الوطن:
2024-09-07@16:03:45 GMT

سعيد عبدالحافظ يكتب: الحوار الذي نريده

تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT

سعيد عبدالحافظ يكتب: الحوار الذي نريده

شاركت فى حلقة جديدة من سلسلة الحوار الوطنى فى الموضوعات ذات الصلة بحقوق الإنسان، وكانت الجلسة المتعلقة بمناقشة قضية الحبس الاحتياطى هى المشاركة الخامسة لى، ويمكننى القول إن جلسات الحوار الوطنى شهدت طفرة كبيرة على مستوى مساحات الاختلاف بين التيارات المتباينة، وبات واضحاً أن الثقة بين المشاركين حلت محل وبرة الريبة التى شهدتها الجلسات الأولى، وهذا أمر طبيعى لحوار واسع بين قوى سياسية متباينة الآراء وتنوع الاختلافات فيما بينهم.

على أى حال بالجلسة التى ناقشت قضية الحبس الاحتياطى وبدائله والتى شارك فيها نخبة من الحقوقيين والبرلمانيين والإعلاميين والأكاديميين وشيوخ المحاماة بدا جلياً أنه دون اتفاق كان ثمة اتفاق بين الحضور على إدارة حوار يتسم بالشجاعة والمكاشفة، واتفاق ضمنى على ضرورة إيجاد حلول تشريعية وواقعية تحد من ظاهرة التوسع فى الحبس الاحتياطى، واتفق الجميع على ضرورة خفض مدة الحبس الاحتياطى، وضرورة تفعيل النص الدستورى بنص قانونى ملزم لتعويض المحبوسين احتياطياً حال تبرئتهم وتعويضهم عن تلك المدة التى قضوها فى الحبس الاحتياطى.

لقد شارك الجميع فى جلسة الحوار الوطنى بثبات واضح ورؤية خالية من الشوائب، وسعياً لهدف وحيد وهو ضمان العدالة لجميع المتهمين بصرف النظر عن انتماءاتهم، وفى ظنى أن نجاح الجلسة أيضاً كان نتاجاً لجهد كبير بذله الزملاء الحقوقيون والمحامون والبرلمانيون لبلورة أفكار ومقترحات نصوص قانونية واعية تساهم فى حل جذرى بما يتناسب مع حجم ودور مصر وبما يليق بمواطنيها، وهنا يجب التنويه بأن القائمين على إدارة الحوار الوطنى ما زالوا عند حسن ظننا فى أدائهم وفى سعة صدرهم ورغبتهم الحقيقية فى الإصلاح.

مجمل القول لقد كان رهاننا على الحوار مع الدولة ومؤسساتها من أجل الإصلاح لم يكن رهاناً خاسراً بل العكس نستطيع دائماً أن نزن كل خطواتنا بميزان الحق الذى لا يميل وأن نتسلح بوعى وبصيرة تمكنا من تحقيق الأفضل لشعبنا وبلادنا بلا صخب أو مزايدة

*عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطي الحوار الوطني البرلمان الحبس الاحتیاطى الحوار الوطنى

إقرأ أيضاً:

عادل حمودة يكتب: إطلاق «الكراكيب» العقلية‏‏

 كل شىء فى حياتنا هو قرض مؤقت من الطبيعة

 

على طريقة الحكايات والخرافات‏..‏ سمح الرجل الوقور لزوجته الشابة أن تفتح كل غرف البيت‏..‏ ما عدا غرفة واحدة‏..‏ يضع فيها تذكاراته الشخصية‏..‏ ما تبقى من أقلامه الرصاص التى استخدمها من أول يوم فى الحضانة إلى آخر يوم فى الجامعة‏..‏ الهدايا التى تلقاها فى أعياد ميلاده‏..‏ من لعبة السلم والثعبان إلى أسطوانات الموسيقى القديمة‏..‏ ومن قصص الأطفال إلى منفاخ الدراجة‏..‏ لكن‏..‏ أكثر ما لفت النظر‏..‏ كان مجموعة ماكينات وشفرات الحلاقة التى امتلكها منذ أن نبتت لحيته واخشن صوته وعرف طريقه إلى عتبة الرجولة‏.‏

 

