سودانايل:
2024-09-28@05:00:47 GMT

معطيات ومعادلات وتسآؤلات

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

معطيات ومعادلات وتسآؤلات

فيصل بسمة

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و لقد مارست جماعة الإخوان المتأسلمين (الكيزان) الفساد السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي ردحاً من الزمان و ذلك على خلفية/مرجعية الدجل و الضلال الديني ، لكن يمكن بداية التوثيق لفساد الجماعة المنظم/الممنهج منذ فجر يوم الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية تأريخ إستيلآء الجماعة على السلطة بواسطة المكر و الخداع السياسي و قوة السلاح.

..
و فور إستيلآءها على السلطة شرعت الجماعة في ممارسة القتل و الإعتقالات و القمع المفرط و التعذيب و الإرهاب لفرض مشروع و نظام حكمٍ عقآئدي باطل يرتكز إلى فكرٍ ظلامي ضآل يُوَظَّفُ و يستغل الدين سياسياً و إقتصادياً و إجتماعياً لخدمة طموحات و أطماع أفراد الجماعة الذاتية في السلطة و الثرآء و النفوذ...
و من أجل إطالة/إستدامة البقآء على سدة الحكم و الحفاظ على النفوذ في جميع مؤسسات الدولة السودانية و التمكن السياسي و الإقتصادي و الإعلامي و الإجتماعي و كذلك إضعاف الخصوم و المعارضين لجأت الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) إلى تكتيكات و أساليب باطشة و فاسدة و ملتوية و غير معهودة في السياسة و الإقتصاد و الإجتماع و إدارة الأزمات ، فكان:
- ”المشروع الحضاري“ و التأصيل و التمكين و الخلط و الإرباك المتعمد لمفاهيم: الجماعة و الحزب و النظام و الدولة و السلطة و الحكم و الوطن و الجهاد
- تحويل جميع مرافق و مؤسسات الدولة السودانية إلى منظومات خآصة تتبع لتنظيم الجماعة و تدار بواسطة أفراد من الجماعة تمارسُ الفساد و الإفساد و التدمير الممنهج بإسم الدين و تحت غطآء الطاعة و الولآء للتنظيم
- تأسيس دولة بوليسية غاب عنها العدل و تفشي فيها الظلم و ساد فيها التطرف الديني
- القمع و الكبت و الظلم و الحروب الأهلية و الإبادات الجماعية و إنفصال الجنوب
- إنتشار الجهل و الفقر و المرض
- إشغال/إلهآء الشعوب السودانية بالغلآء و كسب لقمة العيش
- الإنحطاط و التدني المريع في القيم و الأخلاق حتى شاعت الفاحشة
- الموجات الغير مسبوقة من النزوح و اللجوء و الإغتراب و الهجرة
و نتيجة لذلك أصاب الشعوب السودانية اليأس ، و دخلت في مرحلة سبات عميق و خمول فقدت خلالها ، مؤقتاً ، القدرة/المقدرة على الخلق و الإبداع و الثورة و قول الحق و رفض الظلم و الفساد...
و بعد عقود من الزمان و لما طغى الظلم و تفاقم الفساد وعت/لمست الجماهير السودانية ضعف النظام الكيزاني فكانت إنتفاضة الشعوب السودانية في ديسمبر ٢٠١٨ ميلادية ، ثم كان الفشل/الإخفاق أو ربما عدم التوفيق من قبل عناصر الثورة و قوي الحرية و التغيير (قحت) و عجزهم عن تفعيل/إستثمار الزخم الثوري و توظيفه في حماية الثورة و الحفاظ على مكتسباتها و في ذات الوقت تفكيك أركان نظام إنقلاب الثلاثين (٣٠) من يونيو ١٩٨٩ ميلادية ، و مما ساعد على ذلك مكآئد الجماعة المتغلغلة في جميع مفاصل الدولة و إجتهادها في إعاقة مسيرة الثورة...
