مراقبة أسعار السلع الأساسية تحد من الارتفاعات غير المبررة

البحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي

أوصى خبراء اقتصاديون بتشجيع الإنتاج المحلي ودعم الصناعات المحلية والتقليل من الاعتماد على الواردات؛ للحد من تأثير تقلبات الأسعار العالمية على السوق المحلي والحفاظ على مستويات آمنة للتضخم، ودعوا إلى تحسين سياسات التجارة الخارجية وتقليل الرسوم الجمركية وتسهيل عمليات الاستيراد لزيادة العرض المحلي.

وأكدوا في استطلاع أجرته "عمان" أن مراقبة الأسعار تتيح للحكومة فرض رقابة على أسعار السلع الأساسية والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار، ودعوا إلى ضرورة اتباع خطط الإنفاق بواقعية والبحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للحفاظ على مستوى الرفاه الاجتماعي.

وشددوا على أهمية التحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدّرة لتأمين اكتفاء ذاتي وأمن غذائي عام ويبقى معدل التضخم في الحدود الآمنة، كما دعوا إلى تعزيز قاعدة التنوع الاقتصادي، وزيادة مستوى الاستثمار المحلي والأجنبي في الدولة في مختلف القطاعات والتركيز على المشاريع المنتجة للسلع والخدمات.

ويشكل التضخم تحديا اقتصاديا كبيرا تواجهه العديد من الدول، بما في ذلك سلطنة عمان. ويُعرف التضخم بزيادة مستمرة في مستوى الأسعار العام للسلع والخدمات، مما يؤثر على القوة الشرائية للأفراد والاقتصاد بشكل عام. في شهر يونيو 2024، ارتفع معدل التضخم في سلطنة عمان بنسبة 0.7 بالمائة مقارنة بالشهر المماثل من عام 2023.

تشجيع الإنتاج المحلي

وقالت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية إن التضخم في سلطنة عُمان يمكن أن يُعزى إلى عدة أسباب رئيسية، منها ارتفاع أسعار النفط والغاز، حيث تعتمد السلطنة بشكل كبير على صادرات النفط والغاز، وتقلبات أسعار النفط تؤثر مباشرة على الاقتصاد الوطني، حيث يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة تكاليف الإنتاج والنقل، مما يرفع أسعار السلع والخدمات. كذلك، الاعتماد على الواردات يؤدي دورًا كبيرًا في التضخم، إذ تستورد سلطنة عمان نسبة كبيرة من احتياجاتها الغذائية والصناعية.

وأوضحت الشيبانية أن زيادة تكلفة الواردات نتيجة لتقلبات أسعار الصرف وارتفاع أسعار السلع العالمية تؤدي إلى زيادة أسعار المنتجات في السوق المحلي، كما أن السياسات النقدية تؤثر على التضخم؛ فزيادة العرض النقدي في السوق قد تؤدي إلى تضخم إذا لم تتماشَ مع نمو الناتج المحلي الإجمالي.

وأضافت أن العوامل الخارجية مثل الأزمات الاقتصادية العالمية أو الإقليمية، مثل جائحة كورونا، يمكن أن تؤدي إلى تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الإنتاج والشحن، مما يزيد من أسعار السلع في السوق المحلي.

وأكدت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية أن ارتفاع الأسعار بشكل مستمر يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للعملة، مما يعني أن الأفراد يمكنهم شراء كمية أقل من السلع والخدمات بالمبلغ نفسه مقارنة بالفترات السابقة، مشيرة إلى أنه إذا لم تزد الأجور بنفس نسبة التضخم، فإن القوة الشرائية للأفراد تتراجع، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى المعيشة وزيادة الضغط المالي على الأسر.

وأوضحت أن التضخم يؤدي إلى تآكل المدخرات إذا كانت الفوائد على المدخرات أقل من معدل التضخم، مما يقلل من الحافز على الادخار ويؤثر سلبًا على الاستثمارات.

