شمسان بوست / العين الاخبارية:

في ظل التطرف المناخي، يحاول مواطنون يمنيون إحياء ثقافة التشجير والتنمية الخضراء لتخفيف حدة هذه الظاهرة في مناطق جبلية وقرى ساحلية.

هنا في قرى ريف المخا اليمنية المطلة على البحر الأحمر بدأ المواطن يعقوب الأمين زرع مختلف الأشجار بمحيط منزله كوسيلة للتخفيف من حرارة الصيف التي ازدادت حدتها مؤخرًا.

ويقول الأمين لـ”العين الإخبارية”: “إن ظاهرة تغير المناخ جعلت القرى الريفية ولاسيما الساحلية أمام تحدي البقاء، فكان لابد من إحياء ثقافة التنمية الخضراء والبدء بتشجير المنازل والقرى بمختلف أنواع الأشجار لاسيما الأشجار المظللة والمرتفعة وأشجار الزينة”.

وأكد أنه لاحظ منذ نحو 7 سنوات اهتمام الأهالي بغرس الأشجار في القرى والمنازل بما في ذلك أشجار الفاكهة مثل المانجو والجوافة والليمون كجزء من مواجهة ارتفاع الحرارة وتقلبات الطقس في هذه المناطق الساحلية.

المركزي الإماراتي وبنك إندونيسيا.. توقيع اتفاقية تعاون في مجال أنظمة الدفع
شركات الطاقة المتجددة «الناشئة» تجمع 5.9 مليار دولار في 2024

ويضيف أن بعض القرى كانت قبل سنوات خالية من الأشجار سوى أشجار شوكية لكن هذه الأعوام برزت قرى ممتلئة بالأشجار المتنوعة منها المانغروف والمورينجا والنخيل والبدرومي والدمس، واللوز وشجرة الورد والجهنمية، والياسمين للتخفيف من حدة الحرارة اللاهبة صيفاً.

ثقافة بحاجة إلى تشجيع
ويسعى المواطنون إلى تحويل زراعة الأشجار إلى ثقافة تتبناها جميع القرى الساحلية في البلاد لمواجهة تغير المناخ، وهو ما يراه اليمني عبدالعزيز قاسم مهمة صعبة لكنها ليست مستحيلة، وتحتاج لإشراك منظمات البيئة والإعلام الأخضر لإبراز قصص النجاح التي تلهم المواطنين لتبني فكرة ثقافة التنمية الخضراء.

وأضاف الشاب الثلاثيني لـ”العين الإخبارية” أن ارتفاع الحرارة دفع العديد من أهالي ريف المخا إلى تبني فكرة زراعة الأشجار ذات الظل الوارف في المنازل كتقليد قديم متبع لتخفيف حدة الحر وهي ثقافة بحاجة للدعم التشيجع من قبل الجهات المعنية الرسمية وغير الرسمية والاهتمام بها لمواجهة التحديات المناخية.

يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز

وأشار قاسم إلى أنه يفضل غرس أشجار الفاكهة ذات الظل والثمار، فشجرة المانجو تعطي الظل إضافة إلى فاكهتها الموسمية.

وأوضح أن زراعة الأشجار في المنازل لها قيمة عالية بفضل الظل، والهواء النقي والجمال والرائحة الذكية، حيث تحول القرى كأنها لوحة خضراء تفتح النفس.

إقبال على شراء الأشجار
في أحد شوارع مدينة تعز (جنوب)، تنتشر العديد من المشاتل الخضراء، التي تبرز مدى تمسّك المواطن اليمني ببيئته وتاريخه القديم، حيث يمارس عملية زراعة الأشجار بمختلف أنواعها منذ سنوات كحل لمواجهة التغيرات المناخية في البلاد.

وتعد زراعة الأشجار في الأرصفة وجوار المنازل والأماكن العامة ظاهرة قديمة حديثة، حيث زاد استخدامها في مؤخرا للتخفيف من الآثار البيئية الناتجة عن تلك التغيرات التي دفعت مواطنين في تعز يشكون من ارتفاع قياسي للحرارة هذا العام للمرة الأولى في تاريخ المدينة.

ويقول بشير العريقي (44 عامًا) أحد مالكي المشاتل وسط مدينة تعز، إنه اتجه للعمل في المشاتل نظرًا لندرتها داخل هذه المدينة التي يقطنها أكثر من 5 ملايين نسمة، ولكثرة الإقبال عليها.

