إيهاب الطماوي يكتب: الجمهورية الجديدة والحبس الاحتياطي
تاريخ النشر: 25th, July 2024 GMT
تسعى القيادة السياسية وتولى اهتمامها منذ توليها مقاليد الحكم إلى ترسيخ أسس الجمهورية الجديدة، التى تعتمد دولة القانون والمؤسسات أساساً لها، ويعد ملف الحبس الاحتياطى من الملفات المهمة، التى ترسم جزءاً رئيسياً فى الطريق نحو الهدف المنشود، باعتباره أحد التدابير الاحترازية التى يتم تطبيقها فى كافة الأنظمة القانونية.
ولذلك كان هناك اهتمام بالغ من كافة مؤسسات الدولة بمراجعة وضبط وإعادة تنظيم (الحبس الاحتياطى)، فكان مجلس النواب حريصاً على التعامل مع تلك المسألة، باعتبارها إحدى المسائل التى وردت ضمن قانون الإجراءات الجنائية المصرى الصادر فى ظل النظام الملكى عام 1950، وهذا القانون أدخلت عليه عدة تعديلات كان آخرها القانون رقم 1 لسنة 2024 بشأن تنظيم أحكام وإجراءات استئناف الأحكام الصادرة من محاكم الجنايات.
مع العبء المتزايد والمستمر على القضاة والمتقاضين بسبب كثرة التعديلات من ناحية، والتطور التقنى والتكنولوجى من ناحية أخرى، أصبح من الضرورة التعامل مع مسألة الحبس الاحتياطى، ضمن حلول ومعالجة شاملة وإعادة صياغة قانون متكامل للإجراءات الجنائية يتسق مع أحكام الدستور القائم الصادر عام 2014 المعدل فى 2019، ويتسق أيضاً مع رؤية الدولة التى وردت فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كما يتسق مع كافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة.
وبعد محطات لم تكن سهلة، بداية من تشكل لجنة نيابية من المجلس للتعامل مع مشروع القانون الوارد من الحكومة عام 2017، مروراً بساعات عمل وأيام وشهور امتدت لشهور، انتهت اللجنة الفرعية إلى عدة نقاط تعد نقلة نوعية فى مجال حقوق الإنسان، من تلك النقاط:
أنه تم تخفيض مدد الحبس الاحتياطى لتكون فى الجنح 4 أشهر بدلاً من 6 أشهر، وفى الجنايات 12 شهراً بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً بدلاً من سنتين إذا كانت العقوبة المقررة للجريمة السجن المؤبد أو الإعدام.
وتحديد حد أقصى للحبس الاحتياطى من محكمة جنايات الدرجة الثانية أو محكمة النقض فى الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد ليصبح سنتين بحد أقصى بدلاً من عدم التقيد بمدد، لأنه كان هناك بعض التعديلات بسبب القضايا الإرهابية هو اعتبار مدة الحبس فى الجرائم التى عقوبتها تصل للإعدام أو أمن الدولة إلى مدد مطلقة وقد قيدها القانون بسنتين.
وأعدت اللجنة الفرعية لصياغة قانون الإجراءات الجنائية بديلاً جامعاً عن القانون القائم الصادر عام 1950 وتعديلاته، واضعة نصب أعينها أحكام الدستور، وتعهدات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان، ومبدأ الشرعية الإجرائية، الذى هو مبدأ أصيل وأساسى وحاكم للإجراءات الجنائية، لا يجوز الخروج عنه، يقوم بالأساس على إقامة توازن عادل بين حماية الحرية وحماية المجتمع، من خلال رسم نطاق قانونى لحرية الفرد، التى يجب الحفاظ عليها وعدم التضحية بها مهما كانت الأسباب، بما لا يتعارض مع مصلحة المجتمع بل يسهم فى تحقيقها.
ومع رغبة حقيقية من القيادة السياسية لترسيخ قواعد دولة القانون، فالجميع يتكاتف من أجل صدور قانون جديد للإجراءات الجنائية يواكب العصر، ويحقق طموح المصريين، ويتوافق مع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، كما أنه يشمل التعويض عن الحبس الاحتياطى، وبدائل الحبس الاحتياطى، والتعويض حال الحصول على حكم براءة بعد قضاء فترة عقوبة.
