عربي21:
2025-03-05@19:35:48 GMT

مرة أخرى.. من يحرّم نقد المقاومة؟!

تاريخ النشر: 23rd, July 2024 GMT

معلوم بالضرورة أنّ حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية الجارية على الفلسطينيين في قطاع غزّة؛ يجري إسنادها بجهد إعلامي ودعائي يبدأ من الإسرائيلي ويلفّ العالم كلّه عبورًا ببعض الفلسطينيين وبماكينة دعائية عربية، يحمّل المقاومة الفلسطينية لا عن التسبب في هذه الحرب فحسب، ولكنّه وعلاوة على ذلك يحمّلها المسؤولية عن استمرارها، وفي مضامين مخادعة، تُسقط تمامًا طبائع المقاومة في صراعات من هذا النوع، والخصوصية التي تتسم بها القضية الفلسطينية.



هذا الجهد الدعائي، العربي منه على وجه الخصوص، الذي يهدف بالنحو المباشر إلى نزع الشرعية الأخلاقية والسياسية عن المقاومة الفلسطينية، وفي الحدّ الأدنى إلى إثارة التشويش حول دوافعها وممارستها، وبنحو مستبطن إلى تبرئة الإسرائيلي، لا يستهدف حماس بوصفها حركة "إسلام سياسي"، أو ذات علاقات إقليمية غير مُرضية لبعض أطراف النظام الإقليمي العربي (كالعلاقة مع إيران)، أو لاتخاذها خطًّا نضاليًّا يصادم اتجاه التطبيع التحالفي المسمّى تطبيعًا إبراهيميًّا، ولكنّه يستهدف القضية الفلسطينية من حيث هي، فهذا الاتجاه مؤسّس على الاعتقاد بإمكان تجاوز القضية الفلسطينية وإلى الأبد، وهو من الوضوح بمكان، إذ تكفي سياسات التطبيع الجديد وخطاباته لفهم الحملة الدعائية التي تستهدف حماس من أطرافه وفي وسائطه الإعلامية.

الجميع يدفع فاتورة هذه الحرب، وقد عمل الاحتلال منذ الدقيقة الأولى على إبادة جمهور حماس، ابتداء من عائلات المشاركين في عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى عائلات المنتمين لحماس، علاوة على كون هذه الحركة قد وضعت جميع مكاسبها في مقابل عمليتها تلك، هذا الثمن لم يقتصر عليها ولا على جمهورها، بل دفعه كلّ فلسطيني داخل قطاع غزّةلكن؛ وللزيادة في التأكيد، يمكن الاستدلال بالحملة الممنهجة التي استهدفت القضية الفلسطينية، وجميع الفاعلين فيها بلا استثناء، وسعت إلى تنميط الفلسطيني وشيطنته وإثارة الكراهية ضدّه، التي سبقت ولسنوات عملية السابع من تشرين/ أكتوبر، وامتدت في الفضاء الإلكتروني بواسطة ما صار يُسمى "الذباب الإلكتروني"، وعلى ألسنة وبأقلام شخصيات معروفة، وفي قنوات تلفزيونية مشهورة وصحف ورقية تطبع في بلاد عربية، ومواقع إلكترونية تموّل من تلك البلاد نفسها، فلم يكن ما يُوجّه الآن لحماس من الأطراف ذاتها، إلا في السياق ذاته، الذي يرى في القضية الفلسطينية عدوًّا لا بدّ من الخلاص منه.

السؤال، والحالة هذه، إن كان يُقصد من هذه المقدّمة تصنيف كلَّ من ينتقد حماس، أو المقاومة عمومًا، في هذا التوقيت؛ في إطار تلك الحملة الدعائية، وما اتصل بها من دور لبعض الفلسطينيين استثمروا حرب الإبادة لتصفية حسابهم مع حركة حماس؟! والجواب: بالتأكيد لا. تختلف الدوافع، وإن اتفقت النتائج، بالنظر إلى أنّ النقد المسؤول، أو المخلص في دوافعه، سينطمس في غمرة الدعاية السوداء، التي تتقصّد استهداف المقاومة، الآن، لاستهداف القضية الفلسطينية وشعبها، ومن لا يلاحظ التداخل الذي يحصل بين نقده، وبين ذلك الجهد الدعائي الذي يعيد استثماره مباشرة أو بنحو غير مباشر، لديه مشكلة مركّبة، من حيث دورانه حول نفسه ومقولاته المكرورة التي يعجز عن إنتاج غيرها.