ويضيف العريقي لـ”العين الإخبارية “، والذي يعمل في بيع الأشجار منذ أكثر من 10 سنوات، أنه خلال موسم الصيف وتساقط الأمطار يزداد إقبال المواطنين على شراء الأشجار بمختلف أنواعها، حيث يذهب البعض منهم لشراء أشجار الزينة، والبعض للأشجار المثمرة، وهناك مواطنون يأتون من الأرياف.

يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز

وتابع: “كنت أشتغل مهندس برمجة جوالات ولدي محل في المدينة، لكن وبسبب حرب مليشيات الحوثي والتي دمرت محلي اتجهت لتوسعة المشتل والعمل في الزراعة والمتاجرة بأشجار الزينة وأشجار الفواكه”.

وبحسب العريقي فإن الأشجار الأكثر مبيعا كانت من أشجار الفواكه: الجوافة، والرمان، والخرمش، والتين ، والبلس، والأفوكادو، والتنين، والبرتقال. والليم الحامض واليوسفي، والموز.

كما تأتي أشجار الزينة في المرتبة الثانية منها: ورود الهبسكس، والجوري، وورد الكنا الهندي، والقوان السوري، وأشجار الفيكس، والسرو، والصبّار، وغيرها من الأشجار.

ويشير إلى أن الأسعار ترتفع بين الحين والآخر بسبب انهيار سعر صرف العملة المحلية، وقطع الطرقات من قبل مليشيات الحوثي الإرهابية، وأنه ليس هناك سعر ثابت ومحدد لكل شتلة، موضحاً أنه لا يوجد اهتمام بالمشاتل وعمليات غرس الأشجار من قبل الجهات المعنية.

أهمية التشجير في مواجهة التغير المناخي
تساهم الأشجار بشكل كبير في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين، مما يساعد على تخفيف الاحتباس الحراري والتلوث الجوي في البلاد.

ويقول الخبير اليمني في البيئة والمناخ منير قائد لـ”العين الإخبارية “، إن التشجير مهم كحل لمواجهة التغيرات المناخية، والذي يحتاج إلى تقييم حجم الانبعاثات في المدينة والأخذ في الاعتبار تشجير الشوارع والأحياء، والدعوة لإحياء الاهتمام بزراعة الأشجار من قبل المجتمع.

ويؤكد الخبير اليمني أن الأشجار تساعد على تنظيم درجات الحرارة وتبريد البيئة المحيطة، وتوفير الظل والرطوبة اللازمة، موضحا أن انتشار بائعي المشاتل والأشجار في شوارع المدن اليمنية له أهمية كبيرة، حيث يسهم في زيادة الرقعة الخضراء في الأحياء وتحسين مظهرها الجمالي.

يمني يعمل في بيع شتلات الأشجار بمدينة تعز

وحث قائد الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني العاملة في البيئة لدعم توفر الأشجار بأسعار ميسرة وتشجيع السكان على زراعتها في منازلهم وأماكن عملهم، مما ينعكس إيجابًا على البيئة المحلية بالبلاد.

وعن أهمية انتشار زراعة الأشجار في المدن اليمنية، يؤكد الخبير البيئي، أن الأشجار بمختلف أنواعها تساعد على امتصاص الملوثات الناتجة عن المركبات والحرائق، وتوفير الظل والبيئة المناسبة للتنزه والراحة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشجار تعمل على الحفاظ على التربة الزراعية، وتخزينها المياه الجوفية، ومكافحة ظاهرة الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار من جذوعها، والتي انتشرت في السنوات الأخيرة في مختلف المحافظات اليمنية.

ويوضح قائد أن عملية امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإنتاج الأكسجين تتم من خلال البناء الضوئي التي تقوم بها النباتات والأشجار، حيث يتم امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وتحويله إلى جزيئات السكر اللازمة لنمو النباتات.

في المقابل، يتم إطلاق الأكسجين كنفايات من هذه العملية الحيوية وبالتالي، فإن الأشجار والنباتات تلعب دورًا محوريًا في تنقية الهواء والحفاظ على التوازن الغازي في الغلاف الجوي.

وكانت الخلية الإنسانية للمقاومة الوطنية اليمنية بتمويل من الهلال الأحمر الإماراتي؛ قد أطلقت الفترة الماضية مشروع الحزام الأخضر الذي يستهدف تشجير شوارع مدينة المخا، وبدأت بزرع ألف شجرة ضمن خطة تهدف إلى تبني نهج التنمية الخضراء في وجه التطرف المناخي.

