يعتقد الكثيرون أن الإفطار أهم وجبة في اليوم، لكن العلم، أثبت أن تخطي وجبة الإفطار قد يكون مفيدا بدرجة أكبر. وما بين معضلة تناول وجبة الإفطار أو تخطيها، يظل السؤال: كيف ظهرت مقولة "الإفطار أهم وجبة في اليوم"؟

دعاية ترويجية

لم تكن عبارة "وجبة الإفطار أهم وجبة في اليوم" سوى إعلان تسويقي مبتكر، أطلقته مجلة "غود هيلث" في مقالة نشرتها عام 1917، وحررها الدكتور جون هارفي كيلوغ.

كانت العبارة والمقال في مضمونه يحمل دعاية تسويقية لحبوب الإفطار "كيلوغز" التي اخترعها وشارك في تأسيس شركة تحمل نفس اسم المنتج، الطبيب كيلوغ، محرر المقال.

قبل حبوب الإفطار، التي تضم عناصر غذائية متعددة وفقا لمقال المخترع، لم تكن تحظى وجبة الإفطار بشعبية في السابق.

عالمة البيئة النباتية وكاتبة الطعام هيذر أرندت أندرسون، قالت إن وجبة الإفطار كان ينظر إليها باستياء اجتماعيا وأخلاقيا حتى القرن الـ17 تقريبا.

تجنّب الأوروبيون تناول وجبة إفطار في الصباح حيث اعتبروها خطيئة وربطوها بالشراهة (بيكسابي)

وكان الأوروبيون في العصور الوسطى يتجنبون تناول وجبة الإفطار إلى حد كبير. واعتبروا أن تناول وجبة إفطار في الصباح، يعد خطيئة وربطوها بالشراهة. واعتمادا على ذلك، كان الصيام لفترات من اليوم دليلًا على قدرة المرء على التحكم في رغبات الجسد.

لكن كاتبة الطعام أندرسون، أضافت في مقال على "هاف بوست" أنه رغم الاستياء من تناول وجبة الفطور لسنوات طويلة، كانت ملكة بريطانيا إليزابيث تحب تناول وجبة من الطعام عند الاستيقاظ من النوم. وقد ساعد ذلك، على أن تصبح وجبة الإفطار مقبولة تدريجيا في جميع أنحاء أوروبا.

مع الثورة الصناعية، اكتسبت وجبة الإفطار شعبية للحصول على الطاقة اللازمة، وكان الأشخاص يتناولون بقايا الطعام من اليوم السابق قبل الذهاب للعمل. لكن نوعيات ذلك الطعام كانت تتسبب في اضطرابات في الجهاز الهضمي وأمراض عسر الهضم، بحسب أندرسون.

أدى ذلك بدوره، إلى تحول في اختيارات وجبات الصباح، ولقي ترويج كيلوغ لـ"الوجبة الخفيفة" حبوب الإفطار، قابلية كبيرة لدى المستهلكين.

البروتين بدلا عن حبوب الإفطار

مع تقدم الطب، أوصى مختصّو التغذية بتغيير أنماط الطعام لحصول الجسم والعقل على أكبر فائدة ممكنة. وكان استبدال حبوب الطعام التي تحتوي على كمية كبيرة من السكر بالبروتين تحولا رئيسيا. ساهم ذلك في تراجع  شعبية "حبوب الإفطار" عن ذروتها في تسعينيات القرن الـ20.

احتل البيض قائمة الطعام في وجبة الإفطار. كان البيض، عنصرا متاحا في كثير من البيوت بسبب تربية الدجاج في ملحقات المنازل.  وبحسب موقع "بون ابيتي" كان الرومان يتناولون البيض دائما في إحدى الوجبات الرئيسية، لأنه كان متاحا.

