد التزام ألبانيا بتعزيز مكانتها على الساحة السياحية الدولية، ويعد الحفل الذي يحمل عنوان "كل الحواس" بأخذ الحضور في رحلة غامرة عبر المناظر الطبيعية والتقاليد والتراث الثقافي في ألبانيا، كما سيتم تقديم التحيات الرسمية من قبل عمدة برلين، كاي ويجنر، بالإضافة إلى ممثلين من مجلس السفر والسياحة العالمي (WTTC) ومنظمة السياحة العالمية (UNWTO).
وسيعمل البرنامج المنسق بعناية على إحياء الهوية الثقافية المتنوعة لألبانيا، حيث سيدمج الثنائي شكودرا إليكترونيكي، ممثل ألبانيا في يوروفيجن 2025، الموسيقى الشعبية التقليدية مع الإيقاعات الإلكترونية الحديثة، مما يقدم نظرة جديدة على الجذور الموسيقية للبلاد، كما ستقدم الفرقة الوطنية الألبانية رقصات تقليدية، بما في ذلك رقصة تروبوجا ورقصة السيف ورقصة عثمان تاكا، وكل منها تروي قصص البطولة والمرونة والفرح في قلب الثقافة الألبانية.
كما سيتضمن الحدث رقصة الكابا ورقصة إيزو بوليفوني، والتي اعترفت بها اليونسكو، مع أداء خاص من قبل عازف البيانو الشهير روبرت بيشا، وسيقدم مصمم الرقصات إيدي بلوشمي قطعة رقص معاصرة، تمزج بين الحركة الحديثة والتقاليد التاريخية لألبانيا.