"حل المجالس المحلية".. اتفاق البرلمان والحوار الوطني على التنفيذ العاجل
تاريخ النشر: 5th, August 2023 GMT
في نهاية عام 2015 انتُخب أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو، لذا أطلق عليه "برلمان الثورة"، والذي حمل معه آمالًا عريضة لشعب ثار مرتين في غضون عامين ضد نظامين مختلفين.
تشكل مجلس النواب بحلته الجديدة حاملًا لواء الدفاع عن حقوق المواطن الآمل والطامح في التقدم والرخاء، بعد سنوات طوال عاش فيها مكبلًا تحت وطأة ظروف اقتصادية متهاوية وسياسية مترنحة، ولكن هل قام البرلمان بدوره المنوط به؟.
انشغل البرلمان بدوره التشريعي على حساب الدور الرقابي الأهم، فعمل على سن الكثير من القوانين والتشريعات التي تتوافق مع الدستور الجديد الذي وضع عام 2014، أو قد تساهم في دفع عجلة التقدم والنمو أو ربما تحفظ حق المواطن.
تنوعت وتعددت القوانين التي سَنها البرلمان خلال تلك الفترة، فمنها ما دارت حوله مناقشات واسعة مثل قانون تعديل قانون الأحوال المدنية، وقانون التأمين الصحي الشامل، ومنها ما أثار جدلا كبيرًا وعيش تبعياته إلى الآن وربما لسنوات قادمة مثل قانون الخدمة المدنية، وقانون الجمعيات الأهلية الجديد، وقانون الإعلام الموحد، ومنها ما مَر مرور الكرام مثل قانون الخدمة المدنية وقانون المرور وقانون مكافحة الإرهاب.
وفي سياق مُغاير، بدأ البرلمان عبر لجانه المختلفة في طرح ومناقشة مشروعات قوانين لم تُستكمل مثل تشكيل المجلس القومي لحقوق الإنسان، أو اختفت تمامًا وذهبت أدراج الرياح مثل قانون المحليات أو الإدارة المحلية، وهذا موضع الحديث في السطور القادمة.
ناقش البرلمان عبر لجانه المختلفة وبالأخص لجنة الإدارة المحلية مشروع قانون المحليات، والذي دارت حوله الكثير من التساؤلات والمقترحات والأحاديث والجلسات، ثم بعد أشهر من الجدل اختفى تماما دون سابق إنذار وكأن لم يكن، وظلت المجالس المحلية بالتعيين دون انتخاب كما نص الدستور.
وفي السطور التالية نحاول الإجابة عن: أين ذهب قانون المحليات؟، وهل هناك قانونًا جديدًا في المستقبل القريب؟، هل تشكيل المجالس المحلية بتلك الشاكلة دستوريا أم توجب الحل؟.
الوضع غير دستوريالنائب محمد الفيومي
قال النائب محمد الفيومي، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن قانون المحليات الذي كان يتم مناقشته أثناء البرلمان الماضي، ذهب أدراج الرياح إذ تم تجميده داخل اللجنة بالرغم من مناقشته لفترة طويلة داخل أروقة المجلس.
وأضاف النائب محمد الفيومي، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن الوضع الحالي فيه مخالفة دستورية صريحة، إذ نص دستور مصر الصادر عام 2014، على أن يتم تنفيذ المركزية كاملة خلال 5 سنوات من صدور الدستور.
وأوضح عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه طبقا للدستور، كان يجب صدور قانون المحليات قبل عام 2019، ومن ثم انتخاب المجالس المحلية على أساسه، ثم تنقل جميع الصلاحيات والسلطات المركزية للمجالس المنتخبة.
وأكد النائب البرلماني أنه لا يوجد قانون جديد للمحليات خلال الفترة القليلة المقبلة، حيث لا يتم مناقشة أية مشروعات قوانين متعلقة بهذا الشأن داخل المجلس حاليًا، مضيفًا بأنه يتم مناقشة مقترحات عديدة داخل جلسات الحوار الوطني كي ترقى إلى مشروعات قوانين.
الإسكان أهم من المحلياتالنائبة مي رشدي غيث
ومن جانبها، قالت النائبة مي رشدي غيث، عضو لجنة الإدارة المحلية، إن أعضاء البرلمان يحاولون القيام بأدوارهم الرقابية بجانب الدور التشريعي، مؤكدة بأن اللجنة تناقش العديد من مشروعات القوانين والمقترحات.
وأفادت عضو لجنة الإدارة المحلية، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، بأن اللجنة تقدم وتناقش العديد من المقترحات لأجل صياغتها وبلورتها في إطار قانون محدد، يمثل أساس المحليات خلال الفترة المقبلة.
وأوضحت النائبة البرلمانية، أنها ترى بأن إجراء التعديلات على قانون الإسكان ذات أولوية وأهمية قصوى، وأهم من قانون المحليات في الوقت الحالي، لما يتضمنه من مواد تتعلق بالمواطنين.
وشددت النائبة مي رشدي، على أنه بالرغم من غياب المحليات إلا أن الجميع في تعاون كبير من أجل المواطن، إذ هناك تنسيق دائم بين النواب في مختلف الدوائر والمحافظين ورؤساء المجالس المحلية.