لكن في القرن الـ20، وبسبب الدعاية التجارية، ارتبط البيض، كوجبة بديلة لحبوب الإفطار، مع اللحم المقدد. ووفقا لـموقع "ماشد" قام رائد العلاقات العامة والدعاية إدوارد بيرنيز بإقناع الأطباء بترويج لحم الخنزير المقدد والبيض كإفطار صحي من أجل تعزيز مبيعات لحم الخنزير المقدد لصالح شركة الأغذية "بيش نات".

البيض احتل قائمة الطعام في وجبة الإفطار لسنوات عدة (بيكسابي)

أقنع بيرنيز 5 آلاف طبيب بالتوقيع على بيان يوصي بتناول إفطار دسم، ونشر هذا البيان في الصحف، حيث تم تقديم لحم الخنزير المقدد والبيض كبداية مثالية لليوم.

في الدول العربية، أصبح ما يعرب بـ"اللحوم الباردة" أو "الكولد كت" الحلال، أي شرائح اللحوم الحلال، توصية رئيسية من اختصاصيي التغذية مع البيض والخضراوات كوجبة إفطار متكاملة.

ومع توصياتهم بوجبة إفطار غنية بالبروتين، عدد اختصاصيُّو التغذية فوائد الإفطار، على مدار سنوات، بدءا من منح الجسم الطاقة اللازمة لبدء اليوم، وزيادة القدرة على التركيز، وتخفيف الإحساس بالجوع، والمساعدة على نقص الوزن، والحفاظ على مستويات ثابتة للسكر في الدم، وصولا إلى تحسن التحصيل العلمي عند الأطفال. لكن على الرغم مما قيل لسنوات، فإن وجبة الإفطار ليست الوجبة الأكثر أهمية في اليوم.

جميع الوجبات متساوية

في عام 2016، كشفت دراسة بعنوان "هل وجبة الإفطار أهم وجبة في اليوم؟"، أن جميع الوجبات متساوية. وأشارت الدراسة، المنشورة على موقع المكتبة الوطنية للطب، إلى أنه لا يوجد دليل يدعم فكرة أن تناول وجبة الإفطار يعزز فقدان الوزن أو أن تخطي وجبة الإفطار يؤدي إلى زيادة الوزن.

وذهب أستاذ علم الأوبئة الوراثية تيم سبيكتور، إلى أبعد من ذلك، حيث أشار في مقال منشور في المجلة الطبية العلمية، إلى أن تخطي وجبة الإفطار قد يكون في الواقع إستراتيجية مفيدة لخفض الوزن، وأن الشخص ليس مضطرا لتناول وجبة إفطار جيدة حتى يبدأ يومه بشكل جيد ونشيط.

وبغضّ النظر عن تناول وجبة الافطار أو تخطيها، فإن تناول نظام غذائي صحي ومتوازن يعد من أهم الأشياء التي تدعم الصحة والوزن المناسب. من خلال، تحسين مستويات الكوليسترول، وضبط ضغط الدم والسكر، وإدارة وزن الجسم.

ويتضمن النظام الغذائي الصحي:

1- تناول الخضراوات والفاكهة بشكل أساسي. وتضمين الخضراوات في معظم الوجبات اليومية، لقدرتها على مد الجسم بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن والألياف الضرورية. وتعد الفاكهة وجبات خفيفة صحية ومفيدة.

2- تناول البروتينات يوميا لكن بكمية أقل من الخضراوات. كقطعة من اللحم خالية الدهون أو الدجاج أو سمكة في الوجبة الرئيسية، كما تشمل البروتينات أيضا البقوليات والمكسرات. ويساعد البروتين في بناء العضلات.

تضمين الخضراوات في معظم الوجبات اليومية ضروري لمد الجسم بمضادات الأكسدة والفيتامينات والمعادن الضرورية (بيكسلز)

3- الحبوب الكاملة. مثل الخبز والبسكويت المصنوع من الحبوب الكاملة، والأرز البني. وتحتوي الأطعمة المصنوعة من الحبوب الكاملة على الألياف والبروتين وفيتامينات ب وتعطي شعورا بالشبع لفترة طويلة، لكن يفضل ألا تزيد الحبوب الكاملة في كميتها عن ربع الوجبة.

