الاستراتيجية الهادئة نحو إنجاز التطبيع السعودي-الإسرائيلي أكثر جدوى من الضغط العقيم على نتنياهو لإنجاز الصفقة الكبرى. كليف كوبتشان – ناشيونال إنترست

في خضم أهوال الحرب في غزة، ينتظر الشرق الأوسط مستقبلاً أفضل. وهناك صفقة كبيرة معروضة من شأنها إقامة علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، والتحرك نحو حل الدولتين، وإنشاء حصن ضد إيران عبر معاهدة دفاع أمريكية سعودية.

لكننا لسنا هناك بعد. وقبل التطبيع يصر السعوديون على أن تتخذ إسرائيل خطوات "ذات مصداقية ولا رجعة فيها" نحو حل الدولتين. ولن تتخذ الحكومة الإسرائيلية الحالية هذه الخطوات، مما يعني أن التطبيع يجب أن ينتظر حتى تشكيل حكومة أكثر وسطية.

وبما أن هيكل الصفقة الكبرى يقوم على عدم الاتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء، فإن الصفقة ليست في متناول اليد. وهذا يعني أن الولايات المتحدة يجب أن تحول تركيزها بعيدًا عن محاولتها التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وبدلاً من ذلك، يجب على واشنطن والرياض إرساء أساس متين للرئيس الأمريكي القادم لإتمام الصفقة.

ولمراجعة العطاءات في الصفقة الكبرى، ستلتزم الولايات المتحدة بمعاهدة دفاع مع السعودية، وتزويدها بمفاعلات نووية مدنية، وأسلحة غير معدلة، ورقائق متقدمة لتطوير الذكاء الاصطناعي. وبالمقابل تعترف السعودية بإسرائيل، وتحد من مشاركة الصين في قطاعات حساسة مثل التكنولوجيا الفائقة، وتوقع اتفاقية البروتوكول الإضافي مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتنظيم استخدام المفاعلات النووية. وسوف تلتزم إسرائيل بحل الدولتين.

يريد الرئيس جو بايدن إبرام الصفقة قريبًا ورفع أسهمه خلال محاولة إعادة انتخابه المتقاربة. وأعلن فريق بايدن أن الأجزاء الأمريكية السعودية من الصفقة على وشك الانتهاء، وسيتم إرسالها إلى الكونغرس. لكن نتنياهو وحده هو الذي يقف في الطريق. ورغم أن هذه السياسة تنضوي هلى النية الحسنة ولكنها مضللة، لأن فرصة تغيير نتنياهو لرأيه تكاد تكون معدومة.

كيف ستبدو الاستراتيجية الحكيمة؟

يجب على بايدن أن يتوقف عن الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق هذا العام وأن يعمل بدلاً من ذلك مع الرياض على إصدار سلسلة من البيانات المشتركة التي تحدد الطريق للمضي قدماً. ويجب على الإدارة أن تصوغ هذه الوثائق لتكون بمثابة النجم الذي يجب أن يتبعه الرئيس الأمريكي القادم في إتمام الصفقة. ويجب على فريق بايدن أن يوضح مكامن الاتفاق والخلاف بين الفريقين، أين يتفق الطرفان، وما إذا كانت هناك مجالات إضافية لاتفاق أمريكي سعودي يمكن للجانبين متابعتها.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الإدارة أن تقوم بشكل غير رسمي بفحص بنود الصفقة التي تحتاج إلى موافقة الكونغرس أو مراجعتها، بما في ذلك معاهدة الدفاع واتفاقية التعاون النووي المدني التي قد ينظر إليها بعض أعضاء الكونغرس على أنها خطر انتشار الأسلحة النووية.

وحتى لو لم يتم الإدلاء بالأصوات حتى انعقاد الكونغرس القادم، فمن المهم تحديد الحجج المؤيدة لهذه الصفقة التي من المحتمل أن تغير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط قريبًا. ولكن ينبغي أن يتم تمهيد الطريق للتوصل إلى اتفاق، وليس الضغط على نتنياهو الذي لن ينجح.

علاوة على ذلك يجب على الإدارة، في خريف هذا العام، توضيح الكيفية التي تمكّن الإدارة القادمة من إنجاز هذه الصفقة الأمريكية السعودية الإسرائيلية. وينبغي أن تتم دعوة الجمهوريين بالرغم من أن ذلك سيكون بمثابة تناول حبة مريرة للديمقراطيين، وبذلك سيظهر فريق بايدن قيادة حقيقية من خلال وضع هذه الصفقة فوق الاعتبارات السياسية.

