دراسة: أدوية لعلاج ضعف الانتصاب والربو تعالج فقدان الذاكرة الناجم عن الحرمان من النوم
تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT
هولندا – وجدت دراسة أجرتها جامعة خرونينغن أنه يمكن استعادة فقدان الذاكرة الناتج عن الحرمان من النوم باستخدام أدوية الربو والأمراض الرئوية وضعف الانتصاب.
ولاحظ الدكتور روبرت هافكس أن قلة النوم يمكن أن تؤثر بشكل كبير على عمليات الذاكرة في الدماغ البشري. وساعد عمله المبكر في إلقاء الضوء على بعض الآليات الجزيئية الكامنة وراء هذا النوع من فقدان الذاكرة.
ومن المعروف أن قلة النوم تؤثر على الدماغ، بما في ذلك الذاكرة، لكن الأبحاث بدأت تظهر أن هذه الذكريات لا تضيع، بل هي فقط “مخفية” في الدماغ ويصعب استرجاعها.
وتُظهر الدراسة الجديدة أنه يمكن استعادة الوصول إلى هذه الذكريات المخفية في الفئران باستخدام دواء يستخدم حاليا لعلاج الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن.
وأظهر فريق الباحثين أيضا أن دواء آخر يستخدم حاليا لعلاج ضعف الانتصاب يمكنه استعادة الوصول إلى الذكريات المكانية.
ويقول الباحثون إن هذه الذكريات المكانية لدى الفئران تشبه، على سبيل المثال، تذكر البشر للمكان الذي وضعوا فيه مفاتيحهم في الليلة السابقة، في حين يمكن مقارنة الذكريات الاجتماعية بتذكر شخص جديد قابلته.
وقال الباحث الرئيسي في الدراسة، الدكتور روبرت هافيكيس من جامعة خرونينغن في هولندا: “منذ أن بدأت دراسة الدكتوراه، منذ سنوات عديدة، أذهلني ملاحظة أنه حتى فترة واحدة من الحرمان من النوم يمكن أن يكون لها تأثير كبير على عمليات الذاكرة والدماغ ككل. لقد ساعدنا العمل المبكر الذي نشر منذ سنوات في تحديد بعض الآليات الجزيئية التي تتوسط فقدان الذاكرة. ومن خلال معالجة هذه المسارات على وجه التحديد في الحصين، تمكنا من جعل عمليات الذاكرة مرنة تجاه التأثير السلبي للحرمان من النوم. وفي دراساتنا الجديدة، درسنا ما إذا كان بإمكاننا عكس فقدان الذاكرة حتى بعد أيام من حدث التعلم الأولي وفترة الحرمان من النوم”.
وأكد الدكتور هافيكيس: “يمكننا القيام بذلك عن طريق تنشيط الذاكرة الأصلية ثم استخدام الأدوية”.
وخلال التجارب، أعطى الباحثون الفئران الفرصة للاختيار بين التفاعل مع فأر لم يقابلوه أو فأر مألوف. وفي العادة، فضلت الفئران قضاء الوقت مع فأر جديد بدلا من فأر تعرفه.
وعند خضوعها لنفس الاختيار في اليوم التالي، تتفاعل الفئران إلى حد مماثل مع كل من الفأر المألوف والفأر الذي التقوا به في اليوم السابق، حيث يعتبر كلا الفئران مألوفين بالنسبة لها.
ومع ذلك، إذا كانت الفئران محرومة من النوم بعد أول لقاء لها، فإنها في اليوم التالي ستظل تفضل التفاعل مع الفأر الجديد كما لو أنها لم تقابله من قبل.
وتشير هذه النتائج إلى أن الفئران ببساطة لم تتمكن من تذكر لقاءهم السابق.
ووجد الفريق أنهم قادرون على استعادة هذه الذكريات الاجتماعية المخفية بشكل دائم، وذلك باستخدام تقنية تسمى تقنية engram الضوئية. وتسمح لهم هذه التقنية بتحديد الخلايا العصبية في الدماغ التي تشكل معا ذاكرة تُعرف باسم إنغرام الذاكرة (وحدة من المعلومات المعرفية داخل الدماغ) لتجربة معينة وتغيير تلك الخلايا العصبية حتى يمكن إعادة تنشيطها بواسطة الضوء.
ويمكن للباحثين بعد ذلك استخدام الضوء لإعادة تنشيط هذه المجموعة المحددة من الخلايا العصبية ما يؤدي إلى تذكر تجربة معينة (في هذه الحالة الذاكرة الاجتماعية).
وتمكنوا أيضا من استعادة الذكريات الاجتماعية للفئران عن طريق علاجها باستخدام عقار “روفلوميلاست”، وهو نوع من الأدوية المضادة للالتهابات يستخدم لعلاج مرض الانسداد الرئوي المزمن.
ويقول الدكتور هافيكس إن هذه النتيجة مثيرة للاهتمام بشكل خاص لأنها توفر نقطة انطلاق نحو دراسات الحرمان من النوم والذاكرة لدى البشر، وهو يتعاون الآن مع مجموعة بحثية أخرى تشرع في إجراء دراسات على الإنسان.
وبالمثل، عالج الباحثون فقدان الذاكرة المكانية باستخدام دواء آخر، يعرف باسم فاردنافيل، والذي يستخدم حاليا لعلاج ضعف الانتصاب. وتوفر هذه النتائج، وفقا للبيان الصحفي، نقطة انطلاق للدراسات للوصول إلى التجارب البشرية.
