شحنات الطاقة التي لا تمر عبر السويس تشهد ارتفاعا.. بينها نفط سعودي
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
كشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية عن ارتفاع شحنات الطاقة العالمية التي غيرت طريقها لرأس الرجاء الصالح بدلا من قناة السويس إلى 47 بالمئة، وذلك منذ بدء عمليات جماعة أنصار الله "الحوثيين" ضد مصالح الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت الإدارة في بيان، الثلاثاء، إن بيانات تتبع السفن أظهرت أن نحو 8.7 مليون برميل من النفط الخام والمنتجات المكررة سلكت الطريق المار بجنوب القارة الأفريقية يوميا خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2024.
وأضافت أن ذلك يشكل ارتفاعا للشحنات التي تبتعد عن قناة السويس خلال طريقها بين آسيا والشرق الأوسط والغرب، من 5.9 مليون في المتوسط خلال 2023، موضحة أن شحنات المنتجات النفطية شكلت معظم هذه الزيادة.
ووفقا للبيان، فإن شحنات النفط السعودي والعراقي المرسلة إلى أوروبا عبر طريق رأس الرجاء الصالح، مثلت 15 بالمئة من إجمالي الزيادة، في حين وزادت شركات التكرير في آسيا والشرق الأوسط صادراتها من المنتجات المكررة إلى القارة الأوروبية وحولت مسار شحناتها لتسلك جنوب القارة الأفريقية، وهو ما يمثل 29 بالمئة من حجم الزيادة.
وذكرت إدارة معلومات الطاقة، أن واشنطن تلقت النفط الخام والمنتجات المكررة من آسيا والشرق الأوسط، كما أرسلت مزيدا من المنتجات إلى آسيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح، موضحة أن حجم التجارة الأمريكية ارتفع ما يزيد قليلا على 600 ألف برميل يوميا عبر هذا الطريق.
وأجبرت عمليات الحوثيين في البحر الأحمر ضد مصالح الاحتلال السفن على الابتعاد عن قناة السويس واتخاذ طريق رأس الرجاء الصالح رغم طول مسافته، وهو ما ألقى بظلاله على تكاليف الشحن.
وتتصاعد التوترات في المنطقة إثر استمرار الحوثيين في استهداف مصالح الاحتلال في المنطقة، فيما تسعى الولايات المتحدة التي أعلنت عن تشكيل تحالف دولي تحت اسم "حارس الازدهار" للتعامل مع الهجمات الحوثية، إلى ردع الجماعة عن شن عملياتها في البحر الأحمر.
وفي 14 آذار/ مارس الماضي، كشف زعيم الجماعة اليمنية عن عزمهم "منع عبور السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي حتى عبر المحيط الهندي ومن جنوب أفريقيا باتجاه طريق رأس الرجاء الصالح".
وشنت الولايات المتحدة العديد من الهجمات ضد مواقع في اليمن، منذ الضربة الأولى التي وجهتها واشنطن بالتعاون مع لندن في 12 كانون الثاني/ يناير الماضي؛ بهدف ردع الجماعة اليمنية، التي أعلنت أن المصالح الأمريكية والبريطانية هي أهداف مشروعة لها عقب الاستهداف.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية السويس الحوثيين النفط السعودية النفط السويس البحر الاحمر الحوثي المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طریق رأس الرجاء الصالح
إقرأ أيضاً:
الشمس والظلام وبينهما أفريقيا
تأخذ رواية “اللقالق لا تموت” للكاتب الكونجولي ألان مابانكو القارئ في رحلة عبر التاريخ الإفريقي المثقل بالمآسي والمؤامرات، حيث تتشابك الأحداث السياسية والقصص الشخصية لتعكس واقع القارة الذي لا يزال يعاني من إرث الاستعمار والاستغلال. منذ البداية، تهيمن رمزية الطيور البيضاء المحلقة، المستوحاة من قصيدة “اللقالق المحلقة” لرسول حمزاتوف، التي كتبها أثناء زيارته لساحة السلام في هيروشيما، أمام تمثال الطفلة ساداكو ساساكي، التي صنعت طيور الكركي الورقية قبل وفاتها بسبب آثار القنبلة النووية. تتحول هذه الصورة إلى استعارة تمتد على صفحات الرواية، حيث يعتقد الكاتب أن أرواح القادة المغتالين والمجاهدين الذين سقطوا دفاعًا عن أوطانهم لا تفنى، بل تظل تحلق في سماء إفريقيا كما تحلق اللقالق فوق روسيا تخليدًا لجنودها.
