========
د.فراج الشيخ الفزاري
========
جاء في الأخبار اتجاه مجلس السيادة إلي تكوين حكومة كفاءات وخبرات لإدارة شئون الدولة للفترة الحالية إلي حين التوافق السوداني علي شكل ونظام الحكم في السودان بما يحقق الأهداف العليا للبلاد.
وبطبيعة الحال..يجب أن تكون للدولة هياكلها التنفيذية علي مستوي المركز والأقاليم.

. وتقدير الحالة الأمنية في البلاد..مما قد يستوجب وجود حكومة مصغرة ذات صلاحيات محددة لإدارة شئون الحرب...
فإذا كان الشق الثاني يخرج من سياق الاجتهاد المدني.. فإن السياق الأول وهو تكوين الحكومة المدنية يجب أن يحظي بمشاركاتنا ولو بالرأي والأقتراح..وذلكم أضعف الإيمان ..
كما جاء في عنوان هذا المقال..فإن تقوية أجهزة الحكم المحلي هي الأكثر تفضيلا ، في تقديري، خلال الفترة الانتقالية..وقد كتبت من قبل في هذا المجال عشرات المقالات..اختار بعضا من حواشيها لتدعم فكرتي الأساسية وهي الرجوع إلي نظام (الحكومة المحلية )ذات الشخصية الاعتبارية في حدود صلاحياتها الدستورية دون التدخل في المجازبات الحزبية أو السياسية الا فيما يخص قضايا الوطن الكبري...
في مقال سابق تحت عنوان [ضرورة تقوية منظومة الحكم المحلي في السودان] أشرت بأنه قد ثبت بما لايدع مجالا للشك، خاصة خلال فترة الأحداث الدامية التي عاشها السودان، مدي اهمية أن يكون للبلاد البديل المعتمد عليه في ساعات العسرة والشدة..وهذا ما وفرته الادارات المحلية في الأقاليم..وهذا يؤكد من جديد ما سبق أن طرحناه بضرورة العودة إلي إلي نظام الحكم المحلي بذات الفلسفة والمقاصد والأهداف التي تبناها الانجليز في ادارة الخدمات عندما كانوا يحكمون البلاد..فقد كان نظاما ممتازا ويتناسب وظروف السودان..التي ظلت استثنائية منذ خروج الاستعمار مما يؤكد ضرورة استمرار نظام الإدارة المحلية إلي حين انتهاء الفترة الانتقالية...
أقول ذلك وفي الخاطر الرصيد الهائل من التراكم المعرفي لدي السودان في ادارة البلاد من خلال وجود( الحكومة المحلية)
وفلسفتها البرجماتية. وقد كان لنا مقالا مطولا في هذا المجال اقتطع منه بعض الفقرات ذات العلاقة حيث تشير..بالقول..
يعد السودان من البلدان ذات التجارب الثرة والواسعة الناجحة في مجالات الحكم المحلي، وله تأريخ عريق منذ العام 1937 , فقد صدرت منذ تلك الفترة العديد من القوانين والتشريعات بشأن الحكم المحلي في السودان بما يشكل مكتبة ومرجعا توثيقيا في ادارة الحكم المحلي...ابتداء من قانون مارشال عام 1951 وحتي قانون الحكم المحلي لسنة 2020 وما بين القانونين من عشرات القوانين وميثيلاتها من الدراسات والمؤتمرات التي تتناول شتي شئوون الحكم المحلي في السودان.
وكما أشرت في مقالات لاحقة ضرورة تقوية وتأهيل الجهاز الإداري وجعله جاذبا للكفاءات أينما ما كانت مواقعها في الخدمة المدنية...فقد أظهرت بعض القيادات الإدارية في الحكم المحلي خلال هذه الفترة الحرجة مدي قدرتها علي ادارة حدودها الجغرافية وتوفير خدماتها بدرجة عالية من الانضباط والوطنية..وأكدت بأن وظيفة المدير التنفيذي للمحلية أو البلدية يمكن أن تلعب دورا وطنيا رائدا، واضرب هنا مثلا حيا لأحد هؤلاء الجنود المجهولين وهو المدير التنفيذي لمدينة شندي التي يتهددها الجانجويد بالغزو والتنكيل.. ولكن الرجل ومن خلال لجنته الأمنية أستطاع ان يبث الأمن والثبات في قلوب المواطنين وتوفير الخدمات البلدية تماما كما كان هو الحال قبل اندلاع الحرب اللعينة..
هذا المثال الحي الممتاز لدور المدراء التنفيذيين والضباط الاداريين يجعلنا نشجع تقوية هذا الجهاز واعطائه الدور والصلاحيات الادارية والتنفيذية التي تساعده علي ادارة وحدته الإدارية بالكفاءة والجودة في تقديم الخدمات.
واقترحت في ذات السياق بأن تكون وظيفة ( المدير التنفيذي ) علي المستوي الإدارة العليا أو المحليات ،مفتوحة أمام الكفاءات أينما وجدت في ادارات الخدمة المدنية...وهذا يعني شغل الوظيفة بالاختيار(Selection )
وليس عن طريق الترقي :
Carrer advancement.
أعود وأقول...وبغض النظر عن الترشيحات أو الأسماء التي سوف تتولي شئون الوزارات التنفيذية للمرحلة الانتقالية..فيجب الأخذ بعين الاعتبار شئون الحكم المحلي...فالناس في الأقاليم لا يهمها ( أطماع) و( صراعات ) ألافراد والجماعات والاحزاب المرشحة والمترشحة في العاصمة أو مواقع اتخاذ القرار،..بقدر ما تهمهم وجود السلطة المحلية بينهم و( شم) ريحة الوطن والوطنية بين من يعايشونهم ويقاسمونهم حياة يومهم
وخدماتهم المعيشية..
لو أرادت حكومة الخرطوم أن ترتاح وتجد الوقت والتفكير في شئون وقضايا الوطن العليا...فعليها تقوية الحكم المحلي وحياد الخدمة المدنية..وتحقيق ذلك ،في تقديري، ليس بالأمر العسير.
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الخدمة المدنیة الحکم المحلی فی السودان