المصدر: Interesting Engineering
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الحرمان من النوم فقدان الذاکرة هذه الذکریات
إقرأ أيضاً:
سوريون يعودون إلى أحيائهم المدمرة في حمص مصحوبين بمرارات الذاكرة
عاد العديد من سكان مدينة حمص، التي كانت تعرف بـ"عاصمة الثورة"، إلى أحيائهم المدمرة بعد سنوات من النزوح بسبب الحرب، متحدين الظروف الاقتصادية القاسية والدمار الذي خلفته سنوات من النزاع المسلح.
استرجع هؤلاء العائدون، وبعضهم مقاتلون سابقون، ذكريات الحرب والصعوبات التي عاشوها، بما في ذلك ذكرى الصحافية الأمريكية ماري كولفن التي قُتلت في حي بابا عمرو في 22 شباط /فبراير عام 2012، بينما كانت توثق معاناة الشعب السوري.
تقول دعاء تركي، البالغة من العمر 30 عاما، في بيتها المدمر في حي الخالدية "البيت محترق، لا نوافذ فيه، لا كهرباء، أزلنا الركام وفرشنا بساطا وجلسنا".
وأضافت في حديثه مع "فرانس برس"، أن بيتها يطل على شارع اختفت معالمه، فيما الجدران مليئة بالثقوب التي تسمح لها برؤية بقايا المباني المدمرة، مردفة "رغم كل هذا الدمار نحن سعداء بالعودة. هذا حيّنا وهذه أرضنا".
دعاء التي عادت مع زوجها وأطفالها الأربعة إلى منزلهم قبل شهر، تعيش الآن في ظروف صعبة، حيث لا يزال منزلها يفتقر إلى أساسيات الحياة.
أشارت دعاء أن زوجها يبحث عن عمل "في أي مكان"، فيما هي تقضي يومها مع جيرانها العائدين، يترقبن أن يأتي أحدهم من المنظمات الإنسانية لمد يد العون.
وكانت مدينة حمص من أولى المدن التي شهدت الانتفاضة الشعبية ضد نظام المخلوع بشار الأسد عام 2011، حيث تحولت المدينة إلى ساحة معركة دموية بعد أن قوبلت التظاهرات السلمية بالقمع العنيف.
ومع مرور الوقت، أصبحت حمص معقلا للمعارضة المسلحة، وتحديدا في حي بابا عمرو، الذي سيطر عليه "الجيش السوري الحر"، قبل أن يتم استعادة السيطرة عليه من قبل النظام في عام 2012.
وكان النظام المخلوع فرض حصارا خانقا على المدينة، ما أدى إلى دمار واسع.
تتحدث دعاء عن تلك السنوات، قائلة: "بقينا محاصرين في حمص سنوات. لا أكل ولا شرب، قصف جوي وبراميل، ثم أخرجتنا الأمم المتحدة إلى المخيمات في الشمال"، حيث كانت المناطق تحت سيطرة فصائل المعارضة.
فيما تقول أم حمزة الرفاعي، البالغة من العمر 56 عاما: "ليس في الحي متاجر، نذهب إلى الأحياء المجاورة لشراء أغراضنا"، مضيفة “نلتقي بجيراننا العائدين، نتذكّر بعضنا، أبناؤهم كبروا".
فيما يروي عدنان أبو العز، أحد العائدين من الحافلات القادمة إلى المدينة، كيف فقد ابنه في قصف مدفعي أثناء الحصار، حيث لم يُسمح له بنقل ابنه المصاب إلى الخارج.
وقال بصوت مختنق لـ"فرانس برس": "رفضوا أن أمر، كانوا يسخرون مني"، وتابع بالقول "عرفت أن بيتي شبه مدمر، لكنني عائد إلى تراب حمص الغالي".
من جهته، تحدث أبو المعتصم، وهو أحد العائدين، عن تجربته مع الاعتقال في فرع المخابرات الجوية، حيث كان معتقلا بتهمة المشاركة في تظاهرة.
وقال "حين اقتربت سيارة الأمن إلى جوار الفرع، سألت الله أن تنزل قذيفة علينا وأموت قبل أن أصل إلى أقبيته".
في زيارة إلى حي بابا عمرو، رافق عبد القادر العنجاري، الذي كان ناشطا إعلاميا خلال الثورة، فريق وكالة "فرانس برس" في جولة عبر الشوارع المقفرة التي كانت يوما ما مسرحا للأحداث.
وقال العنجاري: "هنا استُشهدت ماري كولفن باستهداف من النظام الذي لم يكن يريد توثيق ما يجري"، مضيفا "كانت ماري كولفن صديقتنا، التي تحدت تعتيم النظام على الإعلاميين والموثقين الأحرار".
وفي سياق متصل، أكد العنجاري أن المدينة تعرضت لأشد أنواع القصف، مشيرا إلى أن النظام كان يسعى إلى منع أي تغطية إعلامية مستقلة.
يشار إلى أن ماري كولفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك قتلا في قصف استهدف حي بابا عمرو أثناء عملهما على توثيق الأحداث في المدينة.
وأمرت محكمة أمريكية في العام 2019 النظام المخلوع بدفع أكثر من 300 مليون دولار لعائلة كولفن، بعد إدانتها بارتكاب هجوم "غير مقبول" ضد وسائل الإعلام.