قانون جديد سيُقدم قريبًاالمحامي عماد غنيم
وبدوره، قال المحامي عماد غنيم، أمين شباب حزب الاتحاد وعضو التيار الإصلاحي الحر، والمشارك في جلسات الحوار الوطني، إن إصدار قانون المجالس المحلية أصبح ذات أهمية بالغة وضرورة ملحة، خلال الوقت الراهن.
وأضاف أمين شباب حزب الاتحاد، في تصريح خاص لـ "الفجر"، أن وجود المجالس الشعبية المحلية ذات دورا هاما في ضبط إيقاع الأداء الحكومي، وأيضا كونها جزء لا يتجزء من السلطة التنفيذية يقوم بنوع من الرقابة الشعبية على مهام السلطة.
وأفاد عضو التيار الإصلاحي الحر، بأنه تم حل المجالس المحلية بقرار من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقانون رقم 116 لسنة 2011، وظلت الدولة المصرية دون مجالس محلية حتى صدور دستور 2014.
ونص الدستور في مادته رقم 176 على دعم اللامركزية وتمكن الوحدات المحلية من تحقيق العدالة الاجتماعية، ثم جاءت المادة 242 من الدستور بالنص على: "يستمر العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه في الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه"، ما يعني غياب أكثر من عشر سنوات دون محليات وفقا للدستور.
وأوضح عماد غنيم، أنه بمراجعة مفهوم الفراغ السياسي نجد أنه يفسر بعجز الأطراف السياسية في الاستجابة لمتطلبات الدستور والنظام العام، مما يثير التساؤل هل عدم اصدار القانون منذ دستور 2014 يجعلنا في حالة فراغ سياسي؟.
وشدد ممثل حزب الاتحاد بجلسات الحوار الوطني خلال جلسة قانون المجالس الشعبية المحلية، على التاكيد بضرورة خروج القانون إلى النور خلال أقرب وقت ممكن لإحكام الرقابة.
ولفت إلى أن جلسات الحوار الوطني المتعلقة بالإدارة المحلية، تناقش العديد من المقترحات خلال الوقت الحالي، ومن ثم يتم بلورة تلك المقترحات في مشروع قانون لتقديمه إلى البرلمان مع عودة انعقاده في أكتوبر المقبل.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: لجنة الادارة المحلية مجلس النواب الحوار الوطني المجالس المحلية المجالس المحلیة الحوار الوطنی قانون ا
إقرأ أيضاً:
الموانئ السودانية بين مطامع الاستثمار الأجنبي ومحاولات تشويه صورة البجا لإفشال الإدارة المحلية
erkyamon@gmail.com
مقدمة:
في ظل التنافس الدولي المتصاعد للسيطرة على سواحل البحر الأحمر، تبرز الموانئ السودانية كإحدى أهم الأهداف الاستراتيجية لمختلف الدول، بما في ذلك الصين عبر مشروع "طريق الحرير" ومطامع أخرى من دول إقليمية وعالمية تسعى لتعزيز نفوذها التجاري والعسكري. وسط هذه الأجواء، تتعالى الأصوات التي تهاجم إدارة الموانئ المحلية، متهمة إياها بالفشل والفساد، بالإضافة إلى حملات منظمة تهدف لتشويه صورة شعب البجا الأصيل الذي كانت ولا تزال الموانئ السودانية في أرضه منذ نشأتها. هذه الاتهامات، التي تفتقر لأدلة موثوقة، تثير الشكوك حول وجود دوافع سياسية واقتصادية خفية تسعى لتهيئة الأجواء أمام الاستثمارات الأجنبية. فهل هذه الانتقادات تعكس واقعًا بائسًا، أم أنها جزء من مخطط خبيث يستهدف إفشال الإدارة المحلية وتسليم الموانئ لمستثمرين أجانب؟
1. الطريق البري والميناء الجنوبي بين تعنت حكومة قحت ورفض البجا:
خلال فترة حكومة قحت، شهدت الموانئ السودانية والطريق البري احتجاجات واسعة قادها شعب البجا بسبب تعنت الحكومة في محاولة فرض المسار الإريتري في اتفاقية محاصصة جوبا، وكذلك استمرارها في نهج نظام الإنقاذ بمحاولات خصخصة الموانئ وتسليمها لشركات أجنبية، مثل الشركة الفلبينية الإماراتية. هذه المحاولات لم تقتصر فقط على خصخصة الموانئ، بل امتدت إلى مساعٍ لبيع مرسى أبو عمامة لأسامة داؤود، صديق حمدوك، وتحويله إلى ميناء إماراتي، مما أثار غضب البجا الذين أدركوا بوضوح خطورة هذه المخططات على سيادة السودان.