في هذا السياق، ثمّة ممارسة للخلط، قد تنجم لدى البعض من سوء الفهم، إذ يخلط بين التحفّظ على نوع من النقد أثناء الحرب قد يُفهم منه تحميل المقاومة وقواها المسؤولية عن حرب الإبادة أو استمرارها بما يخدم الدعاية التي سبق بيان أمرها، وبين نقد الخيارات السياسية والكفاحية لأيّ فاعل فلسطيني، فالنقد بالمعنى الأخير يمارسه الجميع، بما في ذلك منتمون للأحزاب الفلسطينية، وبخلاف ما يتوهّمه بعض الكتاب والمثقفين ممن تحجب عوامل متعدّدة قدرتهم على الولوج إلى ملاحظة الممارسة الحزبية النقدية لأنصار التيارات الفلسطينية، فلا أحد يعدّ نقد الخيارات السياسية والكفاحية لفاعل فلسطيني اتهامًا للضحية، فتصوير الاعتراض على اتجاهات من النقد بهذا النحو؛ سوء فهم أو مغالطة متعمّدة، لأن النقاش يتجه للمضامين والتوقيت والسياقات والأغراض، لا لمبدأ نقد الخيارات لأيّ فاعل!

في إطار هذا الخلط نفسه، يسوّغ بعض المثقفين نقدهم، محلّ التحفظ، بأنه لا يمكن إرجاء محاسبة قوى المقاومة إلى ما بعد الحرب، لأنّ الفلسطينيين، بحسب ما يراه ذلك البعض، لم يحاسبوا أحزابهم وقياداتهم طوال تاريخهم.

الخلط هنا، في التناقض الضمني، في خطاب مثل هذا المثقف، فإذا كان النقد عملية محاسبة، فما معنى القول إنّ الشعب لم يسبق له وأن حاسب أحزابه وقياداته؟! فها هو هذا المثقف لا يكفّ عن نقد القوى الفلسطينية وخياراتها الكفاحية قبل الحرب، وسيفعل ذلك بعد الحرب، فإن كانت هذه محاسبة فقد مارسها، وربما ليس لبعضهم ممارسة سواها، فإن لم تكن محاسبة، فماذا تكون الآن أثناء الحرب؟! مع ضرورة السؤال الأخلاقي حول معنى محاسبة الطرف المعتدى عليه أثناء الحرب.

لكن هل فعلاً لم يحاسب الفلسطينيون قياداتهم وأحزابهم؟! فما هي دلالة ضمور قوى وأحزاب وغياب قيادات وظهور غيرها؟! وما دلالة ظهور خطابات متجدّدة بما فيها قوى معارضة لبعضها؟! أليس هذا كله ضربًا من التجدّد والبحث عن خيارات جديدة ونقد خيارات سابقة؟! وهل يلغي كون هذا متجلّيًا في ممارسات حزبية وأنماط تنظيمية أنّه منبثق عن الشعب؟! هل الخطابات والممارسات والتجلّيات التنظيمية الفلسطينية متطابقة للقول إنّه لا وجود لحالة نقدية في الساحة الفلسطينية؟! ما معنى التمايز والاختلاف إن لم يكن تعبيرًا نقديًّا عمليًّا؟!

كأنّ المثقف الذي من هذا القبيل يستبطن وعيًا يعزل التنظيمات الفلسطينية عن الشعب، وكأنّها محض متسلّطة على الشعب، وكأن جماهيرها المؤلّفة قد هبطت في غزو فضائي على الشعب الفلسطيني! بالتأكيد القضية جدلية، بمعنى أن الدلالة الشعبية في تحولات الخريطة السياسية الفلسطينية وأنماط الفعل النضالي وخطاباته لا يلغيها فرض الأحزاب والتنظيمات خياراتها على الشعب، ومن جهة أخرى، ليس المثقف المعبّر عن محاسبة الشعب لقياداته وتنظيماته حصرًا، وإنما هو واحد من تلك التعبيرات، التي لا ينبغي لها، في شعور خفيّ من التعالي، توهّم عدم غيرها من التعبيرات.