وتخفيض مدد الحبس الاحتياطى، ووضع حد أقصى لها، وتنظيم حالات التعويض عنه، تحقيقاً للغاية من كونه تدبيراً احترازياً وليس عقوبة، فضلاً عن إقرار بدائل الحبس الاحتياطى، وتنظيم المنع من السفر والمنع من التصرف، بنصوص محكمة تراعى كافة الضمانات الدستورية، التى تحقق الغاية منهما، دون أن تنال فى ذات الوقت من حق الأفراد فى حرية التنقل أو الإقامة أو حماية الملكية الخاصة، باعتبارها حقوقاً دستورية لا ينبغى تقييدها إلا فى إطار الضرورة، وبضوابط محددة
*وكيل لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب ورئيس اللجنة الفرعية لمراجعة قانون الإجراءات الجنائية، ومقرر لجنة الأحزاب السياسية بالحوار الوطنى
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحبس الاحتياطي الحوار الوطني البرلمان الحبس الاحتیاطى
إقرأ أيضاً:
محمود فوزي: مشروع قانون الإجراءات الجنائية يقر علانية المحاكمات
أكد المستشار محمود فوزي وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، استمرار التعاون البناء مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين وأن اللائحة التنفيذية تتضمن مزيدا من التيسيرات في تسجيل اللاجئين وطالبي اللجوء وتحديد أوضاعهم.
وأضاف في كلمته خلال جلسة الاستعراض الدوري الشامل لأوضاع حقوق الإنسان في مصر بالمجلس الدولي لحقوق الإنسان، التي أذاعتها قناة إكسترا نيوز، أن الحكومة قدمت للبرلمان مشروعات قوانين وثيقة الصلة بحقوق الإنسان، أهمها مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد الذي يعكس الضمانات التي استحدثها الدستور.
وتابع: «وضع مسودة المشروع لجنة موسعة من مؤسسات الدولة والكيانات الحقوقية والنقابية والخبراء المتخصصين مع الاستعانة بالتجارب المقارنة يناقشه مجلس النواب حاليا، ومن المتوقع الانتهاء منه قبل نهاية هذه الدورة».
مشروع قانون الإجراءات الجنائيةوذكر أن مشروع القانون تضمن خطوات متقدمة في سبيل تطوير منظومة العدالة الجنائية بما يتفق مع الدستور والتزامات مصر الدولية، سواء فيما يتعلق بتحديد الحالات التي يجوز فيها ابتداءً إصدار أمر الحبس الاحتياطي مرورا بتقليص المدد ووضع حد أقصى يضمن الإفراج الفوري عن المتهم عند بلوغه وتنظيم إجراءات التظلم وضمان الحق في التعويض المادي والأدبي عن حالات الحبس الاحتياطي الخاطئ مع التأكيد على تطبيق بدائله، وذلك كله تحت الرقابة القضائية بدرجاتها المتعددة.
حق المتهم في الصمتوأوضح، أن مشروع القانون رسخ حق المتهم في الصمت خلال مراحل الاستدلال والتحقيق، وأجوب علانية إجراءات المحاكمة وحضور المتهم إجراءاتها دون أغلال أو قيود، وأبطل المشروع أي قول يثبت أنه صدر تحت وطأة الإكراه أو التهديد.
أكد أن مشروع القانون حظر إيذاء المتهم أو احتجازه خارج مراكز الإصلاح والتأهيل المخصصة ودون أمر قضائي ومسبب، كما أوجب المشروع على سلطتي التحقيق والمحاكمة عدم استجواب المتهم أو محاكمته دون حضور محام، مع ندب محام لمن ليس له محام، وحظر الفصل بين المتهم ومحاميه خلال جميع مراحل الدعوة الجنائية.
ولفت إلى أن المشروع منح المحتجزين وذويهم الحق في إبلاغ شكاويهم فورا إلى النيابة العامة وفقا لأحكام الدستور والقانون التي هي جزء أصيل من السلطة القضائية.
وشدد، على أن القانون أوجب صدور أمر قضائي مسبب ومحدد المدة في الحالات التي تستلزم مراقبة الاتصالات والحسابات والمواقع الإلكترونية، وذلك، في نطاق جرائم محددة دون غيرها، واستحدث مشروع القانون حماية متكاملة للمجني عليهم والمبلغين والشهود، ونظم التحقيق والمحاكمة عن بعد عبر وسائل مسموعة ومرئية، واستحدث نظام الإعلانات الهاتفية والإلكترونية، وأوجب على وزير العدل وضع آلية لإثبات التحقق من وصول تلك الإعلانات.