مؤسسة رسمية سودانية انبثقت عن الاتفاق الذي وقعه في 17 أغسطس/آب 2019 المجلس العسكري الانتقالي بالسودان وائتلاف "قوى الحرية والتغيير"، الذي قاد احتجاجات في السنة نفسها أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.

وأسفر الاتفاق عن وثيقة دستورية مرجعية للفترة الانتقالية التي حددت بـ39 شهرا، وتولى المجلس الإشراف على الفترة، واعتبرته الوثيقة "رأس الدولة ورمز سيادتها ووحدتها".

الظروف التي نشأ فيها

نشأ مجلس السيادة في أعقاب الثورة الشعبية التي اندلعت في السودان ضد نظام البشير، الذي كان يعرف بـ"نظام الإنقاذ" (1989 – 2019).

ففي 19 ديسمبر/كانون الأول 2018 شهدت عدد من المدن السودانية مظاهرات عارمة احتجاجا على الأوضاع المعيشية الصعبة، أطلق عليها المتظاهرون "ثورة الجياع"، وكان أبرز مظاهرها إحراق مقر حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) في مدينة عطبرة.

واستمرت الاحتجاجات -بقيادة "تجمع المهنيين السودانيين" و"قوى نداء السودان"- 5 أشهر حتى دخل المتظاهرون واعتصموا في محيط مقر القيادة العامة للجيش السوداني في السادس من أبريل/نيسان 2019، مطالبين الجيشَ بالانحياز للشعب، وسحب ثقته من البشير ونظامه.

وأعلن وزير الدفاع السوداني حينها، عوض بن عوف، في 11 أبريل/نيسان عزل البشير وتشكيل مجلس عسكري انتقالي يتولى إدارة الدولة خلال فترة انتقالية لمدة عامين، على أن تجري انتخابات بعد ذلك.

ومع استمرار ضغط المعتصمين أمام القيادة العامة، أعلن بن عوف تنازله عن منصبه بعد يوم من عزل البشير، فتولى الفريق عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس العسكري الانتقالي.

وأعلن البرهان آنذاك إلغاء حظر التجوال وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين، ودعا المكونات السودانية إلى الحوار من أجل تشكيل حكومة مدنية متفق عليها.

وقد شهدت تلك الفترة خلافات بين المدنيين والحركات المسلحة حول من يفاوض ومن يمثل قوى إعلان الحرية والتغيير (تحالف مكون من منظمات وحركات وأحزاب) الذي طالب العسكريين بإسقاط الأحكام ضد قادة الحركات المسلحة وإطلاق سراح الأسرى ونقل السلطة إلى المدنيين دون تأخير.

ومع بدء التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي، أعلن تحالف قوى الحرية والتغيير يوم 21 أبريل/نيسان 2019م تعليقه التفاوض مع المجلس مؤكدا أنه لن يقبل بما سماه "سلطة انقلابية" و"حكما عسكريا يُعد امتدادا لحكم عسكري آخر".

وفي 27 أبريل/نيسان 2019، وبعد اجتماع بين قادة الاحتجاجات والمجلس العسكري الانتقالي، اتفق الطرفان على تشكيل "مجلس سيادي مشترك"، إلا أن تحديد عدد المدنيين فيه والعسكريين أثار الخلاف من جديد.

ومع استمرار الخلافات بين المدنيين والعسكريين، فضَّت قوات الأمن بالقوة الاعتصام أمام القيادة العامة، وقتل وأصيب العشرات وسط تنديد دولي بالعملية.

وأعلن رئيس المجلس العسكري في اليوم التالي لعملية فض الاعتصام إلغاء الاتفاق مع المدنيين وإيقاف التفاوض والدعوة لانتخابات عامة في فترة لا تتجاوز 9 أشهر وتشكيل حكومة لتصريف الأعمال في الفترة الانتقالية، في حين أعلن تحالف "قوى الحرية والتغيير" وقف الاتصالات مع العسكريين ودعا للعصيان المدني الشامل والمفتوح.

وفي محاولة لممارسة ضغوط على المجلس العسكري لتسليم السلطة إلى إدارة مدنية خرجت مسيرات في 30 يونيو/حزيران 2019 استجابة لدعوات أطلقتها قوى الحرية والتغيير.

وتدخل بعض الوسطاء لتقريب وجهات النظر بين المكونين المدني والعسكري، وكان على رأسهم رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد الذي زار الخرطوم، وبعد جهود دبلوماسية من الاتحاد الأفريقي، تم الاتفاق على وثيقة لتقسيم السلطة عرفت بـ"الوثيقة الدستورية"، وتم التوقيع عليها في 17 أغسطس/آب 2019 بحضور إقليمي ودولي، ونتج عنها تشكيل مجلس السيادة ومجلس الوزراء.