إقرأ أيضاً:

البرهان … إياك و(البيض الممزر)!

في 2018 تم استدراج البشير الى توهم أن الخطر كل الخطر فيمن يرفضون ترشيحه في 2020 أو من لم يعلنوا تصفيقهم للفكرة حتى لو كانوا متعايشين معها بغير قناعة، لايمانهم أن تقويم الاعوجاج أفضل من كسر العود، وأن الاصلاح أفضل التغيير.

المهم، انصرف البشير من حل المشكلات الاقتصادية والتنفيذية، وصار يقرب ويؤخر بناء على الموقف من 2020، وأغفل أن النجاح الاقتصادي والتنفيذي هو (بطاقة التأهيل) الحقيقية، وليس المقالات والحملات الاعلامية والمخاطبات واللقاءات الجماهرية، بل الأسوأ من ذلك (التهجيس) الذي جعله يحضن (البيض الممزر) منتظرا أن يفقس له كوادر يحكم بها بعد 2020 من مختلف الأطياف، من الذين انحازوا لترشيحه علنا، وبدأ فعلا في التخلص ممن تم تصويرهم له أنهم غير مخلصين، لأنهم أذعنوا لأمر واقع وغير مقتنعين ب 2020.

بكل صراحة ووضوح، مطلوب من البرهان وقيادة الدولة الآن تأمين الأداء الاقتصادي من الفساد والاختراق، وإدارة دولاب الدولة التنفيذي والولائي، والنزول بطاقم متكامل فورا من رئيس وزراء للمعتمد ومدراء الوحدات الادارية ومنسق احتياطي شعبي وشرطة مجتمعية في اي قرية .. غير كدا سيضيع السودان قولا واحدا.

يجب أن يتقدم هذا الملف للأمام بذات التقدم المحرز عسكريا أو أسرع، والعنصر البشري أهم من الرضا الخارجي، ولا بد من إسقاط الكوزوفوبيا فورا ودون تردد، وليس المقصود هو اعادة نظام سابق ولا يحزنون حسب كلام (المهجسين)، ولكن المطلوب أن تكون يد الحاكم غير مغلولة في اختيار الشخص المناسب والمجرب لأي موقع، لا توجد هواجس داخله، ولا قيود خارجه.

على سبيل المثال، في مستوى الحكم المحلي، السودان فيه 133 محلية، وكان فيها 133 معتمد، وكان الناجحين والمخلصين هم النصف أو أكثر. وعليه، أي معيار غير النجاح السابق، أي تصنيف مؤسس على هواجس (أجنبية أو قحاتية) يعتبر جريمة في حق السودان لا تقل عن جرائم الجنجويد في ذبح وسرقة المواطنين.

أي محاولة ترقيعية للتجريب وصناعة كوادر وتحويل نظاميين لموظفين، لا يمكن أن تكون هي الأساس .. لا بد أن تبني الحكومة على الموجود وتراعي رغبة المجتمعات الأهلية، بحكم تجربتهم مع المعتمدين السابقين والخيارات الناجحة، وبعد ذلك تضيف بالتجريب.

أساسا الوصول لرقم 133 من المستوى المعقول أو الجيد كلف الانقاذ تجارب مريرة وخسارات واتفاقيات عبر سنين عددا، ولم يكن الموضوع تعيينات تنظيم، هذا كذب صراح، بل عدد من الناجحين تم ادخالهم تدريجيا في المؤتمر الوطني ولا صلة لهم بالتنظيم، يعني الموضوع كان فحص ودخول إجرائي وليس تجنيد، وهذا معروف، لأن الدولة بعد الرابع من رمضان باتت أقوى من التنظيم.

هذا مجرد نموذج في الحكم المحلي، وينطبق على كافة مستويات الدولة.
أي محاولة للتركيز على شخص البرهان وجعل الالتفاف حول ذاته هو (عقيدة الولاء والبراء) ضارة بالبرهان نفسه قبل غيره، وكل من يروجون لهذا الأمر هم (البيض الممزر) الذي لن يفقس، أو النحل الميت الذي لا ينتج العسل.
Dead bees don’t make honey
في حال عدم الإسعاف العاجل للأداء التنفيذي والاقتصادي والولائي حسب الوصفة أعلاه، لا جدوى من التحشيد والتهجيس.
التذاكي والتحايل والوصفات المعقدة بالاستفادة من شخصيات مع إستمرار ابعادهم، أو وجود رجال في الظل لمساعدة آخرين بالريموت كنترول، كلام فارغ، وفاشل.

مما أذكره أن أحدهم من الوطنيين، في عهد قحت، أغلق الأبواب وهمس لي دايرين اعلاميين منكم بس ما يكونوا ظاهرين، قلت له (اعلامي ما ظاهر) دا فاشل، زي عطر لا رائحة له أو (بيرفيوم برائحة الماء) لن يشتريه إلا مغفل!

أساسا الإعلامي الناجح ظاهر ومعروف وحوله دائرة من الجدل هي جزء من ظهوره وفعاليته، وتقاس جدواه بأثره وليس بانتماءه حقيقي كان مزعوما.

واضفت له من عندي نعم صحيح أن هنالك وظائف ليس من ضمن مواصفاتها الظهور، مثل (مهندس بترول شاطر) لكن الاعلام والدبلوماسية مثلا غير ذلك تماما .. الشخص هو نفسه أداة التنفيذ، لا يوجد معه بوكلين ولا ورشة لحام بالأوكسجين، من تراه أمامك الآن ويحدثك هو نفسه (عدة الشغل) لو دايره بدون عدة معناها ما دايره، ولن يسلمك علاقاته ولا شبكاته، لأنها هي ذاتها متغيرة ومتجددة غير ثابته و السيطرة عليها Manual.

هذا ليس في السودان، بل في العالم الاول نفسه لضمان النفاذ في المجتمع السياسي والمدني، يتم التعاقد مع الفاعل وليس شراء علاقته ووزنه وشهرته، ولا حتى (خطته المدونة)، لأن العمل جزء كبير منه قائم على ثغرات العدو وهي مسألة متغيرة أثناء الصراع، وليست وفق خطة، مثل قصة (أبوالقدح بعرف محل يعضي رفيقه)!
هم أنفسهم يقولون Results-oriented يعني التقييم بالنتائج وليس الخطة وأرقام هواتف الاصدقاء هذا جهل مريع بالعمل الإعلامي والمدني.

نصيحتي للبشير حول الاداء الاقتصادي والتنفيذي كانت مشابهة، في مقال (كلمات لا بد منها عن ترشيح البشير) في أول تعليق، مقالي في هذا البوست نشر في اغسطس 2018.
شاء الله أن تكون نصيحتي التالية هي لحمدوك في أغسطس 2019، في أربع نقاط، ونشرت سكرين من نصيحتي ورده علي (أتفق معك يا صديقي) في بوست سابق.

وكان رده مجرد مجاملة، أو كلام الواتس تمحوه (المزرعة)!
ونصيحتي للبرهان الآن … البيض الممزر لن يفقس ولو حضنته العنقاء في قمة جبل.

مكي المغربي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وزير العمل: الخدمة المدنية نظام يحمي المدنيين وحقوقهم
  • وزير البلديات: أكثر من 500 ألف فرصة وظيفية في الأنشطة التي تشرف عليها الوزارة
  • بالتعاون مع ألمانيا.. اختتام دورة تعزيز قدرات العاملين بقطاع الحكم المحلي
  • البرهان … إياك و(البيض الممزر)!
  • الخدمة المدنية تعلن الخميس القادم إجازة رسمية بمناسبة عيد المال
  • الخدمة المدنية: الخميس القادم إجازة رسمية
  • الخدمة المدنية تعلن الخميس القادم اجازة رسمية
  • وزارة الخدمة المدنية تعلن إجازة رسمية يوم الخميس المقبل بمناسبة عيد العمال العالمي
  • السلطة المحلية بأمانة العاصمة تُدين استهداف العدوان الأمريكي للأعيان المدنية
  • 45 يوم إجازة سنوية لكل موظف تجاوز سنه الخمسين.. وفقا لقانون الخدمة المدنية