ما يُثير الاستغراب هو الربط المتعمد بين احتجاجات البجا وإغلاقهم للطريق القومي والموانئ باعتصام القصر والانقلاب، وهو ما روج له إعلام قحت، إلى جانب الإعلام الإريتري وهيئة موانئ أبو ظبي. والحقيقة التي تم تجاهلها عمدًا أن البجا لم يشاركوا في اعتصام القصر، بل كان المشاركون فيه هم بعض الإريتريين عن طريق الأمين داويد وجماعته، مما يكشف حجم التضليل الذي تمارسه هذه الجهات لتشويه موقف البجا الرافض لخصخصة الموانئ.
---
2. خبث التشويه الممنهج ضد البجا:
إن الاتهامات التي تروج لها بعض الجهات بسرقة أمتعة المسافرين وتهديدهم، مع التركيز على أن معظم العمال ينتمون لمكونات شعب البجا، تعكس نية مبيتة لتشويه صورة هذا الشعب الأصيل المعروف عبر التاريخ بأمانته ونزاهته. الموانئ السودانية، التي أنشئت على أرض البجا منذ القدم، لم يسجل التاريخ أي حوادث تقدح في أمانتهم أو نزاهتهم، مما يجعل هذه الاتهامات تبدو كحملة مدروسة تستهدف إضعاف موقفهم الرافض لبيع الموانئ أو تأجيرها لجهات أجنبية.
إن محاولة تحييد أهلنا البجا عبر هذه الحملات الخبيثة لا تهدف فقط إلى إضعاف موقفهم، بل إلى تهيئة الأجواء لتسليم الموانئ لمستثمرين أجانب تحت ذريعة الفشل المحلي. هذه السياسة تحمل في طياتها أبعادًا خطيرة تسعى إلى إقصاء المكونات الأصيلة للشعب السوداني لصالح أجندات خارجية.
3. الأبعاد السياسية والاستراتيجية: مطامع الاستثمار الأجنبي:
البحر الأحمر يمثل شريانًا استراتيجيًا للتجارة العالمية، والموانئ السودانية تُعد بوابة رئيسية للتجارة الأفريقية. مع دخول الصين بمشروع "طريق الحرير" ومشاركة دول أخرى مثل الإمارات والسعودية، يتزايد التنافس على هذه الموانئ. في هذا السياق، تبرز عدة دوافع سياسية تقف خلف محاولات إفشال الإدارة المحلية، منها:
1. تحجيم الدور الصيني: تسعى بعض الدول الغربية إلى عرقلة النفوذ الصيني المتزايد على الموانئ السودانية، وذلك عبر دعم مشروعات استثمارية بديلة أو تشويه الإدارة المحلية لإجبار الحكومة على اللجوء لمستثمرين أوروبيين أو أمريكيين.
2. تعزيز النفوذ الإقليمي: دول إقليمية، مثل الإمارات والسعودية، ترى في الموانئ السودانية وسيلة لتعزيز نفوذها على البحر الأحمر. لذلك، فإن أي فشل للإدارة المحلية يمثل فرصة سانحة للاستحواذ على هذه الموانئ بعقود طويلة الأجل.
4. ضرورة الرد القانوني الحاسم:
لا يمكن الاكتفاء بالنفي الإعلامي أو الدفاع الضعيف أمام هذه الحملات، بل يجب تبني استراتيجية قانونية حازمة تشمل:
1. فتح بلاغات إشانه سمعة: ينبغي على السلطات السودانية فتح بلاغات إشانه سمعة ضد كل من يروج لمحتويات تسيء لشعب البجا أو تشوه سمعة الموانئ السودانية، وفقًا لقوانين المعلوماتية التي لا ترحم من يتعمد نشر الشائعات أو الأخبار الكاذبة.
2. تطبيق قوانين المعلوماتية بحزم: يتوجب على السلطات المعنية ملاحقة ومحاسبة كل من يصنع محتوى مسيء لأي من مكونات السودان، وتفعيل العقوبات المنصوص عليها في قوانين الجرائم الإلكترونية والمعلوماتية دون تردد.
3. بيانات رسمية لرد الاتهامات: إصدار بيانات رسمية من إدارة الموانئ والجهات السيادية في السودان للرد على هذه الاتهامات بنزاهة وشفافية، مع تقديم الأدلة التي تدحض هذه الشائعات.
خاتمة:
الموانئ السودانية تمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني والسيادة، وتسليمها لمستثمرين أجانب تحت ضغط الانتقادات الداخلية وحملات التشويه ليس حلاً مستدامًا. على الحكومة السودانية أن تدرك أن الحفاظ على هذه الموانئ يتطلب خطة استراتيجية توازن بين حاجتها للاستثمارات وبين حماية سيادتها الوطنية.
إن محاولة تشويه صورة شعب البجا، الذين لطالما عرفوا بأمانتهم ورفضهم القاطع لبيع الموانئ، تكشف حجم التآمر والخبث السياسي الذي يسعى لتحييد الأصوات الوطنية المخلصة. الرد الأمثل يتمثل في التماسك الوطني والتمسك بسيادة السودان على موانئه، مع اتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضد كل من يسعى لتشويه صورة المكونات الأصيلة للشعب السوداني.
#لا_لبيع_موانئ_السودان #ضد_التشويه_الممنهج #سيادة_سودانية_لااستثمار أجنبي
#لا_لإقصاء_البجا #ضد_المؤامرات_الخارجية