الوطن:
2025-04-07@07:41:36 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

محمود الدسوقي يكتب: نموذج للإجماع الوطني

نشأت القوانين كنتيجة لتطور المجتمعات وحاجتها لتنظيم العلاقات بين أفرادها من جهة وبين السلطة العامة من جهة أخرى، إضافة للحاجة لتنظيم العلاقة بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة، فالإنسان بوصفه كائناً اجتماعياً يسعى لتحقيق رغباته الفردية فى إطار الجماعة، وذلك يستتبعه تعارض المصالح بين الأفراد من جهة وبين مصالح الأفراد ومصالح المجتمع من جهة أخرى.

ولعل قانونى الإجراءات الجنائية والعقوبات باعتبارهما جناحى العدالة، هما النموذجان المعبران عن دور التشريع فى استقرار النظام الاجتماعى وتحقيق العدالة والأمن والتوفيق بين الرغبات والمصالح المتعارضة من خلال القاعدة القانونية العامة والمجردة التى تتضمنها نصوصه.

وقضية الحبس الاحتياطى ليست مجرد مسألة فئوية أو نوعية، بل هى قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، ومتعلقة بحق لصيق وهو الحق فى الحرية الشخصية، خاصة مع توافق كافة القوى السياسية وسلطات الدولة ومؤسساتها على ضرورة تعديل مواد الحبس الاحتياطى وتقييدها فى قانون الإجراءات الجنائية، باعتبارها مسألة لصيقة بالحق الشخصى للفرد، ولمعالجة الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والسياسية الناتجة عن الحبس الاحتياطى، سواء على الفرد أو أسرته.

كما ترجع أهمية تقييد مدد الحبس الاحتياطى وتقييد الإطار التشريعى الحاكم لها، إلى التطور الملحوظ نحو تحقيق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تضمن محورها الأول عن الحقوق المدنية والسياسية تحديات عديدة، كان من بينها ما هو متعلق بالحق فى الحرية الشخصية، وقد حددت «الاستراتيجية» عشرة تحديات من بينها ثمانى نقاط متعلقة بنصوص قانون الإجراءات الجنائية تخص الحبس الاحتياطى وأخرى متعلقة بقانون العقوبات.

ولعل هذا يؤكد أن تعديل نصوص الحبس الاحتياطى ليس بمعزل عن باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فمن غير المتصور ضمان تطبيق تلك التعديلات لتتوافق مع المطالب الوطنية ومع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من دون إعادة تنظيم دور النيابة العامة وتفعيل دور قاضى التحقيق، وعدم ترك مساحات تقديرية لسلطة التحقيق فى الاحتجاز باسم الحبس الاحتياطى، وكذا علاقة تلك التعديلات بالتنظيم القضائى ذاته، والتى ستفرض على القضاء مسئولية وعبئاً مضاعفين مناطهما سرعة الفصل فى الدعاوى الجنائية لتحقيق العدالة الناجزة، دون إخلال بالمنظومة القضائية.

وبالرغم من هذا الارتباط الوثيق بين كافة نصوص قانون الإجراءات الجنائية، فإن إعادة النظر فى نصوص الحبس الاحتياطى باعتباره من أولويات العمل والإجماع الوطنى، تفرض علينا سرعة إصدار قانون بتعديل تلك النصوص، مع استكمال المناقشة والدراسة حول التعديل الشامل لقانون الإجراءات الجنائية.

وكذا دراسة وبحث مسألة التنظيم القضائى لما سيفرضه هذا التعديل من ضرورة ضمان حسن سير وتحقيق العدالة الجنائية للأفراد والمجتمع بذات القدر الذى نضمن من خلاله حماية الحق فى الحرية الشخصية وتحقيق التوازن بينهما بما لا يخل بأمن واستقرار المجتمع.

فتقييد مدد الحبس الاحتياطى يفرض على سلطات التحقيق، سواء من النيابة العامة أو من قاضى التحقيق، سرعة الانتهاء من التحقيقات بما لا يخل بتحقيق العدالة، وهى مسائل يجب مناقشتها من خلال باقى نصوص قانون الإجراءات الجنائية.

ولعل الجلسة الأخيرة للمتخصصين التى دعا لها مجلس أمناء الحوار الوطنى لمناقشة قضايا الحبس الاحتياطى قد حملت فى طياتها الكثير من التوافق الذى وصل لدرجة الإجماع حول ضرورة معالجة قضايا الحبس الاحتياطى بما تسببت نصوصه الحالية من تعدٍّ على الحقوق الشخصية وكذا آثارها البالغة من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية للفرد وأسرته.

وقد توافق الجميع على تقييد المدد الواردة فى القانون الحالى، وضرورة إعمال وتطبيق بدائل الحبس الاحتياطى الواردة فى القانون، فضلاً عن الحق فى التعويض عن الحبس الاحتياطى الذى يخالف القانون ويسبب ضرراً للفرد، ولعل قضية تعاصر القضايا تُعد من أعقد القضايا المطروحة والتى تحتاج لمزيد من البحث والدراسة نظراً لتأثيرها على منظومة تحقيق العدالة الجنائية.

فالإجماع الوطنى حول معالجة قضايا الحبس الاحتياطى وتأثيراته باعتبارها قضية رئيسية من قضايا حقوق الإنسان، خاصة مع الدور البارز لمجلس النواب من خلال اللجنة الخاصة المُشكلة لمراجعة ودراسة وإعداد مشروع قانون بتعديل قانون الإجراءات الجنائية، والتى كادت تُنهى أعمالها، يعتبر خطوة هامة نحو تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بشأن تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ويمثل تطلعاً نحو مزيد من التشريعات والتطوير المؤسسى نحو تعزيز المشاركة فى الشأن العام

*عضو المكتب السياسى لحزب التجمع

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطي الحوار الوطني البرلمان الحبس الاحتیاطى من جهة

إقرأ أيضاً:

الحبس وغرامة 10 آلاف جنيه عقوبة إنشاء مأخذ للمياه على النيل

جاء قانون الرى والموارد المائية، لحماية مياه نهر النيل والحفاظ عليه من التعديات لضمان استدامتها للأجيال القادمة.

وفرض القانون عقوبات رادعة لكل من أنشأ ماخذ للمياه،  أيا كان الغرض منها على النيل أو المجارى المائية إلا بترخيص من الوزارة، وطبقا للشروط التى تحددها ويكون إجراء جميع هذه الأعمال تحت إشراف الإدارة العامة المختصة وعلى نفقة المرخص له.

ويعاقب كل من يخالف حكم هذه المادة بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد عن خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وتضاعف العقوبة فى حالة العودة.

وترتكز فلسفة قانون الري والموارد المائية على دعم الرؤية المستقبلية لإدارة مصادر الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة، وبما يقنن الاستخدامات المائية، ويضمن عدالة توزيعها ويحدد التقنيات الملائمة لإدارتها من خلال حظر زراعة المحاصيل الشرهة للمياه فى غير المساحات الصادر بتحديدها قرار وزارى.

مقالات مشابهة

  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: غزة وحقوق الإنسان
  • د. محم بشاري يكتب: استئناف العمران الإنساني من التجزيء المعرفي إلى التكامل القيمي
  • قانون الإجراءات الجنائية.. تلبية استدعاء النيابة للشهود إلزامي.. و التغيب بعقوبة| تفاصيل
  • بعد واقعة المعلم المتحرش في أسيوط.. الحبس وغرامة 200 ألف جنيه عقوبة التحرش في مكان العمل
  • قانون سلم الرواتب الجديد.. خطوة نحو العدالة والمساواة في العراق
  • قانون سلم الرواتب الجديد.. خطوة نحو العدالة والمساواة في العراق - عاجل
  • العدالة بين المتقاعدين ليس ترفاً بل استحقاق وطني
  • حالات إعادة التحقيق بقانون الإجراءات الجنائية
  • الحبس وغرامة 10 آلاف جنيه عقوبة إنشاء مأخذ للمياه على النيل
  • تعرف على أسباب انقضاء الدعوى الجنائية وفقا لقانون الإجراءات