ثم كانت مرحلة قمع الثوار و هيمنة العناصر الكيزانية في اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة بمعاونة مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) و إنفرادهم بالسلطة تحت مسميات و لافتات متغيرة: المجلس العسكري الإنتقالي فمجلس السيادة الإنتقالي فالإنقلابات العسكرية المتعددة لدواعي أمنية فإشعال الحرب الحالية و إحداث الفوضى و سقوط/إنهيار الدولة السودانية و إقامة دولة مجلس الحرب المتحالفة مع أعدآء الأمس من أمرآء/مرتزقة الحروب الأهلية و الإنتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة في مدينة بورتسودان حيث تَوَاصَلَ الفساد الإداري و الإقتصادي و التخبط السياسي ، و في هذه الأثنآء عادت عدة عناصر و رموز كيزانية كانت غآئبة/مختبئة/فارة إلى المشهد السياسي من جديد و لكن في أطر و مسميات جديدة و شرعت تدير أمور: ”الحكم“ و الإقتصاد و الحرب و الإعلام على طريقة مسرح العرآئس...
و معلومٌ أن مليشيات الجَنجَوِيد هي إحدى إفرازات الجماعة الكيزانية ، و معلومٌ تأريخ محمد حمدان دَقَلُو (حِمِيدتِي) منذ تجارة الأبل و الهَمبَتَة (قطع الطريق) مروراً بمليشيات الجَنجَوِيد و الإبادات بالوكالة و عن طريق سلاح حرس الحدود فمرحلة (حمايتي) و قوات الدعم السريع التي عُدِّلَت و قُنِنَت صلاحياتها لتشمل القتل و القمع و الإرهاب في جميع أرجآء جمهورية السودان و كذلك الإرتزاق في اليمن و شبه الجزيرة الأعرابية مقرونة مع المرحلة (الإقتصادية العالمية) و الإشتغال بالتعدين و التجارة و التعاون مع الإتحاد الأوروبي في مشروع مكافحة الإرهاب العابر للقارات و التهريب و الإتجار في البشر ثم المرحلة (السيادية الربانية) و التوسع في النشاط التجاري و شركات الجنيد و أخواتها ثم مرحلة التمدد العسكري و طموحات حميدتي (الرئاسية الربانية) و تحالفاته مع جماعات: الطرق الصوفية و الإدارات الأهلية و الحركات المتمردة و الأحزاب و النقابات و منظمات المجتمع المدني و الأندية الرياضية و الثقافية فمرحلة (التمرد) على السلطة المركزية و التورط في الحرب الدآئرة الآن...
و اشتدت ضرواة الحرب و اتسعت رقعتها لكن أكثر الحروب ضراوةً كانت تلك المستعرة في وسآئل الإعلام و الوسآئط الإجتماعية و أسافير الشبكة العنكبوتية ، و كانت أعلى الأصوات تلك الكيزانية التي تهدف و تسعى إلى إستدامة الحرب و إخماد نيران الثورة السودانية و إلى تخوين قوى الثورة الرافضة للحرب و وصفها بالحاضنة السياسية لمليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع)!!!...
و ما زال الكيزان و قوى و جهات و دول يجتهدون كثيراً في خلط الأوراق و خطف و تمييع المواقف و إستغفال الجماهير و تضليلها عن طريق إشاعة الفوضى و الكذب و التلفيق الإعلامي بغرض تعقيد المسألة/الأزمة السودانية حتى تستمر الحرب...
و قد راهنت جميع الأطراف الوالغة في الشأن السوداني و استثمرت كثيراً في إستمرار مسلسل القتل و التخريب و الدمار و الترويع و التشريد و النزوح و تخريب/إقاعة النشاط الزراعي و الإقتصادي عن طريق التدخل المباشر أو عن طريق الوكالة حفاظاً على المصالح الذاتية و المعادلات الإستراتيجية المحلية و الإقليمية و الدولية ، و لكن تبقى المعطيات و المعادلات الأساسية هي أن طرفي الحرب:
- القوات المسلحة (الكتآئب الكيزانية) = إستغلال الدين/التمكين و الفساد و الإفساد/توظيف القبآئل و الإدارات الأهلية في السياسة و الصراعات/الحروب الأهلية و الإبادات الجماعية و الخراب و النزوح الجماعي/الفوضى و إنهيار الدولة السودانية
- مليشيات الجَنجَوِيد (الدعم السريع) = القمع/الإرهاب/النهب و الفساد و الإفساد/إستغلال الدين/توظيف القبآئل و الإدارات الأهلية في السياسة و الصراعات/الإرتزاق و التمرد و الحروب و المجازر الجماعية و الخراب و النزوح الجماعي/الفوضى و تدمير الدولة السودانية
و أما الإستخلاص و النتيجة فواحدة:
الكتآئب الكيزانية = مليشيات الجَنجَوِيد
و الشاهد هو أن الطرفين يشتركان في الكثير من الصفات و الممارسات و ينغمسان/يتورطان في صراع مدمر حول السلطة و يكادا يتطابقان و لكن مع مراعاة الفروق في طرق التفكير و الوسآئل مع إدخال بعض من التعديلات الطفيفة هنا و هناك...
و هكذا تستمر الحرب و الدمار و الفوضى و الخاسر الأكبر هي جماهير الشعوب السودانية التي تعرضت و ما زالت تتعرض للقتل و الإنتهاكات و الدمار و النهب و السلب و الفرار و النزوح و اللجوء و الذل و الكثير من المعاناة و التي تنامى فيها و استوطن: اليأسُ و القنوطُ و الإكتئابُ و النعراتُ القبليةُ و الجهويةُ و الدعواتُ العنصرية...
و من بين ساحات المعارك و الأنقاض و جبال المعاناة تصاعدت التسآؤلات من قبل القتلة و الضحايا من أهل المركز و ”الهامش“:
- ما مسببات الأزمة السودانية؟
- لماذا سكت السودانيون طويلاً عن مواجهة/مقاومة الظلم و محاربة الفساد؟
- ما الذي يقود الأفراد و الجماعات إلى ممارسة الظلم و الفساد؟
- من المسئول عن حماية الثورة و الوطن و المواطن؟
- ما فآئدة الإنتمآء إلى منظومات/منظمات محلية و إقليمية و دولية غير ذات جدوى؟
- ما هي وظيفة الجيوش و بقية الأجهزة الأمنية؟
- لماذا فشلت الدولة السودانية و انهارت؟
- متى تتوقف الحرب و تنتهي المعاناة؟
- ما مصير جمهورية السودان؟
- ما الفآئدة في الإبقآء على هيئة الدولة السودانية التي إستقلت عن المستعمر (المحتل) البريطاني في سنة ١٩٥٦ ميلادية؟
- ما الذي يمنع قيام نظام حكم جديد يقوم على العدالة و المساواة؟
- ما الضيرُ في أن تطالب بعض من أو كل الشعوب السودانية ، القاطنة فيما تبقى من رقعة جمهورية السودان ، بحق تقرير المصير و إقامة دولها المستقلة؟
- ما هي تداعيات زوال جمهورية السودان؟
- و كيف يكون الحل؟
و سوف تأتي الإجابات العديدة عن: أسباب الفشل و الإنهيار و إستبداد الظالمين و إنتشار الفساد و سوف تُلقَىَٰ المسئوليةُ و اللومُ على هذه الأفراد و الجماعات و الفرق أو ذلك الحزب و التنظيم و الحركة أو تلك القوى و الجهات و الدوآئر و الوكالات و الدول ، و لكن و مهما كانت الأجابات فإن المسئولية تنتهي عند الفرد/المواطن السوداني الذي كان يجب عليه الحفاظ على مصالحه و رفض الظلم و محاربة الفساد و الوقوف إلى جانب الحق و الصدح به و الدفاع عنه مهما كلف الأمر...
و أما الظلم و الفساد فباقيان ما دامت السموات و الأرض ، و لكن ما كان الظلم و الفساد و ما استداما إلا بسبب الإستسلام و الخنوع و غض الطرف بهدف السلامة و المحافظة على المكاسب الشخصية ، و ما كان الظلم و الفساد ليكونا لو أن الأفراد/المواطنين وقفوا صفاً واحداً إلى جانب الحق رافضين لهما و مدافعين عن مصالحهم و مصرين/عازمين على تحقيق العدل حتى لو كان ذلك يعني تقديم التضحيات الجسام...
و قد أخبرت التجارب في بلاد السودان ، و بقاع أخرى من العالم ، أنه متى ما وثقت الجماهير في قوتها و مقدراتها على مقاومة الظلم و رفض الفساد و سعت إلى إحقاق العدالة و متى وعت أن الظلم و الفساد زاهقان تكون الثورات/الإنتفاضات و الإنتصارات...
إن فعالية المنظمات و الحكومات و مدى إستجابتها للمطالب و السعي إلى تحقيقها تعتمد على فعالية و مقدرة الأعضآء المشاركين/الجماهير على التخطيط و عرض الأفكار و تقديم الحجج و صياغة المطالب ، بل و إيجاد مقترحات الحلول العملية القابلة للتسويق و التطبيق...
و لن تحمي الجيوش و المنظومات الأمنية الأفراد و الأوطان و لن تكون هنالك أوطان حرة مستقلة في غياب القانون و الوعي الجماهيري الرافض للظلم و الفساد و الساعي إلى إقامة دولة القانون و المؤسسات التي تُفَعِّلُ أدوات تنفيذ العدالة مع ملاحظة أن كل ذلك و في نهاية الأمر هو مسئولية مؤسسات يقودها و يديرها أفراد...
و يظل مبدأ الإختيار و المشيئة قآئماً و أساسياً ، و لا دوام أو مجال للإكراه في الإعتقاد أو الإنتمآء أو الممارسة ، و تظل الحرية و الشورى و الحوار و قبول و إحترام الرأي الآخر و سيادة القانون و إنفاذ العدالة من المباديء الأساسية لقيام المجتمعات/الدول الآمنة المستقرة ، و معلومٌ أن المجتمعات قوامها الأفراد ، مما يعني أن محصلة و خلاصة ما دار أعلاه هي أن:
الحل = الفرد المسئول
و الأملُ أن ينجلي الكابوس العظيم الجاثم على أحلام الشعوب السودانية ، و أن تشتعل جذوة الثورة السودانية من جديد ، و لكن الواقع هو أن الحرب سوف تتواصل ردحاً من الزمان ، و سوف تزهق العديد من الأرواح و يحدث المزيد من الدمار ، و لكن في نهاية الأمر سوف ترهق تبعات الحرب و القتال الطرفين الباغيين و سوف يصيبهما النصب و العنت و الخيبة ، و سوف يعدمان نُفَاخ النار ، و سوف يصيب الفتور الكفلآء الداعمين فيكفون عن الدعم و السند و توفير الغطآء الدولي ، و لن يكون هنالك منتصر ، و لن ينحاز أي من الطرفين إلى خيار الحكم المدني ، و لن تكون هنالك تدخلات دولية/أممية و حتى إن حدثت فسوف يصيبها الفشل ، و على السودانيين الإقتناع بأن العالم ليس بأحرص على مستقبل بلادهم منهم ، و أن بنآء الوطن هو مسئوليتهم المباشرة و يجب أن يتم بالعون الذاتي ، و أن عملية البنآء تتخللها التضحيات و تتطلب الصبر...
و العشم أن يكون السودانيون قد وعوا الدرس جيداً و وثقوا في قوتهم و مقدراتهم الذاتية و أن بإمكانهم هزيمة الظلم و الباطل و الإنتصار على الباغين و المفسدين ، و أنه متى تحقق الإنتصار فسوف تكون دولة المؤسسات و القانون التي ترسخ العدل و تحاسب و تعاقب المسيئين ، و حينها فقط يمكن أن يبدأ التأريخُ لميلاد الدولة السودانية الجديدة...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدولة السودانیة الشعوب السودانیة جمهوریة السودان الدعم السریع عن طریق التی ت

إقرأ أيضاً:

نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

الأمين العام للأمم المتحدة السادة أصحاب الفخامة الملوك والرؤساء ورؤساء الحكومات السيدات والسادة الحضور جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخاطبكم اليوم بإسم شعب وحكومة السودان وبدءاً يسعدني أن أهنئي السيد رئيس الدورة الحالية وفريقه متمنياً لهم التوفيق في ظل تزايد مهددات الأمن والسلم الدوليين هذه المهددات التي وضعت منظمتنا على المحك وتضررت مبادئ الحرية والسلام والعدالة وأُنتهك القانون الدولي . إذ أن السودان يُؤمن ويدعم دور الأمم المتحدة ويدعم المبادرات الراعية لإصلاح وتطوير عمل أجهزتها وخاصة مجلس الأمن لترسيخ التُعددية والأمن الجماعي وصيانة حقوق الإنسان ومواجهة تحديات التغير المناخي والإرهاب المحفز عرقياً وأيدولوجياً .