وأفادت الدكتورة المكرمة شمسة الشيبانية بأن السياسات النقدية تؤدي دورا مهما في السيطرة على التضخم، حيث يمكن للبنك المركزي تعديل معدلات الفائدة للسيطرة على التضخم، حيث إن رفع معدلات الفائدة يقلل من الإنفاق الاستهلاكي والاقتراض، مما يقلل من الضغط التضخمي، مضيفة أن ترشيد الإنفاق الحكومي يساعد في تخفيض الطلب الكلي، مما يسهم في تخفيف الضغوط التضخمية. وأكدت على أهمية تشجيع الإنتاج المحلي ودعم الصناعات المحلية والزراعة للتقليل من الاعتماد على الواردات، مما يحد من تأثير تقلبات الأسعار العالمية على السوق المحلي، وأوصت بأهمية تحسين سياسات التجارة الخارجية وتقليل الرسوم الجمركية وتسهيل عمليات الاستيراد التي يمكنها أن تزيد من العرض المحلي وتقلل من الأسعار، كما أن مراقبة الأسعار تتيح للحكومة فرض رقابة على أسعار السلع الأساسية والحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار.

إجراءات حكومية

وقال الدكتور خالد بن سعيد العامري إن ارتفاع معدل التضخم في سلطنة عمان في شهر يونيو 2024 بنسبة 0.7 بالمائة مقارنة بالشهر المماثل من عام 2023، يعود إلى عوامل داخلية وخارجية، مشيرا إلى أن الإنفاق الحكومي، ونمو عرض النقد، والقدرة الإنتاجية للاقتصاد تعد من العوامل الداخلية التي تؤثر على مستوى التضخم.

وأكد العامري أن سلطنة عمان اتخذت عدة تدابير وإجراءات حكومية للحد من التضخم، مثل رفع مخصصات الدعم الاجتماعي، وتثبيت أسعار الوقود، ودعم السلع الغذائية، وتوسعة قائمة السلع الغذائية المعفاة من ضريبة القيمة المضافة. إضافة إلى الارتباط بين الريال العماني والدولار الأمريكي والسياسات النقدية المتبعة، التي ساهمت في الحد من ارتفاع التضخم.

وشدد الدكتور خالد العامري على ضرورة اتباع خطط الإنفاق بواقعية والبحث عن طرق جديدة تسهم في استدامة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للحفاظ على مستوى الرفاه الاجتماعي، مشيرا إلى أن تغيير ثقافة الاستهلاك والبحث عن المنتجات والسلع البديلة يمكن أن يساعد في التعايش مع التضخم.

التحول إلى دولة مصدرة

وقال الدكتور قيس السابعي إن هناك عدة أسباب داخلية تؤدي إلى التضخم في سلطنة عُمان، منها الطلب المتزايد على السلع والخدمات، مما يؤدي إلى زيادة الأسعار بسبب زيادة الضغط على الموارد المتاحة. كذلك، ارتفاع تكاليف الإنتاج، مثل أسعار المواد الخام وتكاليف العمالة أو تكاليف الإيجارات والخدمات، يسهم في زيادة أسعار السلع والخدمات. بالإضافة إلى تأثير السياسات النقدية للبنوك المركزية مثل زيادة سعر الفائدة أو زيادة كمية النقد المتداول يؤدي دورا مهما. نظرًا لارتباط الريال العماني بالدولار، فإن التغيرات في السياسات النقدية الأمريكية تؤثر مباشرة على السياسات النقدية في سلطنة عمان.

وأضاف السابعي أن التضخم يؤثر على القوة الشرائية، حيث إن كل وحدة من العملة تشتري عددًا أقل من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود، فعندما يكون التضخم مرتفعًا، فإن الأموال تشتري أقل مما كانت عليه من قبل، مما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للدخل.

وبيّن السابعي أن سلطنة عمان تعد من بين الدول الخليجية الأقل معدلًا في مؤشر التضخم، مشيرًا إلى أن زيادة الاحتياطيات النقدية من الدولار الأمريكي وتقليل الاحتياطيات من العملات الأخرى يمكن أن يساعدا في مواجهة تقلبات أو تذبذبات أسعار العملات الأخرى، كما أن زيادة المخزونات من المواد الخام والمواد الغذائية الرئيسية تعد من الإجراءات المهمة.

وشدد على ضرورة إعادة النظر في مصادر المواد الخام والمواد الغذائية التي تستوردها سلطنة عمان، داعيًا إلى التحول من دولة مستوردة إلى دولة مصدرة لتأمين اكتفاء ذاتي وأمن غذائي عام، وتعزيز قاعدة التنوع الاقتصادي وعدم الاعتماد فقط على النفط والغاز، والتوسع في مختلف القطاعات الاقتصادية مثل المعادن، والصناعات البتروكيماوية، والاستدامة، والطاقة الشمسية، والسياحة.