وأخيرا، ينبغي أن تتجنب إدارة بايدن المطبات التي تلوح في الأفق. إذ أن ممارسة الكثير من الضغوط على نتنياهو للانضمام إلى الصفقة قد يجعله مدافعًا عن السيادة والأمن الإسرائيليين، مما يطيل فترة حكمه. كما يعتقد بعض المراقبين أن الإدارة تدرس استراتيجية "الأقل مقابل الأقل"؛ وهي طرح التطبيع في الوقت الحالي وإتمام أكبر عدد ممكن من الاتفاقيات الثنائية بين الولايات المتحدة والسعودية. ولكن هذه الاستراتيجية غير صحيحة لأن اعتراف السعودية بإسرائيل ضروري لقبول الكونغرس الأمريكي. وإذا حصلت الرياض على معظم المزايا مقدماً، فإن الحافز لمتابعة التطبيع سيتضاءل - وقد ينهار الاتفاق.

ومن المرجح أن يحصل الرئيس الأمريكي المقبل، سواء كان بايدن أو ترامب، على الأصوات السبعة والستين المطلوبة في مجلس الشيوخ لإبرام معاهدة رسمية. وسوف يكون من الصعب حقاً إقناع ثلثي أعضاء تلك الهيئة بتقديم ضمانات أمنية صارمة للسعودية القابعة في منطقة خطرة. ومع ذلك، فإن تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية يجب أن يكون مغريا بما فيه الكفاية للمصادقة على تحالف رسمي.

وأخيرا، فإن حمل إسرائيل على تقديم التزامات ملموسة للتحرك نحو حل الدولتين من غير الممكن أن يحدث إلا في حقبة ما بعد نتنياهو. وتظهر بعض بيانات استطلاعات الرأي أن الإسرائيليين منفتحون على حكومة أكثر اعتدالا، ويفضلون بيني غانتس الوسطي كرئيس للوزراء، بينما تظهر استطلاعات أخرى تقدم نتنياهو.

إن أغلب الإسرائيليين يعارضون حل الدولتين، وعلى هذا فإذا كان هناك زعيم أكثر اعتدالاً في الحكومة المقبلة، فلابد وأن يُظهِر قدراً هائلاً من الزعامة. وأحد السيناريوهات للانتخابات ينطوي على خروج غانتس مؤخرا من حكومة الوحدة، وهذا ما أثار المعارضة لها وأدى إلى تصويت مبكر. والإجراءات الانتخابية الإسرائيلية بطيئة، لذا فحتى لو سقطت حكومة نتنياهو، فلن تتشكل حكومة جديدة قبل أواخر هذا العام أو في عام 2025. ولكن إذا حدث هذا فإن الصفقة الكبرى تصبح أكثر ترجيحاً.

يجب على إدارة بايدن أن تبطئ مساعيها نحو الصفقة الكبرى، فالصبر هو المسار الأكثر حكمة. ومن الأفضل تمهيد الطريق للرئيس القادم لإنجاز الصفقة.

المصدر: ناشيونال إنترست

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: الحزب الديمقراطي أسلحة ومعدات عسكرية اتفاق السلام مع إسرائيل الاسلحة النووية الحزب الجمهوري الكونغرس الأمريكي انتخابات بنيامين نتنياهو جو بايدن دونالد ترامب طوفان الأقصى قطاع غزة الصفقة الکبرى حل الدولتین بایدن أن یجب على یجب أن

إقرأ أيضاً:

القاهرة تعلق على تهديدات نتنياهو بخصوص «الطائفة الدرزية» و«أرسلان» يناشد السعودية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، “رفض مصر الكامل لأي مبررات للاحتلال والعدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية”.

وقال عبد العاطي، في مؤتمر صحفي مشترك مع مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المتوسط دوبرافكا سُويتشا، بالقاهرة اليوم، إنهما اتفقا على “رفض الاحتلال والعدوان الإسرائيلي للأراضي السورية تحت أي ذريعة أو مبرر حتى ولو كان لذرائع إنسانية لحماية حقوق أقليات بعينها”، مشددا “على ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية واحترام سيادتها”.

وأشار الوزير المصري، إلى “تناوله مع المسؤولة الأوروبية الأوضاع في سوريا وضرورة مكافحة الإرهاب وإطلاق عملية سياسية شاملة”.

“طلال أرسلان” يناشد السعودية لحماية سوريا وشعبها من الشرذمة والانقسامات والفتن

ناشد رئيس الحزب “الديمقراطي اللبناني” طلال أرسلان، السعودية “التدخل لدى المعنيين في دمشق لوضع حد للتجاوزات التي قد تتكرر في أي وقت وبصيغ مختلفة بحق الدروز في سوريا”.

