العراق: تناقضات إحصائيات الإعدام.. وإعدام قانون العفو العامّ!
تاريخ النشر: 28th, June 2024 GMT
الإعدام هو النهاية اللائقة بكلّ مجرم وسفّاح وقاتل ومخرّب لا يحبّ الخير للوطن والناس، وهذا ممّا لا خلاف عليه بين الحكماء والعقلاء. فعقوبة الإعدام تُطبّق على جرائم القتل والمخدّرات والجرائم الكبرى الضاربة للأمن والمجتمع!
ويشترط في عقوبة الإعدام المتعلّقة بالقتل أن تكون عن عَمْد مع سبق الإصرار والترصّد وليس عن طريق الخطأ!
وعقوبة الإعدام أُقرّت في الشرائع السماويّة وغالبيّة القوانين الأرضيّة؛ إلا تلك التي تحاول تجميل الجريمة ومجاملة السفّاحين والمجرمين! وهنالك دول طبّقت عقوبة الإعدام بشَكْل تعسّفي، بحيث صارت بوّابة لتصفية الحسابات السياسيّة والشخصيّة.
وقد عانى العراق من مآسي عقوبة الإعدام، وكلامنا دفاع عن الأبرياء الذين انتزعت منهم الاعترافات في ظلمات الليل ودهاليز الخوف، ومراحل غياب العدالة وضياع الضمير، وليس دفاعا عن القتلة والإرهابيّين!
وعند محاولة متابعة إحصائيات الإعدام الرسميّة العراقيّة تجد نفسك في دوّامة من الإحصائيات المتناقضة! وسبق لوزير العدل خالد شواني أن أكّد في نيسان/ أبريل 2024 وجود ثمانية آلاف محكوم بالإعدام، من مجموع 20 ألفا من المدانين بقضايا تتعلّق "بالإرهاب" داخل سجون وزارته!
بعيدا عن مصداقيّة المعلومات الرسميّة، نلفت الانتباه إلى أنّ التناقض في الإحصائيات الرسمية يُثير القلق، ويفتح الباب على مصراعيه لضرورة التدقيق في أعداد المحكومين بالإعدام، ومصير الأحياء منهم!
وقبلها أعلنت وزارته في أيلول/ سبتمبر 2021 أنّ عدد الإرهابيين المحكومين لديها "أكثر من 50 ألف سجين تقريبا، ونصفهم محكومون بالإعدام"! وهذا يعني أن هنالك 25 ألف محكوم بالإعدام، ويعني كذلك أنّ الفرق بين تصريح وزير العدل ووزارته أكثر من 17 ألف شخص خلال عامين، ربّما نُفّذت فيهم أحكام الإعدام!
وحينما نحاول الدخول للبوّابات الرسميّة لأعداد الذين نُفّذت بحقّهم أحكام الإعدام نجد أنّهم بالعشرات سنويّا، وهذا يعني أنّ الكثير من الإعدامات نُفّذت دون الإعلان عنها!
ومع الساعات الأولى لعيد الأضحى المبارك قبل أسبوعين نشرت حسابات شخصيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ قوائم بأسماء "وجبة من الذين نفّذت بهم عقوبة الإعدام"، وقد أحدثت ضجّة كبيرة في الشارع العراقيّ! وأعلنت وزارة العدل، يوم 20 حزيران/ يونيو 2024، أنّه لا صحّة للأخبار حول تنفيذ أحكام الإعدام بحقّ مدانين!
وبعيدا عن مصداقيّة المعلومات الرسميّة، نلفت الانتباه إلى أنّ التناقض في الإحصائيات الرسمية يُثير القلق، ويفتح الباب على مصراعيه لضرورة التدقيق في أعداد المحكومين بالإعدام، ومصير الأحياء منهم!
وطالبت منظّمة العفو الدوليّة يوم 25 نيسان/ أبريل 2024 السلطات العراقيّة أنّ توقف "جميع عمليّات الإعدام فورا، وربّما هنالك العديد من الأشخاص أُعدموا سرّا"!
وقالت رئيسة بعثة الأمم المتّحدة لمساعدة العراق جينين بلاسخارت، يوم 16 أيار/ مايو 2024، إنّ "زيادة عمليّات الإعدام الجماعيّة غير المعلنة تُثير قلقا كبيرا"!
وآخر حملات الإعدام المعلنة رسميّا نفّذت في 31 أيار/ مايو 2024 بحقّ ثمانية "مدانين بالإرهاب"!
وأكّدت أكثر من (16) منظّمة حقوقيّة عراقيّة وأجنبيّة، يوم 22 حزيران/ يونيو 2024، أنّها "ستتوجّه بشكاوى إلى الأجهزة الدوليّة المعنية، والمقرّر الخاصّ المعنيّ بحالات الإعدام خارج القضاء أو بإجراءات موجزة أو تعسفا، وسلوك كلّ الإجراءات القانونيّة والحقوقيّة لوقف عمليّات الإعدام التعسّفيّة والانتقائيّة"!
وقال خبراء الأمم المتّحدة الدوليّون المتخصّصون في مجال حقوق الإنسان في جنيف، يوم 27 حزيران/ يونيو 2024، إنّ "عمليّات الإعدام التي تُنفّذها الحكومة العراقيّة ضدّ السجناء المحكومين بالإعدام بناء على اعترافات مشوبة بالتعذيب، وبموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسّفي من الحياة بموجب القانون الدوليّ وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضدّ الإنسانيّة"!