وأوضح أنه يجب على المواطنين المساهمة في محاربة التضخم من خلال تبني ثقافة الاستهلاك الواعي ودعم المنتجات المحلية لتحفيز الاقتصاد الوطني، داعيا إلى تعزيز الثقة وثقافة الانتقاء عند شراء الأساسيات والكماليات، والمساهمة في دعم الاقتصاد الوطني عبر شراء المنتجات الوطنية لتحفيز التجار المحليين.

أسباب خارجية

وأوضحت الدكتورة حبيبة المغيرية أن هناك أسبابا خارجية تؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم كجائحة كورونا، ومشاكل سلاسل التوريد والإمداد، والاضطرابات السياسية في بعض الدول المصدرة للسلع والخدمات الرئيسية، مشيرة إلى التضخم المستورد الذي ينتج بسبب عوامل من خارج سلطنة عُمان سواء مكونات نهائية أو مواد أولية للإنتاج. فعند ارتفاع أسعار المنتجات الاستهلاكية المستوردة في الدول المصدرة، من المتوقع بيعها أيضًا بسعر مرتفع في سلطنة عُمان.

وبيّنت أن الإنتاج المحلي الذي يعتمد على استيراد مواد خام ومكونات أخرى مستوردة يزيد من تكلفة الإنتاج، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، وأيضا أسعار الطاقة مثل النفط تؤثر على تكلفة الإنتاج والشحن والنقل، مما يزيد من تكلفة السلع في الدول المنتجة والمستوردة.

وأضافت المغيرية أنه توجد عدة سياسات تتبعها الدول للحد من التضخم مثل السياسة المالية والسياسة النقدية سواء في جانب الطلب أو العرض، حيث تطبق السياسة النقدية والمالية الانكماشية للحد من زيادة الطلب على السلع والخدمات وذلك بخفض الإنفاق الحكومي ورفع نسبة الضرائب على الشركات وتقليل الإصدارات النقدية. أما بالنسبة لجانب العرض، فيجب زيادة مستوى الاستثمار المحلي والأجنبي في الدولة في مختلف القطاعات والتركيز على المشاريع المنتجة للسلع والخدمات، موضحة أن تعديلات أسعار الفائدة وبيع الأوراق المالية الحكومية ومتطلبات الاحتياطي ومعدل الخصم تعد من السياسات المهمة للتحكم في ارتفاع الأسعار المستمر والسريع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: السیاسات النقدیة التضخم فی سلطنة ع للسلع والخدمات القوة الشرائیة السلع والخدمات الإنتاج المحلی ارتفاع أسعار السوق المحلی مما یؤدی إلى أسعار السلع معدل التضخم سلطنة عمان تؤدی إلى إلى دولة للحد من یمکن أن

إقرأ أيضاً:

عودة شركة النصر للسيارات قرار استراتيجي .. نواب: زيادة الإنتاج المحلي تقلل الواردات وتوفر احتياجات مصر

نائب: عودة شركة النصر للسيارات خطوة لاستعادة تاريخ مصر في التصنيع المحلي
برلماني: مصر تستهدف توطين صناعة السيارات بعودة شركة النصر للإنتاج
نائب: إعادة تشغيل شركة النصر للسيارات خطوة هامة نحو توطين الصناعة المحلية
 

 

أشاد عدد من النواب بقرار عودة شركة النصر للسيارات للإنتاج مرة أخرى بعد فترة توقف ، وأكدوا أن ذلك يأتي في إطار سياسة الدولة المصرية نحو توطين الصناعة المحلية ودعم زيادة الإنتاج المحلي بهدف تقليل الواردات وتوفير احتياجات السوق المحلي بدلا من الاعتماد على استيرادها من الخارج .

في البداية أكد النائب محمد عبد الله زين الدين، عضو مجلس النواب، أمين حزب مستقبل وطن بالبحيرة، أهمية عودة شركة النصر لصناعة السيارات للعمل من جديد، مشيرا إلى التاريخ الكبير للشركة الوطنية.

وأوضح في تصريحات صحفية له اليوم، أن شركة النصر للسيارات كانت من أولى القلاع الصناعية في مصر  عام ١٩٦٠، ونجحت في إحداث نهضة للصناعة المصرية والاعتماد على التصنيع المحلي في مختلف القطاعات.

وأشار زين الدين، إلى أن عودة شركة النصر للسيارات للتصنيع، ومن قبلها تطوير مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، خطوات هامة تنبئ عن استعادة التاريخ المصري في الصناعة المصرية، وفقا رؤية الدولة لتوطين الصناعة المحلية.

