في كانون الاول الماضي حصل لبنان على مستوى متوسط من الفعالية في تسع نتائج مباشرة، من مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) وورد ذلك في تقرير التقييم المتبادل للجمهورية اللبنانية حول تدابير مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، حيث إن منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب اللبنانية حقّقت بعض النتائج الإيجابية إلا أنها تتطلب مزيداً من التعزيز في مجالات تشمل تحديد المخاطر، التعاون الدولي، الرقابة لا سيّما على القطاع غير المالي والإجراءات لديه، الأشخاص الاعتباريين والترتيبات القانونية وصاحب الحق الإقتصادي، التحقيقات المالية الموازية، والعقوبات المالية المستهدفة ذات الصلة بقرارات مجلس الأمن.


كما حصل لبنان في نتيجتين مباشرتين على مستوى متدنٍّ من الفعالية، وهما متعلقتان أساساً بعدم كفاية مصادرات المتحصلات الإجرامية والأصول ذات الصلة، وبالادعاءات والأحكام القضائية بجرائم تبييض الأموال التي يجب أن تكون أكثر اتساقاً مع المخاطر مع ضرورة وجود عقوبات متناسبة ورادعة بشأنها، بحسب ما ورد في التقرير.

واستندت نتائج فريق التقييم في ما يتعلق بالنتيجة المباشرة، إلى مراجعته الوثائق المقدمة من لبنان، ولا سيما ملخص تحديث التقييمات القطاعية التي أجرتها بعض السلطات التنظيمية، والتقييمات الذاتية التي أجرتها بعض السلطات التنظيمية والمؤسسات المالية، وخاصة البنوك، بالإضافة إلى مخرجات المقابلات خلال الزيارة الميدانية مع جهات إنفاذ القانون، والمشرفين على القطاعات المالية وغير المالية، وأجهزة المخابرات، وهيئة التحقيق الخاصة (وحدة المعلومات المالية)، والجهات القضائية، عدد من الوزارات المعنية، وأعضاء اللجنتين الوطنيتين لمكافحة غسل الأموال وقمع تمويل الإرهاب، والقطاع الخاص.

اليوم بعد أن أصبح شبه مؤكد صدور تقرير التقييم المتعلق بملف لبنان في منظمة "فاتف" وفيه إشارة سلبية لمدى تطبيق لبنان معايير مكافحة تبييض الأموال ومكافحة الإرهاب في أيلول المقبل والذي قد يتضمن تصنيفاً سلبياً للبنان من خلال إدراجه على اللائحة الرمادية لهذه المنظمة، سارع حاكم المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري لزيارة واشنطن في محاولة لتأجيل صدور التصنيف السلبي.

وشدد منصوري على أن وضع لبنان على اللائحة الرمادية هو ضرب لجهود المركزي، وتعزيز لفرص تفشي تبييض الأموال، وعزل مالي واقتصادي لبلد يحاول بما بقي لديه من سيولة وإمكانات الخروج من أسفل درك الانهيارين النقدي والسياسي الذي وقع فيهما.

وقد أتت الزيارة بعدما تبلغ لبنان، بحسب الاستاذ الاقتصاد والخبير المالي بلال علامة ، أن وضعه بات على طاولة منظمة "فاتف" ذلك أن المعطيات الأكيدة والثابتة تشير إلى أن مندوب أميركا ومندوب صندوق النقد الدولي في منظمة «فاتف» هما من طلبا إعادة درس تقييم لبنان، بعدما كانت منظمة "مينا فاتف"، أي فرع المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قد غضّت النظر عما يمكن اعتباره مخالفات، وقد فُسّر الأمر بأنه ذو خلفية سياسية متعلقة بالضغط على لبنان.

عقد منصوري، لقاءات في الكونغرس وفي وزارة الخزانة الأميركية وفي صندوق النقد والبنك الدوليين، بالإضافة إلى لقاءات خاصة أطلع خلالها منصوري من التقاهم على تقارير أعدّها في سياق محاولته الأخيرة لمنح لبنان فرصة تأجيل التقييم بالحدّ الأدنى.

زيارة منصوري الى واشنطن، بحسب علامة ، كانت جيدة وإيجابية بحسب المعلومات التي وردت عن مضامين لقاءاته، لناحية توقع الموافقة على طلب تأجيل تصنيف لبنان سلبياً لمدّة ستة أشهر إضافية، مع تشديده على ان منصوري تلقى تطمينات بأنه لن يكون هناك أيّ قطع للعلاقات بين المصارف المراسلة والقطاع المصرفي اللبناني، وان كانت المصارف المراسلة ستستمر في سياساتها المتشددة التي اعتمدتها منذ الازمة الاقتصادية في لبنان.

وبينما تلقّى منصوري تطمينات بريطانية وفرنسية بالمساعدة، في ما خص مراعاة الوضع في لبنان خلال صياغة تقرير "فاتف"، قد يكون من غير المنطقي، وفق علامة، التأكّد من نتيجة التصنيف منذ الآن، لأنّ الأمر مرتبط بمشاورات الدول الأعضاء في المنظمة. لذلك ربما قد يعطى لبنان فرصة ستة أشهر جديدة ريثما يكون قد دخل في تطبيق الإصلاحات المطلوبة والضرورية والتي بات من الصعب جداً إقناع المعنيين في المجتمع الدولي والمؤسسات المالية الدولية أن لبنان قادر على إعادة الحياة إلى الانتظام السياسي وأن السلطة في لبنان قادرة على ضمان الإلتزام بتطبيق ما هو ضروري من حيث التشريعات والقوانين والحوكمة الرشيدة.

وحسب المعلومات المتداولة فإن تركيز الخارج "فاتف" يدور على مراقبة أداء الإدارات والمؤسسات التي يفترض ان تنتهج الإصلاح ، مثل القضاء والجمارك والضريبة، وصولاً إلى السياسات الأساسية وما يتصل بها من ملفات الفساد في الإدارة العليا، فضلا عن المجال التشريعي المتصل باقرار قوانين تتصل بالاصلاحات.

وفي السياق يقول علامة ربطا بمعلومات حصل عليها، أن منصوري واجه سؤالاً واحداً محرجاً للبنان: هل سيقرّ لبنان ما مطلوب منه إذا مُنح ستة أشهر ؟ خلفية السؤال تأتي، وفق علامة، لتشير الى أن وزارة الخزانة الاميركية اسوة بالمؤسسات المالية الدولية وضعت لبنان تحت مجهور المراقبة. فالقوى السياسية لم تتمكن من تنفيذ الاصلاحات المطلوبة منها وايجاد حل لمسألة توزيع الخسائرو إعادة هيكلة القطاع العام فضلا عن ضبط الحدود المتفلتة ضبط سيولة الأموال المهربة.

قد لا يكون إنفلاش إقتصاد الكاش، وفق علامة، المشكلة الأساسية التي واجهها منصوري في أميركا وقد سمع بشكل مباشر تطمينات تتعلق بدراية الدول الغربية والمعنية بأنه من الصعب في هذه المرحلة التخلص من إقتصاد الكاش وان المطلوب من لبنان في هذا الصدد تخفيف التعامل النقدي تدريجياً وعلى مراحل. ولكن رغم ذلك فمن الواضح أن الولايات المتحدة الاميركية والدول الغربية في منظمة "فاتف"تتعاطى مع منصوري على أنه ممثل للسلطة السياسية في لبنان التي يتحمل بعض قادتها ومسؤوليها وسياسييها مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان من تردي وتدهور. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: تبییض الأموال فی لبنان

إقرأ أيضاً:

توقيف سلامة.. وتجنيب لبنان اللائحة الرمادية

أوقف النائب العام التمييزي جمال الحجار، الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، بعد التحقيق معه أمس، في قصر العدل في ملف شركة "اوبتيموم" وعقودها المبرمة مع مصرف لبنان من أجل شراء وبيع سندات خزينة وشهادات إيداع بالليرة، مع اتهامات بغسيل أموال وحصول الشركة على عمولات، في حين أن شركة أوبتيموم لم يتم استدعاؤها إلى الجلسة في ما يتعلق بتعاملاتها مع سلامة، علماً أنها اعلنت انها أجرت تدقيقا ماليا في وقت سابق هذا العام لتعاملاتها مع مصرف لبنان المركزي ولم تجد أي دليل على ارتكاب الشركة أي مخالفات، كما أعلنت رئيستها التنفيذية.

إن طبيعة الاتهامات الموجهة إلى سلامة، بحسب مصادر متابعة للملف، لا تزال غير واضحة وأنها قد تكون مرتبطة بملفات أخرى لم يتم الإعلان عنها بعد، وربما ترتبط بمعلومات أودعها حاكم مصرف لبنان بالانابة وسيم منصوري مكتب القاضي الحجار وتتصل بتقرير من هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان ويتضمن معطيات عن اختلاسات تقارب قيمتها واحداً وأربعين مليون دولار. ويأتي ذلك بعدما اتخذ منصوري في تموز الماضي صفة الادعاء أمام القضاء الفرنسي، ودخل شريكاً رسمياً في الدعوى المرفوعة ضد سلامة، ليصبح طرفاً مدنياً يحفظ حقه في استرداد أي مصادرات بعد المحاكمة إلى جانب الدولة التي تطالب بحقها من أموال سلامة.