وفى البداية شعرت الزوجة أن الرجل الناجح الذى تزوجته هو شخص عاطفى سيرتبط بها بجنون‏..‏ على الأقل كما يرتبط بأشيائه الصغيرة‏..‏ العتيقة‏..‏ ما جرى كان عكس ما توقعت‏..‏ فقد تبددت طاقة الزوج العاطفية فى تلك الكراكيب‏..‏ ولم يكن نصيب الزوجة من مشاعره أكثر من نصيب منفاخ الدراجة التى لم يعد يركبها‏..‏ أو نصيب أسطوانة مشروخة لم يعد يسمعها‏.‏

 

إن اقتناء الكثير من الكراكيب‏ يعكس فى كثير من الأحيان شعورا بالوحدة والخوف من الاحتياج للحب والألفة‏..‏ ويستهلك كل طاقة المشاعر العميقة التى نحتاجها للتعبير عما فى أعماقنا‏..‏ فلا يتبقى منها ما نمنحه لغيرنا‏..‏ ليكون كل ما بيننا جافا‏..‏ خشنا‏..‏ ولو سألت غالبية المطلقات عن سر الفشل فى حياتهن‏..‏ ستكون الإجابة‏:‏ إن ضرتها التى انتصرت عليها كانت كراكيب أدمنها زوجها ولم يستطع التخلص منها‏..‏ بل احتفظ بها على حساب زوجته‏.‏

 

والكراكيب حسب تعريف كارين كينج ستون فى كتابها عبودية الكراكيب‏ هى مجموعة الأشياء المسببة للفوضى والزحمة التى لا نستعملها وتستهلك مساحة كبيرة من حياتنا وطاقة أكبر من قوتنا الداخلية‏..‏ وفى الكتاب نفسه الذى ترجمته مروة هاشم ونشرته شرقيات‏‏ فإن الاحتفاظ بالكراكيب يعكس عيوبا نفسية لا نصارح بها أنفسنا‏..‏ فهى تفضح تمسكنا بالماضى‏..‏ وخوفنا من المستقبل‏..‏ فالكراكيب أشياء قديمة فقدت صلاحيتها‏..‏ كما أنها تفضح نوعا من الأنانية‏..‏ فهى أشياء لا نحتاجها ويمكن أن يحتاجها غيرنا‏..‏ وبرغم ذلك نتمسك بها‏..‏ كذلك فإنها تكشف إحساسا بعدم الأمان‏..‏ وحب التملك‏..‏ والبخل‏..‏ والبحث عن مكانة اجتماعية مفقودة بامتلاك الأشياء نفسها التى يمتلكها المعارف والأقارب‏.‏

 

انظر حولك ستجد كميات هائلة من الكراكيب المحبوسة فى بيتك ومكتبك وسيارتك‏ التى تحتاج إلى إطلاق سراحها وسراحك أنت أيضا‏..‏ فأنت فى الحقيقة لا تمتلك هذه الأشياء‏..‏ وإنما هى التى تمتلكك‏..!!‏ إن الحياة فى حالة تغير مستمر‏..‏ وعليك أن تستمتع بالأشياء التى تأتى بها‏..‏ استخدمها الاستخدام الأمثل‏..‏ وعندما يحين أجلها‏..‏ تخل عنها دون تردد‏..‏ حررها‏..‏ فأن تمتلك شيئا لا يعنى الاحتفاظ به إلى الأبد‏..‏ أنك لست سوى حارس مؤقت لأشياء كثيرة تمر بحياتك‏.‏

 

إن كل شىء تمتلكه هو طاقة مؤقتة‏..‏ ربما تعتقد أنك تمتلك بيتك أو سيارتك أو رصيدك فى البنك‏..‏ هذه خرافة شائعة‏..‏ والحقيقة أنك لا تمتلك حتى الجسد الذى تسكن فيه‏..‏ كل شىء فى حياتنا هو قرض مؤقت من الطبيعة‏..‏ عليها أن تسترده فى الوقت المناسب كى تقوم بتعديله وتشكيله من جديد فى أشكال مختلفة بدونك‏..‏ إن جسدك ليس سوى تمثال مؤقت تتجسد فيه روحك‏..‏ والجسد متغير‏..‏ والروح الذى تسكنه أيضا‏..‏ فلماذا تنمو أنت وتبقى الكراكيب من حولك على ما هى عليه تذكرك بمرحلة مختلفة تجاوزتها وابتعدت عنها؟‏.‏

 

وما لم تقله كارين ستون إن أخطر من كراكيب الأشياء‏..‏ كراكيب الأفكار‏..‏ إن عقولنا مخزن نحتفظ به بتصورات بالية وخاطئة للحياة‏..‏ ولا نريد أن نتخلص منها‏..‏ لا نريد أن نغسلها‏..‏ وتركنا العنكبوت يفرض خيوطه عليها‏..‏ والحشرات الزاحفة تسيطر عليها‏..‏ إن الخوف من النكد بعد الضحك فكرة خاطئة تفسد علينا بهجة اللحظة‏..‏ وتصور أن تجديد غرفة مكتب المسئول سيخرجه منها ويأتى بمسئول جديد ليحتلها‏..‏ يحطم رغبتنا فى التغيير‏..‏ والقول بأن الحليب فى ثدى الأم يجف فور دخول عاقر عليها‏‏ هو جرح لمشاعر امرأة لا ذنب لها‏..‏

 

والفتاوى الخاطئة فى الدين والجنس التى نتوارثها كما هى دون فحص ومراجعة يكرس أوضاعا اجتماعية ونفسية تضعنا فى قوالب من جبس لا نملك الشجاعة لكسرها‏.‏

 

حاول أن تقوم بعملية غسيل لمخك قبل أن يفعلها غيرك‏..‏ جرب أن تزيل بقع الزيت التى جمعت الغبار على عقلك‏..‏ ستحرر تفكيرك من طاقة محبوسة فى تلك البقع‏..‏ ستغير حياتك بسرعة مذهلة‏..‏ ستشعر بأنك شخص مناسب للوقت الذى تعيشه‏..‏ ستعود من ذلك الزمن السحيق البعيد الذى تحتفظ بكراكيبه‏..‏ ستسترد رشاقتك النفسية‏..‏ والذهنية‏..‏ ستشتعل بالحركة‏..‏ بالرغبة فى القفز إلى أعلى..‏ ستخرج من جلدك‏.‏

 

ولو نظرت حولك‏..‏ ستجد أشخاصا لا يختلفون عن الكراكيب‏..‏ يستهلكون مساحة كبيرة من حياتك‏..‏ ويضيعون وقتك‏..‏ ويهدرون طاقتك‏..‏ لا يضيفون لك معرفة‏..‏ ولا قيمة‏..‏ وفى وقت الشدة يتخلون عنك‏..‏ وربما تحتفظ بهم مثل الجرمافون القديم على أمل أن تستفيد منه ولو مرة‏..‏ أو على أمل إصلاحه‏..‏ أو طبقا لقاعدة شهيرة خاطئة‏..‏ قاعدة أن ما نعرفه أفضل مما لا نعرفه‏..‏ وأن ما نخسره أفضل مما نكسبه‏..‏ وأن المركب التى تذهب أفضل من المركب التى تأتى‏..‏ إنها الكراكيب السحيقة غير المرئية الأكثر خطورة من الأشياء القديمة‏‏ التى نضعها فى البيوت والمخازن‏.‏

 

إن المعانى هى قلب المبانى‏..‏ والوجه النفسى لها‏..‏ فالكراكيب فى مكتبك تسبب الخسارة المالية‏..‏ كما حدث لمحام ترك بعض المرايا المكسورة خلفه‏..‏ وقد أصابته الدهشة عندما فوجئ بعد التخلص منها بأيام قليلة بعملاء كبار يطرقون بابه‏..‏ والكراكيب فى غرفة نومك تدمر علاقاتك العاطفية والجنسية‏..‏ إن وجود دولاب الأحذية فى غرفة نومك يصرفك عما هو أمتع من إحصاء عدد الصنادل التى تمتلكها بل إن وجود التليفزيون فى غرفة النوم هو فى حد ذاته نوع من الكراكيب الموجودة فى المكان غير المناسب‏..‏ إن النصيحة الأولى فى مكاتب التوفيق بين الأزواج فى جميع أنحاء الدنيا‏..‏ هى انقلوا التليفزيون بعيدا عن غرفة النوم حتى لا يكون عازلا وعزولا‏.‏

 

وربما ستصاب بالدهشة لو قست المساحة التى تحتلها الكراكيب فى بيتك‏..‏ ستجد أنها فى كل مكان تقريبا‏..‏ فى البدروم‏..‏ والسطح‏..‏ ودرج مكتبك‏..‏ وعلى موائد السفرة والمطبخ وحجرات الصالون‏..‏ ووراء الأبواب والممرات‏..‏ والمطبخ والحمام‏..‏ وحجرات الجلوس والمعيشة‏..‏ وتحت الأسرة‏..‏ وفوق الدواليب‏..‏ وداخل خزانة الملابس‏..‏ والسيارات‏..‏ وأكثر من ذلك هناك حجرات خاصة للكراكيب‏..‏ وهناك كراكيب محمولة‏..‏ كراكيب الحقائب التى نحملها معنا فى كل مكان‏.‏