يجادل البعض في كون الانحياز للمقاومة يستدعي بالضرورة المشاركة في مراجعة خياراتها وأدواتها وخطاباتها بنقدها، وهذا صحيح، وحتى وإن كان البعض ينتقد لا من قاعدة الانحياز للمقاومة، فهذا حقه كونه فلسطينيًّا، ومن باب أولى من يدفع أثمان المقاومة مباشرة، وهذه حقوق ضرورية لا تُمنح لأحد من أحد، إلا أن تصوّر الاعتراض على نقد في مضامينه أو توقيته؛ نوع من المصادرة أو التحريم، هو المصادرة بعينها، إذ ما معنى أن يرفض مثقف الاعتراض على نقده، ما دام المعترِض يفعل ذلك بقلمه ولسانه؟! أليس هذا نقدًا مقابل نقد؟!

أن تملك المقاومة حساسية عالية تجاه الأثمان التي يمكن أن يدفعها الشعب جرّاء خياراتها هو أمر ضروري ومن واجباتها السياسية والأخلاقية، إلا أنّ مشكلة بعض النقد المؤسّس على هذه القضية، تعليقه الأمر بالمقاومة حصرًا، دون أن يأخذ بالاعتبار طبيعة الاحتلال الإسرائيلي خصوصًا ومنطق العنف الاستعماري عمومًا، بحيث لا يمكن توقّع مستويات العنف التي يمكن أن يلجأ إليها مهما كانت المقاومة أقلّ عنفًا، وأدنى مستوى، والأمثلة على ذلك من التجربة الفلسطينية نفسها لا تُحصى، وعليه فالمشكلة في بعض النقد في تحوّله، في المفهوم، إلى مطالبة بانعدام الفاعلية، في تلاق في النتيجة بين هذا النوع من النقد وبين أغراض العنف الاستعماري الذي يهدف إلى "كيّ وعي" الشعب الذي يعاني من الاستعمار وتيئيسه من أيّ فعل، فالنقد نفسه ينبغي أن يتأسّس على حساسية عالية لتحسين الفعل الفلسطيني، لا لدوران الناقد حول نفسه، أو بدعوته لأنماط نضالية مثالية لا تتوفر شروطها الموضوعية، وهي بدورها أصلاً لا تحول دون العنف الاستعماري.

إنّ عجز هذا المثقف عن قول شيء آخر إنما هو أمر يدينه ولا يبرّئه. كما يدينه الإنكار الصريح أو الضمني للثمن الذي يدفعه المقاوم وجمهوره، كالقول "الشعب الذي يدفع الثمن وليست حماس"، وهي مقولة تستدعي الخجل حين مناقشتها، لأنّ أي ثمن يُدفع هو من الشعب، فحماس وغيرها من الشعب، فكيف تسوق مقولة كهذه النقاش للبحث فيمن يدفع الثمن؟!والأمر نفسه في محاولة فهم فعل المقاومة، بحيث ينبغي أخذه في سياق سياسيّ أوسع، لا بالاستناد إلى اتهام مسبق بأنّ المقاومة لا تملك تلك الحساسية، وهو اتهام لدى بعضهم عنصر التقييم الوحيد لفعل المقاومة بالنظر النقدي من خلاله حصرًا أو بالتركيز عليه بما يهمّش غيره من العوامل. فسياق النظر الوسيع يحتاج مناقشة تعود إلى سياسات الاحتلال والفاعلين الفلسطينيين الآخرين وما بلغته القضية الفلسطينية، وبما يتجاوز الوقوف عند حسابات المقاومة ورهاناتها، إذ لا بدّ وأن تخطئ حسابات أيّ فاعل، فكيف لو كان الفاعل الأضعف الذي يواجه الفاعل الأقوى؟ لكن وكأيّ فعل سياسي اجتماعي؛ تتعدّد العوامل الدافعة إليه وبما يفرض أن تتعدّد العوامل في تقييمه ومراجعته.

يبقى أنّ ثمّة مسؤولية أخلاقية في غمرة الحرب الطاحنة، كهذه الجارية الآن، من حيث الغرض من النقد وفاعليته وكيفيات استثماره. إذ ما الإضافة التي يقدّمها للشعب والضحية ذلك المثقف الذي يلحّ بنحو أو بآخر على تحميل مقاومته المسؤولية عن حرب الإبادة التي صارت قائمة، وبما يعزل تلك المقاومة عن الشعب؟!

إنّ عجز هذا المثقف عن قول شيء آخر إنما هو أمر يدينه ولا يبرّئه. كما يدينه الإنكار الصريح أو الضمني للثمن الذي يدفعه المقاوم وجمهوره، كالقول "الشعب الذي يدفع الثمن وليست حماس"، وهي مقولة تستدعي الخجل حين مناقشتها، لأنّ أي ثمن يُدفع هو من الشعب، فحماس وغيرها من الشعب، فكيف تسوق مقولة كهذه النقاش للبحث فيمن يدفع الثمن؟!