الحضــور الســـادة والسيــــدات يرحب السودان بموضوع الدورة (الوحدة في التنوع لتعزيز السلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية ) كما يرحب بالأولويات التي حملتها رؤية رئيس الدورة الحالية . أيضاً يُؤمن على ضرورة تنفيذ مخرجات قمة المستقبل خاصة ما يلي إصلاح الأمم المتحدة ومجلس الأمن ليتمكن من وضع حد للأزمات وإستمرارها مما يهدد السلام الدولي والتوافق بين الأمم والشعوب. الحضــــور الكريــــــم إن تنامي التصرفات الإنفرادية خارج نطاق الأمم المتحدة بما يتنافى مع الميثاق والقانون الدولي وإستخدام وسائل وآليات الإكراه السياسي والإقتصادي لتحقيق أهداف سياسية تساهم بشكل رئيسي في زعزعة الإستقرار الأمني والسياسي والإقتصادي وإشعال الحروب كما أن الإنتقائية وإزدواجية المعايير باتت السمة الغالبة في العلاقات الدولية .السيــــــد الرئيــــــــس لعلكم تدركون حجم التحديات والتآمر الذي يتعرض له بلدي السودان جراء حرب شنتها مجموعة تمردت على الدولة بدعم سياسي ولوجستي محلي وإقليمي وتابعتم حجم الجرائم والفظائع والإنتهاكات التي إرتكبتها تلك المجموعة المتمردة ضد الشعب السوداني وكيان الدولة السودانية حيث بدأت هذه الحرب بمحاولة للإستيلاء على السلطة بقوة السلاح وسرعان ما تغيرت إلى حرب شاملة ضد الشعب السوداني ودولته وأستحقت من خلال ما رصد لها من جرائم تطهير عرقي وتهجير قسري وإبادة جماعيه إرتكبتها مليشيا الدعم السريع أن تُصنف كجماعة إرهابية فهي تمارس جميع هذه الجرائم بإستمرار وبكل أسف تجد الدعم والمساندة من دول في الإقليم تمدهم بالمال والمرتزقه لتحقيق مكاسب سياسية وإقتصادية في تحدي صارخ للقانون والإرادة الدولية . إن جرائم هذه المجموعة الإرهابية طالت حتى مقار البعثات الدبلوماسية والمنظمات ومنقولاتها حتى الأمم المتحدة لم تسلم مقارها ومنقولاتها وظلت هذه المجموعة الإرهابية المملوكة لآل دقلو تتحدى القوانين والإلتزمات الدولية دون الإكتراث من العواقب و ما رفضهم لمقررات إعلان جدة ورفضهم لقرارات مجلس الأمن بحظر توريد السلاح إلى دارفور وإستمرارهم في التطهير العرقي في دارفور وآخر تحدي لهذه القرارات واضح في عدم الإمتثال للقرار الخاص بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور . السيــد الرئيـــس أنا أتساءل هنا لماذا لم تتخذ المنظومة الدولية إجراءً حاسماً ورادعاً حيال هذه المجموعة ومن يقف خلفها رغم كل ما ذكرت وشاهد العالم من إرتكاب لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ورفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والمنظمات الإقليمية هذا الأمر يعزز ما ذكرته من ضرورة إصلاح مجلس الأمن حتى لا تصبح إزدواجية المعايير والإفلات من العقاب والمساءلة سمة من سمات هذه المنظمة .الســـادة والسيـــــدات هذا العدوان المدمر الذي تقوده مليشيا الدعم السريع مسنودة بدول في إقليمنا وفرت لهم الدعم المالي وسهلت لهم تجنيد وترحيل المرتزقة والسلاح مماتسبب في قتل عشرات الألاف وتهجير ملايين السودانيين من مواطنهم حيث أنهم يهربون من كل مكان تذهب إليه هذه المجموعات الإجرامية ويلجأون إلى مناطق الحكومة وأماكن سيطرة القوات المسلحة حيث يعيش ملايين السودانيين الأن في أمان ، إن إستمرار الهجمات الممنهجة التي تقوم بها هذه المليشيا يزيد يومياً من معاناه مواطنينا في كل مكان لذلك سعينا مبكراً لإيجاد الحلول حيث كان إعلان جدة في مايو 2023م كافي لوقف الحرب وعودة الحياة لكن القوى السياسية والإقليمية الداعمة لهذه الحرب كانت ترى غير ذلك وأدى ذلك إلى الوضع الذي نعيشه اليوم وفي سبيل تخفيف ورفع المعاناة عن المواطنين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية فتحنا حدودنا ومطاراتنا وأزلنا كل القيود والإجراءات التي يمكن أن تُعطل دخول المساعدات إلى المحتاجين . السيــد الرئيــس الحضــور الكـــرام إن حكومة السودان ماضية بعزم في سياستها لتسهيل العمل الإنساني وحماية القوافل والطواقم الإنسانية والطبية وتؤكد إلتزامها التام بالقانون الدولي الإنساني وإجراءات حماية المدنيين الذي تقع على عاتقنا مسئولية حمايتهم حيث يتعرض النساء والأطفال في مناطق سيطرة المليشيا لكل أنواع الإنتهاكات ووصل الأمر أحياناً إلى بيعهم في الأسواق .