الوطن:
2024-09-07@16:01:57 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

نشأت القوانين كنتيجة لتطور المجتمعات وحاجتها لتنظيم العلاقات بين أفرادها من جهة وبين السلطة العامة من جهة أخرى، إضافة للحاجة لتنظيم العلاقة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فالإنسان بوصفه كائناً اجتماعياً يسعى لتحقيق رغباته الفردية فى إطار الجماعة، وذلك يستتبعه تعارض المصالح بين الأفراد من جهة وبين مصالح الأفراد ومصالح المجتمع من جهة أخرى.

ولعل قانونى الإجراءات الجنائية والعقوبات باعتبارهما جناحى العدالة، هما النموذجان المعبران عن دور التشريع فى استقرار النظام الاجتماعى وتحقيق العدالة والأمن والتوفيق بين الرغبات والمصالح المتعارضة من خلال القاعدة القانونية العامة والمجردة التى تتضمنها نصوصه.

وقضية الحبس الاحتياطى ليست مجرد مسألة فئوية أو نوعية، بل هى قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، ومتعلقة بحق لصيق وهو الحق فى الحرية الشخصية، خاصة مع توافق كافة القوى السياسية وسلطات الدولة ومؤسساتها على ضرورة تعديل مواد الحبس الاحتياطى وتقييدها فى قانون الإجراءات الجنائية، باعتبارها مسألة لصيقة بالحق الشخصى للفرد، ولمعالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية الناتجة عن الحبس الاحتياطى، سواء على الفرد أو أسرته.

كما ترجع أهمية تقييد مدد الحبس الاحتياطى وتقييد الإطار التشريعى الحاكم لها، إلى التطور الملحوظ نحو تحقيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تضمن محورها الأول عن الحقوق المدنية والسياسية تحديات عديدة، كان من بينها ما هو متعلق بالحق فى الحرية الشخصية، وقد حددت «الاستراتيجية» عشرة تحديات من بينها ثمانى نقاط متعلقة بنصوص قانون الإجراءات الجنائية تخص الحبس الاحتياطى وأخرى متعلقة بقانون العقوبات.

ولعل هذا يؤكد أن تعديل نصوص الحبس الاحتياطى ليس بمعزل عن باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فمن غير المتصور ضمان تطبيق تلك التعديلات لتتوافق مع المطالب الوطنية ومع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من دون إعادة تنظيم دور النيابة العامة وتفعيل دور قاضى التحقيق، وعدم ترك مساحات تقديرية لسلطة التحقيق فى الاحتجاز باسم الحبس الاحتياطى، وكذا علاقة تلك التعديلات بالتنظيم القضائى ذاته، والتى ستفرض على القضاء مسئولية وعبئاً مضاعفين مناطهما سرعة الفصل فى الدعاوى الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة، دون إخلال بالمنظومة القضائية.

وبالرغم من هذا الارتباط الوثيق بين كافة نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فإن إعادة النظر فى نصوص الحبس الاحتياطى باعتباره من أولويات العمل والإجماع الوطنى، تفرض علينا سرعة إصدار قانون بتعديل تلك النصوص، مع استكمال المناقشة والدراسة حول التعديل الشامل لقانون الإجراءات الجنائية.

وكذا دراسة وبحث مسألة التنظيم القضائى لما سيفرضه هذا التعديل من ضرورة ضمان حسن سير وتحقيق العدالة الجنائية للأفراد والمجتمع بذات القدر الذى نضمن من خلاله حماية الحق فى الحرية الشخصية وتحقيق التوازن بينهما بما لا يخل بأمن واستقرار المجتمع.

فتقييد مدد الحبس الاحتياطى يفرض على سلطات التحقيق، سواء من النيابة العامة أو من قاضى التحقيق، سرعة الانتهاء من التحقيقات بما لا يخل بتحقيق العدالة، وهى مسائل يجب مناقشتها من خلال باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية.

ولعل الجلسة الأخيرة للمتخصصين التى دعا لها مجلس أمناء الحوار الوطنى لمناقشة قضايا الحبس الاحتياطى قد حملت فى طياتها الكثير من التوافق الذى وصل لدرجة الإجماع حول ضرورة معالجة قضايا الحبس الاحتياطى بما تسببت نصوصه الحالية من تعدٍّ على الحقوق الشخصية وكذا آثارها البالغة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للفرد وأسرته.

وقد توافق الجميع على تقييد المدد الواردة فى القانون الحالى، وضرورة إعمال وتطبيق بدائل الحبس الاحتياطى الواردة فى القانون، فضلاً عن الحق فى التعويض عن الحبس الاحتياطى الذى يخالف القانون ويسبب ضرراً للفرد، ولعل قضية تعاصر القضايا تُعد من أعقد القضايا المطروحة والتى تحتاج لمزيد من البحث والدراسة نظراً لتأثيرها على منظومة تحقيق العدالة الجنائية.

