قانونيون: الحبس الاحتياطي مشكلة تؤرق المتقاضين.. والبحث عن بدائل يحتاج دراسة
تاريخ النشر: 24th, July 2024 GMT
كتب- حسن مرسي:
أوضح النائب إيهاب رمزي، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، أن التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات تتضمن تغييرات جوهرية تصل إلى 516 مادة، بينها مواد تتعلق بالحبس الاحتياطي.
وذكر رمزي خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج "بالورقة والقلم"، المذاع على قناة "ten" أن الهدف الرئيسي من مراجعة القانون يتمثل في سرعة الفصل في القضايا وتخفيف العبء عن المحاكم ومعالجة السلبيات الموجودة في القانون الحالي.
وشدد عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، على ضرورة إيجاد حل لمشكلة التوسع في الحبس الاحتياطي، الذي اتهم سابقا بأنه سبب في ازدحام السجون وانتهاك حقوق المتهمين.
وأضاف، أن الحوار القائم حاليا يهدف إلى البحث عن بدائل قانونية أخرى تحقق التوازن بين حماية حقوق المتهمين وحماية الأمن العام وتحقيق العدالة وسرعة التقاضي.
ومن جانبه، أيد الدكتور إيهاب يسر، عميد كلية الحقوق بالجامعة الألمانية، فكرة إلغاء أو تقليص مدة الحبس الاحتياطي، لكنه أشار إلى أن المسألة تحتاج لدراسة جيدة وتأني، باعتبار أن الحرية حقا دستوريا أصيلا للأفراد.
واقترح يسري خلال حواره ببرنامج "بالورقة والقلم"، تطبيق بدائل للحبس الاحتياطي كما هو متبع في بعض الأنظمة الأوروبية مثل تحديد الإقامة أو تسليم نفسه لأحد أقسام الشرطة والالتزام بعدم مغادرة مكان محدد، وخاصة للجرائم البسيطة التي لا تشكل تهديدا للأمن العام.
أما فيما يتعلق بجرائم القتل والاعتداء على النفس، فقد رأى "يسر" أن الحبس الاحتياطي يعد الوسيلة المناسبة لضمان عدم فرار المتهم وحماية المجتمع من خطره المحتمل.
وأكد عميد كلية الحقوق بالجامعة الألمانية، على ضرورة المراجعة المستمرة لتشريعات وضوابط الحبس الاحتياطي لتنقية الشوائب وضمان عدم التعسف في استخدامه.
المصدر: مصراوي
كلمات دلالية: انحسار مياه الشواطئ انسحاب بايدن نتيجة الثانوية العامة الطقس أسعار الذهب إسرائيل واليمن أحمد شوبير أحمد رفعت سعر الدولار هدير عبدالرازق حكومة مدبولي التصالح في مخالفات البناء معبر رفح سعر الفائدة فانتازي الحرب في السودان عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب قانونيون الحبس الاحتياطي الحبس الاحتیاطی
إقرأ أيضاً:
عميد الفكر النزواني
ولد عميد الفكر النزواني أبو سعيد محمد بن سعيد بن محمد بن سعيد الناعبي، في بلدة العارض من كُدَم في بدايات القرن الرابع الهجري في حوالي سنة 305هـ . وحين أصبح في ريعان شبابه قرر السفر إلى نزوى لتقلي العلم من علمائها، حيث اشتهرت نزوى دائما بكثرة العلماء وطلبة العلم فيها وما زال هذا حالها إلى يومنا هذا، فجلس الكدمي في مجلس الشيخ محمد بن روح بن عربي الكندي، والشيخ رِمشقي بن راشد ومحمد بن الحسن، والشيخ عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر الخروصي لينال نصيبا من علمهم ويستمع لهم، ويحفر في ذاكرته حروف كلماتهم.
كان الكُدَمي مجدًا في طلب العلم وحريصا عليه. هذا الحرص جعل منه شخصية علمية غزيرة العلم والمعرفة . عاصر الكدمي ثلاثة من الأئمة: الإمام سعيد بن عبدالله الرُحيلي، والإمام راشد بن الوليد، والإمام حفص بن راشد، وفي فترة إمامة الإمام سعيد بن عبدالله نال محمد بن سعيد الكُدمي حظوة لدى الإمام لأمانته وإخلاصه في عمله، فعينه الإمام أمينًا على المحبوسين، وكتب الكدمي يصف الإمام سعيد على لسان معلمه أبي إبراهيم محمد بن أبي بكر الأزكوي قال: «الإمام سعيد بن عبدالله أفضل من الإمام الجلندى بن مسعود نظرا لكونه إماما عادلا صحيح الإمامة من أهل الاستقامة يفوق أهل زمانه أو كثيرا منهم في العلم ومع ذلك قتل شهيدا».
