أليس مونرو تشيكوف العصر التي انتزعت اعتراف نوبل بالقصة القصيرة
تاريخ النشر: 22nd, June 2024 GMT
على الرغم من أن أليس مونرو ظلت تحلم بكتابة رواية طويلة، طوال مشوار حياتها التي توقفت يوم 13 مايو/أيار 2024، إلا أنها كانت هي الكندية الوحيدة التي عرفت جائزة نوبل الطريق إليها.
لكن الأمر لا يتعلق بكندا وحدها، بل أيضًا بفن القصة القصيرة، الذي لم يكن محظوظًا مع جائزة نوبل، قبل أن يمضي على الطريق نحو الفوز بأكبر الجوائز الأدبية في العالم، عبر مونرو، تلك الكاتبة التي ظلت راهبة في محراب القصة القصيرة، حتى عرفت تلك الجائزة طريقها عام 2013.
لتكون تلك الخطوة هي الأولى منذ 112 عاماً، التي تكافئ فيها الأكاديمية السويدية كاتباً تقتصر أعماله على الأقصوصة، معتبرة أنّ "مونرو تمنح عمقاً وحكمة ودقة في كل قصة، وأن قراءة كل عمل لها يعلّمنا شيئاً جديداً كل مرة".
وهنا تشير الأكاديمية إلى أنّ معظم قصص مونرو، تدور "في مدن صغيرة، من تلك التي غالباً ما يؤدي نضال الناس فيها لأجل حياة كريمة، إلى مشاكل في العلاقات وحدوث نزاعات أخلاقية، وهي مسألة تعود جذورها إلى الاختلافات بين الأجيال، أو التناقض الذي يعتري مشاريع الحياة".
اللمسة الساحرةظل حلم مونرو بكتابة رواية طويلة يتواصل، دون تتاح له فرصة التحقق. وفي كثير من المرات، حاولت الدخول إلى عالم الرواية "غير أن الأمر كان صعبًا، نظرًا لكونها أم 3 فتيات، وهو الأمر الذي لم يكن يمنحها وقتًا كافيًا للكتابة، حتى وجدت نفسها مع مرور الوقت، وقد أيقنت بأن القصة القصيرة هي ورقتها الرابحة. فهل كانت مونرو كاتبة روائية ضلت طريقها إلى القصة القصيرة؟ وهل كانت تنفر من الرواية وتمل من قراءتها؟ أم لأنها لم تكن تستطيع كتابة الرواية الطويلة، وراحت تستبدل بها تلك القصص التي تكتبها، والتي تقع بين القصة والرواية؟".
ولأنها كانت هي نفسها التي صرحت من قبل بأنها لم تكن تستطيع إنجاز رواية واحدة، لأن وقتها لم يكن يسمح، وكانت مونرو تقول إنه على مدى 20 عامًا، لم يتح لها يوم واحد، لتفكر فيه فيما يحتاج إليه الآخرون، وهذا معناه وفق تعبيرها أن "الكتابة لم تكن إلا تطفلاً على تلك الواجبات الأسرية، وأنا نفسي أعتقد أنها معجزة إن استطعت أن أنجز شيئاً ما".
ومع ذلك، وعلى مدى 15 عاماً، استمرت في إرسال ما تكتبه إلى دور النشر، لكنها دائمًا ما كانت تتلقى ردودًا بالرفض، إلى أن تمكنت إحدى مجموعتها القصصية التي تحمل عنوان "رقصة الظلال السعيدة" من الخروج إلى الضوء عام 1968، ونيلها أرفع جائزة أدبية كندية في ذلك الوقت، وهي جائزة الحاكم العام، ثم نيلها للجائزة نفسها في وقت لاحق، عن مجموعة "أقمار المشترى" عام 1982.