فالإجماع الوطنى حول معالجة قضايا الحبس الاحتياطى وتأثيراته باعتبارها قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، خاصة مع الدور البارز لمجلس النواب من خلال اللجنة الخاصة المُشكلة لمراجعة ودراسة وإعداد مشروع قانون بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، والتى كادت تُنهى أعمالها، يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بشأن تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويمثل تطلعاً نحو مزيد من التشريعات والتطوير المؤسسى نحو تعزيز المشاركة فى الشأن العام

*عضو المكتب السياسى لحزب التجمع

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطي الحوار الوطني البرلمان الحبس الاحتیاطى من جهة

إقرأ أيضاً:

في جلسة نقاشية بكتلة الحوار.. مطالبات بتعديل قانون الإجراءات الجنائية وتقديم بدائل بناءة

نظمت كتلة الحوار جلسة نقاشية تحت عنوان "قانون الإجراءات الجنائية تعديلات أم تعديات" بحضور عدد من البرلمانيين والسياسييبن والقانونيين.

في البداية.. رحب الدكتور باسل عادل رئيس مجلس أمناء كتلة الحوار بالحضور، مؤكدا أن كتلة الحوار تسعى إلى تقديم حلول وبدائل بناءة والتركيز علي القضايا الهامة وتعزيز مشاركتنا و تبني رأي عام في القضايا الخلافية .

وأوضح عادل خلال كلمته، أننا نتبني وجهات نظر إصلاحية  والتغيير لواقع أفضل، مشيرا إلى أهمية عقد جلسة نقاشية حول موضوع هام يمس المواطن ومنظومة العدالة وحق التقاضي وتابع" كتلة الحوار تسعي مع الأطراف السياسية والفاعلين في تقديم تصور كامل حول قانون الإجراءات الجنائية  وسيتم عقد جلسات أخري حول قانون الإجراءات الجنائية خلال اسبوعين.

وأكد أن مناقشة قانون الإجراءات الجنائية الجديد والمرتبط بالحبس الاحتياطي والذي شاركت فيه كتلة الحوار أثناء نقاشه في الحوار الوطني وان القانون الذي يناقش الان هو قانون كبير جدا.

ومن جانبه أكد  المستشار عبد الحكيم شداد رئيس اللجنة القانونية بكتلة الحوار ومدير الجلسة النقاشية أن قانون الإجراءات الجنائية هو صلب الحريات الشخصية ويحدد العلاقة بين الفرد والدولة في الحقوق والحريات، مشيرا إلى قانون الإجراءات الجنائية يمس الإنسان وأن الإنسان معيار الدولة ويجب أن يشعر أن هناك دولة تحمي ومؤسسات تسعي لخدمته.

ولفت شداد إلى أن مشروع تعديل القانون يهدف إلى تعديله للأفضل حيث عاني المحامين والمواطن من القانون القديم سواء في الحبس الاحتياطي الذي نري غلو في تطبيقه وايضا حقوق المسجون محذرا من أن يكون التعديل خطوة للوراء حيث لا يتحول من تعديل إلى تعدٍ.

وتناول النقاش العديد من المواد وعلى سبيل الذكر المواد من  62 وحتى 73 ، وكذلك المواد من 103 حتى 105 من قانون  الإجراءات الجنائية.

وكذلك المواد المنظمة للشهادة وما استحدثه المشروع من تنظيمات على مسألة إخفاء بيانات الشاهد ، إذ رغم استحسان الفكرة - الا أنها تحتاج إلى ضوابط حتى لا تخرج بها إلى المجهول والبطلان.

كما اهتم الحوار بالمواد التى تتعرض لأعمال الدفاع الموكل مع المتهمين ، وضرورة ألا يُنتقص منه شىء بما قد يضر بالعدالة،فضلاً عن التعرض للمواد التى تتعلق بالأحكام الغيابية  ومدى المبالغة فى هذا المشروع فى التشديد على المحكوم عليهم غيابياً بإجراءات طالت حقوقهم الدستورية ،بما يخرج بعض تلك المواد عن دستوريتها.

وفى ختام الجلسة طلب الدكتور باسل عادل تدوين المواد التى تناولها النقاش والاقتراحات المقترحة من الحضور عليها سواءً بالتعديل أو بالحذف، وذلك للخروج بتوصيات بشأنها، على أن يظل انعقاد اللجنة متواصلاً لحين خروج توصيات شاملة على المشروع كله.

مقالات مشابهة

  • موعد اجتماع "تشريعية النواب" لاستكمال مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • تشريعية النواب تكشف مكاسب قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • السيد شمس الدين : مجلس النواب لن يسمح بالإساءة للمحامين في قانون الإجراءات الجنائية
  • تشريعية النواب تعدد مكاسب قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • في جلسة نقاشية بكتلة الحوار.. مطالبات بتعديل قانون الإجراءات الجنائية وتقديم بدائل بناءة
  • 3 حالات للتعويض عن الحبس الاحتياطي بقانون الإجراءات الجنائية الجديد.. تعرف عليها
  • اقرأ بالوفد غدا: نقدم رؤيتنا في قانون الإجراءات الجنائية لصالح المواطن المصري
  • محمود فوزي: لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالنواب مهتمة بتوصيات الحوار الوطني
  • الوفد ينتصر لحرية الصحافة ويرفض المادة 276 من قانون الإجراءات الجنائية.. والبرلمان يستجيب
  • الإجراءات الجنائية