وكتب أرسلان في منشور على حسابه بمنصة “إكس”: “شهدت جرمانا السورية أمس اضطرابات أدت إلى استنفار كبير في جبل العرب، كما استنفر العدو الإسرائيلي تحت ذريعة حماية الدروز”.

وأكد أرسلان أن “الدروز عرب أقحاح ولا يحتاجون إلى براءة ذمة من أحد، فقد قدموا عبر تاريخهم الحافل بالبطولات تضحيات جسيمة من الدماء دفاعًا عن الأرض والعرض في كل أنحاء سوريا، ضد الأجنبي والاستعمار”.

وأضاف: “من منطلق المسؤولية التاريخية والمستقبلية، أناشد الأخوة في المملكة العربية السعودية بالتدخل السريع لدى المعنيين في دمشق لوضع حدٍّ للتجاوزات التي حدثت، والتي قد تتكرر في أي وقت وبأشكال مختلفة”.

وتابع: “الدروز، مثلهم مثل باقي الطوائف والمذاهب والأعراق، بما في ذلك إخواننا السّنة، بحاجة إلى حاضنة عربية مخلصة تُبدِّد مخاوفهم. ولا نرى جهةً أهم وأحق من المملكة العربية السعودية لتقوم بهذا الدور، لحماية سوريا وشعبها من الشرذمة والانقسامات والفتن”.

وأكّد أرسلان أن “عمق الدروز كان ولا يزال وسيبقى عربيا أصيلا، مهما كثرت الأقاويل والاتهامات. وعلى الإدارة السورية الجديدة أن تدرك مخاطر المرحلة الحالية، وهو ما يتطلب وضوحا وشفافية في معالجة المشاكل الداخلية السورية، والابتعاد عن الغموض في الأجوبة والتفسيرات والمواقف”.

وختم بالقول: “لن تُحمى سوريا من الداخل إلا باعتماد الدولة المدنية، التي يتساوى فيها كل أفراد الشعب السوري في الحقوق والواجبات، وتُطبَّق فيها العدالة الاجتماعية”.

هذا “ويعد “طلال أرسلان” أحد أهم الزعامات الدرزية في لبنان، والده هو الزعيم السياسي مجيد أرسلان، وكانت أسرته هي التي تعين شيخ عقل الطائفة الدرزية واستمر ذلك حتى نهاية السبعينات من القرن العشرين”.

وكان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يسرائيل كاتس، أصدرا تعليمات للجيش بالاستعداد للدفاع عن الدروز القاطنين في مدينة جرمانا المتاخمة لدمشق، بحجة تعرضهم لهجوم من قبل القوات السورية الجديدة، وجاء في بيان عن نتنياهو وكاتس: “لن نسمح للنظام الإرهابي للإسلام المتطرف في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز.. إذا أساء النظام إلى الدروز، فسوف نؤذيه”، وفق تعبيرهما.

كما صرح وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس بأن “بلاده تحظى بعلاقات جيدة مع طائفة الموحدين الدروز”، وأن “على النظام السوري احترام هذه الطائفة”.

هذا “ويقطن مدينة جرمانا مختلف مكونات الشعب السوري، فيما يشكل الدروز والمسيحيون الغالبية العظمى منهم، كما نزح إليها آلاف السوريين من مختلف المدن والمحافظات، فرارا من الدمار الذي شهدته مناطقهم”.

مقالات مشابهة

  • بعد مغادرته السعودية متوجها إلى القاهرة... برقية شكر من الرئيس عون إلى ولي العهد السعودي
  • أحمد موسى: الكنيست الإسرائيلي شهد خناقة واشتباكات بسبب نتنياهو
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • العطيشان يروي قصة قضية الفساد الكبرى التي اكتشفها والده في ميناء رأس تنورة.. فيديو
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت: يجب طرد نتنياهو
  • قمة مرتقبة بين بوتين وترامب.. هل اقتربت الصفقة الكبرى؟
  • القاهرة تعلق على تهديدات نتنياهو بخصوص «الطائفة الدرزية» و«أرسلان» يناشد السعودية
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: ممتنون لإدارة ترامب بشأن الموافقة العاجلة على صفقة الأسلحة
  • يهود دمشق يردون على نتنياهو: نحن سوريون ونرفض الاحتلال الإسرائيلي
  • نتنياهو يبحث استئناف التفاوض وترقب بغزة قبيل انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة