هدر وإسراف.. صبّ «السمن على الضيف».. هياط ضار بالصحة
تاريخ النشر: 18th, July 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
أظهرت مقاطع فيديو تم تداولها، مؤخرًا، بعض الأشخاص يسكبون “السمن” على أيدي الضيوف أثناء العزائم وعلى الوجبة المقدمة لهم بغزارة؛ في صورة تُظهر انسياق البعض خلف عادات قديمة من أجل الشهرة والتميز والتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هذه آراء حول الصورة:
بداية دعا استشاري وأستاذ أمراض القلب وقسطرة الشرايين الدكتور خالد النمر؛ إلى التخلص من عادة صب السمن على يد الضيف، مضيفاً: أتمنى انتهاء هذه العادة؛ لأنها ليست من هدي أكرم بني آدم -عليه الصلاة والسلام- وليست عادة صحية، كما أنها عادة غير صحية، فتناول السمن مع الشحم يرفع الدهون الثلاثية والكوليسترول.
وأضاف: هناك طرق أخرى كثيرة لإكرام الضيف، وليست هذه هي الطريقة الوحيدة، مشيراً إلى أن هذه العادة فيها هدرٌ وإسرافٌ في النعمة، والله لا يحب المسرفين.
من جانبه، يقول المهتم بالشأن الاجتماعي عادل سليمان: عادة سكب السمن على أيدي الضيوف أثناء العزائم وعلى الوجبة المقدمة لهم بغزارة والتي تتداول عبر المقاطع في مواقع التواصل الاجتماعي عادة غير صحية ومجرد هياط وقد يكون الهدف منها التفاخر من أجل انتشار المقطع والحصول على اللايكات والتميز والتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال إن العادة قد تكون منذ قدم الزمان، ولكن هذا النوع من الكرم لا يعد ظاهرة صحية وليس من باب العادات والتقاليد، ويدخل في إطار العادات غير الصحية مثل تقطيع اللحم وتقديمه للمشاركين في تناول الطعام على نفس الصحن.
وأضاف: في السابق وحسب ما هو متداول عن هذه العادة كان يطلق على كل رجل شهم يتم تكريمه بمقولة “صب السمن على يمناه” كمثل دارج بين أوساط المجتمع، وتكرست هذه العادة، وتمسك بها البعض بينما أندثرت عند البعض الآخر، أما في هذا الزمن فأنه لا ينصح نهائيًا بمثل هذه السلوكيات لانعكاساتها على صحة الفرد والضيوف، إذ إنهم يستهلكون كميات عالية من السمن، وقد يتعرضون لبعض المشاكل وخصوصًا الذين يشكون من بعض الأمراض كارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية وتم تحذيرهم من استهلاك الدهون.
وخلص سليمان إلى القول: يجب على من يتبع هذه العادة أن يدرك أبعادها الصحية، فهناك طرق عديدة لتكريم الضيوف بعيدًا عن مثل هذه الممارسات التي تهدد صحة الإنسان، فالأفضل أن يتناول الضيف طعامه وهو مرتاح البال وليس مُحرجاً، فالبعض لا يعرف المشاكل الصحية لبعض الحاضرين، وبالتالي قد يكون الضيف في قمة الحرج فيلتزم السكوت.
وفي السياق ذاته، تقول الاخصائية الاجتماعية نورة محمد: عادة “صب السمن على يد الضيف” كانت تقاليد قديمة تقدم للضيف صاحب المواقف المشرّفة والبطولية، في أوقات كان فيها الحصول على لقمة العيش يصعب توفرها، وكان من أغلى ما تملكه الأسرة السمن، فيسكب للضيف بكمية كافية لتناول الوجبة كنوع من أنواع الكرم.
واستدركت أن هذه العادة القديمة أصبحت الآن تتداول في وسائل التواصل الاجتماعي للهياط والتصوير وكسب المشاهدات واللايكات، وللأسف لها انعكاسات سلبية من حيث تكريس الفكرة والتقليد وثانيًا التأثير الصحي على الضيوف الذين يتناولون الطعام وقد تضمن كميات كبيرة جدًا من السمن.
ونصحت الاخصائية الاجتماعية نورة أفراد المجتمع بتجنب تداول مثل هذه الرسائل التي لها تأثير سلبي، فهناك عدة طرق لإكرام الضيف لكون التكريم وسيلة معنوية ورمزية تجسد المحبة والألفة والتكافل بين أفراد المجتمع الواحد.