الجميع يدفع فاتورة هذه الحرب، وقد عمل الاحتلال منذ الدقيقة الأولى على إبادة جمهور حماس، ابتداء من عائلات المشاركين في عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى عائلات المنتمين لحماس، علاوة على كون هذه الحركة قد وضعت جميع مكاسبها في مقابل عمليتها تلك، هذا الثمن لم يقتصر عليها ولا على جمهورها، بل دفعه كلّ فلسطيني داخل قطاع غزّة، لكن نفي دفعها الثمن، وكأنّها دفّعته للشعب وظلّت هي بعيدًا تنتظر النتيجة وتنظر إلى معاناة الشعب من على شرفة القمر؛ هو أمر معيب، ومساهمة في تحريف الحقيقة والتاريخ.

وإذا كان يمكن لبعض مثقفينا الزعم أن حركتنا الوطنية لم تستفد من تجاربها ومن حلقات قواها وأحزابها ونضالاتها المتتابعة لضعف الروح النقدية في سياقها، فإنّ ذلك البعض نفسه لا يعود إلى آرائه بالنظر والبحث والنقد، وهي مهمة لا شكّ صعبة، لأن الذات أكبر الفاعلين في صاحبها تأثيرًا، وتجاوز حجبها يحتاج مجاهدة مضنية، بما في ذلك للتخلص من الانطباعات والمواقف المسبقة ومحاولة فهم الآخرين كما هم في الواقع، لكن على الأقل ينبغي أن يكون الإحساس الأخلاقي أعلى وتحصيله أسهل في تخيّر ما يقال أثناء الحرب!

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينيين المقاومة النقد الاحتلال احتلال فلسطين مقاومة غزة نقد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة أثناء الحرب حرب الإبادة هذا المثقف یدفع الثمن الذی یدفع من النقد من الشعب هو أمر

إقرأ أيضاً:

ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟

طرحت فرنسا والمملكة المتحدة فكرة إرسال قوات إلى الميدان كضمان أمني بعد اتفاق السلام. ولكن حتى الآن، يبدو أن قلة من الدول توافق على ذلك.

اعلان

خلال قمة عُقدت في لندن يوم الأحد، طرحت فرنسا والمملكة المتحدة، مقترحًا لتطوير "تحالف الراغبين"، بهدف تعزيز الدفاع عن أوكرانيا والمساهمة في أي خطة سلام مستقبلية، في إطار الجهود الغربية المستمرة لدعم كييف في مواجهة التحديات الأمنية.

ووصف رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر التحالف بأنه مجموعة من الدول "المستعدة لدعم أوكرانيا بقوات على الأرض وبطائرات في الجو، والعمل مع الآخرين ".

لا تزال طبيعة المهمة العسكرية المحتملة للقوات الغربية في أوكرانيا غير واضحة، وسط تساؤلات استراتيجية حول نطاق وأهداف هذا التدخل. ويطرح فيليب بيرشوك، مدير "معهد البحوث الاستراتيجية" في المدرسة العسكرية في أوروبا، سلسلة من التساؤلات الجوهرية حول السيناريوهات المحتملة لنشر القوات.

ويشير بيرشوك ليورونيوز إلى أن هناك فارقًا جوهريًا بين إرسال قوات إلى غرب أوكرانيا للسماح للجيش الأوكراني بإرسال وحدات محلية للقتال على الجبهة، وبين نشر قوات لحفظ السلام، حيث يتطلب هذا الأخير تمركز قوات عند خطوط التماس لمنع استمرار القتال، وهو نهج يختلف تمامًا عن التدخل العسكري التقليدي.

Relatedأوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلةرئيس وزراء السويد السابق" يصف مفاوضات ترامب للسلام حول أوكرانيا بأنها مباحثات "هواة" ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب

ويقدر الخبراء أن تنفيذ مهمة حفظ سلام موثوقة يتطلب نشر عدة آلاف من الجنود. وفي هذا السياق، صرّح سفين بيسكوب، الباحث في "معهد إيغمونت" في بروكسل، لقناة يورونيوز قائلاً: "قد يكون من الضروري إرسال فيلق عسكري يضم 50 ألف جندي، لإيصال رسالة واضحة إلى روسيا مفادها أننا جادون للغاية في هذا الأمر."