4- شرب الماء بانتظام يساعد على ترطيب الجسم وتنظيم عمل الجهاز الهضمي. كما يساعد شرب الماء في إدارة الوزن.

5- الابتعاد عن العصائر الطبيعية والمشروبات الغازية والسكرية، لأنها تحتوي على كميات كبيرة من السكر وقد تؤدي إلى زيادة الوزن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحبوب الکاملة وجبة الإفطار وجبة إفطار تناول وجبة

إقرأ أيضاً:

عقار جديد لإنقاص الوزن يحرق الطاقة ويخفض الشهية

اكتشف العلماء في جامعة كوبنهاغن في الدانمارك عقارا جديدا لإنقاص الوزن يقلل الشهية ويزيد من استهلاك الطاقة ويحسن حساسية الأنسولين دون التسبب في الغثيان أو فقدان كتلة العضلات. ويطمح الباحثون لإجراء تجارب على البشر للتأكد من أنه آمن وفعال.

تم نشر هذه النتائج لدراسة بمجلة "نيتشر" يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي. ومن المتوقع أن يسهم العقار الجديد في علاج ملايين الأشخاص الذين يعانون من السمنة ومرض السكري من النوع الثاني والذين لا يستجيبون جيدا للعلاجات الحالية.

وزن الجسم ومعضلة حرق السعرات

يتحدد الوزن إلى حد كبير من خلال التوازن بين الطاقة التي نتناولها وكمية الطاقة التي نستهلكها. إن تناول الكثير من الطعام وحرق كميات أقل يصنع فائضا من الطاقة، مما يجعل ميزان الطاقة إيجابيا وبالتالي يزداد الوزن، في حين أن تناول كميات أقل من الطعام وحرق كميات كبرى يدفع الجسم لحرق سعرات مخزنة فيه سابقة وبالتالي يصبح الميزان سلبيا مما يؤدي إلى فقدان الوزن.

يجعل الجيل الحالي من العلاجات القائمة على إنكريتين الميزان يميل نحو توازن سلبي للطاقة من خلال خفض الشهية وإجمالي السعرات الحرارية التي يستهلكها الشخص. لكن العلماء أدركوا أيضا الإمكانات على الجانب الآخر من المعادلة، فكان هدفهم العمل على زيادة السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم.

هذا النهج ذو أهمية خاصة نظرا للأبحاث الحديثة التي أظهرت أن أجسامنا تبدو وكأنها تحرق سعرات حرارية أقل في حالة الراحة مقارنة ببضعة عقود من الزمن. ومع ذلك، لا توجد حاليا طرق معتمدة سريريا لزيادة استهلاك الطاقة بأمان، وهناك عدد قليل من الخيارات قيد التطوير.

والإنكرتينات هي هرمونات يفرزها الجهاز الهضمي، وتلعب دورًا حيويا في تنظيم مستوى السكر في الدم. وعندما نتناول الطعام، تحفز هذه الهرمونات البنكرياس على إفراز الأنسولين، وهو الهرمون المسؤول عن نقل الجلوكوز (السكر) من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة.

 

يتحدد الوزن إلى حد كبير من خلال التوازن بين الطاقة التي نتناولها وكمية الطاقة التي نستهلكها (بيكسلز) شغل وضعية حرق السعرات

أهم هرمونين من هرمونات الإنكريتين هما البولي ببتيد الإنسولينوتروبي المعتمد على الجلوكوز "جي آي بي" (GIP) والببتيد المشابه للجلوكاجون-1 "جي إل بي-1" (GLP-1). ولدى المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني يقل تأثير الإنكريتين.

قرر العلماء في جامعة كوبنهاغن اختبار تأثير تنشيط مستقبلات إنكريتين 2 "إن كيه 2 آر" (NK2R) في الفئران. وقد تمكنت مجموعة جيرهارت-هاينز من تحديد المستقبل من خلال الفحوص الجينية التي أشارت إلى أن مستقبلات إنكريتين 2 تلعب دورا في الحفاظ على توازن الطاقة والتحكم في الغلوكوز.

