تركيا ولائحة غافي الرمادية.. قصة التصنيف ومآلات الشطب
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
قبل عامين ونصف وضعت مجموعة العمل المالية (غافي) تركيا على "اللائحة الرمادية" بسبب "قصور في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب"، ويتوقع مسؤولون أتراك الآن أن تتخذ ذات الجهة إجراء معاكسا نهاية شهر يونيو، بعد سلسلة إجراءات اتخذت من جانبهم خلال الفترة الأخيرة.
فما الذي يعنيه خروج تركيا من "اللائحة الرمادية" إن اتخذ القرار بالفعل؟ وما الآثار التي خلفتها "ندوب" التصنيف الأول "غير العادل" حسب رواية أنقرة؟ وماذا تغيّر بين الشوطين؟
ومن المقرر حسبما ذكرت وسائل إعلام تركية الأربعاء أن يتوجه وزير المالية، محمد شيمشك إلى سنغافورة نهاية الشهر الحالي لحضور اجتماع "غافي"، ونقلت صحيفة "دنيا" قبل أيام قوله إنهم أكملوا الدراسات الفنية مع مجموعة العمل المالية لإزالة بلادهم من التصنيف.
وقبل شيمشك اعتبر وزير الداخلية، علي يرلي كايا، مارس 2024، أن "الخروج من اللائحة له أهمية كبيرة لاقتصاد بلادنا"، وفي حين أشار إلى أنهم قطعوا "شوطا طويلا" مع وزارة المالية بشأن العمل على هذه القضية أكد أنهم يتوقعون "إزالة التصنيف في يونيو 2024".
وجاء في تقرير لوكالة "بلومبيرغ"، في 30 مايو الماضي، أن الزيارة الأخيرة التي أجرتها مجموعة العمل المالية إلى تركيا "تشير إلى تقدم كبير لخروج البلاد من اللائحة الرمادية".
وبينما أوضحت أنه "سيتم اتخاذ القرار النهائي في الجلسة العامة في 28 من يونيو الحالي" تشير المعلومات المتاحة على الموقع الرسمي لـ"غافي" إلى أن القرار يجب أن تدعمه الأغلبية المؤهلة من الأعضاء.
وتضم المجموعة ما يقل قليلا عن 40 عضوا، بعضهم يتمتع بنفوذ أكبر من البعض الآخر، وبخلاف الحصول على الأغلبية قد تستغرق عملية إزالة التصنيف وقتا أطول، وفق الموقع الرسمي للمجموعة المالية.
لماذا وضعت تركيا على اللائحة؟تعمل مجموعة العمل المالي على مراقبة ومعالجة أوجه القصور في أنظمة الدول لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح.
ووفقا للتعريف الموجود على موقعها الرسمي فإن إجراء وضع دولة ما على "القائمة الرمادية" الخاصة بها يعتمد على وجود قصور من جانبها في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وكان الإجراء المتخذ بحق تركيا قد أعلن عنه في أكتوبر 2021، على أساس أن لديها قصورا في منع غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، ونتيجة للتقييمات التي أجريت العام الماضي تقرر الاستمرار في التصنيف.
وفي الاجتماع الذي أُعلن فيه عن إدراج تركيا، صرح رئيس مجموعة العمل المالي ماركوس بليير بأنه يتعين على تركيا وضع لوائح تنظيمية في القطاعات عالية المخاطر، مثل البنوك والذهب والأحجار الكريمة وقطاع العقارات.
وقال في كلمته: "يجب على تركيا مراقبة حالات غسيل الأموال والتحويلات المالية المرتبطة بالجماعات المعترف بها كإرهابية من قبل الأمم المتحدة، مثل القاعدة وداعش".
وتابع حديثه في 2021: "ويجب على تركيا أن تظهر أنها تتخذ خطوات لمنع غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب ومكافحة الشبكات الإجرامية. لقد قطعت الحكومة التركية تعهدات سياسية رفيعة المستوى لاتخاذ الخطوات اللازمة، وأنا أدعوها إلى تحويل هذه الالتزامات إلى إجراءات ملموسة".
"نقطة تحوّل"بعد فوز الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان بالانتخابات الرئاسية في مايو 2023 غيّر معظم الوجوه في حكومته السابقة، وكان لافتا منذ تلك الفترة سلسلة الإجراءات التي اتخذت مسارين بالتوازي.
وقاد الاتجاه الأول وزير الداخلية علي يرلي كايا والثاني وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك الذي تسلم فريقا اقتصاديا انقلب على كل السياسات الاقتصادية التي خيّمت تداعياتها السلببة على مشهد البلاد، لأكثر من عامين.
على عكس سلفه سليمان صويلو فرض يرلي كايا ووزارته واقعا أمنيا جديدا في داخل البلاد، وتمثل بالبدء بحملة واسعة النطاق استهدفت شبكات "المافيا" والفساد. وما تزال مستمرة حتى الآن.
بين يوم وآخر ومنذ تسلمه منصب وزير الداخلية كان يرلي كايا ينشر عبر حسابه في موقع التواصل "إكس" نتائج الحملات التي تنفذها السلطات ضد تلك الشبكات. ووصل مؤخرا إلى حد الإعلان عن إحباط شبكات واعتقال شخصيات ضالعة في عمليات تمويل منظمات إرهابية، بينها تنظيم داعش.
في المقابل اتبع شيمشك والفريق الاقتصادي الذي يتألف من نائب إردوغان جودت يلماز ومحافظ المصرف المركزي سياسة خالفت تلك التي اتبعها الرئيس التركي، واعتبر خبراء اقتصاد أنها خلفت آثارا سلبية على صعيد عملة البلاد واقتصادها.
وبالتدريج بدأ برفع أسعار الفائدة واتخاذ قرارات تصب في مجملها في نطاق تشجيع الاستثمار في البلاد وتحسين صورة البلاد الاقتصادية، أملا بإعادتها على سلم الأولويات للكثير من أصحاب المشاريع والتنمية، وبهدف خفض معدلات التضخم الكبيرة إلى "فئة الآحاد".
ولأكثر من مرة كان وزير المالية التركي يشير إلى أن توقعاتهم بشأن شطب تركيا من "اللائحة الرمادية" تتوافق مع المسار القائم بالتوازي من جانب وزارة الداخلية التركية.
وكان لافتا أن الحملة التي فرضها يرلي كايا لم يسبق وأن شهدتها البلاد بذات الحدة، سواء على صعيد رؤوس المافيا الكبار أو ضد مصادر التمويل التي كانت تغذي بصورة غير مباشرة منظمات تعتبرها الكثير من الدول "إرهابية".
"إصلاحات اقتصادية كبيرة""الخروج المتوقع من القائمة الرمادية" يرتبط بجهد تعاوني بين وزارة المالية التركية ووزارة الداخلية، كما يرى الباحث الاقتصادي في مركز "سيتا" التركي، دينيز استقبال.
وبينما ركزت وزارة المالية على تعزيز الأنظمة المالية وزيادة الشفافية وتحسين الالتزام بالمعايير المالية الدولية عملت وزارة الداخلية على تعزيز تدابير إنفاذ القانون، وفق استقبال.
كما عملت حسب قوله لموقع "الحرة" على تحسين عمليات التحقيق وضمان التنفيذ الفعال لقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو "نهج ساعد في تلبية المتطلبات التي حددتها الهيئات الدولية، مثل (غافي)".
ويعتقد الباحث التركي أن خروج تركيا من "القائمة الرمادية" من شأنه أن يشير إلى تحسن الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الجريمة، ومن المرجح أن يعزز سمعتها الاقتصادية ويجذب المزيد من الاستثمار الأجنبي.
وقد يتطلب الوصول إلى هذه المرحلة إجراء إصلاحات اقتصادية كبيرة وجهود مشتركة بين وزارتي الداخلية والمالية لتعزيز الأطر التنظيمية.
إضافة إلى تحسين الرقابة المالية وإنفاذ تدابير مكافحة غسل الأموال، بحسب الباحث استقبال.
ما آثار التصنيف والشطب؟ويقلل وجود تركيا في "القائمة الرمادية" من اهتمام الاستثمار الأجنبي بالاقتصاد التركي، الذي يحتاج بشدة إلى التمويل الخارجي، ويعتبر من العوامل التي تؤثر سلبا على التجارة الخارجية وحصص السوق، وفق الخبراء الذين تحدثوا لـ"الحرة".
كما يؤدي تصنيف أي دولة ضمن القائمة المذكورة إلى انخفاض التصنيف السيادي الائتماني لها، أي تصنيف سندات الدولة، حسبما يوضح الباحث الاقتصادي، الدكتور مخلص الناظر.
وعلى إثر انخفاض التصنيف السيادي يرتفع مؤشر التخلف عن السداد.
ويعني ذلك وفق حديث الناظر لموقع "الحرة" أن "الدولة وعندما تقترض من الخارج تضطر لدفع فوائد أعلى. وهنا ترتفع فائدة الدين الحكومي ويرتفع معها عجز الموازنة".
من ناحية أخرى، وفي حال كانت دولة ما مصنفة على القائمة الرمادية فإنها تقوم فعليا بعمليات غسيل أموال، وبالتالي يمكن أن تتعرض لعقوبات غربية، وتصبح الشركات العاملة فيها تحت نظر "الخزانة الأميركية".
الباحث الناظر يشير إلى أن العقوبات تسيء إلى بيئة الاستثمار، وتبعد الاستثمار الأجنبي وتمنعه من الدخول إلى الدولة.
ويوضح أن شطب التصنيف وإخراج تركيا من "القائمة الرمادية" سيؤدي إلى الاستثمار المباشر.