المصدر: شمسان بوست

كلمات دلالية: لـ العین الإخباریة زراعة الأشجار أشجار الزینة یعمل فی بیع الأشجار من الأشجار فی من قبل

إقرأ أيضاً:

اليمنيون يواجهون خطر انتشار الامراض والالغام الارضية عقب الفيضانات

حيس"أ.ف.ب": في مدينة حيس اليمنية، تسببت مياة الفيضانات هذا الشهر الى بتبعثر الألغام الأرضية وانتقالها إلى أماكن جديدة، ما أدى إلى تعقيد وصول عاملي الإغاثة إلى المجتمعات المحتاجة وزيادة المخاطر التي قد يواجهونها، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

في هذه الاثناء، سُجّلت في اليمن حيث تسبب النزاع بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، 2.5 مليون حالة خلال فترة تفشي وباء الكوليرا الأخيرة في البلاد أي بين 2016 و2022، بحسب المنظمة الدولية للهجرة.

وساهم النقص الشديد في المياه وتهالك المنشآت الصحية وارتفاع معدلات سوء التغذية، في زيادة حالات الكوليرا منذ أواخر العام الماضي.

كما جاءت الفيضانات الأخيرة لتزيد التحديات التي تواجهها وكالات الإغاثة في بلد يتعرض فيه العاملون في المجال الإنساني لخطر الاعتقال من جانب انصار الله، وحيث يحتاج نصف السكان إلى مساعدات إنسانية.

من جهتها، قالت الوكالة الأممية إن ذلك شكل "أكبر تفشٍ للكوليرا على الإطلاق في التاريخ الحديث"، مع أكثر من أربعة آلاف وفاة.

منذ أواخر العام الماضي، تُسجّل زيادة جديدة في عدد حالات الكوليرا، لكن يصعب تقدير نطاقها نتيجة الوصول المحدود إلى المعلومات وكذلك إلى المصابين على الأرض.

بحلول العاشر من أغسطس، تم الإبلاغ عن 163944 شخص يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا مع 647 حالة وفاة مرتبطة بها في كافة أنحاء البلاد عام 2024، حسب ما أكد متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وأوضح لفرانس برس أن غالبية الحالات والوفيات تمّ الإبلاغ عنها في شمال اليمن حيث تخضع أجزاء شاسعة منه لسيطرة جماعة انصار الله.

وقالت مديرة التمويل والشراكات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ليزا داوتن، إن خطة الأمم المتحدة للاستجابة للكوليرا في اليمن قدرت في البداية وجود 60 ألف حالة في الفترة الممتدة من أبريل إلى سبتمبر 2024.

لكن الأرقام الأخيرة أظهرت أن الوضع أسوأ مما كان متوقعا، إذ إن التمويل الحالي يكفي فقط لمعالجة ربع هذه الحالات، وفق قولها.

وحذّرت أمام مجلس الأمن الدولي في 15 أغسطس من أنه "إذا لم يتم تعزيز جهود الاستجابة على الفور، فإن عدد الحالات المشتبه بها قد يرتفع أكثر، ليتجاوز 250 ألف حالة في غضون أسابيع قليلة".

وقال فؤاد حمص وهو أحد سكان حيس، إن الأعداد في المنطقة "كل يوم تزداد"، مشيرا إلى أن ذلك حصل "بسبب الأوبئة التي انتشرت نتيجة الأمطار والسيول الجارفة".

وأشار إلى أن "عدم وجود مجاري لتصريف المياه في المدينة أدى إلى تجمع المياه في أماكن كثيرة في داخل المدينة ما أدى إلى انتشار الأمراض".

لم يتم تعزيز جهود الاستجابة

من جهة اخرى، تواجه عيادة طبية في إحدى مناطق غرب اليمن التي ضربتها الفيضانات مؤخرا، تدفقا لمرضى يشتبه في إصابة العديد منهم بالكوليرا، بعدما زادت الأمطار الغزيرة مخاطر تفشي المرض.

في "مركز علاج الاسهالات" الواقع في مديرية حيس على بعد 120 كلم نحو جنوب مدينة الحُديدة، يستلقي أولاد ونساء وجوههم شاحبة على أسرّة وقد وضعت في أيديهم حقن وريدية، بينما يعلون في المكان صوت بكاء أطفال.