ورغم أن باريس ولندن تبديان استعدادًا لاستكشاف هذا الخيار، إلا أن المواقف الأوروبية لا تزال منقسمة بشكل كبير حيال هذه الخطوة الحساسة، إذ تتحفظ بعض الدول على التصعيد العسكري المباشر، ما يضع مستقبل هذا المقترح أمام اختبار سياسي ودبلوماسي معقد.

الدول المترددة

ويبدو أن بعض الدول الأوروبية تتجه نحو تأييد المبادرة الفرنسية-البريطانية، لكنها لم تحسم موقفها بعد بشأن مسألة نشر جنود على الأرض في أوكرانيا.

ففي البرتغال، تعهدت الحكومة بدعم الخطة التي ستضعها لندن وباريس، لكنها ترى أن الحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا في إطار عملية حفظ السلام لا يزال سابقًا لأوانه. وأكد الرئيس مارسيلو ريبيلو دي سوزا أن أي قرار يتعلق بنشر قوات برتغالية يجب أن يُعرض على المجلس الأعلى للدفاع الوطني، المقرر اجتماعه في 17 مارس للنظر في الأمر.

أما في هولندا، فقد أوضح رئيس الوزراء ديك شوف أن بلاده لم تقدم أي التزامات ملموسة بعد، لكنه أكد انضمام هولندا إلى الجهود العسكريةالفرنسية-البريطانية للمساهمة في وضع حلول ممكنة.

بدورها، قد تنضم إسبانيا إلى المبادرة في مرحلة لاحقة، إذ صرّح وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد "ليس لديها مشكلة" في إرسال قوات إلى الخارج، لكنه شدد على أن التركيز الحالي بشأن أوكرانيا لا يزال سياسيًا ودبلوماسيًا بالدرجة الأولى. ومع ذلك، يبدو أن الرأي العام الإسباني يدعم هذا التوجه، حيث أظهر استطلاع للرأي أجرته قناة "لا سيكستا" أن 81.7% من الإسبان يؤيدون نشر قوات لحفظ السلام في أوكرانيا.

إيطاليا وبولندا: المتشككون

رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني تُعد من أكثر القادة الأوروبيين تحفظًا بشأن فكرة نشر قوات أوروبية في أوكرانيا، حيث وصفتها بعد اجتماع لندن بأنها "حل معقد للغاية وربما أقل حسمًا من الخيارات الأخرى". وأكدت في تصريحاتها أن إرسال قوات إيطالية لم يكن مطروحًا على جدول الأعمال في هذه المرحلة.

وترى ميلوني أن أفضل ضمان أمني لأوكرانيا يكمن في تفعيل المادة 5 من ميثاق الناتو، التي تلزم جميع أعضاء الحلف بالدفاع عن أي دولة عضو تتعرض لهجوم. ومع ذلك، يظل تطبيق هذه المادة غير واضح في ظل عدم عضوية أوكرانيا في الحلف، مما يجعل مقترح ميلوني غير محدد المعالم في الوقت الحالي.

Relatedردًّا على ترامب وبوتين: الدنمارك تُطلق صفقة تسليح ضخمة بـ6.7 مليار يوروفون دير لاين تدعو لتسليح أوكرانيا "بسرعة" حتى لا تصبح لقمة سائغة في فم روسياقمة أوروبية تناقش تعزيز تسليح أوكرانيا والحرب في غزة

أما في بولندا، أحد أبرز داعمي أوكرانيا منذ بداية الحرب، فلا يزال الموقف حاسمًا برفض إرسال قوات بولندية إلى الأراضي الأوكرانية. وأوضح رئيس الوزراء دونالد توسك أن بلاده تحملت بالفعل عبئًا كبيرًا باستقبال نحو مليوني لاجئ أوكراني خلال الأسابيع الأولى من الحرب، مما يجعلها غير مستعدة للانخراط عسكريًا بشكلٍ مباشر.

وبينما تبدو وارسو مستعدة لتقديم الدعم اللوجستي والسياسي، إلا أنها لا تعتزم نشر قوات على الأرض، ما يعكس الانقسامات داخل أوروبا بشأن هذا الخيار العسكري الحساس.

المجر وسلوفاكيا، غير مستعدتين على الإطلاق للقيام بذلك

تتخذ كل من المجر وسلوفاكيا موقفًا أكثر انتقادًا للدعم العسكري الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا، إذ تدفعان باتجاه فتح حوارٍ مع روسيا لإنهاء الحرب بدلاً من تصعيد المواجهة العسكرية.