ومع ذلك، يؤكد أنه وبما أن نسبة الفائدة مرتفعة في تركيا وعند حدود 50 بالمئة ستظل إمكانية الاستثمار المباشر صعبة إلى حد ما.
ويجب أن تنخفض الفائدة لكي يدخل الاستثمار المباشر وتتفتح الناس مشاريع من تلقاء نفسها، وفق حديث الباحث.
ويتابع من جانب آخر أن "التحسن وفي حال رفع تركيا من القائمة الرمادية سيكون على صعيد الأموال التي ستدخل إلى السندات التركية وودائع البنوك"، وبمعنى آخر "مزيد من تدفق الأموال الساخنة إلى البلاد، على أن يدخل الاستثمار المباشر في مرحلة لاحقة وعندما تنخفض الفائدة".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأموال وتمویل الإرهاب مکافحة غسل الأموال الاستثمار المباشر القائمة الرمادیة اللائحة الرمادیة غسیل الأموال مجموعة العمل یرلی کایا ترکیا من إلى أن
إقرأ أيضاً:
"الأحمر الصغير" يستعد لخوض غمار نهائيات آسيا بالسعودية
الرؤية- أحمد السلماني
يواصل منتخب عُمان للناشئين استعداداته المكثفة لخوض منافسات نهائيات كأس آسيا للناشئين 2025، والتي تستضيفها المملكة العربية السعودية في الفترة من 3 إلى 20 أبريل المقبل؛ حيث تشكل هذه البطولة محطةً مفصليةً في مشوار "الأحمر الصغير" نحو التأهل إلى كأس العالم للناشئين 2025، المقرر إقامتها في قطر.
وفي هذا الإطار، أعلن المدرب الوطني أنور الحبسي القائمة النهائية التي ستخوض المعسكر الإعدادي في مسقط خلال الفترة من 4 إلى 11 مارس 2025، حيث ضمت القائمة نخبة من المواهب الواعدة التي تم اختيارها بعناية من مختلف الأندية المحلية، بهدف تعزيز جاهزية المنتخب قبل الاستحقاق القاري المنتظر.
وتضم القائمة كلًا من: الحسن بن علي القاسمي وفهد بن جميع المشايخي (مسقط)، الأيهم بن ماجد المخيني وعبدالعليم بن يعقوب الوهيبي (قريات)، عبدالعزيز بن محمد البلوشي وعيسى بن حسن الحوسني (الخابورة)، أسامة بن عبدالخالق المعمري (الوحدة)، مبارك بن يوسف العامري (السيب)، سعد بن محمد العيسائي، الوليد بن فهاد السعدي، وعلي بن إبراهيم العويني (صحار)، اليزن بن منصور البلوشي، فراس بن بدر السعدي، عبدالله بن خليفة السعدي، يزن بن محمد الخالدي، والوليد بن خالد الريسي (السويق)، محمد بن نجم الدين بيت سليم (النصر)، الوليد بن ظلال الراشدي (البشائر)، سليمان بن حافز الخروصي، زياد بن قافان القرابي، وإبراهيم بن سالم التميمي (بوشر)، محمد بن عبدالحفيظ ورياض بن مرهون الطارشي (المصنعة)، محمد بن يعقوب المشايخي وأحمد بن عبدالله الرواحي (العروبة)، وإبراهيم بن بدر الشامسي (فنجاء).
وحدَّد الاتحاد الآسيوي لكرة القدم جدول مباريات المنتخب العُماني للناشئين ضمن دور المجموعات، حيث يبدأ مشواره في البطولة بمواجهة منتخب طاجيكستان يوم 5 أبريل على استاد الأمير عبدالله الفيصل بمدينة جدة في تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت مسقط. ثم يلتقي نظيره الإيراني يوم 8 أبريل في ذات الملعب عند الساعة التاسعة والربع مساءً. ويختتم مواجهاته في المجموعة الرابعة بلقاء كوريا الشمالية يوم 11 أبريل على استاد مدينة الملك عبدالله الرياضية.
وأسفرت قرعة البطولة عن أربع مجموعات قوية، حيث ضمت المجموعة الأولى السعودية (المستضيف) إلى جانب أوزبكستان، تايلاند، والصين، فيما جمعت المجموعة الثانية اليابان، أستراليا، فيتنام، والإمارات، أما المجموعة الثالثة فضمت كوريا الجنوبية، اليمن، أفغانستان، وإندونيسيا.
ويتأهل إلى الدور ربع النهائي أول وثاني كل مجموعة، كما أن المنتخبات الأربعة التي تصل إلى نصف النهائي ستضمن التأهل مباشرة إلى كأس العالم للناشئين 2025 في قطر، ما يجعل المنافسة شديدة بين الفرق الطامحة لحجز مقاعدها في هذا المحفل العالمي.