المراحل التي مر بها المجلس المرحلة الأولى (أغسطس/آب 2019 – فبراير/شباط 2021)

نصت الوثيقة الدستورية على أن يتألف المجلس السيادي من 11 عضوا، 6 منهم مدنيون و5 عسكريون، كما نصت على أن تتولى شخصية عسكرية رئاسته في الأشهر الـ21 الأولى وتخلفها شخصية مدنية في الأشهر الـ18 المتبقية.

المرحلة الثانية (فبراير/شباط 2021 – أكتوبر/تشرين الأول 2021)

عقب "اتفاق جوبا للسلام" تألف مجلس السيادة الانتقالي -وفقا لتعديلات الوثيقة الدستورية- من 14 عضوا، يسمي المجلس العسكري 5 منهم، على أن تختار قوى إعلان الحرية والتغيير 5 أعضاء مدنيين، ويشترك الطرفان في تسمية عضو مدني واحد، وتختار أطراف العملية السلمية الموقعة على اتفاق جوبا للسلام في السودان 3 أعضاء.

المرحلة الثالثة (أكتوبر/تشرين الأول 2021 – يوليو/تموز 2022)

في أعقاب "الإجراءات" التي نفذها رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021 باعتقال رئيس الحكومة عبد الله حمدوك وبعض وزرائه، تمت إعادة تشكيل المجلس من 5 أعضاء من المكون العسكري و3 أعضاء من الجبهة الثورية و5 أعضاء يمثلون أقاليم السودان.

وضمت التشكيلة الجديدة 9 أعضاء كانوا في المجلس السابق، و4 أعضاء جدد حلوا محل أعضاء المجلس السابق المنتمين إلى قوى الحرية والتغيير.

المرحلة الرابعة (يوليو/تموز 2022 – أكتوبر/تشرين الأول 2023)

أعفى رئيس مجلس السيادة الأعضاء المدنيين الخمسة الذين عينهم في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بينما أبقى الأعضاء الثلاثة الممثلين للحركات المسلحة الموقعة على "اتفاقية جوبا"، إلى جانب قائد قوات الدعم السريع والأعضاء العسكريين الثلاثة الآخرين.

المرحلة الخامسة (أكتوبر/تشرين الأول 2023)

منذ تفجر الصراع المسلح في السودان في 15 أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أبقى رئيس المجلس الأعضاء الثلاثة العسكريين، وعين نائبا جديدا للرئيس وعضوا من أعضاء الحركات المسلحة، في حين أعفى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعضوي المجلس الممثلين للحركات المسلحة.

مهام مجلس السيادة وسلطاته الدستورية

حددت الوثيقة الدستورية مهام وسلطات مجلس السيادة، وجعلته الجهة المنوط بها الإشراف على المرحلة الانتقالية. ومن أبرز صلاحياته:

تعيين رئيس مجلس الوزراء واعتماد أعضاء مجلس الوزراء الذين يعينهم رئيس الحكومة. اعتماد حكام الأقاليم أو ولاة الولايات وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي. تعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية بعد ترشيحهم من قبل مجلس القضاء العالي. اعتماد تعيين النائب العام بعد ترشيحه من قبل المجلس الأعلى للنيابة العامة واعتماد المُراجع العام (مهمته التدقيق في حسابات الدولة) وسفراء السودان في الخارج وقبول السفراء الأجانب لدى السودان. إعلان الحرب بناء على توصية مجلس الأمن والدفاع على أن يتم المصادقة عليه من قبل المجلس التشريعي. إعلان حالة الطوارئ والتوقيع على القوانين المجازة من المجلس التشريعي الانتقالي. المصادقة على الأحكام النهائية الصادرة بالإعدام من السلطة القضائية والعفو عن المدانين وإسقاط العقوبة أو الإدانة وفق القانون. رعاية عملية السلام مع الحركات المسلحة وإصدار اللوائح المنظمة لأعماله.

وتصدر قرارات المجلس وفقا للوثيقة الدستورية بالتوافق أو بأغلبية ثلثي أعضائه في حال عدم التوافق. وفي أعقاب الإجراءات التي اتخذها الجيش في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 علق البرهان العمل بـ7 مواد من الوثيقة الدستورية أبرزها المادتان 11 و12 المتعلقتان بتشكيل مجلس السيادة الانتقالي واختصاصاته وسلطاته، ما أدى لسحب أحقية قوى إعلان الحرية والتغيير في اختيار الأعضاء المدنيين بالمجلس.

تشكيلة مجلس السيادة الانتقالي (بعد أبريل/نيسان 2023) رئيس المجلس: الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان. نائب رئيس المجلس: الفريق مالك عقار. الأمين العام للمجلس: الفريق ركن محمد الغالي علي يوسف. أعضاء المجلس: الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر، الفريق أول ركن ياسر العطا، صلاح الدين آدم تور.