وقد أذهلتهم نتائج الدراسة، فلم يعمل تنشيط المستقبلات على زيادة حرق السعرات الحرارية بأمان فحسب، بل أدى أيضا إلى خفض الشهية دون أي علامات للغثيان. إن تنشيط مستقبلات إنكريتين 2 يقلل من وزن الجسم ويعكس مسار مرض السكري.

يقول الأستاذ المساعد زاك جيرهارت هاينز من مركز مؤسسة نوفونورديسك للأبحاث الأيضية الأساسية "سي بي إن آر" (CBMR) بجامعة كوبنهاغن -وفقا لموقع يوريك أليرت- "بينما أحدثت العلاجات القائمة على جي إل بي-1 ثورة في رعاية المرضى للسمنة والسكري من النوع الثاني، فإن تسخير إنفاق الطاقة بأمان والتحكم في الشهية دون غثيان يظلان هدفين مقدسين في هذا المجال. من خلال معالجة هذه الاحتياجات، نعتقد أن اكتشافنا سيدفع الأساليب الحالية لجعل العلاجات الأكثر تحملا وفعالية في متناول ملايين الأفراد الآخرين".

أظهرت دراسات أخرى أجريت على الرئيسيات غير البشرية المصابة بمرض السكري من النوع الثاني والسمنة أن تنشيط مستقبلات إنكريتين 2 أدى إلى خفض وزن الجسم وعكس مرض السكري لديهم من خلال زيادة حساسية الأنسولين وخفض نسبة السكر في الدم والدهون الثلاثية والكوليسترول.

نحو 400 مليون شخص في العالم يعانون من مرض السكري من النوع الثاني والسمنة (غيتي) من فئران المختبر إلى البشر

وبعد أن أظهر العقار نتائج واعدة في التجارب الحيوانية يطمح الباحثون لإجراء تجارب على البشر للتأكد من أنه آمن وفعال. وتقول طالبة الدكتوراه فريدريك ساس من مركز أبحاث السرطان في جامعة كوبنهاغن والباحثة المشاركة في الدراسة، "تتمثل إحدى كبرى العقبات في تطوير الأدوية تتناسب مع البشر بعد نجاح الأمر لدى الفئران. ولهذا السبب كنا متحمسين لأن فوائد تنشيط مستقبلات إنكريتين 2 انتقلت إلى الرئيسيات غير البشرية المصابة بمرض السكري والسمنة، مما يمثل خطوة كبيرة نحو العمل السريري".

وقد يؤدي هذا الاكتشاف إلى ظهور الجيل القادم من العلاجات الدوائية التي توفر علاجات أكثر فعالية وقابلية للتحمل لنحو 400 مليون شخص في العالم يعانون من مرض السكري من النوع الثاني والسمنة.

مقالات مشابهة

  • عقاقير إنقاص الوزن.. سلاح ذو حدين!
  • هل أنت جائع حقا أم تأكل لمجرد شعورك بالملل؟ هكذا تفرّق بين الحالتين
  • ما سر سيلان الأنف عند تناول الطعام الحار؟
  • عقار جديد لإنقاص الوزن يحرق الطاقة ويخفض الشهية
  • رئيس جامعة بنها يتفقد مطابخ الجامعة.. تناول وجبة غداء للاطمئنان على جودة الطعام
  • هتخلص من جوع الشتاء.. مشروب غير متوقع يسد الشهية وينقص الوزن
  • تيك توك تعزز مبادرة ShareTheMeal لتوفير الطعام للأطفال المحتاجين
  • سعر الوجبة 8 دفاتر و70 ورقة.. اغلاق مطعم بأربيل يقدم وجبات بآنية من ذهب والماس
  • "كويا مسقط" يقدّم تجارب طعام استثنائية لعطلة نهاية الأسبوع
  • الدايت في الشتاء.. أسهل مع اتباع هذه العادات