إن الأزمة الإنسانية التي يعيشها جزء كبير من شعبنا الأن بسبب عدوان مليشيا دقلو تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي والمنظمات والإيفاء بالإلتزامات الدولية المعلنة في تقديم العون المطلوب واللازم لملايين الفارين والنازحين واللاجئين ومن جانبنا فعلنا وسنفعل كل ما من شأنه إيصال المساعدات إلى المحتاجين وفي هذا المقام لا بد أن نشكر كل دول الجوار التي إستقبلت الفارين واللاجئين والدول والمنظمات التي قدمت المساعدة للشعب السوداني وأذكر منها الأشقاء في مصر وقطر وتركيا وأرتريا والكويت وجنوب السودان وأخص بالشكر من المنظمات مركز الملك سلمان واليونسيف وبرنامج الغذاء العالمي .السيــد الرئيــس الحضـــور الكريـــم إننا أمام تحدي كبير وهذه المنظمة الأممية يجب أن تضطلع بمسئولياتها في حماية الدول النامية من أطماع الدول التي ما زالت تعتقد أنها ستتحكم في مقدرات الشعوب بما تملكه من قوة أو مال نقول لهم إن الشعوب إرادتها أقوى من كل ذلك وستنتصر إرادتها . إن كثير من الأزمات ومن ضمنها ما نعيشه اليوم في بلدي أسبابها ما ذكرت في مقدمة خطابي من إزدواجية المعايير والإكراه السياسي والإبتزاز الإقتصادي وعجزنا كمنظومة منوط بها حفظ الأمن والسلم الدوليين من ردع من يتحدى الإرادة الأممية .السيـــد الرئيـــس إن سوق المبادرات وتجيير وتوجيه مقترحات الحلول لخدمة جهات معينة أو لتلبية مصالح دول أصبحت هذه الأساليب غير مقبولة وليست ذات جدوى في دولنا النامية التي تكثر فيها النزاعات المفتعلة فالمكلية الوطنية للحلول هي الطريق الأمثل للمعجالة . إننا في السودان سعينا منذ بداية العدوان على الدولة في سبل وقف الحرب وإنهائها لتجنيب البلاد الدمار الذي تتعرض بسبب إعتداءات مليشيا دقلو أخوان على الشعب والبلاد لذلك إنخرطنا في كثير من المبادرات البناءة وما زال يحدونا أمل في مساعدتنا على إيقاف هذه الحرب بما يضمن كرامة الشعب وسيادة الدولة وعدم العودة مرة أخرى للحرب مع وجوب المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لذلك فإن خارطة إنهاء الحرب في السودان واضحة المعالم. فأولاً يجب أن تنتهي العمليات القتالية ولن يتم ذلك إلا بإنسحاب المليشيا المتمردة من المناطق التي إحتلتها وشّردت أهلها وتجميعهم في مناطق محددة وتجريدهم من السلاح ليتمكن المواطنين من العودة إلى مناطقهم حيث يسهل وصول المساعدات إليهم وتفتح الطرق والمطارات وتعمل وسائل الإنتاج . ثانياً يعقب ذلك عملية سياسية شاملة تعيد مسار الإنتقال السياسي الديمقراطي ووضع الحلول المستدامة بملكية وطنية تمنع تكرار الحروب والإنقلابات العسكرية .السيــد الرئيــس الحضــور الكـــرام هنا أؤكد أن القوات المسلحة السودانية وهي من أقدم مؤسسات الدولة وتعمل بمهنية تامة دون الإرتهان لأي كيان سياسي ملتزمة تماماً بعملية التحول الديمقراطي وحق الشعب السوداني في إختيار من يحكمه لذلك هي حريصة على الوفاء بإلتزامها الأول الذي ضربته بعد ثورة ديسمبر المجيدة في 2019م في تسليمها للسلطة لأي حكومة توافقية أو منتخبة ولن تسمح بعودة النظام السابق الذي رفضه الشعب إلى سدة الحكم وتؤكد إلتزامها بالمساهمة الإيجابية في تسهيل عملية الإنتقال إلى الحكم المدني ، كما نُجدد إلتزام الحكومة بالبحث عن السلام مع كل المجموعات التي لا زالت تحمل السلاح مع إلتزامنا بإكمال إتفاق سلام جوبا الموقع في 2020م. وفي ظل هذه الحرب ظلت القوات المسلحة ملتزمة بالقانون الدولي والإنساني وإتفاقيات وبروتوكلات جنيف وبذل أقصى الجهود لحماية المدنيين وتسهيل المساعدة في إيصال العون الإنساني لمختلف مناطق السودان وأقول لكم السيد الرئيس إننا في حكومة السودان مستعدون للإنخراط في أي مبادرة تنهي هذه الحرب متى ما كانت هذه المبادرة تدعم الملكية الوطنية للحل وتنهي إحتلال المليشيا المتمردة للمناطق المختلفة و بما يضمن كرامة الشعب وسيادة الدولة على أراضيها كخطوة أولى و ضرورية لإستعادة المسار الديمقراطي ولن يكون مقبولاً لحكومة وشعب السودان مشاركة أي دولة أو منظمة دعمت الحرب أو شاركت في قتل السودانيين وتشريدهم سواءً بالإمداد بالسلاح أو تسهيل عبوره أو قدمت الدعم السياسي أو أي من أنواع الدعم في ما يلي العدوان على الدولة السودانية وشعبها وهنا أؤكد أننا ماضون في هزيمة ودحر هؤلاء المعتدون مهما وجدوا من دعم ومساندة . السيد الرئيس لزاماً أن نشكر الدول والمنظمات والمجموعات الحقوقية أو الطوعية التي وصفت ما يجري في السودان وصفاً صحيحاً وأُحي وأشُيد بمخرجات قمة المنامة وقمة البحيرات برواندا وإجتماع منظمة التعاون الإسلامي بياوندي حيث جميعها وصفت ما يجري بأنه تمرد من مليشيا على الدولة السودانية وأننا يا سيادة الرئيس نريد من هذه المنظمة الأممية حتى نكبح جماح الجماعات المسلحة ونردع أي محاولة في المستقبل يمكن أن تحدث في دول أخرى يجب علينا أن نُوصف تمرد مليشيا الدعم السريع وصفاً حقيقياً بأنها قوة مسلحة تمردت على الدولة وأرتكبت جرائم ترقى لتصنيفها كجماعة إرهابية وهذا من واجب هذه المنظمة. السيـــد الرئيـــــس قبل أن أختم حديثي نؤكد في حكومة السودان موقفنا الثابت تجاه القضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ضمن حدود ال (67) والإنهاء الفوري للعدوان على غزة ونوصي بقبول عضوية فلسطين الكاملة في هذه المنظمة . ختاماً أجدد شكر شعب وحكومة السودان لكل من وقف إلى جانبه في هذه المحنة التي يتعرض لها فما زال الإحتياج لإستمرار المساعدات وتقديم الدعم لملايين المحتاجين مطلوب ولك الشكر والتقدير السيد الرئيس والحضور الكرام . وأقــول بأن إرادة الشعـب السودانــي ستنتصـروالسلام عليكم ورحمة الله.سوناإنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • وحدة الساحات السودانية وخطاب البرهان
  • معاريف: إسرائيل تنهار.. عندما يفشل كل شيء نحتاج إلى قيادة جديدة
  • محمد وداعة: ام .. المعارك
  • البرهان: مستعدون للانخراط في أي مبادرة تنهي الحرب
  • نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • ازدواجية القوى السياسية ومعارضتها لبناء الدولة.. الحكومة بين فكي الولاءات المفرطة
  • ازدواجية القوى السياسية ومعارضتها لبناء الدولة.. الحكومة بين فكي الولاءات المفرطة- عاجل
  • ازدواجية القوى السياسية ومعارضتها دون بناء الدولة.. الحكومة بين فكي الولاءات المفرطة- عاجل
  • ورقني قبيهو: نحن بحاجة إلى نهج موحد بشأن الأزمة السودانية
  • أسامة سعد: لا معطيات حتى الآن لنشوب حرب واسعة