لأن الفائدة التاريخية المرجوة محدودة جداً إن لم تكن منعدمة تماماً، في مقارنة منصفة مع ما يقدمه من تعاليم وكتابات وأفكار عدد من المفكرين والفلاسفة والعلماء في عصور غابرة من الحضارات الإنسانية المتعاقبة، أي في عصر الفلاسفة الأوائل من زمن الحضارة الإغريقية، والحضارة الفارسية، والحضارة اليمنية (سبأ وحِمْيَر ومعين وقتبان وأوسان وحضرموت)، والحضارة السورية التي يسميها المستشرقون الأوروبيون بـ (الآشورية) في تحريف صريح في المُسمَّى الحقيقي لتلك الحضارة، وما أكثر التزوير العلني والمبطن الذي لجأ إليه المستشرقين الأوروبيين البيض في تزوير حقائق التاريخ ومعطيات الجغرافيا.


تذكرت عدداً من كتابات ومقولات عددٍ من هؤلاء المفكرين والفلاسفة وأنا استمع كغيري لخطاب مجرم الحرب الصهيوني/ بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الصهيوني الإسرائيلي اليهودي، أمام عددٍ من أعضاء الكونجرس الأمريكي ومجلس الشيوخ الأمريكي (في شهر يوليو 2024م)، وهُم في الغالب أمريكيون صهاينة عنصريين أو دعموا للصعود إلى ذلك الكرسي بمساندة ودعم من اللوبي اليهودي الصهيوني المتغلغل في جسد جميع المؤسسات الحزبية والحكومية وحتى المدنية في الولايات المتحدة الأمريكية.
لقد تمت دعوة مجرم الحرب (نتنياهو) من قِبل قادة الحزب الجمهوري كدعاية انتخابية رخيصة في الانتخابات الرئاسية القادمة في نوفمبر القادم لهذا العام 2024م، لدعم مرشحهم الجمهوري وحشد اللوبي اليهودي الصهيوني لذلك الهدف، واُعطيت له مساحة من الزمن في الاستماع لهذيانه وأكاذيبه والرد عليه بقيام الأعضاء والتصفيق له بحرارة منقطعة النظير، مع العلم بأن هناك أعضاءً من المجلسين من الحزب الديمقراطي قد غابوا وتغيبوا احتجاجاً على سلوك وشخص مجرم الحرب (نتنياهو).
من سيقرأ خطاب مجرم الحرب وكلمات خطابه الأرعن وكأنه يُلقيه في زمن السلم، وكأن الجيش الصهيوني اليهودي لم يشن عدواناً وحشياً نازياً فاشياً على الشعب الفلسطيني مُنذ الثامن من أكتوبر عام 2023م وما زال مستمراً في العدوان الإجرامي حتى هذه اللحظة التي نُسجل فيها هذا المقال عن خطاب المجرم (نتنياهو)،
والغريب أنه يردد بسذاجة ذلك المجرم، ويقول خلال مدة حربة الحالي على الشعب الفلسطيني وأنه لم يقتل أي مدني فلسطيني، مع أن أرقام إجرام جيشه النازي قد قتل وجرح أزيد من (100,000) مائة ألف شهيد وجريح جُلُّهم من الأطفال والنساء والشيوخ من المدنيين،
والأغرب من ذلك أن الصهاينة الأمريكان كافئوه بتصفيقاً حاراً جداً جداً جداً. يتم نقل الخطاب على الهواء عبر العديد من وسائل الإعلام الأمريكي والعربي والأجنبي، وتنقله الفضائيات والقنوات وجميع وسائل التواصل الاجتماعي، كيف لنا أن نفهم نحن البشر الأسوياء كل ذلك المشهد الإعلامي الكاذب، وفي مغالطة صريحة للعقل والقلب وجميع حواس الإنسان، كيف؟!، كيف؟!، كيف؟!.
نحن نكتب مقالنا هذا اليوم، وفي شهر يوليو من عام 2024م وقد مضى على العدوان الصهيوني اليهودي الأمريكي الأوروبي الغربي أزيد من عشرة أشهر، تم فيه تدمير مدن قطاع غزة الفلسطينية بنسب تفوق الــ 70% من منشئاته وبُنيته التحتية، وتم تدمير مُعظم المستشفيات، والمدارس، والجامعات، والكنائس، والمساجد، وآبار مياه الشرب، والمزارع ومحطات تحلية المياه، وتدمير كل ماله صلة بالحياة الإنسانية في قطاع غزة، وراح من راح من الشهداء والجرحى والأسرى، ومع ذلك يحتفل الصهاينة الأمريكان بخطاب هذا المجرم القاتل (نتنياهو)، وفوق ذلك ينهض الأعضاء النواب في الكونجرس من مقاعدهم يصفقون له بحرارةٍ وبفرحةٍ مُستغربه على أي إنسانٍ عاقل يتابع ذلك المشهد الغريب. دعونا نقرأ المشهد معاً بقليلٍ من الحيادية الإنسانية، وعن ماذا يُعبر ذلك المشهد الإنساني التراجيدي: ـ
أولاً: كيف لأي إنسانٍ عاقل يتابع وسائل الإعلام، ويُشاهد ذلك المُنكر والموقف المشين من قِبَل النخبة الأمريكية المتمثلة بمكانة المجلس التشريعي الذي يُشرِّع القوانين واللوائح لأمة أمريكية ضخمة يتجاوز تعدادها الـ 350 مليون أمريكي، هؤلاء المُشرِّعون يتماهون مع وسائل الإعلام الصهيونية الكاذبة ويصدقون رواية القتلة المجرمون اليهود الإسرائيليون بأنهم شعب مظلوم من قِبل المقاومة الفلسطينية من حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية وغيرهم من المقاومين الفلسطينيين، كيف لهؤلاء المُشرِّعين الأمريكان أن يصدقوا بسذاجة مفرطة بأن المجرم القاتل (نتنياهو) يدَّعي بأنه ضحية للإرهاب وضحية للكراهية من قِبل العرب والمسلمين، كيف تنطلي على جهابذة التشريع الأمريكي المُتصهين، وهُم تحت قُبّة البرلمان (الديمقراطي) كل الألاعيب الإسرائيلية الصهيونية اليهودية في أكاذيب الإعلام وخلافه، إنه أمرٌ غريب وعجيب!!!. ـ
ثانياً: ألم يَسُن هؤلاء المُشرِّعين الأمريكان الصهاينة وقبل بضعة أشهر فحسب، قانوناً أمريكياً صهيونياً خاصاً بهم، يقول محتواه بـ (أنه لا يحق لمحكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة وجزءاً من المنظومة العدلية الدولية، لا يحق لها أن تصدر أي قراراتٍ أو أحكامٍ ضدّ قادة كيان العدو الإسرائيلي)، وحتى بعد إدانتهم من قِبل القُضاة الدوليين. ـ
ثالثاً: ألم يوافق هؤلاء المُشرِّعين الأمريكان، وقبل بضعة أشهر فحسب على موازنة الدعم العسكري الأمريكي لدولة الكيان الصهيوني، وتزويدهم بعشرات المليارات، وتم الضغط على إدارة الرئيس/ جو بايدن من أجل تمرير تلك الصفقة لدعم الكيان الإسرائيلي أثناء العدوان الإسرائيلي على مواطني قطاع غزة. ـ
رابعاً: ألا يُذكِّرنا موقف أعضاء مجلسي الشيوخ والكونجرس الأمريكي، وهُم يصفقون بنشوة مفرطة وبحرارة متناهية لكلمات خطاب مجرم الحرب القاتل (نتنياهو)، ألا يُذكِّروننا بأن أجدادهم الأوروبيين البيض العنصريين حينما غزو واستعمروا القارتين الأمريكيتين في العام 1492م بقيادة النصاب الدولي/ كريستوفر كولمبس، وقاموا بتزوير الوقائع والأحداث، بل صادروا تاريخ الشعوب الأصلية لتلك الأراضي من حضارة (الإنكا والمايا والأزديك)،