 

وأخطر أنواع الكراكيب‏..‏ كراكيب المجموعات‏..‏ إن هناك امرأة فى جنوب أيرلندا تحتفظ بأكثر من ألفى قطعة زينة على شكل ضفدعة‏..‏ وفى لندن حصل طفل على خنزير من البلاستيك وسرعان ما أعجب به فراح يقلده ويرسمه على كل مكان حتى هرب أصدقاؤه منه‏..‏ ونجحت سيدة فى التوصل إلى أكثر من مائة شكل للبط‏..‏ لقد كانت تعانى من الوحدة‏..‏ ولم تتزوج أبدا‏..‏ وكانت النصيحة أن تتخلص من صور وأشكال البط الكثيرة الموجودة فى بيتها‏..‏ وسرعان ما وجدت الرجل المناسب‏.‏

 

لا تكن مجنونا بجمع الأشياء دون أن تدرك السبب‏..‏ فتش عن سر رغبتك الشديدة فى جمع شكل حيوان معين‏..‏ فربما كنت تبحث عن صفة ما تعجبك فى هذا الحيوان‏..‏ جرأة الأسد‏..‏ شهامة الفيل‏..‏ وفاء الكلب‏..‏ براءة الزرافة‏..‏ مثلا‏..‏ قد يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى تكتشف ذلك وتصبح قادرا على التخلى عن هذه الرغبة‏.‏

 

وأصعب أنواع الكراكيب‏..‏ التذكارات العاطفية‏..‏ كروت الزفاف وأعياد الميلاد ورأس السنة‏..‏ كذلك المذكرات الشخصية‏..‏ والخطابات الغرامية‏..‏ ورسومات أطفالنا الذين كبروا وتزوجوا وأنجبوا الآن‏..‏ لايمكن أن تمزق أو تحرق أو تكنس هذه التذكارات‏..‏ لكن‏..‏ عليك فقط أن تحتفظ بأفضلها‏..‏

 

أما الصور‏..‏ فالنصيحة المناسبة هى أن لا تحتفظ إلا بصور المناسبات السعيدة‏..‏ تخلص من صور المناسبات العصيبة‏..‏ إن ذلك سيوجد مساحة لشىء جديد وأفضل فى حياتك‏.‏

 

لكن‏..‏ رغم ذلك‏..‏ كله لا بد أن أعترف بأن باب النجار مخلع‏..‏ فأنا مستعد أن أتخلص من كل الكراكيب المادية والذهنية والبشرية والعقلية‏..‏ لكننى‏..‏ لا أستطيع أن أفعل ذلك مع الكتب‏..‏ وهى ليست مشكلتى وحدي‏..‏ وإنما مشكلة من يطلق عليهم أصحاب العقول المتفتحة‏..‏ فكيف يعالجون مشكلتهم؟‏..‏ الإجابة تستحق الانتظار‏.‏

مقالات مشابهة

  • عبدالفتاح علي يكتب: 11 سنة ومصر جزيرة جهنم
  • نجاد البرعي يشكر السيسي على دعمه لمخرجات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي
  • بعد إخلاء سبيل 151 محبوسا| ما بدائل الحبس الاحتياطي.. المركز العربي يجيب
  • إخلاء سبيل 151 محبوسا احتياطيا.. هل استجابت مصر لتوصيات الحوار الوطني؟
  • «الحوار الوطني» يشكر الرئيس السيسي على اهتمامه البالغ ورعايته لملف الحبس الاحتياطي
  • تنسيقية شباب الأحزاب تثمن قرار إخلاء سبيل 151 من المحبوسين احتياطيا
  • كتلة الحوار ترحب بقرار الإفراج عن 151 محبوسا احتياطيا
  • الإفراج عن 151 متهما.. السيسي يستجيب لتوصيات الحوار الوطني بشأن الحبس الاحتياطي
  • د.حماد عبدالله يكتب: عقل الدولة المصرية مع الموظف المصرى !!
  • عادل حمودة يكتب: إطلاق «الكراكيب» العقلية‏‏