وخلال المرحلة الأولى كانت تشكيلة المجلس:

رئيس المجلس: الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان نائب رئيس المجلس: الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). المتحدث باسم المجلس: محمد الفكي سليمان. أعضاء المجلس: الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر، الفريق أول ركن ياسر العطا، عائشة موسى، حسن شيخ إدريس، صديق تاور، محمد حسن التعايشي، رجاء نيكولا عبد المسيح".

خلال المرحلة الثانية أضيف 3 أعضاء بعد "اتفاقية جوبا" (وأبقي على الأعضاء الـ11 الآخرين) وهم: الهادي إدريس، مالك عقار، الطاهر أبوبكر حجر.

خلال المرحلة الثالثة تمت إقالة الأعضاء الممثلين للقوى المدنية عدا "رجاء نيكولا" وأضيف 4 أعضاء يمثلون الأقاليم وهم: يوسف جاد كريم محمد علي، أبو القاسم محمد محمد أحمد (برطم)، عبد الباقي عبد القادر الزبير، سلمى عبد الجابر المبارك.

خلال المرحلة الرابعة أعفى رئيس مجلس السيادة الأعضاء الممثلين للأقاليم وأبقى العسكريين وممثلي الحركات المسلحة وهم: نائب رئيس المجلس الفريق محمد حمدان دقلو، أعضاء المجلس: مالك عقار، الهادي إدريس، الطاهر حجر، الفريق أول شمس الدين كباشي، الفريق ياسر العطا، الفريق إبراهيم جابر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات المجلس العسکری الانتقالی قوى الحریة والتغییر عبد الفتاح البرهان الوثیقة الدستوریة الحرکات المسلحة الفریق أول رکن أعضاء المجلس مجلس السیادة خلال المرحلة رئیس المجلس أبریل نیسان رئیس مجلس على أن

إقرأ أيضاً:

خبير قانوني:البرلمان يستطيع استجواب رئيس هيئة النزاهة

آخر تحديث: 8 شتنبر 2024 - 2:07 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف الخبير القانوني علي التميمي، الأحد، آلية استجواب رئيس هيئة النزاهة داخل مجلس النواب.وقال التميمي في حديث صحفي، إن “هيئة النزاهة تخضع لرقابة البرلمان استنادا للمادة 102 من الدستور العراقي رغم استقلالها ماليا واداريا وقانونيا”، لافتاً إلى أن “البرلمان يستطيع استجواب رئيس هيئة النزاهة في كل ما يتعلق بعمل الهيئة“.وأضاف التميمي، إن “القاضي العامل بمجلس القضاء او المحاكم التابعة لمجلس القضاء الاعلى تكون استضافته داخل البرلمان بطلب رسمي من مجلس النواب الى مجلس القضاء الاعلى اذا تعلق الامر بطرح معلومات معينة”، مستدركاً بالقول: “وهذا يكون بعد حصول موافقة رئيس مجلس القضاء وتكون استضافته كضيف وليس بصيغة الاستجواب والاستماع له من باب اعطاء الرأي وتقديم الشهادة“.وأشار التميمي إلى أن “الرقابة على القضاة تكون من قبل هيئة الاشراف القضائي بموجب قانونها رقم 29 لعام 2016″، منوهاً بأن “هيئة الاشراف هي من تحقق مع القضاة بما ينسب لهم من تهم وهي من تقرر احالتهم الى رئيس مجلس القضاء في حال تورط احدهم بجريمة ليتم بعدها احالتها الى لجنة شؤون القضاء ومن ثم الى محكمة الجنح او الجنايات بحسب الحالة والجريمة المتورط بها“.

مقالات مشابهة

  • خبير قانوني:البرلمان يستطيع استجواب رئيس هيئة النزاهة
  • البابا تواضروس يستقبل رئيس مجلس أمناء التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي
  • ⭕️ نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي يستقبل مدير منظمة الصحة العالمية
  • مجلس أمناء جامعة الملك سلمان الدولية يعقد جلسته الدورية بمقر وكالة الفضاء المصرية
  • «السعيد» يستقبل مجلس إدارة «نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها» ويناقش الخدمات المقدمة للأعضاء
  • "السعيد" يستقبل مجلس إدارة نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها
  • بعد زيارة تاريخية إلى الصين – رئيس مجلس السيادة يعود إلى البلاد
  • بعد عودته من زيارة الفريق محمود الصبيحي .. قوات الانتقالي تعتقل نجل شيخ ورجل أعمال بارز بالصبيحة في لحج
  • بوتين يناقش مراقبة مجال البلاد الجوي مع أعضاء مجلس الأمن الروسي
  • الرئيس الصيني يستقبل رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان