جلس الرجال في صفوف، مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين، غير قادرين على رؤية الجنود الإسرائيليين الذين كانوا يراقبونهم من الجانب الآخر من السياج الشبكي.

مُنعوا من التحدث بصوتٍ عالٍ، ومُنعوا من الوقوف أو النوم إلا عندما يُسمح لهم بذلك.

ركع عدد قليل منهم لأداء الصلاة، وفَحَصَ المسعفُ أحدهم، وسُمح لآخر بنزع الأصفاد من يديه لفترة وجيزة للاغتسال، بينما جلس مئات المعتقلين الآخرين من غزة في صمت.

لقد كانوا جميعاً معزولين عن العالم الخارجي، ومُنعوا لأسابيع من الاتصال بمحامين أو التواصل مع ذويهم.

كان هذا هو المشهد بعد ظهر أحد الأيام في أواخر شهر مايو في حظيرة عسكرية داخل قاعدة سدي تيمان، وهي قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل أصبح ذكرها مقترنا باحتجاز فلسطينيين من قطاع غزة. يقول الجيش الإسرائيلي إن معظم سكان غزة الذين أسروا منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر أُحْضِروا إلى هذا الموقع للخضوع لتحقيق الأولي.

الجيش لم يسمح من قبل بوصول وسائل الإعلام إلى الموقع، لكنه سمح لصحيفة نيويورك تايمز بالاطلاع لفترة قصيرة على جزء من مركز الاحتجاز، وكذلك إجراء مقابلات مع قادة من الجيش ومع مسؤولين آخرين، بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

بعد أن كانت سدي تيمان ثكنة عسكرية غامضة، أصبحت الآن موقع استجواب مؤقت وبؤرة رئيسية لاتهامات بأن الجيش الإسرائيلي أساء معاملة المعتقلين فيها، بما في ذلك أشخاص تبيّن فيما بعد أنهم لا علاقة لهم بحركة حماس أو الجماعات المسلحة الأخرى. في المقابلات التي أجريناها، ذكر معتقلون سابقون أنهم تعرضوا للضرب وغيره من الانتهاكات في المنشأة.

بحلول أواخر شهر مايو، مكث ما يقرب من 4000 معتقل من غزة إلى ما يصل إلى ثلاثة أشهر في طي النسيان في سدي تيمان، بما في ذلك عشرات الأشخاص الذين أسروا خلال الهجمات التي شنتها حماس على إسرائيل في أكتوبر، وفقا لإفادات أدلى بها قادة الموقع لصحيفة التايمز.

قال القادة إنه بعد الاستجواب، أرسل حوالي 70 بالمائة من المعتقلين إلى سجون مخصصة لمزيد من التحقيق والملاحقة القضائية. أما الباقون، أي ما لا يقل عن 1200 شخص، فقد تبين أنهم مدنيون وعادوا إلى غزة دون تهمة أو اعتذار أو تعويض.

محمد الكردي، البالغ من العمر 38 عاماً، سائق سيارة إسعاف، أكد الجيش أنه احتجز في سدي تيمان أواخر العام الماضي قال: "لم يعرف زملائي ما إذا كنت حياً أم ميتا. لقد سُجنت لمدة 32 يومًا"، مضيفا أنه أُلقي القبض عليه في نوفمبر بعد أن حاولت قافلة سيارات الإسعاف التي كان يقودها المرور عبر نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية جنوب مدينة غزة، ثم أضاف قائلا: "لقد شعرت وكأنها 32 عامًا".

تحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز لمدة ثلاثة أشهر، شمل مقابلات مع معتقلين سابقين ومع ضباط عسكريين إسرائيليين وأطباء وجنود عملوا في الموقع؛ وزيارة للقاعدة، والاطلاع على بيانات متعلقة بالمعتقلين المفرج عنهم التي قدمها الجيش، توصّلَ إلى أن 1200 مدني فلسطيني محتجزون في سدي تيمان في ظروف مهينة دون عرضهم على القضاء لمدة تصل إلى 75 يومًا. وأن المعتقلين ممنوعون أيضًا من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يومًا، ولا تعلم عن مكان وجودهم جماعات حقوق الإنسان وكذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وهو ما يعده بعض الخبراء القانونيين انتهاكاً للقانون الدولي.

قال ثمانية معتقلين سابقين، أكد الجيش أنهم جميعاً محتجزون في الموقع وتحدثوا بشكل رسمي، إنهم تعرضوا للضرب والركل والتعذيب بالهراوات واللكز بالجزء الخلفي من البنادق، ووضع لهم جهاز كشف المعادن المحمول أثناء احتجازهم. قال أحدهم إن ضلوعه كُسرت بعد أن ركب جنود على صدره، وقال محتجز آخر إن ضلوعه كُسرت بعد أن ركل وضرب ببندقية، وقال محتجز ثالث إنه قد وقع له مثل ذلك. وقال سبعة إنهم أُجبروا على ارتداء الحفاضات فقط أثناء استجوابهم. قال ثلاثة إنهم تعرضوا للصعق بالكهرباء أثناء استجوابهم.

وتكررت معظم هذه الادعاءات في المقابلات التي أجراها مسؤولون من الأونروا، وكالة الأمم المتحدة الرئيسية لشؤون الفلسطينيين، وهي مؤسسة تقول إسرائيل إن حماس اخترقتها، وهو اتهام تنفيه الوكالة. وأجرت الوكالة مقابلات مع مئات من المعتقلين العائدين الذين أفادوا بوقوع انتهاكات واسعة النطاق في سدي تيمان وغيرها من مرافق الاحتجاز الإسرائيلية، بما في ذلك الضرب واستخدام مسبار كهربائي.

قال جندي إسرائيلي كان يعمل في الموقع إن زملاءه الجنود كانوا يتفاخرون دائما بضرب المعتقلين ورأوا علامات تشير إلى تعرض العديد من الأشخاص لمثل هذه المعاملة. وقال الجندي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية، إن أحد المعتقلين نُقل للعلاج في المستشفى الميداني المؤقت بالموقع بسبب كسر في عظمته أثناء احتجازه، بينما أُخرج آخر لفترة وجيزة بعيدًا عن الأنظار وعاد مصابًا بنزيف حول قفصه الصدري. وقال الجندي إن شخصا توفي في سدي تيمان متأثرا بجروح أصيب بها في صدره، رغم أنه من غير الواضح ما إذا كانت قد أصيب قبل وصوله إلى القاعدة أو بعدها.

ومن بين 4000 معتقل تم إيواؤهم في سدي تيمان منذ أكتوبر، توفي 35 إما في الموقع أو بعد نقلهم إلى مستشفيات مدنية قريبة، وفقًا لضباط في القاعدة تحدثوا إلى التايمز خلال زيارة مايو. وقال الضباط إن بعضهم مات بسبب جروح أو أمراض أصيبوا بها قبل سجنهم، ونَفوْا وفاة أي منهم بسبب سوء المعاملة. ويحقق المدعون العسكريون في الوفيات.

وخلال الزيارة، قال كبار الأطباء العسكريين إنهم لم يلاحظوا قط أي علامات تعذيب، وقال القادة إنهم حاولوا معاملة المعتقلين بأكبر قدر ممكن من الإنسانية. وأكدوا أن ما لا يقل عن 12 جنديًا فصلوا من عملهم من الموقع، بعضهم بسبب الاستخدام المفرط للقوة.

في الأسابيع الأخيرة، جذبت قاعدة سدي تيمان أنظار الكثير من وسائل الإعلام، بما في ذلك تقرير لشبكة CNN استشهد به البيت الأبيض لاحقًا، وكذلك من المحكمة العليا الإسرائيلية، التي بدأت في الاستماع إلى التماس من جماعات حقوق الإنسان لإغلاق الموقع. رداً على الالتماس، قالت الحكومة الإسرائيلية إنها تعمل على تقليل عدد المعتقلين في سدي تيمان وتحسين الظروف هناك؛ وقد قام الجيش الإسرائيلي بالفعل بتشكيل لجنة للتحقيق في معاملة المعتقلين في الموقع.

وفي بيان مطول لهذا المقال، نفى الجيش الإسرائيلي وقوع "انتهاكات ممنهجة" في سدي تيمان. وقال الجيش، بعد زعمه بأن الانتهاكات تصرفات فرديّة، إن هذه المزاعم "من الواضح أنها غير دقيقة أو لا أساس لها على الإطلاق"، وربما تم تلفيقها تحت ضغط من حماس. ولم يُعطِ مزيدا من التفاصيل.

وقال البيان العسكري "إن أي إساءة للمعتقلين، سواء أثناء اعتقالهم أو أثناء التحقيق، تعد انتهاكًا للقانون، ولتوجيهات جيش الدفاع الإسرائيلي، وهذا ممنوع منعا باتا، وإنّ الجيش يتعامل مع أي تصرفات من هذا النوع التي تتعارض مع مبادئه بمنتهى الجدية، وتحقق بدقة في الادعاءات المتعلقة بإساءة معاملة المعتقلين". وقالت وكالة (الشين بيت)، وهو جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية، الذي يُجري بعض الاستجوابات في القاعدة، في بيان مقتضب إن جميع الاستجوابات "أجريت وفقًا للقانون".

وقال يوئيل دونشين، وهو طبيب عسكري يعمل في الموقع، إنه من غير الواضح لماذا أسر الجنود الإسرائيليون الأشخاص الذين عالجهم هناك، وإنه من غير المرجح أن يكون بعضهم مقاتلين شاركوا في الحرب. وقال إن أحدهم كان مصابا بشلل نصفي، وآخر يزن حوالي 136 كيلو غراما، والثالث يتنفس منذ الطفولة من خلال أنبوب تم إدخاله في رقبته.

قال الدكتور دونشين: "لماذا أحضروه؟ لا أعلم". وأضاف: "إنهم يأخذون الجميع".

كيف يتم القبض على المعتقلين

يقول فادي بكر، طالب في تخصص الحقوق من مدينة غزة، إنه اعتقل في الخامس من يناير على يد جنود إسرائيليين بالقرب من منزل عائلته. وقال بكر، البالغ من العمر 25 عاماً، الذي نزح بسبب القتال في وقت سابق من الحرب، إنه عاد إلى قريته للبحث عن الدقيق، لكنه وقع في وسط تبادل لإطلاق النار وأصيب.

وقال إن الإسرائيليين عثروا عليه وهو ينزف بعد توقف القتال. وأضاف أنهم جردوه من ملابسه، وصادروا هاتفه ومدخراته، وضربوه مرارا وتكرارا واتهموه بأنه مسلّح نجا من المعركة.

ويتذكر بكر أنه قيل له: "اعترف الآن وإلا سأطلق عليك النار". فأجابه قائلاً: "أنا مدني"، ولكن دون جدوى.

وتعكس ظروف اعتقال بكر ظروف اعتقال معتقلين سابقين آخرين أجرت صحيفة التايمز مقابلات معهم، قال العديد منهم إنه اشتبه في قيامهم بنشاط مسلح لأن الجنود واجهوهم في المناطق التي اعتقد الجيش أنها تؤوي مقاتلي حماس، بما في ذلك المستشفيات ومدارس الأمم المتحدة أو الأحياء الخالية من السكان مثل الحي الذي أتي منه بكر.

وقال يونس الحملاوي البالغ من العمر 39 عاما، وهو ممرض أوّل، إنه اعتقل في نوفمبر بعد مغادرته مستشفى الشفاء في مدينة غزة خلال غارة إسرائيلية على الموقع، الذي تعدّه إسرائيل مركز قيادة لحماس. واتهمه جنود إسرائيليون بأن له علاقة بحركة حماس.

وقال الكردي، سائق سيارة الإسعاف، إنه ألقي القبض عليه أثناء محاولته نقل المرضى عبر نقطة تفتيش إسرائيلية. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن مقاتلي حماس يستخدمون سيارات الإسعاف بشكل روتيني.

ووصف جميع المعتقلين الثمانية السابقين ظروف أسرهم بالطريقة نفسها، إذ كانوا معصوبي الأعين بشكل عام، ومقيدي الأيدي، وجُردوا من ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية، حتى يتمكن الجنود الإسرائيليون من التأكد من أنهم غير مسلحين.

وقال معظمهم إنهم تعرضوا للاستجواب واللكم والركل أثناء وجودهم في غزة، وقال البعض إنهم تعرضوا للضرب بالبنادق. وفي وقت لاحق، شُحِنوا مع معتقلين آخرين نصف عراة في شاحنات عسكرية، ونُقِلوا إلى معتقل سدي تيمان.

وقال البعض إنهم لاحقاً مكثوا بعضا من الوقت في السجون الإسرائيلية الرسمية، بينما قال آخرون إنهم أُعيدوا مباشرة إلى غزة.

وقال بكر إنه خلال الشهر الذي قضاه في الموقع، أمضى أربعة أيام تحت الاستجواب، مضيفاً أنها «أسوأ أربعة أيام في حياتي كلها».

كيف أنشيء الموقع

خلال الحروب السابقة مع حماس، بما في ذلك الصراع الذي استمر 50 يوما في عام 2014، كانت قاعدة سدي تيمان العسكرية تحتجز بين الفينة والأخرى أعدادا قليلة من سكان غزة كأسرى حرب. وتعد القاعدة مركز قيادة ومخزناً للمركبات العسكرية، وقد اختيرت لأنها قريبة من غزة وتضم موقعًا للشرطة العسكرية، التي تشرف على مرافق الاحتجاز العسكرية.

في أكتوبر، بدأت إسرائيل في استخدام الموقع لاحتجاز الأشخاص الذين أسروا في إسرائيل خلال الهجوم الذي قادته حماس، ووضعتهم في حظيرة دبابات فارغة، وفقا لقادة الموقع. وقالوا إنه بمجرد أن بدأ هجوم إسرائيل على غزة في نهاية ذلك الشهر، بدأت سدي تيمان تستقبل عددًا كبيرًا من الأشخاص، مما دفع الجيش إلى إعادة تجهيز ثلاث حظائر أخرى لاحتجازهم وتحويل مكتب للشرطة العسكرية لتوفير مساحة أكبر للاستجواب.

وقالوا إنه بحلول أواخر مايو، كانت القاعدة تضم ثلاثة مواقع احتجاز وهي: العنبر حيث يحرس المحتجزين الشرطةُ العسكرية؛ والخيام القريبة حيث يعالج المعتقلون على يد أطباء عسكريين؛ ومنشأة استجواب في جزء منفصل من القاعدة يعمل بها ضباط استخبارات من مديرية المخابرات العسكرية الإسرائيلية والشين بيت.

يمكن احتجاز المعتقلين في سدي تيمان، المصنفين على أنهم "مقاتلون غير شرعيين" بموجب التشريعات الإسرائيلية، لمدة تصل إلى 75 يومًا دون إذن قضائي، و90 يومًا دون الاتصال بمحام، ناهيك عن المحاكمة.

ويقول الجيش الإسرائيلي إن هذه الترتيبات مسموح بها بموجب اتفاقيات جنيف التي تحكم الصراعات الدوليّة، والتي تسمح باعتقال المدنيين لأسباب أمنية. وقال القادة في الموقع إنه من الضروري تأخير تواصل المعتقلين مع المحامين من أجل منع مقاتلي حماس من نقل رسائل إلى قادتهم في غزة، مما يعيق المجهود الحربي الإسرائيلي.

وبعد الاستجواب الأولي في سدي تيمان، عادة ما ينقل المعتقلون الذين يشتبه في أن لهم صلات بالمتشددين إلى موقع عسكري آخر أو إلى سجن مدني. وفي النظام المدني، من المفترض أن توجه التهم إليهم رسمياً. وفي مايو، قالت الحكومة في مذكرة قدمتها إلى المحكمة العليا الإسرائيلية إنها بدأت إجراءات جنائية ضد "مئات" الأشخاص الذين قبض عليهم منذ 7 أكتوبر، دون تقديم مزيد من التفاصيل حول العدد الدقيق للقضايا أو وضعها. ولم تُجرَ أية محاكمة معروفة لسكان غزة الذين أسروا منذ أكتوبر.

ويقول خبراء في القانون الدولي إن النظام الإسرائيلي فيما يتعلق بالاحتجاز الأولي أكثر تقييدا من العديد من نظرائه الغربيين من حيث الوقت الذي يستغرقه القضاة لمراجعة كل حالة، وكذلك من حيث عدم إمكانية وصول موظفي الصليب الأحمر.

وقال لورانس هيل كاوثورن، أستاذ القانون الذي كتب لمحة عامة عن القوانين التي تحكم احتجاز المقاتلين غير الحكوميين، إن الولايات المتحدة، في وقت مبكر من حربها ضد طالبان في أفغانستان، أخرت أيضًا المراجعة المستقلة لقضية المعتقلين لمدة 75 يومًا. وقال البروفيسور إن الولايات المتحدة قلصت هذا التأخير في عام 2009 إلى 60 يومًا، بينما تمت مراجعة الحالات في العراق في غضون أسبوع.

وقال البروفيسور هيل كاوثورن إن قرار إسرائيل بتأخير المراجعة القضائية للقضية لمدة 75 يومًا دون إتاحة الوصول إلى المحامين أو الصليب الأحمر "يبدو لي وكأنه شكل من أشكال الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، وهو في حد ذاته انتهاك للقانون الدولي".

يقول بكر إنه بعد اختفائه فجأة في يناير، لم يكن لدى عائلته أي طريقة لمعرفة مكان وجوده، فظنوا أنه مات.

أين يعيش المعتقلون

داخل سدي تيمان، احتُجز بكر في حظيرة مفتوحة، حيث قال إنه أُجبر، مع مئات آخرين، على الجلوس مكبل الأيدي في صمت على حصيرة لمدة تصل إلى 18 ساعة في اليوم. لم يكن للحظيرة أي جدار خارجي، مما جعلها مفتوحة للمطر والبرد، وكان الحراس يراقبونه من الجانب الآخر من سياج شبكي.

كان جميع المعتقلين معصوبي الأعين، باستثناء واحد يعرف بالشاويش، أي رقيب. وكان الشاويش بمثابة الوسيط بين الجنود والسجناء، وكان يوزع الطعام ويرافق السجناء الآخرين إلى مجموعة من المراحيض المتنقلة في زاوية العنبر.

وبعد أسابيع، قال بكر، إنه تم تعيينه شاويشا، مما سمح له برؤية ما حوله بشكل صحيح.

وتتطابق روايته إلى حد كبير مع روايات معتقلين آخرين وتتوافق مع ما عرضته صحيفة التايمز في الموقع في أواخر مايو.

قال القادة في الموقع إنه يُسمح للمحتجزين بالوقوف كل ساعتين للتمدد والنوم بين الساعة 10 مساءً تقريبًا والساعة 6 صباحًا والصلاة في أي وقت. وقالوا إنه سُمح للمحتجزين لفترة وجيزة في أكتوبر بخلع عصب أعينهم والتحرك بحرية داخل الحظائر. لكن هذا الترتيب انتهى بعد أن أصبح بعض المحتجزين جامحين أو حاولوا فك الأصفاد، على حد قول القادة.

وقال بكر إنه كان مرهقًا بعد الرحلة إلى سدي تيمان، ونام بعد وقت قصير من وصوله، مما دفع أحد الضباط إلى استدعائه إلى غرفة قيادة قريبة، وبدأ بضربه، قائلا له: "هذه عقوبة من ينام".

وذكر آخرون تعرضهم لعقوبات مماثلة نتيجة ارتكابهم لمخالفات بسيطة، فقد قال رفيق ياسين البالغ من العمر 55 عاماً، وهو عامل بناء اعتقل في ديسمبر، إنه تعرض للضرب مراراً وتكراراً على بطنه بعد محاولته إلقاء نظرة خاطفة من تحت العصابة التي كانت على عينيه. وقال إنه بدأ يتقيأ دما وعولج في مستشفى مدني في مدينة بئر السبع القريبة. وعندما سألت الصحيفة المستشفى عن هذا الادعاء، أحالنا إلى وزارة الصحة التي رفضت التعليق.

وقال الجندي الإسرائيلي الذي شهد الانتهاكات في حظيرة الطائرات إن أحد المعتقلين تعرض للضرب المبرح لدرجة أن ضلوعه نزفت بعد أن اتهم بإلقاء نظرة من تحت عصابة عينيه، بينما تعرض آخر للضرب بعد أن تحدث بصوت عالٍ.

ولم تشهد التايمز أي تعرض للضرب أثناء زيارتها للحظيرة، حيث شوهد بعض المعتقلين يصلون بينما فُحصَ آخرون من قبل المسعفين أو أحضرهم الشاويش للاغتسال في حوض في الجزء الخلفي من العنبر. ويمكن رؤية رجل يلقي نظرة خاطفة من تحت عصابة عينيه دون أن يتعرض لعقوبة فورية.

ومثل المعتقلين السابقين الآخرين، يتذكر بكر أنه كان يتلقى ثلاث وجبات خفيفة في معظم الأيام، عادة ما تكون عبارة عن خبز يقدم مع كميات صغيرة من الجبن أو المربى أو التونة، وأحيانًا الخيار والطماطم. وقال الجيش إن المؤن الغذائية "يوافق عليها أخصائيُّ تغذية معتمد من أجل الحفاظ على صحتهم".

ووفقاً لعدد من المعتقلين السابقين، لم يكن الأكل كافياً. وقال ثلاثة إنهم فقدوا أكثر من 18 كيلوغراما أثناء احتجازهم.

تتوفر بعض العلاجات الطبية في الموقع. أحضر القادة فريق صحيفة التايمز إلى مكتب قالوا إن المسعفين قاموا فيه بفحص كل محتجز عند وصوله، بالإضافة إلى مراقبتهم كل يوم في حظائر الطائرات، بينما تعالج الحالات الخطيرة في مجموعة قريبة من الخيام تشكل مستشفى ميدانيًا مؤقتًا.

داخل تلك الخيام، تعصب أعين المرضى وتربط أيديهم في الأسرة التي ينامون عليها، وفقًا لوثيقة وزارة الصحة التي تحدد سياسات الموقع، والتي استعرضتها صحيفة التايمز.

خلال الزيارة، قال أربعة مسعفين في المستشفى إن هذه الإجراءات ضرورية لمنع الهجمات على الطاقم الطبي. وقالوا إن سجينين اثنين على الأقل حاولا الاعتداء على المسعفين أثناء علاجهم.

لكن آخرين، ومن بينهم الدكتور دونشين، يقولون إنه في كثير من الحالات كانت الأصفاد غير ضرورية وتجعل من الصعب علاج الناس بشكل صحيح.

وقال إسرائيليان كانا في المستشفى العام الماضي إن موظفي المشفى كانوا أقل خبرة بكثير، والمشفى أقل تجهيزًا بالمعدات خلال المراحل الأولى من الحرب. وقال أحدهم، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة القضائية، إنه في ذلك الوقت لم يكن المرضى يتلقون ما يكفي من مسكنات الألم أثناء الإجراءات الطبية المؤلمة.

وقالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان، وهي جماعة حقوقية في إسرائيل، في تقرير لها في أبريل إن المستشفى الميداني كان "بقعة سيئة بالنسبة لأخلاقيات الطب والكفاءة المهنية".

واعترفت القيادة الحالية للمستشفى بأن المشفى لم يكن دائمًا مجهزا تجهيزًا جيدًا كما هو الآن، لكنها قالت إن موظفيها يتمتعون دائمًا بخبرة عالية.

