جعفر خضر
هاجم كثيرون الأديب الكبير الأستاذ عبد العزيز بركة ساكن بخصوص منشوره، على الفيسبوك، الذي حمل فيه الجنجويد وقوى الحرية والتغيير (قحت) مسؤولية الدماء الكثيرة التي سالت في هذه الحرب.
ان بركة ساكن من أكثر الكتاب الذين اخلصوا للكتابة الإبداعية، لذلك هو من اغزرهم انتاجا. وقد ترجمت رواياته للكثير من لغات العالم، فأصبح وجها مشرقا لوطننا السودان.
للأسف فقد خلط البعض بين الأعمال الإبداعية لبركة ساكن وبين موقفه السياسي. وافقدوا الأعمال الأدبية قيمتها، بمجرد ان اتخذ الكاتب موقفا سياسيا مغايرا لهم. ولعمري فإن هذا سلوك صبياني ينم عن جهل.
ويفترض بعض آخر أن ليس من حق الاديب ان يكون له راي في قضايا وطنه المصيرية، وهذه مصادرة لحرية الكاتب، لا يمكن تبريرها. إن الكتابة، وخصوصا الابداعية، لا ينتجها إلا الأحرار.
إن الذين يمكن مناقشتهم في هذا السجال، هم الذين يختلفون مع بركة في رأيه، دون ان يقيّموا الأدب على أساس موقف الكاتب السياسي، ودون ان يصادروا حريته في التعبير.
لا اظن ان هنالك عنزتين تختلفان في مسؤولية مليشيا الجنجويد عن الدماء التي سالت في حرب ابريل 2023 والمستمرة حتى الآن.
إن الذين يستنكرون على بركة عدم ذكر الكيزان في منشوره - يتناسون ان مليشيا الجنجويد كيزانية بحتة، صنعها الكيزان ويقودها الآن الكيزان. وانهم بتناسي نسب الجنجويد للكيزان، انما يقدمون لهم خدمة كبرى، بتبرئتهم من هذا الشيطان الرجيم الذي صنعوه بايديهم.
أما الذين يستنكرون تحميل قحت المسؤولية فلهم حق الاختلاف، ولكن يجب ألا يجرموا رأي بركة.
فإذا افترضنا أننا متفقون على ان الجنجويد يتحملون المسؤولية الكبرى عن إراقة هذه الدماء، فإن انحياز قحت للجنجويد يدخلها في دائره المسؤولية. وإن القول بانحياز قحت (تقدم) للجنجويد، لم يقله بعض المختلفين مع قحت فحسب، وإنما قاله أيضا حزب الأمة أكبر احزاب تحالف قحت وتقدم. وظهر هذا الانحياز في إفادات بعض قيادات تقدم التي أدلوا بها للإعلام.
ومن ناحية أخرى فإن البعض يحملنا نحن الذين ندعوا للمقاومة المسلحة لصد الجنجويد وحماية المدنيين - يحملنا مسؤولية إراقة الدماء. ويقولون كان من الافضل أن تنصحوا أهل القرى والمدن بألا يقاوموا الجنجويد حتى يحافظوا على دمائهم، وليتركوا لهم أموالهم وممتلكاتهم (وربما اعراضهم). والأعوج راي والعديل راي.
إن عبد العزيز لم يطلق الكلام على عواهنه، وإنما استند رأيه على حيثيات.
gafar.khidir70@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: برکة ساکن
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر: الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية
عقد الجامع الأزهر الشريف، حلقة جديدة من ملتقى «الأزهر للقضايا المعاصرة» تحت عنوان «الإسلام وعصمة الدماء»، وذلك بحضور الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، والدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين بالقاهرة، والدكتور هاني عودة مدير عام الجامع الأزهر.
داود: الله حفظ للإنسان حقه في الحياةأكد الدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر، أننا نعيش اليوم في زمن تكثر فيه فوضى الدماء التي تسيل وتستباح في أنحاء متفرقة من العالم، حيث اعتاد الناس على رؤية هذه الدماء، وأصبح القتل مألوفًا بسبب كثرة الحوادث والجرائم التي تُرتكب، حتى فقدت الدماء حرمتها، رغم أن الله سبحانه وتعالى حرمها وحظر قتل النفس إلا بالحق، كما حفظ للإنسان حقه في الحياة منذ أن كان جنينًا، ومنع قتله ما دامت الروح فيه.
إزهاق الأرواح تحت مظلة الحربوتابع رئيس الجامعة، أنه في العصور الجاهلية كان الناس يئدون البنات خوفا من العار والفقر، والآن ومع تقدم الحضارة، نجد أن بعض المجتمعات عادت إلى تلك الممارسات الجاهلية، فالأرواح التي تُزهق ويُحصد الآلاف منها تحت مظلة الحرب في البلدان العربية، وكذلك في دول أجنبية، وتثير تساؤلات مؤلمة، ما الذنب الذي ارتكبته تلك النفوس، ولماذا يُقتل أكثر من 10 آلاف طفل لم تتجاوز أعمارهم العشر سنوات، إن الاستهانة بالدماء هي التي شجعت العالم على ارتكاب هذه الجرائم.
الإسلام وضع ميثاقا غليظا لحماية حقوق الإنسانوأكد رئيس جامعة الأزهر، أن الرسالات السماوية جاءت لتصون النفس البشرية وتعصم حرمتها ولما جاء الإسلام، وضع ميثاقا غليظا لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الطفل قبل وبعد ولادته، محذرًا من قتل الأطفال خوفًا من الفقر، كما جاء في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلَاقٍ}، كما نهى الإسلام عن أي تصرف يُمكن أن يؤدي إلى القتل، حتى لو كان على سبيل المزاح، حيث قال النبي: «من حمل علينا السلاح فليس منا»، لكننا نشهد اليوم استخدام السلاح بلا مبرر، ما يسبب الرعب والتهديد للآمنين.
الأمن والسلاموتابع: عندما نتأمل القرآن الكريم، نجد أن آياته تدعو إلى الأمن والسلام، حيث قال تعالى في أول سورة في كتابه العزيز: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} وفي آخر جزء من القرآن، أكد على أهمية الأمن بقوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، فقد كان القرآن الكريم دعامة للأمان في حياة الإنسان من بدايتها إلى نهايتها، حرصًا على استقرار المجتمع، فالقتل فعل بشع، وقد حرمه النبي حينما نظر إلى الكعبة، وقال: «لهدم الكعبة حجرًا حجرًا، أهون من قتل المسلم»، وفي القرآن الكريم، اقترن القتل بالشرك بالله، ما يدل على عظم هذا الذنب.
وأوصى رئيس جامعة الأزهر، بجمع الأحاديث التي تتحدث عن تحريم الدماء وعصمة النفس، في كتيب يُوزع على الناس ليستفيد الجميع منها، ويُبث عبر وسائل الإعلام المختلفة.