وقد ظلت مونرو على يقين من أن القصة القصيرة ليست أقل شأنًا من الرواية، لذلك راحت تكتب القصص بعاطفة مفعمة بالصدق، ساعية إلى أن تصبح قصصها مرآة يرى فيها القراء أعماق أنفسهم، على أن تبلغ من الثراء حداً يجعلها أقرب إلى روايات مضغوطة، يتجاور فيها الماضي مع الحاضر. وهو الأمر الذي "تجري معه أحداث أقاصيصها في المدن الصغيرة، تلك الأقاصيص التي غالبًا ما تتشابك فيها توصيفات الأحداث اليومية، لتضيء القصة وتنير المسائل الوجودية".
الموهبة الوحيدةولدت مونرو عام 1931 شمال مقاطعة أونتاريو، غير أنها قررت في مرحلة المراهقة أن تصبح كاتبة، ولم يحدث أن تراجعت يوماً عن المضي في هذا الحلم. وهي تؤكد ذلك، قائلة: "أنا لا أملك أي موهبة أخرى، لست مثقفة ولا أجيد التصرف مطلقًا كسيدة منزل".
وكان ما يميز كتابتها في عيون القراء أنها تمكنت من إثراء قصصها بحبكة جيدة، وعمق في التفاصيل، وهو ما يميز الرواية الطويلة في الغالب. أما الأبطال في قصص مونرو، فهن فتيات وسيدات يعشن حياة تبدو عادية، لكنهن يصارعن محنًا كالتحرش أو الزواج المأساوي، أو مشاعر الحب المقموعة أو متاعب الشيخوخة.
ويصف ناشر قصصها الطريقة التي تعتمدها في الكتابة قائلاً "فجأة تجد نفسك منجذبًا لحياة هذه الخادمة، أو تلك العاملة في المزرعة، أو ربة المنزل تلك التي تعيش في مقاطعة بعيدة، إنهن عاديات والقصص عادية لكن ما تضفيه مونرو عليها هو تلك اللمسة الساحرة".
تقنية مونروكانت مونرو من أوائل من ابتكر تقنية السرد غير الخطي، والذي يقفز فيه السارد بين الحاضر والماضي والمستقبل. وكانت عبر ذلك، تحجب أحداث قصصها، وأحيانا يكون كشفها لتلك القصص جزئيا فحسب، من خلال أثر قديم تمسكه الشخصية، فيستحضر ذكرى من الماضي، أو سر يطفو على السطح في الحاضر، من خلال قصاصة صحيفة، أو من على شفاه شاهد غير موثوق. وقد تأتي شخصية أخرى على ذكر ما سرده الراوي من أحداث، مسلطةً الضوء على فعل السرد نفسه.
وهذه الطريقة التي تتبعها في الكتابة، وصفتها مونرو بأنها "طبيعية" لكنها لا تأتي بسهولة. لأنها كانت تُعيد نسخ تدويناتها القصيرة المكتوبة بخط اليد، وتكتبها على الآلة الكاتبة، وكانت تخضع تلك الكتابات أيضا لتنقيح ومراجعة مُكثَّفين، من أجل التقاط دقّة الحياة وتعقيدها في نثرها.
ولأجل ذلك، ظل السؤال يتردد: هل تكتب مونرو القصة القصيرة حقاً؟ وقد طرح هذا السؤال الكثيرون، عندما فازت بنوبل، خصوصا أنها لم تكتب غير القصة القصيرة، لكنها أيضا تكتب "النوفيلا" وهي نوع من السرد يقع بين القصة والرواية، ومن المرجح أنها لا تكتب هذا أو ذاك، فقد أعادت اختراع الرواية القصيرة، وأعادت أيضا اختراع عدد من فنون الحكي، وهو ما رصده بعض النقاد، وما صرحت به بعد صدور مجموعتها القصصية "أسرار مفتوحة" عام 1994 التي يعتقد أنها أسهمت في تطوير فن السرد.
وتوصف مونرو بأنها "تشيكوف العصر" لقدرتها على استعراض مكونات الحياة في المناطق الريفية، على صفحات محدودة، لتختزل فيها كثيرا من المعاني والأفكار والصور، عن الحياة والناس، وتدمجها جميعًا بأسلوب أنيق، في قصة قصيرة مترعة بتفاصيل متناغمة.
وحين تم توجيه سؤال لها، خلال ذلك الحوار الذي أجري معها، لتتم إذاعته في حفل منحها جائزة نوبل للآداب، عما هو التأثير الذي تريد أن تتركه في نفوس القراء، قالت "أريد للناس أن يستمتعوا بقراءة كتبي، لا أريد أن ألهمهم بقدر ما أريد لهم أن يستمتعوا بالقراءة، وأن يفكروا بقصصي على أنها مرتبطة بحيواتهم بشكل أو بآخر" واستطردت "أريد لقصصي أن تحرك الناس، وأن يعطي كل شيء تقوله القصة للقارئ، شعوراً بأنه أصبح إنساناً مختلفاً حين ينتهي من قراءتها".
ففي قصص "مونرو" لن تجد أناسا يتصارعون أو انفجارا يلهث القارئ خلفه، لكن نفوسا بشرية عميقة تكتب عنها وتقول "لا أعرف الانفجارات المفاجئة التي تنجم من الإلهام، بمقدوري أن أقوم بعملين في وقت واحد، بما أن عمل المنزل أبدي، والكتابة أبدية، فأنا لا أواظب إلا على ذلك".
عبر أساليب مدهشةتتطرق العديد من قصص مونرو إلى جوانب من حياتها، التي تتوزع من الطفولة إلى حياة المزرعة في أونتاريو، وزواجها المبكر، والانتقال إلى مقاطعة كولومبيا البريطانية إثر الطلاق ثم الزواج الثاني، والعودة إلى مزارع أونتاريو.
وفي المقطع الأخير من تلك المقاطع التي تتحدث عن حياتها، تقول مونرو "لم أذهب إلى البيت إثر مرض أمي الأخير، ولا أحد لي في مدينة فانكوفر لأضع الطفلين معهم، ولم يكن لدينا ذلك السلوك الرسمي، ولكن لماذا أضع اللوم على ذلك".
وتستطرد "لقد أحسست بنفس الشعور، نحن نقول عن بعض الأمور إنه لا يمكن غفرانها، أو إننا لن نغفر لأنفسنا قط ما فعلناه، ولكننا نفعل تلك الأمور دائمًا. لكن في تلك القصص، دائمًا ما نجد أن راوي القصة هو شخص له أهميته، فهو الأداة الأهم لإضفاء معنى على حياة الأشخاص الآخرين، كما أن الزوايا التي يتم السرد عبرها تتغير، فقد تكون بتذكر أحداث سابقة، وأحيانًا من خلال إعطاء أهمية لأحداث معينة، أو بالقفز على أحداث أخرى، وربما يكون القفز على بعضها وسيلة لربط الزمن الماضي والحاضر والمستقبل، ليس بالشكل التقليدي، من البداية إلى الوسط وإلى النهاية، بل عبر أساليب مدهشة تثير إعجاب القارئ.
بساطة وواقعيةاستمرت شهرة مونرو في التزايد مع نمو قصصها من حيث النطاق والتعقيد، إلى أن وصلت إلى القائمة المختصرة لجائزة مان بوكر عام 1980، وتبعتها جائزة جيلر مرتين، مرة عام 1998 عن رواية "حب امرأة طيبة"، وأخرى عام 2004 عن رواية "هارب" وحصلت على جائزة مان بوكر الدولية عام 2009 وجائزة نوبل في الأدب عام 2013.
وقد جلبت لها جراحة القلب المفتوح -التي أجريت عام 2001- تصورًا متزايدًا لوفاتها، فقد راحت كتابات مونرو تدور بشكل وثيق حول المرض والذاكرة. وحينما نقرأ ما تقوله الكاتبة لا نملك إلا التعجب من بساطتها وواقعيتها، لأنها ظلت طوال أعوام كتابتها مشغولة بأسرتها والكتابة فقط. وبرغم أنها لم تكن قد حازت على نفس القدر من شهرة بعض الكتاب الآخرين، فإنها كانت تجلس في منزلها مشغولة بهموم الكتابة، أو تربية أطفالها وكذلك أعمال المنزل، وقد استطاعت إنجاز العديد من الأعمال المنشورة لها أثناء زواجها الأول.