وقالوا بأنهم اكتشفوا أرض الأمريكيتين وأن ليس بها بشراً وأنهم (أي الأوربيون البيض) قاموا بإعمار القارتين. وقد ظهر بعد ذلك بأن الإنسان الأوروبي الأبيض العنصري قد أباد وأعدم شعوب ما كانوا يسموهم بالهنود الحُمر، أعدموا منهم ما يزيد عن 120 مليون إنسان، إن من صفق بحرارة للقاتل المجرم (نتنياهو) من أعضاء الكونجرس الأمريكي لقتل أكثر من (40,000) شهيد فلسطيني أعدمتهم العصابات الصهيونية العسكرية وبأسلحة أمريكية وأوروبية، هم ذاتهم أحفاد المجرمون الأوائل من الأوروبيين العنصريين البيض الذين غزوا القارة الأمريكية وقتلوا الملايين من السكان الأصليين لأمريكا، يقولون ما أشبه الليلة بالبارحة. ـ
خامساً: ألا يُذكِّرنا هؤلاء الأمريكان البيض العنصريين بما فعله أجدادهم المستعمرين الأوروبيين في القارة الأفريقية السوداء، والذين لازالوا يدفعون التعويضات المادية على قتلها، إلا أنها تثبت بما لا يدع مجال للشك لإدانتهم بأنهم أعدموا وصفّوا وقتلوا الملايين من الشعب الأفريقي بحجة أنهم بشر غير مكتملي النمو، وأنهم أي الإنسان الأوروبي العنصري الأبيض هو من سيطوّر جيناتهم الوراثية الآدمية نحو التطور البشري، قتلوا الملايين من الشعب الجزائري، وشعب جنوب أفريقيا، ومن الشعب الكونغولي والموزمبيقي و و و. ـ
سادساً: ألا يُذكِّرنا موقف هؤلاء الأمريكان العنصريين بأجدادهم البريطانيون حينما استعمروا شبه القارة الهندية وامتصوا وسرقوا ونهبوا ثرواتها وتركوا جزءاً من الشعب الهندي وهم بالملايين يموتون جوعاً كما كان يردد المجرم/ تشرشل رئيس وزراء بريطانيا (العظمى) في الحرب العالمية الثانية، قال إن هؤلاء الهنود يموتون لأنهم كسالى ولا فائدة فيهم، هكذا تتجلى العنصرية المقيتة المُشينة في سلوك هؤلاء الأوروبيين العنصريين. ـ
سابعاً: ألا يُذكِّرنا الأمريكان الصهاينة اليوم بأجدادهم البريطانيون حينما غزوا قارة أستراليا وأبادوا سكانها الأصليون السود بحجة أنهم بشراً غير أسوياء يتوجب إبادتهم، وقتلوا مُعظم سكان الجزيرة / القارة الأصليون، ونقلوا إلى القارة البكر مجاميع بريطانية بيضاء هم من خريجو السجون ومن الذين عليهم أحكاماً قانونيةً جنائية ليستوطنوا بدلاً عن سكان الجزيرة الأصليون، ومن تبقى منهم وهرب إلى الغابات والجبال تم عزلهم في جيتوهات ومناطق عزل كي يبقوا كالحيوانات معزولين يكملون بهم برامج السواح الأجانب القادمون إلى جزيرة أستراليا للتنزه والاستمتاع بمشاهدة الإنسان الأول والذي تم تصفية الجزء الأعظم منهم، هكذا هم المستعمرون الأوروبيون البيض العنصريون، وهكذا هي أعمالهم القذرة وغير الإنسانية.
الخلاصة: إن الممارسات الغير أخلاقية والغير إنسانية والجرائم البشعة التي يرتكبها العدو الصهيوني الإسرائيلي ضد أهلنا بقطاع غزة وفلسطين المحتلة كلها منذ تاريخ 8 أكتوبر 2023م وحتى لحظة كتابة مقالنا اليوم في 29 يوليو 2024م، هي نتاج ثقافة عنصرية، وممارسة غير إنسانية قذرة تشرّبها العدو الإسرائيلي من تربة الاستعمار الأوروبي الأبيض المريض وتوابعه من أمراض الشوفينية والماسونية والعنصرية الصهيونية والنازية والفاشية والمرض المتوارث من عقدة التفوق العرقي للإنسان الأبيض مُنذ لحظة ميلاد الفكر الاستعماري الاحتلالي القذر في أوروبا، وانتشارها حول العالم. ﴿وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال في الجمهورية اليمنية / صنعاء

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الکونجرس الأمریکی هؤلاء الم شر مجرم الحرب من الشعب ذلک الم من ق بل

إقرأ أيضاً:

‏خطاب القائد عبدالملك مرة أخرى

 

بداية:
ليس هناك ما يلزمني بالكتابة مرة أخرى سوى التزام الفلسطيني تجاه أمته وخصوصا تجاه من لا يتوقفون عن نصرته ولو بكلمات المواساة، فكيف بمن شرح وأسهب وهدّد فأرهب، وقال وفعل، ولم يخف ما في القلب من ألم وما في الصدر من حزن وشجن.
لكنني هذه المرة -وبصراحة وصدق – استمعت باحثا عن أي خلل في الخطاب الطويل وعن أي كلمة أو جملة في غير مكانها حتى لو كانت عابرة أو غير مقصودة.
فوجدت أن ما قاله ما يلي:
أولا:
أمتنا ليست بخير: هل هناك خلاف على هذه؟ لو كانت أمتنا بخير لما كنا في ذيل الأمم.
ثانيا:
نحتاج لنهضة إيمانية على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الذكرى: من يختلف على هذه أيضا؟
ثالثا:
ثلاثمائة مليون عربي تركوا غزة تباد على يد من كتبت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله، الذين أذلّهم رسولنا الكريم وأخرجهم من جزيرة العرب بسبب غدرهم.. أليس هذا ما يحث فعلا منذ أحد عشر شهرا ضد أهلنا في غزة؟
رابعا:
اليمن وأبناؤه يتمنون الالتحام برا والوقوف إلى جانب إخوانهم في غزة لولا لعنة الجغرافيا التي وضعت حدودا عربية مانعة بينهم وبين غزة.
سيقول قائل/ ربما قال ذلك مبالغا وهو يعرف أنه صعب. وأقول حسنا: أنا لمست صدق ذلك من كلمات وتعليقات الإخوة اليمنيين على العام والخاص ولذلك فأنا أصدق ذلك تماما وإذا كنتم تريدون التثبت فدعونا نختبر ذلك وافتحوا الحدود أمام أهل اليمن لنرى ما سيحدث؟
خامسا:
وعد القائد “بتقنيات غير مسبوقة في التاريخ ” تنكل بالأعداء برا كما حدث بحرا.
وقفت طويلا أمام هذه الجملة وقلت صراحة إنها فعلا صيغة مبالغة.
فكيف يكون لدى اليمن وأنصار الله تقنيات كهذه وهم في أوضاع نعرفها وليسوا في عصر نهضة وتطور ولم يسابقوا الصين وأمريكا ولا أوروبا في أي مجال تقني قبل هذا.. فكيف؟
وما بين رغبتي في التصديق لحاجتنا الماسة لذلك وبين صعوبة تخيل ذلك وجدتني أدير حوارا داخليا خلصت فيه للآتي:
1 – السيد لم يقل تلك الكلمات عبثا بل ربطها بما سبقها وهو نجاح العمليات في البحار وقدرة الصواريخ الباليستية على الوصول.. فلماذا لا ينجح في البر كما نجح في البحر؟
2 – الحاجة أم الاختراع: لقد كرر السيد في عدة خطابات ما كان يبدو كأنه اعتذار لتأخر الرد وصعوبته في ظل كل هذا الفضاء المملوء بأنظمة الدفاع والحماية للعدو، وألمح في كل تلك الخطابات إلى أن هناك جهداً للتغلب على المعيقات وإن تسخير الطاقات والجهود لهدف محدد قطعا سيثمر بإنجاز كبير ونوعي ولعله أراد اليوم في هذه المناسبة العظيمة أن يبشرنا بأن ذلك النجاح قد تحقق.
3 – هذا الحديث الطويل عن الإيمان والجهاد وفرضيته وأن الله سينصر المجاهدين!
أليس من النصر التوفيق إلى صناعة الأدوات التي تحقق ذلك النصر؟.
أخيرا: سأعيد هنا ما كتبته في نهاية تعليقي على الخطاب السابق: وسأجعلها رسالتي الخاصة للسيد القائد:
“غزة بحاجة لقوة رادعة توقف العدوان وحرب الإبادة وتحمي شعبها وتكف عنه هذا الدمار الكبير والقتل المستمر وحرب التجويع، ولذلك نأمل أن تكون هناك لدى جبهات المساندة الأخرى خصوصا الشمال استراتيجية ردع فاعلة وعاجلة تصاحب استراتيجية الاستنزاف التي لها فوائد حتمية على المدى البعيد”.
وبالله التوفيق.
فهل قال شيئا غير هذا؟
* كاتب صحفي فلسطيني

مقالات مشابهة

  • بينهم ملياردير شهير.. هؤلاء في طريقهم لـنادي التريليونير
  • أما آن لكم أن تعترفوا بحقوق معلمات محو الأمية.؟!
  • مركز القبول الموحد وطلبة الدبلوم العام إلى أين؟ (2- 3)
  • أسعار طبق البيض اليوم الأحد 8-9-2024 في قنا
  • أسعار البيض اليوم السبت 7-9-2024 في بورصة الدواجن
  • أسعار طبق البيض اليوم السبت 7-9-2024 في قنا
  • هل يقرأ حزب الله خطاب الآخرين جيدًا؟
  • دكتور مصطفي ثابت يكتب.. الاختلافات الفقهية حول الاحتفال بالمولد النبوي
  • أسعار طبق البيض اليوم الجمعة 6-9-2024 في قنا
  • ‏خطاب القائد عبدالملك مرة أخرى