وتطبيقا للعدالة يفترض إيقاف تنفيذ عقوبات الإعدام لحين إقرار قانون العفو العامّ، وفسح المجال لإعادة محاكمة كلّ مَن يدّعي أنّ الاعترافات نُزِعت منه بالإكراه! وعليه، فإنّ تنفيذ عقوبات الإعدام بوتيرة متسارعة ستكون تداعياتها خطيرة لحاضر العراق ومستقبله!
ومعلوم أنّ حكم الإعدام ليس حكما بسيطا يمكن تدارك نتائجه، وهو حكم مفصليّ بين الحياة والموت، ولهذا يفترض التدقيق والتروّي في جملة من القضايا المفصليّة قبل لحظة التنفيذ ومنها: هل الاتّهامات حقيقيّة أم كيديّة؟ وهل كانت التحقيقات والمحاكمات سريعة وعاجلة؟ وهل حصل المتّهمون على تمثيل قانونيّ حقيقي؟ وهل تعرّض المتّهمون للتعذيب، وغيرها من صور الأساليب والضغوطات غير القانونية؟
المماطلة في إقرار قانون العفو العامّ والمسارعة في تنفيذ أحكام الإعدام تؤكّدان حالة التناقض الرسميّ في إدارة ملفّات المصالحة الوطنيّة، وتجفيف منابع الكراهية المجتمعيّة، وإعادة بناء المجتمع!
وبعد أن يُتأكد بأن المتّهم قد حصل على حقوقه القانونيّة، وثبوت ارتكابه للجريمة المتّهم بها، حينها يمكن تنفيذ الحكم بعدالة تامّة.
ثمّ هل يصّح تنفيذ الإعدام في الذين لم يباشروا القتل، وربّما كانوا من المغرّر بهم في تنظيمات سقيمة؟
ولتطبيق العدالة يفترض، أيضا، محاكمة كافّة المخبرين السرّيّين، وملاحقة أيّ موظّف رسميّ انتزع الاعترافات بالإكراه والتعذيب.
وينبغي التذكير بدور القوى السياسيّة السّنّيّة في ضرورة العمل على إقرار قانون العفو قبل إعدامه واقعيّا وعمليّا، وحينها لا يُنْتَفَع بالقانون!
المماطلة في إقرار قانون العفو العامّ والمسارعة في تنفيذ أحكام الإعدام تؤكّدان حالة التناقض الرسميّ في إدارة ملفّات المصالحة الوطنيّة، وتجفيف منابع الكراهية المجتمعيّة، وإعادة بناء المجتمع!
العدالة هي الركن الركين لبناء المجتمع العراقيّ! طَبّقوا القانون على القتلة والإرهابيين، وأطلقوا سراح الأبرياء وعوّضوهم عن سنوات الضياع والموت البطيء!
x.com/dr_jasemj67
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق حقوق الإنسان العراق حقوق الإنسان محاكمات انتهاكات الاعدام سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قانون العفو العام إقرار قانون العفو عقوبة الإعدام أحکام الإعدام الرسمی ة
إقرأ أيضاً:
مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تقدمت النائبة غادة على عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل الصادر بالقانون رقم91 لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم 30 لسنة 2023.
وتتمثل أهمية التعديلات المقترحة في المساهمة في تحسين بيئة الاستثمار وتعزيز مناخ الإستثمار لجذب المزيد من المستثمرين وتحقيق العدالة الضريبية، ويتضمن مشروع القانون إلي تعديلات في المواد 50 والمادة 56 مكرر.
وأوضحت النائبة غادة على، أن مبررات التعديل بسبب تأخر وزارة المالية فى اصدار اللائحة التنفيذية للقانون المنظم للخصم بالرغم من توصية المجلس الأعلى للإستثمار بذلك فى مايو 2023، وصدور القرار مما نتج عنه إستمرار شركة مصر للمقاصة فى استقطاع الضريبة وعدم الخصم وتوريدها إلى مصلحة الضرائب بالمخالفة للقانون ولتوجيه المجلس الأعلى للاستثمار، مما رفع من أعباء الضريبة الفعلية علي الشركات الشركات الأم أو القابضة والمستثمرين لما يقرب من 35%.
وأشارت النائبة غادة على، إلي أن أهم ميررت مشروع القانون عدم منطقية فلسفة التعديل السابق حيث يتم خصم الضريبة ثم إعادتها مرة أخري وهو عبء إداري علي الشركات وعلى مصلحة الضرائب بدون هدف تشريعي حيث سيتم إعادة الضريبة مرة اخري للشركة، ولكن بالنسبة للشركات فهناك خسارة وهي time value of money او ضياع فرص الاستفادة من الضريبة المسددة لحين خصمها من الضريبة المستحقة وهذا قد يستغرق عام على الأقل حيث عادة ما تحصل الشركات على عوائد التوزيعات بعد انتهاء موسم تقديم الاقرارات بالفعل وبالتالي سيتم تاجيل الخصم للعام المقبل.
وقالت النائبة غادة علي إن الواقع العملي أثبت صعوبة تطبيق التعديل الذى قامت به وزارة المالية من الناحية التقنية فكيف ستقوم مصر للمقاصة بحساب نسبة الاستقطاع الواجب توافرها لكل شركة عند اجراء التوزيع ومدي وجود توزيعات من شركات تابعة، مشيرة إلى أن لخصم يزيد العبء علي الشركات التي لديها شركات تابعة رابحة وبقية الشركات خاسرة مما يجعل الشركة تسدد ضريبة توزيع على شركاتها التابعة الرابحة ولا تستفيد بذلك فى خصم ضرائبها اذا كانت المحصلة النهائية للشركة الأم هو تحقيق خسارة أو سداد ضريبة أقل من المخصوم منها.