وكانت له منزلة كبيرة أيضا لدى الإمام راشد بن الوليد وكان مقربا منه، والكدمي يذكر الإمام راشد بقوله: «كان رحمه الله لرعيته هينا رفيقا بآرائهم، شفيقا غضيضا عن عورتاهم، مقيلا لعثراتهم بعيد الغضب عن مسيئهم، قريب الرضا عن محسنهم». وفي عهد الإمام حفص بن راشد كان الشيخ محمد بن سعيد هو المرجع الديني لعمان قاطبة، وتولى الجانب الديني والفقهي في حكومة الإمام.
كتب الشيخ محمد بن سعيد عددًا من المؤلفات التي لا تزال تعد مصدرا مهما في دراسة الفكر الديني في عمان ومن هذه المؤلفات كتاب الاستقامة، ولخص هذا الكتاب علي بن محمد المنذري في كتاب نهج الحقائق، وللكدمي كتاب «المعتبر» والذي يقع في تسعة أجزاء، وهو شرح لجامع ابن جعفر ولم يتبق من هذا الكتاب القيم سوى جزأين، وكتاب «زيادات الأشراف»، وعلق الشيخ الكدمي في هذا الكتاب على كتاب «الإشراف على مذاهب أهل العلم» لمؤلفه محمد بن إبراهيم بن المنذر بن الجارود النيسابوري. وذكر البرادي أن للكدمي كتابًا بعنوان «المقطعات»، وله عدد من الرسائل والمكاتبات وردت في بيان الشرع، وعدد من القصائد والمنظومات حول قضية عزل الإمام الصلت بن مالك، وله جوابات جمعها سرحان بن سعيد أمبوعلي الأزكوي في كتاب أسماه «الجامع المفيد من أحكام أبي سعيد».
ويعد كتاب «الاستقامة» من أهم أعمال الشيخ أبي سعيد الكدمي، ويقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، يتناول موضوع الولاية والبراءة كمحور رئيسي له، وتميز في طرحه بأنه تناول الجانب المعتدل والمتسامح وابتعد عن التطرف في إطلاق الأحكام، ومن أبرز الأسباب التي دفعت الكدمي إلى كتابة كتاب «الاستقامة» هو رغبته في شرح وجهة نظره حول موضوع الخلاف الشاغل بين العلماء في تلك الفترة وهي قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، فحدث خلاف بينه وبين الشيخ ابن بركة، حيث كان ابن بركة وهو من أبرز علماء عصره وعميد للفكر الرستاقي الذي كان يرى ضرورة البراءة من راشد بن النظر وموسى بن موسى، وطلب ابن بركة من جميع طلابه أن ينهجوا نهجه، فضيق على الناس بطلبه هذا. فقرر الكدمي -والذي عرف بتوجهاته التي تميل دائما إلى الوسطية- أن يكتب كتابا يوضح فيه موقفه من قضية راشد بن النظر وموسى بن موسى، فكتب «الاستقامة» ووضح في كتابه هذا أن هذه الحادثة قديمة وأنهم في هذا الجيل لم يشهدوا الأحداث حتى يطلقوا الأحكام، لذا وجب الوقوف في مثل هذه الأمور، وعدم البراءة من أي شخص ممن عاصر قضية عزل الإمام الصلت. لاقى كتاب «الاستقامة» الذي تميز بعمق الطرح وينم عن غزارة العلم، استحسان الكثير من علماء عصره؛ وبذلك تأسس فكر مختلف عن الفكر الرستاقي عرف بالفكر النزواني الذي تولى ريادته الشيخ محمد الكدمي.
جاء الجزء الأول من الكتاب في أسس وقواعد الولاية والبراءة، والجزء الثاني في أحكام الولاية والبراءة، أما الجزء الثالث، فحول تطبيقات الولاية والبراءة.
استفاد من جاء بعده من العلماء من كتاب «الاستقامة»، فصاحب بيان الشرع نقل من الاستقامة كل ما يخص موضوع الولاية والبراءة، وكتب الشيخ ناصر بن خميس الحمراشدي يصف كتاب «الاستقامة»:
كتاب الاستقامة ليس يلقى له في الكتب شبه أو نظير
حوى علم الشريعة فاستقامت على قطب استقامته تدور
عليك به حياتك فاتخذه شعارك فهو برهان ونور
واشتهر عن أبي سعيد عدد من العبارات التي لا تزال تتداول إلى اليوم، ومن أشهر هذه العبارات (من تشجع بعلمه كمن تورع به)، وله أيضا عبارة (الأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق).
قرر الشيخ سعيد في آخر أيامه العودة إلى موطنه العارض، وهناك بنى فيها مسجدا ليعلم طلبة العلم فيه ويكون ذكرى باقيا عنه، وظل في العارض إلى أن انتقل إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالعلم في طلبه وفي نقله للأجيال اللاحقة. وظل الشيخ الكدمي معلما لمن جاء بعده من خلال مؤلفاته التي كانت تحمل بعدا فكريا عميقا، ويقول عنه الشيخ أبو نبهان الخروصي : «وكفى بأبي سعيد -رحمه الله- حجة ودليلا لمن أراد أن يتخذ الحق لنفسه سبيلا؛ لأنه أعلم من نعلم من الأحبار وآثاره أصح الآثار».