تقول الحكمة المأثورة "أنت ما تأكله"، ولكي نكون أدق فأنت تشعر بما تأكله، حيث يلعب الغذاء دورًا مهمًا في التأثير على الحالة المزاجية بفضل مكوناته المختلفة التي تؤثر على وظائف الدماغ والجسم، إذ يشير الطب النفسي الغذائي الناشئ إلى أن النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في صحتك العقلية .

تقول الدكتورة أوما نايدو، مديرة قسم التغذية والطب النفسي المتعلق بنمط الحياة في مستشفى ماساتشوستس العام ومؤلفة كتاب "هدئ عقلك بالطعام": "كان أبقراط على دراية بهذا الأمر منذ عصور.

فقد ربط بين الأمعاء والدماغ". والآن، يلحق العلم الحديث بالركب.

قد لا يكون هناك رابط واضح بين ما يدخل بطنك وما يحدث في دماغك، لكن للدكتورة فيليس جاكا رأي آخر، جاكا هي المديرة المشاركة لمركز الغذاء والمزاج في جامعة ديكين الأسترالية والمؤلفة لدراسة بعنوان "تحسين النظام الغذائي للبالغين الذين يعانون من الاكتئاب الشديد" المنشورة في عام 2017.

الجسم والدماغ في محادثة مستمرة، وكل ما يصل إلى المعدة يؤثر على الدماغ (بيكسلز)

ترى جاكا البشر عبارة عن نظام معقد ومتكامل للغاية، وأن الجسم والدماغ في محادثة مستمرة، وكل ما يصل إلى المعدة يؤثر على الدماغ.

ويعد السيروتونين أحد أهم اللاعبين الأساسيين فى التأثير على حالتك المزاجية.

ما هو السيروتونين؟

السيروتونين هو ناقل عصبي يلعب دورًا أساسيًا في العديد من وظائف الجسم والعقل. ويؤثر على مجموعة متنوعة من العمليات الفسيولوجية والنفسية، بما في ذلك تنظيم المزاج، والنوم، والشهية، والهضم، والإدراك، والتركيز، والتحكم في التوتر.

ترتبط مستويات السيروتونين بالسعادة، المستويات الصحيحة منه يمكن أن تجعلك تشعر بالهدوء والتركيز وتقلل من القلق. حيث يُنتج حوالي 90% من السيروتونين في الأمعاء، لذلك ليس من المستغرب أن يؤثر الطعام الذي نتناوله على حالتنا المزاجية. وقد تم ربط المستويات المنخفضة من السيروتونين بالاكتئاب واضطرابات النوم والشهية.

ولتعزيز مستوى السيروتونين وتحسين الحالة المزاجية بصورة صحيحة وجد الباحثون ارتباطا مباشرا بين السيروتونين والتريبتوفان، والتريبتوفان هو حمض أميني أساسي لا يستطيع جسم الإنسان إنتاجه بمفرده، وبالتالي يجب الحصول عليه من خلال النظام الغذائي.

ما الأطعمة الغنية بالتربتوفان المنظم للمزاج؟

طبقا لموقع "ميديكال نيور توداي" فإن هناك مجموعة من الأطعمة أعلى فى مستوى التريبتوفان بالمقارنة ببقية الأطعمة:

سمك السلمون: بصرف النظر عن كون السلمون مصدرا للتربتوفان، فإنه يعد مصدرا ممتازا للأحماض الدهنية وأوميغا 3 وفيتامين D.

البيض: غني بالتريبتوفان ويحتوي على كميات كبيرة من فيتامينات "إيه" A و "بي 12" B12 والسيلينيوم. كما يُعد صفار البيض مصدرًا جيدًا للكولين، وهو عنصر غذائي مهم قد يكون له دور خاص خلال الحمل، وفقًا لدراسات نشرتها المكتبة الوطنية للطب.

البذور: تُعد البذور مصدرًا مهمًا للتريبتوفان، خاصة للنباتيين الذين قد لا يتمكنون من تناول بعض الأطعمة الأخرى في هذه القائمة. يمكن إضافة بذور اليقطين والكتان والشيا بسهولة إلى السلطات والزبادي والحبوب، مما يوفر مضادات الأكسدة والألياف والفيتامينات.

المكسرات: تساعد على زيادة مستويات السيروتونين لأنها تحتوي على التربتوفان (شترستوك)

المكسرات: تساعد على زيادة مستويات السيروتونين لأنها تحتوي على التربتوفان. كما أنها مصدر مهم للدهون الأحادية غير المشبعة والبروتينات وبعض المعادن والفيتامينات المهمة لعمل الجسم بشكل سليم.

منتجات الألبان: يمكن أن يوفر الحليب ومنتجات الألبان أيضا دفعة من التربتوفان. كما أنها مصدر جيد للكالسيوم وفيتامينات A وD وE.

الدجاج: يحتوي على نسبة عالية من التربتوفان ويمكن إدراجه بطرق متعددة في وجبات صحية، كما أن الديك الرومي مليء بالتربتوفان و يساعد على الاسترخاء.

الورقيات: تعتبر الخضروات الورقية ذات اللون الأخضر الداكن، مثل السبانخ، مصدرًا للتربتوفان.

أفضل الطرق لمحاربة المزاج السيئ بالطعام؟

في كتابها بعنوان "غير نظامك الغذائي، تغير عقلك" "Change Your Diet, Change Your Mind" الصادر في يناير/كانون الثاني 2024، تتحدث الدكتورة جورجيا إيدي، طبيبة نفسية جامعية ومستشارة تغذية في كلية سميث، عن قدرة الطعام على تغيير المزاج والحالة النفسية.

ترى إيدي أن الأطعمة المصنعة الغنية بالسكريات، والكربوهيدرات، والدهون الصناعية، التي ترفع مستويات السكر في الدم والدوبامين، يمكن أن تجلب إحساسًا سريعًا ومؤقتًا بالارتياح عندما تشعر بالضيق أو القلق أو الإرهاق. ومع ذلك، لها تأثير سلبي على المدى الطويل لأنها تسبب انهيارًا مزاجيًا بعد فترة قصيرة من الاستهلاك. لذا، يعد الابتعاد عن تلك الأطعمة طريقة رائعة لتجنب هذا الانهيار المزاجي.

تقترح إيدي استبدال الأطعمة المصنعة عالية الكربوهيدرات بالأطعمة الحيوانية المغذية ومنخفضة الكربوهيدرات مثل اللحوم الحمراء، كطريقة ممتازة لتغذية الدماغ واستقرار كيمياء الدماغ.

أفضل ما يمكن تقديمه لتحسين صحته النفسية هو توجيه النظام الغذائي حول مجموعة واسعة من الأطعمة النباتية (بيكسلز)

في دراستها، ترى الدكتورة فيليس جاكا أن أفضل ما يمكن أن يقدمه الإنسان لنفسه لتحسين صحته النفسية هو توجيه نظامه الغذائي حول مجموعة واسعة من الأطعمة النباتية، مثل الفواكه والخضراوات والمكسرات والفاصوليا والأعشاب والحبوب الكاملة، مع الحد من تناول الأطعمة الشديدة المعالجة، مثل رقائق البطاطس المعلبة والكعك والوجبات الخفيفة.

بالطبع، لا تعتمد الحالة المزاجية للإنسان على الطعام وحده، بل هو جزء من نظام شامل وأحد العوامل المؤثرة عليه. التغذية السليمة والراحة البدنية يمكن أن تعزز الميل إلى المشاركة الاجتماعية وتعزيز العلاقات مع محيطك، مما يسهم في النهاية في تكوين نظرة أكثر إيجابية للحياة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات النظام الغذائی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ما هو سبب تزايد الحساسية الغذائية؟!

يمانيون/ منوعات

تُعدّ الحساسية الغذائية من المشكلات الصحية التي تشهد تزايداً ملحوظاً في العديد من دول العالم، وخصوصاً في المجتمعات الصناعية.

الكثير من الدراسات تتساءل عن أسباب هذا الارتفاع الملحوظ في الحساسية الغذائية، وما الذي يمكن فعله للحد من تأثيراته.

فقد شهدت العديد من الدول الصناعية تزايداً في حالات الحساسية الغذائية، أي رفض الجسم لنوع معيّن من الغذاء خلال العقد الأخير، حيث ارتفعت الحالات من 76 حالة لكلّ 100,000 شخص في عام 2008 إلى 160 حالة لكلّ 100,000 شخص في عام 2018. هذه الزيادة السريعة تدعو إلى القلق، خصوصاً عندما ندرك أنّ الحساسية الغذائية قد تكون مهدّدة للحياة في بعض الأحيان.

تحدث الحساسية الغذائية عندما يستجيب جهاز المناعة بشكل مفرط لموادّ غذائية تُعدّ في العادة غير ضارة. تتراوح الأعراض من الطفح الجلدي والتورّم إلى الغثيان والحمى وحتى الربو. وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تتسبّب الحساسية في حدوث صدمة وهي حالة طبية طارئة قد تؤدي إلى انهيار الدورة الدموية، مما يشكّل خطراً على الحياة.

أسباب ارتفاع حالات الحساسية الغذائية

تشير الأبحاث إلى أنّ العوامل الجينية تؤدي دوراً في تطوّر الحساسية الغذائية، حيث يكون الأطفال من أبوين يعانيان من الحساسية أكثر عرضةً للإصابة بها. لكن هذه العوامل الوراثية لا تفسّر الزيادة الكبيرة في الحساسية الغذائية التي نشهدها اليوم.

ويرى العلماء أنّ نمط الحياة العصري يؤدي دوراً كبيراً في هذه الزيادة. ففي المجتمعات الصناعية، نعيش في بيئات نظيفة جداً، مما يقلّل من تعرّضنا للمكروبات التي تساعد في تطوير جهاز مناعي متوازن. وتفتقر الأغذية المصنّعة إلى العناصر الطبيعية التي تساهم في تعزيز هذا التوازن، ممّا يجعل الجسم أكثر عرضة لتطوير استجابات مناعية مفرطة.

العلاج وإدارة الحساسية

للوقاية من الحساسية الغذائية، ينصح الخبراء باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يحتوي على الأطعمة الطازجة وغير المصنّعة. كما تشير الدراسات الحديثة إلى أنّ تجنّب الأطعمة المحتملة لإثارة الحساسية، خصوصاً خلال فترة الحمل أو في مرحلة الطفولة المبكرة، قد يزيد من خطر تطوّر هذه الحساسية لاحقاً.

لكن في المجمل لا تزال خيارات العلاج المتاحة للحساسية الغذائية محدودة، حيث تتوفّر حالياً بعض العلاجات، مثل العلاج المناعي التدريجي بجرعات متزايدة تدريجياً. كما تمّ مؤخّراً في الولايات المتحدة اعتماد دواء جديد يحتوي على أجسام مضادة لتقليل شدّة التفاعلات التحسّسية.

#الأطعمة الطازجة#الحساسية الغذائية#نظام غذائي

مقالات مشابهة

  • 200 مليون جنيه لتطوير محطة مياه ديرمواس وتحسين حياة الأهالي
  • محافظ الفيوم: نعمل لرقمنة كافة القطاعات الحكومية لتسريع الأداء وتحسين الخدمات
  • تجمع مالكي الأبنية المؤجرة: لتحرير عقود الايجارات القديمة وتحسين جباية الضرائب
  • ما هي أبرز النصائح لتقليل الملح في نظامك الغذائي؟
  • نظام إنقاص الوزن عبر تناول كميات كبيرة من الطعام.. إليك الميزات والعيوب
  • ما هو سبب تزايد الحساسية الغذائية؟!
  • الغذاء والتغذية: اعتماد لائحة جديدة للمقاصف المدرسية وحظر عدد من الأطعمة للحد من السمنة
  • "العداد مسبق الدفع" الحل السحري لمكافحة سرقة التيار الكهربائي وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة
  • (النفاق الدولي) حين يصبح بديلا عن (القانون الدولي)
  • ”عندما يصبح التعليم تهمة: المخلافي في مواجهة الحوثيين!”