وكان منصوري أصدر في آب العام 2023 قرارا أشار فيه إلى أن هيئة التحقيق الخاصة قررت بالإجماع تجميد جميع الحسابات العائدة بصورة مباشرة أو غير مباشرة لكل من رياض وندي ورجا سلامة وماريان الحويك وآنا كوزاكوفا، وذلك بصورة نهائية لدى جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان، ورفع السرية المصرفية عنها تجاه المراجع القضائية المختصة، على أن لا يشمل هذا القرار حسابات توطين الراتب. وتجدر الإشارة إلى أن القاضي الحجار لم يفصح عن نوع الجرم قائلا إن "خطوة التوقيف احتجاز احترازي ومفاعيلها لمدة أربعة أيام، على أن يُحال في ما بعد من قبل استئنافية بيروت إلى قاضي التحقيق الذي يستجوبه ويتّخذ القرار القضائي المناسب بحقه، ومن ضمن هذه الإجراءات قد تكون مذكرة توقيف وجاهية".

وعليه، فإن الملف القضائي للحاكم السابق للمركزي سيحال من النيابة العامة الاستئنافية في بيروت إلى قاضي التحقيق في بيروت الذي يمكن أن يصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة. وبحسب المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فإن مدة الإحتجاز، بحسب رئيس مؤسسة JUSTICIA في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص، تكون خلال 48 ساعة فقط، قابلة للتمديد مدة مماثلة بعد موافقة النائب العام.

أما الخبير الدّستوري الدّكتور عادل يمين فيقول: "يفترض ان يستمع المدعي العام له وتجرى تحقيقات أولية معه وبناء عليها إما يتم الادعاء عليه ويحال إلى قاضي التحقيق وقد يحال موقوفا من أجل إجراء التحقيق وإصدار القرار الظني وفي حال الظن يحال على المحاكمة ، أو في حال عدم الادعاء يصدر قرار ترك".

وسبق أن طلبت النيابة العامة في لبنان في حزيران 2022، الادّعاء على سلامة للاشتباه في جرائم "اختلاس الأموال عامة والتزوير وتبييض الأموال وتهريب أموال إلى الخارج والتهرّب الضريبي والإثراء غير المشروع. وسبق أن حقق المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان مع سلامة وصادر جوازي سفره، اللبناني والفرنسي، وذلك في أيار من العام الماضي، بعد تحويل مذكرتي التوقيف الألمانية والفرنسية إلى مذكرتين دوليتين عممتا عبر الإنتربول.

ويشير مرقص في حديث لـ"لبنان24" إلى أن "قرار النائب العام التمييزي ملفت دون شك لكنه لا يؤدي بذاته إلى تحرير الودائع المصرفية العالقة ولا علاقة له بها ولا يندرج ضمن حملة عارمة لمكافحة الفساد في لبنان لم تقم بعد ولا أراها في الأفق بسبب إحكام قبضة معظم الزعامات التقليدية على حياة اللبنانيين الغارقين في همومهم اليومية وعدم اكتراثهم كثيرا لمعاناتهم".

ويقول مرقص: "ربما ثمة اعتبارات أخرى وراء التوقيف لا نراها بوضوح راهناً. فقد يكون لهذا التوقيف تأثير على عدم إدراج لبنان على اللائحة الرمادية،باعتبار أن لبنان قام باتخاذ إجراءات محاسبة ومساءلة مالية، وكذلك على التحقيقات الأوروبية وهذا ما قصدته بالاعتبارات وربما الأبعاد غير المرئية لهذا التوقيف".

وكان منصوري قال في "الملتقى السنوي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب "إن "قرار مجموعة العمل المالي FATF سوف يقرّ في الخريف المقبل ونحن لانزال نعمل جاهدين لمنع إدراج لبنان على القائمة الرمادية. ويظهر تقرير التقييم المنجز من المجموعة الإقليمية، وجوب مبادرة السلطات المحلية إلى إجراء تحسينات جوهرية في حزمة من التوصيات الأساسية وهذا يتطلب إجراء بعض التعديلات في القوانين والتدابير النافذة، بما يتناسب مع مقتضيات الامتثال لكامل المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال". المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • هاريس جمعت أضعاف الأموال التي جمعها ترامب في شهر.. ما أهمية ذلك؟
  • وزير الاقتصاد اللبناني إسرائيل دمرت اقتصادنا السياحي والزراعي وخسرنا بسببها المليارات
  • حزب الله اللبناني يستهدف موقعين للجيش الإسرائيلي
  • اتحاد الغرف السياحية: استمرار التعاون بين «المالية والقطاع السياحي»
  • أزمة الودائع.. مصادر رسمية: لا خطة جديدة بل تحليل علمي
  • توقيف سلامة من منظار خصوم حزب الله: تبييض لصفحة الثنائي!
  • الإجراءات القضائية تتلاحق بملفّ سلامة.. والنيابة المالية ادعت عليه بـالاختلاس وتبييض الأموال
  • علامة ترأس جلسة لجنة الشؤون الخارجية بحضور بو حبيب
  • توقيف سلامة.. وتجنيب لبنان اللائحة الرمادية
  • توقيف مفاجئ لرياض سلامة يفتح ملفات المصارف