هؤلاء هم من بين حوالى 164 ألف شخص في مختلف أنحاء اليمن يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا، وهو عدد مرشّح للارتفاع إلى 250 ألفا في الأسابيع المقبلة إذا لم يتمّ تعزيز جهود الاستجابة للوضع، بحسب الأمم المتحدة.

وقال طبيب الطوارئ في المركز بكيل الحضرمي إن "الإقبال زاد بسبب السيول والأمطار" في مديرية حيس.

وأكد لوكالة فرانس برس أن "الطاقم المداوم يتحمل فوق طاقته ويمكن أن ينهار في أي وقت"، محذّرا من "كارثة طبية إن لم يتم الاستجابة لها من الجهات المعنية".

وفي الأسابيع الأخيرة، شهدت مناطق عدة في اليمن وبينها مديرية حيس الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا، سيولا جارفة نتيجة هطول أمطار غزيرة. وقد أسفرت الفيضانات عن مقتل 60 شخصا وألحقت أضرارا بـ268 ألف آخرين منذ أواخر يوليو في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بحسب الأمم المتحدة.

بعد نزاع استمرّ نحو عقد وتسبب بسوء تغذية حاد وبتدمير المراكز الطبية، تستعدّ حيس لأزمة صحية جديدة عقب الفيضانات التي قد تحمل معها أمراضا تنتقل عن طريق المياه.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة في تقرير صدر مؤخرا إن "الموجة الأخيرة (من الكوليرا)... تفاقمت بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تلتها، ما زاد من خطر تلوث المياه".

وأكد الحضرمي أن المركز استقبل بين الأول من أغسطس و18 منه، 530 مريضا يُشتبه بإصابتهم بالكوليرا.

ولم يتسنّ للسلطات الصحية تأكيد إصابة سوى ثلاثة أشخاص بعد إرسال العينات إلى مختبر طبي في محافظة تعز المجاورة، بحسب الطبيب، وسط إمكانيات محدودة لإجراء الفحوص وغياب المختبرات في المنطقة.

وأشار الطبيب إلى أن هذا الأمر يدلّ على أن المرض "منتشر وخاصة الآن بسبب الأمطار، سيتفاقم الوضع أكثر فأكثر".

الكوليرا منتشرة

والكوليرا الناجمة عن تلوث المياه أو الغذاء، هي مرض متوطن في اليمن الذي يشهد منذ 2014 نزاعا بين الحكومة وجماعة انصار الله.

ومن بين المحتاجين إلى المساعدة عبد الله الشميري الذي يخشى أن تصاب عائلته كلها بالكوليرا بعدما ثبُتت إصابة ابنه بالمرض وانتقال العدوى إليه.

وقال عبدالله الشميري (46 عاما) الأب لأربعة أبناء، لفرانس برس من أمام المركز الطبي في حيس: "قبل أسبوع كان ولدي مصابا بالكوليرا وأُرسل الفحص إلى تعز وتبين من الفحص أن الكوليرا حادة جدا".

وأضاف أن "البيت كله (مصابون) بإسهال وإخواني (مصابون) بإسهال... لكن العلاجات هنا لم نتمكن من تحصيلها نضطر بعض الأحيان إلى أن نجلبها من الخارج".

وتابع "الكوليرا منتشرة في مديرية حيس وحتى في جوارها".

مقالات مشابهة

  • "فيروسات" الهيمالايا تكشف أسراراً عن التغير المناخي
  • أبناء مركز كيلو 16 بالحديدة يحيون ذكرى المولد النبوي الشريف
  • التغير المناخي يهدّد وجود 17 موقعًا للتراث العالمي في أوروبا
  • استشاري صحة نفسية: التجمل الزائد في الخطوبة أحد أسباب التغير بعد الزواج
  • اليمنيون يواجهون خطر انتشار الامراض والالغام الارضية عقب الفيضانات
  • وسطاء الظل.. كيف استمرت روسيا في الازدهار رغم العقوبات الغربية؟
  • دراسة تكشف العلاقة بين زراعة الأشجار والإصابة بالتهابات الجسم
  • ضمن مبادرة "المنيا تتجمل": زراعة 135 شتلة بطريق الدائري وطريق مصر-أسوان بمركز مطاي
  • محافظ المنيا: زراعة 135 شتلة في مطاي ضمن مبادرة «100 مليون شجرة»
  • اليمنيون ينعون المفكر العراقي محمد أحمد الراشد