ولفت عضو مجلس النواب، أن صناعة السيارات سوق واعد، وداعم للاقتصاد الوطني، لاسيما في ظل زيادة الطلب في السوق المصري من ناحية، فضلا عن القدرة على فتح أسواق خارجية لبيع السيارات المصرية.

وتابع النائب: الفترة الحالية فرصة كبيرة للنهوض بالصناعة المصرية، في ظل التحديات الخارجية والحاجة إلي توطين الصناعة والاعتماد علي الإنتاج المحلي في مواجهة مشكلات العملة الأجنبية.

وأكد عضو مجلس النواب، أن السوق المصري والإقليمى يحتاج إلى مختلف الصناعات وبينها السيارات، مما يعد ذلك فرصة جيدة للاهتمام بتطوير المنتجات المحلية وزيادة جودتها لتناقس المنتجات العالمية.

الشراكة مع القطاع الخاص

ودعا النائب محمد زين الدين، إلى أهمية الشراكة مع القطاع الخاص وجذب استثمارات جديدة في قطاع الصناعة المصرية، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة التسويق عالميا ومحليا لشركة النصر للسيارات.

وقال النائب عمرو القطامي، عضو مجلس النواب، إن عودة شركة النصر للإنتاج مرة أخرى بعد فترة توقف، يؤكد للجميع خاصة المستثمرين فى الداخل والخارج عزم الدولة على دعم صناعة السيارات وتوطين هذه الصناعة محليا، وذلك من خلال رؤية جادة واستراتيجية ترتكز على عدد من المحاور المهمة.

وأشار النائب عمرو القطامي، إلى أن الشركة تستعد لإنتاج أول أتوبيس جديد بنسبة مكون عالية، وهو ما يؤكد أن هذه الشركة العريقة صاحب التاريخ الطويل تعود للحياة مرة أخرى وهي رسالة قوية عن دخول الدولة المصرية مجال توطين صناعة السيارات وتوطين تكنولوجيا صناعة السيارات، وأن الأمر أصبح حقيقة، ومن ثم هذا الأمر يشجع الجميع على الاستثمار فى الدولة المصرية التى تؤكد للجميع أنها تقف على أرض صلبة لدعم المنتج المحلي والصناعة الوطنية.

وأضاف النائب عمرو القطامي، أن الدولة لابد أن تضع رؤية للتصدير وفتح أسواق خارجية أمام السيارات المصرية، لافتا إلى أن هناك بعض الدول القريبة التي استطاعت ان تحقق انجازات كبيرة فى مجال صناعة السيارات، ومصر لا تقل مكانة عن أى دولة فى المنطقة، فعلى سبيل المثال شركة النصر العملاقة التي تأسست عام 1960، وتبلغ المساحة الإجمالية للشركة حوالي 480000 متر مربع، والدولة لديها من الكوادر ما يجعلها مؤهلة لتكون رائدة فى هذه الصناعة.

وأكد القطامى، أن شركة النصر تعد جزءًا أساسيًا من تاريخ صناعة السيارات في مصر، وعودتها للإنتاج مرة اخرى بعد توقف دام 15 عامًا هو حدث بالغ الأهمية، ولابد من إلقاء مزيد من الضوء على هذا الحدث التاريخي، لأنه ليس مجرد عودة شركة للانتاج ولكن إرادة دولة فى توطين صناعة السيارات محليا.

وأشاد النائب المهندس حازم الجندي عضو مجلس الشيوخ، عضو الهيئة العليا في حزب الوفد بإعلان إعادة تشغيل شركة النصر لصناعة السيارات، وبدء الإنتاج بعد توقف دام 15 عام، مؤكدا أن ذلك يأتي في إطار سياسة الدولة المصرية نحو توطين الصناعة المحلية ودعم زيادة الإنتاج المحلي بهدف تقليل الواردات وتوفير احتياجات السوق المحلي بدلا من الاعتماد على استيرادها من الخارج .

وقال الجندي في بيان له اليوم، إن شركة النصر لصناعة السيارات لها تاريخ طويل في دعم الاقتصادي الوطني، وذلك من تأسيسها في عام ١٩٥٩ وامتلأت الشوارع المصرية بمنتجاتها من السيارات، حيث كانت تنتج الشركة وتصنع وتبيع ما يقرب من  500 ألف سيارة خلال فترة تشغيلها، وهو جزء كبير من الاقتصاد المصري.

وأكد عضو مجلس الشيوخ أن الاعتماد على الصناعات الوطنية وتعزيز الطاقة الإنتاجية المحلية وإحلال الصادرات محل الواردات من المنتجات المصرية الأصيلة وتحفيز جذب الاستثمار المحلي والأجنبي ودعم السوق المصرية والانفتاح بالمنتجات الوطنية نحو السوق العالمية، هو السبيل الأمثل والوحيد لصناعة اقتصاد وطني قوي، قادر على مواجهة أية تحديات، بعيدا عن أية محاولات للهيمنة.

وشدد عضو الهيئة العليا لحزب الوفد على ضرورة استغلال هذه الانطلاقة والترحيب الكبير بعودة الصناعة المصرية تحديدا في شركة النصر للسيارات، بإعداد برامج تدريب وإعادة تأهيل العمالة، ووضع خطة تسويقية وبيعية تناسب احتياجات السوق المحلية والخارجية، بهدف استغلال الطاقات الإضافية وتحقيق التكامل الصناعي المستهدف من مثل هذه الاستثمارات الضخمة.

وألقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، كلمة، خلال احتفالية شركة النصر للسيارات ببدء الإنتاج من جديد بعد توقف دام أكثر من 15 عاماً، والتي رحب في مستهلها بالحضور في واحدة من القلاع الصناعية الوطنية؛ وهي شركة النصر للسيارات، مُعتبراً أن هذا اليوم يُمثل عيداً، حيث كان الجميع يحلُم بأن تعود هذه القلعة الصناعية للحياة مرة أخرى، ولذا سعت الحكومة بكُل السبل على مدار السنوات الماضية، لإعادة احياء هذه القلعة، عبر محاولات جادة وحثيثة، لما تتمتع بها من بنية أساسية، وموقع، ومقومات، وقوة بشرية، بما يجعلها كنزاً لا ينبغي التفريط فيه.

ولفت رئيس الوزراء إلى أن الدولة بذلت كُل الجهد لإعادة إحياء هذه القلعة الصناعية المهمة، مع الحرص على استدامة عمل هذه القلعة كي لا تكون مُهددة بالتوقف مرة أخرى، من خلال التوصل إلى منظومة تشغيل ذات كفاءة مبنية على الإحياء الحقيقي لهذه الصناعة، مع الإدراك التام بأهمية الشراكة مع القطاع الخاص في مثل هذه المشروعات الكبرى، لأن لديه قدرة أكبر على تحديد الاحتياجات الحقيقية للسوق المحلية أو العالمية، وتنفيذ منظومات شديد الكفاءة في التشغيل والإدارة، مع تحقيق الربحية، مضيفاً أنه لذلك حرصت الحكومة من أجل ضمان استدامة عودة شركة النصر للسيارات، أن تكون هناك مجموعة من الشراكات مع مؤسسات دولية تستطيع من خلالها ضمان التشغيل الكُفء والفعال، وقراءة احتياجات السوق المحلية والدولية واستدامة العمل.

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن المقومات التي تتمتع بها شركة النصر للسيارات الآن، تمكنها من إقامة صناعة كاملة في هذه البقعة الجغرافية دون الحاجة لإقامة مصانع لها في مناطق أخرى، لافتاً إلى أن هذه الخطوة تتوازى مع سعي الدولة للتوسع في قطاع صناعة السيارات، من منطلق الاقتناع بأن مصر تمتلك فرصة كبيرة جداً للإنطلاق في هذا القطاع خلال الفترة القادمة، مشيراً إلى ما ذكره المدير التنفيذي للشركة في كلمته اليوم، من أن هذه الشركة تم اتخاذ قرار بتصفيتها في عام 2009، لافتاً إلى أن هذا التوقيت شهد بدء بلدان في أفريقيا لأولى خطواتها في هذه الصناعة، لتصبح اليوم رغم عدم مرور وقت طويل، تنتج ما يتجاوز نصف مليون سيارة في العام، مع خطط مستقبلية للوصول إلى مليون سيارة في العام.

وشدد رئيس الوزراء على أن إمكانات مصر لا تقل عن هذه البلدان، بل على العكس، تُمكنها من تحقيق ما يزيد على هذه الأرقام، حيث ان احتياجات السوق المحلية المصرية وحدها تصل إلى ما يقرب من نصف مليون سيارة سنوياً، من كل أنواع المركبات، وبالتالي سوف تزيد وصولاً إلى عام 2030 مع الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي الذى تنتهجه الدولة وتمضي في إطاره.

وفي هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء أن عودة شركة النصر للسيارات كانت قراراً استراتيجياً للدولة، حيث أن الدولة لم تُفرط في قلاعها الصناعية على الإطلاق، بل تستهدف الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة لها، مُشدداً على أن "وثيقة سياسة ملكية الدولة" لا تعني بيع أصول الدولة بل بالعكس تعظيم الاستفادة وإستغلال أصول الدولة، معتبراً أن جانبا مهما من عمل الدولة في هذا الخصوص، يتمثل في السعي للدخول في شراكات مع قطاع خاص كُفء في إدارة وتشغيل هذه الأصول، وشركة النصر للسيارات تعد مثالاً حياً على ذلك.

ولفت الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أنه قام اليوم على هامش الاحتفالية بالتحدث مع نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، والوزراء المعنيين، حول كيفية تعميق المُكون المحلي، وزيادة نسبته في الاتوبيسات التي يتم إطلاقها اليوم من 50% إلى 70%، مؤكداً أن لدينا كل المقومات في الدولة المصرية للعمل على زيادة المكون المحلي إلى أكثر من 70%، وبالتالي يجب العمل على أن يكون لدينا منظومة متكاملة للصناعات المُغذية للمصانع وبينها هذا المصنع، بداية من البدن، والجوانب، والصاج، والفرش، والزجاج، والموتور، تماماً كما يجب العمل في موضوع السيارات الكهربائية على أن يكون لدينا مصنع للبطاريات الكهربائية لجميع المركبات المستهدفة.

وجدد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، التأكيد على أنه حرص خلال هذا اليوم على الحديث من القلب، بعيداً عن الكلمة المُعدة، معتبراً هذا اليوم عيداً مع عودة المصنع إلى الإنتاج، مخاطباً عمال المصنع: "حافظوا على مصنعكم.. هذا مستقبلكم ومستقبل أولادكم ومستقبل بلادكم".

وأضاف رئيس الوزراء أنه من المهم أن يكون لدينا هذه النوعية من الصناعات، فمصر قادرة على التفوق في مثل هذه النوعية من الصناعات، بل وصناعات أكثر تطوراً وتقدماً منها، ومنوهاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالتركيز على قطاع الصناعة، واليوم تركز المجموعة الوزارية للتنمية الصناعية مع دعم من مجلس الوزراء، والقيادة السياسية، على عدم ترك أية فرصة ممكنة في مجال الصناعة في مصر دون استغلالها والانطلاق بها، كما أن الفترة القادمة ستشهد خيراُ أكبر لقطاع الصناعة، وعلى رأسها صناعة السيارات.

وفي ختام كلمته، توجه رئيس الوزراء بالشكر للحضور على الجهد المبذول خلال الفتره الماضية لإعادة إحياء هذا الصرح الصناعي العملاق الذي يفخر بيه جميع المصريين، ودائماً كانوا يحلمون بإعادة تشغيله والعودة للحياة مرة أخرى، مؤكداً أن عجلة الإنتاج لم تتوقف وتواصل الدوران، وسيكون لدينا الكثير من الشركات الإنتاجية من خلال هذه القلعة الصناعية، وباقي قلاع مصر الصناعية.

مقالات مشابهة

  • كيف تستثمر خلال خفض أسعار الفائدة؟
  • شركة شحن فرنسية تفرض زيادة كبيرة في أسعارها على الجزائريين 
  • بفعل عمليات الردع.. التضخم وغلاء الأسعار موجهات تضرب الاقتصاد الصهيوني
  • أوبك: زيادة واردات نيجيريا من النفط في أكتوبر رغم نمو الإنتاج المحلي
  • رئيس التنويع الاقتصادي: 5 مشروعات كُبرى تجسّد رؤية جهاز الاستثمار وتدعم مستهدفات "عُمان 2040"
  • عودة شركة النصر للسيارات قرار استراتيجي .. نواب: زيادة الإنتاج المحلي تقلل الواردات وتوفر احتياجات مصر
  • اجتماع تحضيري لورشة عمل حول تعزيز التنويع الاقتصادي في ليبيا
  • معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9 % في أكتوبر 2024
  • معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9%
  • معدل التضخم في المملكة يصل إلى 1.9% في أكتوبر 2024