لكن الرواية لا تكتفي بهذه الرمزية، بل تغوص في عمق التاريخ الإفريقي، مستعرضة سلسلة طويلة من الاغتيالات السياسية التي نفذها الاستعمار الغربي أو دُبرت بأيادٍ إفريقية مأجورة، بدايةً من عام 1947 حين أطلق المجاهد عبد الكريم الخطابي عبارته الشهيرة “ليس في قضية الحرية حل وسط”. في هذا السياق، يظهر القائد الكونجولي ماتسوا الذي خدم في الجيش الفرنسي وتم تكريمه بالسجن والأشغال الشاقة حتى وفاته، في مفارقة تعكس كيف تعامل المستعمر مع من خدمه. عام 1958، اغتيل روبين أم نيوبي في قريته بواسطة جندي أسود يدعى بول أبدولاي، الذي كافأته فرنسا بوسام، ليكون ذلك نموذجًا للأسلوب الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في تصفية خصومها. وفي عام 1960، اغتيل فليكس موممبي مسمومًا في سويسرا على يد المخابرات الفرنسية، بينما كان من أبرز دعاة التحرر والاستقلال. في العام نفسه، وقعت واحدة من أكثر الاغتيالات شهرة ووحشية، حين قُتل باتريس لومومبا بأيدٍ إفريقية وبإشراف مباشر من الاستخبارات الأمريكية والبلجيكية، حيث أطلق عليه الرصاص بغزارة حتى لم تُترك منه جثة يمكن التعرف عليها. أما في 1963، فقد شهدت توجو اغتيال أول رئيس منتخب للبلاد، سيلفانوس أولمبيو، ليكون ذلك بمثابة بداية لسلسلة من الاضطرابات التي لم تتوقف. عام 1965، اغتيل المناضل المغربي المهدي بن بركة في عملية تعاونت فيها أجهزة المخابرات الفرنسية والإسرائيلية والمغربية، ولم يُعثر على جثته حتى اليوم، فيما كان أحد المتهمين في قضيته، الجنرال أوفقير، يحاول لاحقًا تبرئة نفسه عبر انقلاب فاشل. ثم في 1973، تم اغتيال أميلكار كابرال، الأب الروحي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر، على يد أعضاء من حزبه بتواطؤ من البرتغال وغينيا كوناكري، حيث أخفى الرئيس أحمد سيكو توري آثار الجريمة. في العام نفسه، اغتيل المعارض التشادي آوتل بونو في باريس، وفي 1977، اغتيل الرئيس الكونجولي ماريان نجوابي، وهو الحدث الذي تشكل حوله الرواية محورًا رئيسيًا لاستكشاف العنف السياسي في القارة.
وسط هذا المشهد الدموي، تأخذ الرواية بُعدًا إنسانيًا عبر شخصية ميشيل، الصبي ذو الثلاثة عشر عامًا، الذي يعيش مع والديه في قرية فونجو، حيث يرصد تفاصيل الحياة اليومية لأبناء القرى الإفريقية البسيطة، بين مسكنهم الفقير، ومأكلهم المتواضع، والعلاقات الاجتماعية التي تعكس تكافلًا يمتزج بالمعاناة. لكن حياة القرية هنا ليست مجرد خلفية للأحداث، بل إسقاط على واقع الكونجو، التي بدورها تصبح مرآة لما تعانيه إفريقيا بأسرها من فقر، وجوع، ومرض، وأمية، وكلها ظواهر لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة للسياسات الاستعمارية التي استنزفت القارة لعقود طويلة.
على امتداد الرواية، تبرز إشكالية العلاقة بين المستعمر والمستَعمَر، حيث لم يكن الاحتلال مجرد نهب للثروات، بل كان أيضًا غرسًا عميقًا للمهانة والعبودية في نفوس الشعوب الإفريقية، كما زرعوا أشجار التوليب الإفريقي في أرضهم. يتجلى هذا بوضوح في اقتباس من الشاعر فيليس ويتلي، الذي يصور كيف ادعى المستعمرون أنهم أخذوا الأفارقة من الظلام إلى النور، مدعين أنهم علموهم الرحمة والمسيحية، بينما في الحقيقة لم يكن ذلك سوى غطاء لاستعبادهم ونهب خيراتهم. هذه الجدلية بين الظاهر والمضمر، بين ادعاء التحضر وممارسة القمع، تتكرر في أكثر من موضع بالرواية، وكأن الكاتب يؤكد أن تاريخ إفريقيا لم يكن سوى سلسلة من الخيانات، ليس فقط من القوى الاستعمارية، ولكن أيضًا من بعض أبناء القارة الذين تعاونوا معهم ضد بني جلدتهم.
الرواية، رغم أنها تغوص في التاريخ، لا تقدم سردًا تأريخيًا جافًا، بل تطرح رؤية نقدية بأسلوب روائي مشحون بالرمزية والعاطفة، يعكس براعة ألان مابانكو في تحويل الأحداث السياسية إلى مادة أدبية آسرة. بأسلوبه الساخر واللاذع، يعيد طرح الأسئلة الكبرى حول المصير الإفريقي، والتدخلات الخارجية، ودور الأفارقة أنفسهم في واقعهم المؤلم، حيث لم يكن المستعمر دائمًا هو من يطلق الرصاصة، بل كثيرًا ما كانت الأيادي الإفريقية هي التي ضغطت على الزناد. الرواية، بهذا الشكل، لا تكتفي بتقديم مأساة تاريخية، بل تحرض القارئ على التفكير في الحاضر، وربما في المستقبل، حيث لا تزال إفريقيا تئن تحت وطأة ماضٍ لم يُطوَ بعد.
الكاتب ألان مابانكو، المولود عام 1966 في جمهورية الكونجو، يعد من أبرز الأسماء الأدبية الإفريقية المعاصرة، إذ تمكن من تقديم صورة عميقة لإفريقيا، ليس فقط من خلال التاريخ، بل عبر تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بأبعاده المختلفة. بعد أن درس الحقوق في فرنسا، اتجه إلى الأدب ليصبح من أكثر الأصوات الروائية تأثيرًا، حيث تتميز أعماله بأسلوب يجمع بين السخرية اللاذعة والنقد العميق للمجتمعات الإفريقية، سواء في ظل الاستعمار أو بعد الاستقلال. حصل على العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة رينودو المرموقة عن روايته “ذكريات تمساح سيئ الحظ”. ومن أبرز أعماله الأخرى “الأزرق والأبيض والأحمر” و“الليل لا يُفضي إلى النهار”، حيث يتناول في معظم كتاباته قضايا الهوية، والصراعات السياسية، والإرث الاستعماري، مستعينًا بلغة أدبية تمزج بين الواقعية والرمزية، ليعكس من خلالها تجربة القارة الإفريقية بعيون أبنائها.