وقد كانت مونرو تبلغ سن 37 عاما عندما نشرت مجموعتها القصصية الأولى "رقصةُ الظلال السعيدة" وفازت عنها بجائزة "Governor General’s Award" وهي أعلى جائزة أدبية في كندا. وفي هذه الأثناء، انتقلت العائلة إلى تورنتو، حيث افتتحت هناك مكتبة لبيع للكتب. وقد حاولت بعد ذلك كتابة رواية من الروايات الشبابية، غير أنها عادت في منتصف الطريق إلى الشكل المألوف لديها للقصة القصيرة، ونشرت العمل في مجموعة قصصية بعنوان "حيوات الصبايا والنساء" القصصيّة عام 1971.
وتتذكر ذلك قائلة "حينها أدركت أنّي لن أكتب رواية حقيقية أبدا لأنني لا أستطيع التفكير بتلك الطريقة" لأنها تكتب قصصها بأحداث قليلة، لكنها تتمتع بعمق الروايات. لقد رسمت شخصياتٍ معقَّدة وثرية، وامتلكت عبقرية التنقيب في جوهرها، للكشف عمّا يجعل جميع الأرواح رائعة وشريرة في معظمها.
"أنا مذهولة.. لم أكن أتوقع الفوز"بهذه الجملة جاء رد فعل مونرو، عندما أعلنت الأكاديمية السويدية فوزها بجائزة نوبل في الأدب عام 2013، وفي وقت استلام الجائزة اعتذرت عن عدم الذهاب.
ولم تنجح الأكاديمية في التحدث معها على الهاتف، فتركت لها رسالة مسجلة، لكن الناشر هو من قرأ التعليق الذي صدر عن الكاتبة.
وجاء اعتذار مونرو المرأة رقم 13 التي حصدت هذه الجائزة الرفيعة منذ إطلاقها عام 1901، لظروفها الصحية، فقد كانت تبلغ وقتها 82 عاما، كما أنها كانت قد اعتزلت الحياة الأدبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات القصة القصیرة کانت مونرو جائزة نوبل أنها کانت أنها لم إلى أن لم تکن لم یکن
إقرأ أيضاً:
فوكوزاوا يوكيتشي.. رائدُ الحداثة اليابانية
أحمد الرحبي
شكَّل العصر الحديث بمفهومه الحضاري والعلمي وبما حققه من نقله في المجتمعات في العالم من النشاط الزراعي إلى النشاط الصناعي والمعتمد على العلم، وما شكَّله بعد ذلك من انقطاع ما بين هذا العصر والعصور السابقة في فهم الحياة وكُنه مفاهيمها وأسرارها والتصدي للأسئلة وصياغة الاستنتاجات حول المسائل الجدلية للحياة، فهمًا وكُنهًا نابعًا من منطلق العلم وخاصة العلم التجريبي، لا الخرافة.
هذا الأمر وسَّع مدارك الإنسان في العصر الحديث، مُعزِّزًا ثقته بالمنهج العلمي، الذي أتاح له فك مغاليق الطبيعة وأسرارها، مما قاده إلى تحقيق فتوحاته العلمية وتسجيل براءة اختراعاته واكتشافاته التي سهلت حياة الملايين في العالم، وحققت رفاهة العيش لإنسان العصر الحديث، لقد شكل العصر الحديث بالنقلة العلمية والحضارية التي استطاع أن يحققها العالم الغربي بالمفهوم العلمي المجرد، تحديا لبعض الشعوب في العالم، ومن ضمنهم العرب.
وكان للعرب رائدهم الذي حاول في بدايات ما سمي بالنهضة العربية، المُجهضة في القرن التاسع عشر، التعرف على هذا الغرب وسط الفورة الحضارية والعلمية التي يقودها، وفهم حياته وسبر مفاهيم الحياة وطرق العيش والإنجاز والعطاء فيها، مثل المهمة التي أنجزها رفاعة الطهطاوي، وهو الأزهري المُغرق في مفاهيمه التقليدية، لكن أُتيحت له فرصة الذهاب إلى فرنسا والعيش والانغماس في المجتمع الباريسي، مُسجلًا بذكاء ملاحظاته التي لا تخلو من إعجاب بهذا المجتمع في طرق عيشه وأسلوب الحياة المنفتح، وهي ما عُدت- هذه الانطباعات التي سجلها الطهطاوي- في حينه تجاوزًا للصدمة الحضارية التي عاشها المشرق العربي، على وقع المدافع الفرنسية التي دكَّت مدينة القاهرة وثلمت أنف أبو الهول، ضمن النتائج الجانبية، أثناء غزو نابليون بونابرت لمصر الذي جاء بقضه وقضيضه من جنود وعلماء؛ جنود يحاولون أن يُخضِعوا الحياة المصرية، وعلماء يدرسون كل تفاصيل هذه الحياة.
ومثل ما كان للعرب رائدهم، فإن للشعوب والأمم الأخرى روادها أيضًا، وحتى صدماتها من الحداثة، لكن ربما الفرق بينهم وبين العرب، أن بعض هذه الشعوب والأمم، تجاوزت المنعطف الصعب للصدمة الحضارية، إلى النجاح في اعتناق المفهوم العلمي والحضاري، الذي جعلهم ينخرطون في ركب الحداثة، ويحققون مساهمات وإضافات علمية، بعكس العرب الذين توقف بهم الحال بعد فشل نهضتهم العلمية وعدم تجاوزهم للصدمة الحضارية، مما جعلهم مجرد مستهلكين بدون إضافة يقدمونها.
ويعد فوكوزاوا يوكيتشي المُعلِّم الياباني الذي دعا الى المعرفة المستمدة من الحضارة الغربية خلال عهد ميجي (1868- 1912) والمؤسس لمدرسة كايو جيجوكو (جامعة كايو الآن)، من ضمن هؤلاء الروَّاد الأفذاذ، الذين أفادوا شعوبهم وأثروها بالعلم والمعرفة المعاصرين، والذي يمكن القول عن سيرته إنها ترجمة لتجربة التحديث اليابانية ونجاحها على الرغم من المعوقات التي واجهتها. لقد قام فوكوزاوا يوكيتشي، وفي فترة كان اليابانيون خلالها يجهلون العالم تقريبًا مثلما يجهلهم العالم بتعليمهم أولًا الوضع العام للعالم، ثم أدى دور رائدهم الأكثر بروزا في دراسة الفنون والعلوم الغربية وبدأ في تعليمهم الخطوط العامة لتاريخ العالم وجغرافيته والمبادي الأولية للفيزياء والكيمياء وعلم الفلك وأساليب مسك الدفاتر وعلم التكتيك العسكري في الحروب الميدانية وحصار القلاع وصنع بندقيات المشاة واستخدامها وقد جمعت كتاباته في سبعة عشر مجلدا من القطع الصغير، تعكس تنوع المجالات التي تناولها واتساع نطاقها وتملكه لناصيتها.
ويعبر هذا الرائد العظيم عن فخره، في مذكراته، بما تقوم به اليابان من سعي حثيث لمعانقة حداثة العصر، والثمار التي جنتها في مجال النقل البحري، على سبيل المثال، والذي كان في ذلك الوقت يقوم اعتماده على الطاقة البخارية، يقول فوكوزاوا يوكيتشي: "فيما أتأمل كل شعوب الشرق الأخرى، على نحو ما هي عليه اليوم، يساورني الشعور بالاقتناع بأنه ليست هناك أمة أخرى لديها المقدرة أو الشجاعة على الإبحار بسفينة بخارية عبر المحيط الهادئ بعد فترة خمس سنوات من الخبرة في الإبحار والهندسة. ولا يقتصر على الشرق بروز هذا الإنجاز كعمل لم يسبق له مثيل من أعمال المهارة والجرأة".
وحتى إمبراطور روسيا بطرس الأكبر، الذي مضى إلى هولندا لدراسة الملاحة، لم يستطع بكل إنجازاته أن يصل إلى ما يعادل هذا الإنجاز الذي حققه اليابانيون في هذه المغامرة الكبرى.
رابط مختصر