تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

كنت قد شرعت في الكتابة عن فكرة راودتني، وأرجأتها للأسبوع المقبل، لدى رؤيتي منشورًا لصديق يكتب فيه.. هو تركي آل شيخ عايز إيه من مصر؟.
 تذكرت أنني منذ سنوات أنني أجريت عدة حوارات مع عدد من الأشقاء العرب، أحدهم كان من العراق وحينها سألته إنت عايز إيه من مصر؟ فابتسم وقال لي: «اسألني إنت مش عايز إيه من مصر؟ إحنا عايزين مصر كلها حضارتها وتاريخها وناسها وطيبتها وفنها وشوارعها وضحكتها وقوتها وصبرها؟.

. مصر لنا الأمنية والأمل والأمان والدين والأولياء.. هنا في مصر القرآن بيمشي على الأرض، والأولياء ممكن تقابلهم في الشوارع».. وحكى لي أنه لسنوات حرم من الإنجاب وبدعوة مجذوب لم يلق له بالًا، أكرمه الله.

 حكايات كثيرة تناولتها المقالات آنذاك لقلوب رأت مصر كما يجب أن تُرى.. لا عبر لحظة عابرة في عمر الزمن.. مصر التي كانت وما زالت حائط الصد الأخير.. السد المنيع الذي تصدى لكل محاولات هدم وتجريف وتدمير الهوية العربية، مصر التي في خضم معاناتها تقتسم كسرة خبزها مع ضيفها.. مصر التي تحمل على عاتقها هموم غيرها.. مصر التي منثور في هوائها أبيات الشعر والفكر.. ليس لها مواسم زرع لعلمائها ولفنانيها وفنها.. حسناء لا يطول الشيب رأسها تلد وكأنها عروس ما زالت في خدرها.


إن تسألي عن مصر حواء القرى

وقرارة التاريخ والآثار

فالصبح في منفٍ وثيبة واضح

من ذا يُلاقي الصبح بالإنكار؟

 

مصر التي لا تكتمل أركان الإيمان إلا بها.. لا ينقص نبعها إذا سقت ظمآنا ولا يجف ضرعها إذا أطعمت سائلًا.. هذا ليس حديثا منمقا ولكنه تاريخ من قبل أن يضع التاريخ قلمه في دوايات الحبر ليكتب.. ارجع إلى ما قالته الكتب السماوية والسلف وما ساقه "بن جبير" في تاريخه، وما خطه "ابن إياس" في "بدائع الزهور في وقائع الدهور".. تذكر مقدمة "بن خلدون" وما قاله "جمال حمدان" ووصف "الكندي" لها.. افتح رسالة بن العاص لعمر بن الخطاب حينما طلب منه أن يصف له مصر فكتب: "فبينما مصر يا أمير المؤمنين لؤلؤة بيضاء، إذا هي عنبرة سوداء، فإذا هي زمردة خضراء، فإذا هي ديباجة رقشاء، فتبارك الله الخالق لما يشاء".

مصر ليس فيها "شين" حتى ما تحسبه العين عيب فيها "زين" فها هو "ابن بطوطة" يضع في لوحته عنها كل ضدٍ فيصير التضاد تنوعًا وألقًا.. فكيرها نافع كالعنبر: "مصر مجمع الوارد والصادر، ومحط رحل الضعيف والقادر، وبها ما شئت من عالم وجاهل، وجاد وهازل، وحليم وسفيه، ووضيع ونبيه، وشريف ومشروف، ومنكر ومعروف، تموج موج البحر بسكانها، وتكاد تضيق بهم على سعة مكانها وإمكانها، شبابها يَجِدّ على طول العهد، وكوكب تعديلها لا يبرح عن منـزل السعد، قهرت قاهرتها الأمم، وتمكنت ملوكها من نواصي العرب والعجم، ولها خصوصية النيل الذي أجلّ خطرها، وأغناها عن أن يستمد القَطْرَ قُطْرُها، وأرضها مسيرة شهر لمجدّ السير، كريمة التربة، مؤنسة لذوي الغربة".

أنا تاج العلاء في مفرق الشر
ودراته فرائد عقدي
أي شيء في الغرب قد بَهر الناس جمالًا
ولم يكن منه عندي

دعك من العرب وكتبهم وكُتابهم وحبهم وطريقة تعبيرهم عن تقديرهم، انظر إلى الغرب الدكتورة جروس، أستاذ الحضارات القديمة في نيويورك: "أستطيع أن أؤكد أنه بالرغم من وجود نسبة الأمية والفقر في مصر، إلا أنها عظيمة بأبنائها، وذلك لأن الحضارة تحت جلودهم". 

أي شعور وفخر بنسب وأنت تقرأ عبارة أفلاطون التي كتبها بعد عشر سنوات عاشها في مصر: "ما من علم لدينا إلا وأخذناه عن مصر".. أي مجد يُمكن للكلمات وصفه بعد قوله لعلماء اليونان: "أنتم أطفال على علماء مصر".
أي عبارة تحتاجها للتوضيح بعد أن تقرأ "موسى والتوحيد" لـ"فرويد" وهو يهودي حتى النخاع: "عقدة اليهود الأزلية هي الحضارة المصرية".

 

كم ذا يُكابد عاشق ويلاقي 

في حب مصر كثيرة العشاقِ


إذا أردت أن تعيش بعد الموت فلتسكن قلوب المصريين.. فكاتب التاريخ وإن رطن اللغات جميعها إلا أن أصله مصري.. مصر الوطن وإن تأزمت وعانت وعاندتها حينًا السنوات.. وإن أحاطها اليأس تبقى الأمل.

في قلوب كل العرب ومنهم "آل شيخ" صورا لذكريات بها، برغبة محب يريد استعادتها، واستعادة سنوات عاشها.. ضحكات وشموخ وصداقات وأنس وونس.. 

فكم تدفع أنت لتُعيد لحظة من صباك!.. لتُعيد للحياة إحدى الحكايات التي مضت!.. لتسمع أغنية بنفس الشعور الذي سمعته بها أول مرة.. لتستعيد براءة البدء وأولويات العسل!.

لا تلومنا عاشقا لعشقه.. فمصر لمن عشقها وعرف قدرها تظل ذكرًا لا ينقطع.. وحلمًا يؤرق المضاجع من فرط عذابات عشقها والشوق إليها.. فمن ذا الذي لا يعشق أرض الله وشعبها وجنودها!. 


ومن ذا يكره أن يخرج من بين جناباتها رسل إلى كل مكان ينشروا علمها وفنها وثقافتها..! فلا تخافوا تماهيها.. فمصر من تضع صكها وتطبع ختمها وشامة حسنها ولكم من أمم جاءت بكل اللغات وخرجت تنطق بحرفها.. 
فأحبها أنت فقط كما يجب أن تُحبها.. كما تستحق أن تحبها.. وأترك غيرك يحبها كيف يشاء..  فتلك مذاهب في حب الآلهة.

 




  

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: مصر تامر أفندي يكتب العرب القرآن السد مصر التی من مصر

إقرأ أيضاً:

ترامب يريد 50% من ملكية تيك توك للولايات المتحدة

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب يوم الأحد لأنصاره إنه يريد أن يكون تطبيق تيك توك، الذي تملكه شركة صينية، مملوكاً بنسبة 50% على الأقل من قبل مستثمرين أميركيين.

وفي عشية تنصيبه، قال ترامب في تجمع في واشنطن إنه سيسمح للتطبيق بالاستمرار في العمل في الولايات المتحدة،"لكن ليكون للولايات المتحدة الأميركية ملكية 50% من تيك توك".

وقال ترامب:"أنا أوافق نيابة عن الولايات المتحدة، ليكون لديهم شريك، الولايات المتحدة، وسيكون لديهم الكثير من العطاءات وسنفعل ما نسميه مشروعاً مشتركاً".

أخبار ذات صلة ترامب يعتزم زيارة المنطقة المنكوبة في لوس أنجلوس بايدن يقضي يومه الأخير في ساوث كارولينا

وكان قد تم حظر وصول التطبيق الشهير إلى المستخدمين في الولايات المتحدة لمدة 12 ساعة تقريباً يوم الأحد.

وعاد التطبيق للعمل بعد أن أعلن ترامب، الذي من المقرر أن يتولى منصبه اليوم الاثنين، أنه سيصدر أمراً تنفيذيا لإعادة تفعيل المنصة في الولايات المتحدة.

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • عيدروس الزبيدي: "ترامب وصل ويعرف ماذا يريد" لكبح جماح الحوثيين في اليمن
  • عطوان :ماذا يعني تجاهل “أبو عبيدة” جميع القادة العرب باستثناء اليمن؟
  • موجة غضب حمراء.. ماذا يريد الأهلاوية من إدارة الخطيب ؟
  • يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟
  • يتسلمها ترامب خلال ساعات.. ماذا نعرف عن الحقيبة النووية التي لا تفارق الرئيس الأمريكي؟.. عاجل
  • ماذا يريد ترامب أن يفعل بالعالم؟
  • وزيرة التضامن: كبار السن هم الجذور الراسخة التي تمدنا بالحكمة
  • ترامب يريد 50% من ملكية تيك توك للولايات المتحدة
  • داعشي في باب توما: ماذا يريد ؟
  • نتنياهو يهدد بعدم وقف إطلاق النار.. ماذا يريد من حماس؟