مراقبة أسعار السلع الأساسية تحد من الارتفاعات غير المبررة

البحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي

أوصى خبراء اقتصاديون بتشجيع الإنتاج المحلي ودعم الصناعات المحلية والتقليل من الاعتماد على الواردات؛ للحد من تأثير تقلبات الأسعار العالمية على السوق المحلي والحفاظ على مستويات آمنة للتضخم، ودعوا إلى تحسين سياسات التجارة الخارجية وتقليل الرسوم الجمركية وتسهيل عمليات الاستيراد لزيادة العرض المحلي.

وأكدوا في استطلاع أجرته "عمان" أن مراقبة الأسعار تتيح للحكومة فرض رقابة على أسعار السلع الأساسية والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، ودعوا إلى ضرورة اتباع خطط الإنفاق بواقعية والبحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للحفاظ على مستوى الرفاه الاجتماعي.

وشددوا على أهمية التحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدّرة لتأمين اكتفاء ذاتي وأمن غذائي عام ويبقى معدل التضخم في الحدود الآمنة، كما دعوا إلى تعزيز قاعدة التنوع الاقتصادي، وزيادة مستوى الاستثمار المحلي والأجنبي في الدولة في مختلف القطاعات والتركيز على المشاريع المنتجة للسلع والخدمات.

ويشكل التضخم تحديا اقتصاديا كبيرا تواجهه العديد من الدول، بما في ذلك سلطنة عمان. ويُعرف التضخم بزيادة مستمرة في مستوى الأسعار العام للسلع والخدمات، مما يؤثر على القوة الشرائية للأفراد والاقتصاد بشكل عام. في شهر يونيو 2024، ارتفع معدل التضخم في سلطنة عمان بنسبة 0.7 بالمائة مقارنة بالشهر المماثل من عام 2023.

تشجيع الإنتاج المحلي

وقالت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية إن التضخم في سلطنة عُمان يمكن أن يُعزى إلى عدة أسباب رئيسية، منها ارتفاع أسعار النفط والغاز، حيث تعتمد السلطنة بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، وتقلبات أسعار النفط تؤثر مباشرة على الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، مما يرفع أسعار السلع والخدمات. كذلك، الاعتماد على الواردات يؤدي دورًا كبيرًا في التضخم، إذ تستورد سلطنة عمان نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية والصناعية.

وأوضحت الشيبانية أن زيادة تكلفة الواردات نتيجة لتقلبات أسعار الصرف وارتفاع أسعار السلع العالمية تؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات في السوق المحلي، كما أن السياسات النقدية تؤثر على التضخم؛ فزيادة العرض النقدي في السوق قد تؤدي إلى تضخم إذا لم تتماشَ مع نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وأضافت أن العوامل الخارجية مثل الأزمات الاقتصادية العالمية أو الإقليمية، مثل جائحة كورونا، يمكن أن تؤدي إلى تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن، مما يزيد من أسعار السلع في السوق المحلي.

وأكدت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية أن ارتفاع الأسعار بشكل مستمر يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعملة، مما يعني أن الأفراد يمكنهم شراء كمية أقل من السلع والخدمات بالمبلغ نفسه مقارنة بالفترات السابقة، مشيرة إلى أنه إذا لم تزد الأجور بنفس نسبة التضخم، فإن القوة الشرائية للأفراد تتراجع، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الضغط المالي على الأسر.

وأوضحت أن التضخم يؤدي إلى تآكل المدخرات إذا كانت الفوائد على المدخرات أقل من معدل التضخم، مما يقلل من الحافز على الادخار ويؤثر سلبًا على الاستثمارات.

وأفادت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية بأن السياسات النقدية تؤدي دورا مهما في السيطرة على التضخم، حيث يمكن للبنك المركزي تعديل معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم، حيث إن رفع معدلات الفائدة يقلل من الإنفاق الاستهلاكي والاقتراض، مما يقلل من الضغط التضخمي، مضيفة أن ترشيد الإنفاق الحكومي يساعد في تخفيض الطلب الكلي، مما يسهم في تخفيف الضغوط التضخمية. وأكدت على أهمية تشجيع الإنتاج المحلي ودعم الصناعات المحلية والزراعة للتقليل من الاعتماد على الواردات، مما يحد من تأثير تقلبات الأسعار العالمية على السوق المحلي، وأوصت بأهمية تحسين سياسات التجارة الخارجية وتقليل الرسوم الجمركية وتسهيل عمليات الاستيراد التي يمكنها أن تزيد من العرض المحلي وتقلل من الأسعار، كما أن مراقبة الأسعار تتيح للحكومة فرض رقابة على أسعار السلع الأساسية والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار.

إجراءات حكومية

وقال الدكتور خالد بن سعيد العامري إن ارتفاع معدل التضخم في سلطنة عمان في شهر يونيو 2024 بنسبة 0.7 بالمائة مقارنة بالشهر المماثل من عام 2023، يعود إلى عوامل داخلية وخارجية، مشيرا إلى أن الإنفاق الحكومي، ونمو عرض النقد، والقدرة الإنتاجية للاقتصاد تعد من العوامل الداخلية التي تؤثر على مستوى التضخم.

وأكد العامري أن سلطنة عمان اتخذت عدة تدابير وإجراءات حكومية للحد من التضخم، مثل رفع مخصصات الدعم الاجتماعي، وتثبيت أسعار الوقود، ودعم السلع الغذائية، وتوسعة قائمة السلع الغذائية المعفاة من ضريبة القيمة المضافة. إضافة إلى الارتباط بين الريال العماني والدولار الأمريكي والسياسات النقدية المتبعة، التي ساهمت في الحد من ارتفاع التضخم.

وشدد الدكتور خالد العامري على ضرورة اتباع خطط الإنفاق بواقعية والبحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للحفاظ على مستوى الرفاه الاجتماعي، مشيرا إلى أن تغيير ثقافة الاستهلاك والبحث عن المنتجات والسلع البديلة يمكن أن يساعد في التعايش مع التضخم.

التحول إلى دولة مصدرة

وقال الدكتور قيس السابعي إن هناك عدة أسباب داخلية تؤدي إلى التضخم في سلطنة عُمان، منها الطلب المتزايد على السلع والخدمات، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار بسبب زيادة الضغط على الموارد المتاحة. كذلك، ارتفاع تكاليف الإنتاج، مثل أسعار المواد الخام وتكاليف العمالة أو تكاليف الإيجارات والخدمات، يسهم في زيادة أسعار السلع والخدمات. بالإضافة إلى تأثير السياسات النقدية للبنوك المركزية مثل زيادة سعر الفائدة أو زيادة كمية النقد المتداول يؤدي دورا مهما. نظرًا لارتباط الريال العماني بالدولار، فإن التغيرات في السياسات النقدية الأمريكية تؤثر مباشرة على السياسات النقدية في سلطنة عمان.

وأضاف السابعي أن التضخم يؤثر على القوة الشرائية، حيث إن كل وحدة من العملة تشتري عددًا أقل من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، فعندما يكون التضخم مرتفعًا، فإن الأموال تشتري أقل مما كانت عليه من قبل، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للدخل.

وبيّن السابعي أن سلطنة عمان تعد من بين الدول الخليجية الأقل معدلًا في مؤشر التضخم، مشيرًا إلى أن زيادة الاحتياطيات النقدية من الدولار الأمريكي وتقليل الاحتياطيات من العملات الأخرى يمكن أن يساعدا في مواجهة تقلبات أو تذبذبات أسعار العملات الأخرى، كما أن زيادة المخزونات من المواد الخام والمواد الغذائية الرئيسية تعد من الإجراءات المهمة.

وشدد على ضرورة إعادة النظر في مصادر المواد الخام والمواد الغذائية التي تستوردها سلطنة عمان، داعيًا إلى التحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة لتأمين اكتفاء ذاتي وأمن غذائي عام، وتعزيز قاعدة التنوع الاقتصادي وعدم الاعتماد فقط على النفط والغاز، والتوسع في مختلف القطاعات الاقتصادية مثل المعادن، والصناعات البتروكيماوية، والاستدامة، والطاقة الشمسية، والسياحة.

وأوضح أنه يجب على المواطنين المساهمة في محاربة التضخم من خلال تبني ثقافة الاستهلاك الواعي ودعم المنتجات المحلية لتحفيز الاقتصاد الوطني، داعيا إلى تعزيز الثقة وثقافة الانتقاء عند شراء الأساسيات والكماليات، والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني عبر شراء المنتجات الوطنية لتحفيز التجار المحليين.

أسباب خارجية

وأوضحت الدكتورة حبيبة المغيرية أن هناك أسبابا خارجية تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم كجائحة كورونا، ومشاكل سلاسل التوريد والإمداد، والاضطرابات السياسية في بعض الدول المصدرة للسلع والخدمات الرئيسية، مشيرة إلى التضخم المستورد الذي ينتج بسبب عوامل من خارج سلطنة عُمان سواء مكونات نهائية أو مواد أولية للإنتاج. فعند ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية المستوردة في الدول المصدرة، من المتوقع بيعها أيضًا بسعر مرتفع في سلطنة عُمان.

وبيّنت أن الإنتاج المحلي الذي يعتمد على استيراد مواد خام ومكونات أخرى مستوردة يزيد من تكلفة الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وأيضا أسعار الطاقة مثل النفط تؤثر على تكلفة الإنتاج والشحن والنقل، مما يزيد من تكلفة السلع في الدول المنتجة والمستوردة.

وأضافت المغيرية أنه توجد عدة سياسات تتبعها الدول للحد من التضخم مثل السياسة المالية والسياسة النقدية سواء في جانب الطلب أو العرض، حيث تطبق السياسة النقدية والمالية الانكماشية للحد من زيادة الطلب على السلع والخدمات وذلك بخفض الإنفاق الحكومي ورفع نسبة الضرائب على الشركات وتقليل الإصدارات النقدية. أما بالنسبة لجانب العرض، فيجب زيادة مستوى الاستثمار المحلي والأجنبي في الدولة في مختلف القطاعات والتركيز على المشاريع المنتجة للسلع والخدمات، موضحة أن تعديلات أسعار الفائدة وبيع الأوراق المالية الحكومية ومتطلبات الاحتياطي ومعدل الخصم تعد من السياسات المهمة للتحكم في ارتفاع الأسعار المستمر والسريع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسات النقدیة التضخم فی سلطنة ع للسلع والخدمات القوة الشرائیة السلع والخدمات الإنتاج المحلی ارتفاع أسعار السوق المحلی مما یؤدی إلى أسعار السلع معدل التضخم سلطنة عمان تؤدی إلى إلى دولة للحد من یمکن أن

إقرأ أيضاً:

زيادة إحتمالية إنهيار سد السرج وتدمير دولة السودان

….كهوف سد السرج….
يمكني اليوم وبكل ثقة أن أؤكد أن الإنهيار الذي حدث تحت (قدمة) سد السرج في المنطقة الجيولوجية الضعيفة هو إنهيار ناتج عن (كهوف جيرية) تحت سد السرج.
شكل حواف الإنهيار تؤكد أنه إنهيار فجائي نتج عنه كسر الطبقة العليا الطينية للـ (القدمة) وظهر تحتها (فراغ كبير).

هذا الكسر بهذه الشكلية هو نوع من أنواع (الإنهيارات الأرضية) للكهوف الجيرية الموجودة تحت سد السرج في منطقة (الفاليت)

أكيد سيأتي أحد يتفلسف على العبد لله ويردد نفس السؤال الغبي إياه, يعني الشركات الإيطالية والفرنسية والصينية شغالة في سد النهضة ولم تدرك أن تحت سد السرج يوجد (كهوف).

الإجابة هي أنهم جميعا يعلمون بوجود (كهوف) تحت أساسات السد الخرساني وسد السرج. ولكنهم (أكدوا) أنهم قد (أصلحوا) كل تلك الكهوف ومافيش أي خطر مستقبلي منها.
الواضح هنا أن (الزمن) بدأ يختبر جودة تنفيذ تلك الشركات والتي كانت تعمل من منظور (أرخص التكاليف على حساب الآمان).

في المنظر العام .. يبدوا التصميم رائع .. ولكن الشيطان يكمن في تفاصيل (التنفيذ)والشيطان وعاشيرته يكمن فيما بعد (الخدمة) وخاصة أول (3 سنوات).

الصور الملحقة لأحد السدود الأمريكية الموجودة في نيويورك والتي ظهر فيها أيضا إنهيارات نتيجة (كهوف) .
بمعني أن لا الأمريكان ولا الطالينة أكبر من التحديات الجيولوجية.

د. محمد جافظ

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • توقعات بانخفاض التضخم بمصر في آب رغم ارتفاع الأسعار
  • القطاع الصناعي قاطرة النمو المستدام وأهم ركائز التنويع الاقتصادي
  • عضو «العقار المصري»: مشروع رأس الحكمة ساهم في زيادة الاستثمارات العقارية
  • خبراء: الهيدروجين الأخضر وقود المستقبل ورافعة اقتصادية تدعم خُطط التنويع والتنمية
  • زيادة إحتمالية إنهيار سد السرج وتدمير دولة السودان
  • للشهر الثاني.. التضخم السنوي في دولة عربية يواصل الانخفاض
  • «براكة».. نقلة نوعية تعزز استدامة الطاقة والنمو الاقتصادي
  • ابن طوق يبحث مع وزيرة التخطيط المصرية سبل تعزيز التعاون الاقتصادي
  • أردوغان مطمئن لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لحكومته
  • بالتوازي مع مكافحة التضخم.. أردوغان يعلن ثقته بالبرنامج الاقتصادي متوسط المدى لحكومته