اعلان

وهاجم رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان القادة الأوروبيين المجتمعين في لندن، متهمًا إياهم بالسعي إلى "مواصلة الحرب بدلاً من اختيار السلام"، في إشارة واضحة إلى رفضه لاستراتيجية الدعم العسكري المستمر لكييف.

من جانبه، أعرب رئيس وزراء سلوفاكيا عن تحفظه الشديد تجاه مبدأ "السلام من خلال القوة"، معتبرًا أنه مجرد مبرر لاستمرار الحرب في أوكرانيا بدلًا من البحث عن حلول دبلوماسية حقيقية.

وبناءً على هذه المواقف، يُستبعد تمامًا أن تنضم بودابست وبراتيسلافا إلى أي مبادرة لنشر قوات أوروبية، إذ ترفض حكومتا البلدين بشكلٍ قاطعٍ الانخراط العسكري المباشر في النزاع الأوكراني.

موقف برلين

تتوجه الأنظار الآن إلى ألمانيا، حيث يجري تشكيل حكومة جديدة برئاسة المسيحي الديمقراطي فريدريش ميرتس.

اعلان

وقد استبعد المستشار الألماني الحالي أولاف شولتز إرسال قوات ألمانية إلى أوكرانيا، على الرغم من أن وزير دفاعه بوريس بيستوريوس ألمح إلى إمكانية نشر قوات حفظ السلام في منطقة منزوعة السلاح، في حال وقف إطلاق النار.

إلا أن هذا الموقف قد يتغير، حتى وإن كان من الصعب إقناع الرأي العام المحلي بقرار نشر الجنود الألمان في أوكرانيا.

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة بعد مشادة البيت الأبيض.. زيلينسكي: مستعدون لتوقيع اتفاق المعادن ستارمر: لندن وباريس تعملان على خطة لوقف الحرب في أوكرانيا سيتم طرحها على ترامب الغزو الروسي لأوكرانياالمملكة المتحدةالاتحاد الأوروبيقوات عسكريةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext نتنياهو: سنواجه كل من يحاول حفر ثقوب في سفينتنا الوطنية يعرض الآنNext هجوم إسرائيلي على ميناء طرطوس شمال غربي سوريا يعرض الآنNext أوكرانيا تجدد رفضها دخول مفتشي الطاقة الذرية إلى زابوروجيا عبر الأراضي المحتلة يعرض الآنNext بسبب تهديد غامض.. إخلاء محطة القطارات الرئيسية في فيينا يعرض الآنNext من محام إلى مستشار.. شتوكر يتولى رئاسة الحكومة النمساوية الجديدة اعلانالاكثر قراءة فانس ذهب في رحلة تزلج فوجد المتظاهرين له بالمرصاد بسبب ما حدث مع زيلينسكي شروط دمشق الجديدة.. هل تغير مستقبل الوجود العسكري الروسي في سوريا؟ جنود أوكرانيون عن المشادة بين ترامب وزيلينسكي: على الطرفين تقديم تنازلات إيلون ماسك يعلن دعمه لانسحاب الولايات المتحدة من الناتو والأمم المتحدة كيف استطاعت إسبانيا التفوق على باقي أوروبا وأن تزدهر اقتصاديًا بفضل المهاجرين؟ اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبإسرائيلالحرب في أوكرانيا سورياروسياغزةفولوديمير زيلينسكيأوكرانياالصراع الإسرائيلي الفلسطيني أوروباتيك توكالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • خليل أبوكرش: هناك قرار عربى موحد لدعم إعمار غزة دون تهجير
  • «الرئيس السيسي»: مصر تعكف على تدريب الكوادر الفلسطينية الأمنية التي ستتولى الأمن في غزة
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • الفصائل الفلسطينية تبارك عملية حيفا وتؤكد: العملية أثبتت فشل المنظومة الأمنية للاحتلال
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
  • غضب عارم في الاحتلال بعد فوز فيلم لا أرض أخرى بالأوسكار
  • وزير ثقافة الاحتلال: حصول فيلم لا أرض أخرى على الأوسكار لحظة حزينة
  • بالكوفية الفلسطينية.. أبطال فيلم "لا أرض أخرى" خلال حفل الأوسكار
  • صنعاء.. انعقاد المؤتمر الدولي “فلسطين: من النكبة للطوفان – أهمية دور المقاومة الفلسطينية في منع التهجير”