وتأخذ استشارية طب الأسرة والمجتمع الدكتورة عفاف الشربيني جانب تأثير السمن على الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية فتقول: مثل هذه العادات والسلوكيات قد تكون مضرة على الأشخاص الذين يعانون أساسًا من ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية، فصب السمن بكميات كبيرة على يد الضيف الذي يتساقط في صحن الأكل الكبير مباشرة ومن ثم صب ما تبقى من السمن على اللحم وبذلك فإن الأكل اشتمل على كميات عالية جدًا من السمن، والسمن أحد أعداء الكوليسترول، حيث يسبب ارتفاع الكوليسترول الضار في الدم، وارتفاع مستويات الكوليسترول في الدم عن المعدل الطبيعي يسبب مخاطر صحية خطيرة.
وأكملت قائلة: يحتوي السمن أيضا على نسبة عالية من حمض البالمتيك، الذي يُشكل خطرًا كبيرًا على صحة الشرايين، ما يزيد خطر ارتفاع مستويات الكوليسترول ، وبجانب ذلك فأن السمن غني بالدهون المتحولة التي تشكل خطرا كبيرًا على صحة القلب، فهي أكثر ضررا من الدهون المشبعة.
واختتمت د. عفاف حديثها بقولها: “صب السمن على يد الضيف” لا يعد من الناحية الاجتماعية وسيلة للتكريم، بل هناك طرق عديدة للتعبير عن التكريم بعيدًا عن ما يؤثر على الصحة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: ارتفاع الکولیسترول التواصل الاجتماعی هذه العادة من السمن مثل هذه
إقرأ أيضاً:
منيرة تونسية تحيي مهنة المسحراتي في رمضان ..صور
خاص
تخرج منيرة في ساعات الليل حاملة طبلة قديمة تجوب الشوارع مُعلنةً عن حلول موعد السحور، ومتحدية العادات والتقاليد التي جعلت من مهنة المسحراتي شأنًا خاصًا بالرجال في بلدتها.
واجهت منيرة الكيلاني أو “منورة” كما يلقبها جيرانها، ذات الـ62 عامًا، الكثير من التحديات في عملها هذا ببلدتها بمحافظة المنستير شمال شرق تونس، ، لكنها استطاعت أن تفرض نفسها كأول امرأة في هذه المهنة.
وتعد مهنة المسحراتي أو “البوطبيلة” من أقدم المهن في تونس، وهي جزء لا يتجزأ من التقاليد الرمضانية، ولكن هذه العادة بدأت في التلاشي لتصبح مقتصرة على بعض المدن والقرى، لكن في حي منيرة، كان الحال مختلفًا، فهي إحدى القلائل اللاتي قرّرن أن يحملن طبلة المسحراتي في يديهن والحفاظ على هذا الموروث الثقافي.
تقول منيرة التي لم تتوقع يومًا أن تحمل طبلة والدها الراحل، الذي كان يُعدّ أحد أبرز “المسحراتية” في حيّهم، وتكمل مسيرته بعد وفاته منذ خمس سنوات: “كنت أستمتع وأنا صغيرة بصوت إيقاع طبلة والدي وهو يوقظ الجيران للسحور، كان الصوت يملأ الحي، وكأنّه يحمل الأمل في كل ضربة و اليوم، أريد أن يبقى هذا الصوت حاضراً، لا أريد له أن يختفي مع الزمن.”
تعمل منيرة في العادة في جمع القوارير البلاستيكية وبقايا الخبز لتقوم ببيعهم لاحقا، لكنها وجدت في مهنة بوطبيلة بعض ما يسدّ حاجيات عائلتها ووالدتها الملازمة للفراش، قائلة: “بدأت بالخروج للعمل كـ”بوطبيلة” منذ سنة 2019 فأصبحت هذه المهنة مورد رزقي الذي أساعد به عائلتي طيلة شهر الصيام”.
تحظى منيرة بالتشجيع من جيرانها وسكان حيها، فتقول: “لقد صار الساكنون يعرفونني جيدًا، كلما مررت عليهم ليلاً، يبادلونني التحية، وفي اليوم الذي لا أوقظهم فيه للسحور، يأتي أغلبهم ليطمئنوا عليّ، وقد شعروا بفقدان هذه العادة.”
وتابعت: “كل يوم أخرج على الساعة الثالثة فجرا وأنا أحمل الطبلة دون خوف لأنني وسط أهلي وجيراني وأنا أردد “يا نايم وحّد الدايم .. يا غافي وحد الله جاء رمضان يزوركم”.
ترى منيرة أن مهنة البوطبيلة تمثل جزءًا من هويتنا الثقافية التي يجب الحفاظ عليها، فحتى وإن كانت المكافآت المالية لهذه المهنة ضئيلة، إلا أن قيمة ما تقدمه من سعادة لأسرتها ولأهل الحي لا تُقدر بثمن.
واختتمت: “هذه المهنة لا تدر عليّ سوى القليل من المال، الذي يمنحني إياه الجيران بمناسبة عيد الفطر، ورغم ذلك، أنا متمسكة بها لأنها تمثل جزءًا من هويتنا الثقافية، جزءًا من تقاليدنا التي يجب أن تبقى حية”.