وقال الدكتور دونشين، إن العلاج أصبح في العيادة الميدانية الآن "أفضل قليلاً" في بعض الجوانب مما هو عليه في المستشفيات المدنية الإسرائيلية، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنه يعمل في العيادة بعض من أفضل الأطباء في إسرائيل. كان الدكتور دونشين، وهو مقدم في الاحتياط العسكري، طبيب تخدير لفترة طويلة في أحد المستشفيات الكبرى في القدس، ويقوم الآن بالتدريس في كلية الطب الرائدة.

وشملت المرافق والمعدات التي شاهدتها التايمز جهاز تخدير، وجهاز مراقبة بالموجات فوق الصوتية، ومعدات أشعة سينية، وجهازا لتحليل عينات الدم، وغرفة عمليات صغيرة ومخزنا يحتوي على مئات الأدوية.

وقال الأطباء العاملون في سدي تيمان الذين تحدثوا إلى صحيفة التايمز، إنهم طُلب منهم أيضًا عدم كتابة أسمائهم على أي وثائق رسمية وعدم مخاطبة بعضهم البعض بالاسم أمام المرضى.

وقال الدكتور دونشين إن المسؤولين يخشون التعرف عليهم واتهامهم بارتكاب جرائم حرب في المحكمة الجنائية الدولية.

خلال زيارة التايمز، قال ثلاثة أطباء إنهم لا يخشون الملاحقة القضائية لكنهم طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمنع حماس وحلفائها من مهاجمتهم أو مهاجمة عائلاتهم.

كيف تجري الاستجوابات

وبعد أربعة أيام تقريبًا من وصول بكر، قال إنه استدعي للاستجواب.

ومثله مثل الآخرين الذين تحدثوا إلى التايمز، يقول بكر إنه نُقل إلى مكان منفصل أطلق عليه المعتقلون اسم "غرفة الديسكو" لأنهم، على حد قولهم، أجبروا على الاستماع إلى موسيقى صاخبة منعتهم من النوم. واعتبر بكر ذلك شكلاً من أشكال التعذيب، قائلاً إنه كان مؤلماً للغاية لدرجة أن الدم بدأ يسيل من داخل أذنه.

وقال الجيش الإسرائيلي إن الموسيقى "لم تكن عالية وغير ضارة"، وشغلت على مسمع من الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، وكان الهدف منها منع المعتقلين من التشاور بسهولة مع بعضهم البعض قبل الاستجواب. ولم يتم إطلاع التايمز على أي قسم من مجمع الاستجواب، بما في ذلك المنطقة التي شغلت فيها الموسيقى.

وقال بكر إنه لم يكن يرتدي سوى الحفاضة، ثم نقل إلى غرفة منفصلة لاستجوابه.

واتهمه المحققون بالانتماء إلى حماس وأظهروا له صوراً لمسلحين للتعرف عليهم. كما سألوه عن مكان وجود الرهائن، وكذلك عن أحد كبار قادة حماس الذين يعيشون بالقرب من منزل عائلة بكر. وقال بكر إنه عندما نفى أي صلة له بالمجموعة أو معرفته بالرجال المصورين، تعرض للضرب بشكل متكرر.

وقال الحملاوي، كبير الممرضين، إن ضابطة أمرت جنديين برفعه للأعلى، والضغط على شرجه بعصا معدنية مثبتة على الأرض، فاخترقت العصا شرجه لمدة خمس ثوان تقريبا، مما تسبب في وقوع نزيف و"ألم لا يطاق".

وتذكر مسودة مسربة من تقرير الأونروا مقابلة قدمت رواية مماثلة. واستشهدت بمحتجز يبلغ من العمر 41 عاماً قال إن المحققين "أجبروني على الجلوس على شيء مثل عصا معدنية ساخنة وشعرت بالنار"، وقال أيضاً إن محتجزاً آخر "مات بعد أن وضعوا العصا الكهربائية" في شرجه.

ويتذكر الحملاوي أنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصل بالكهرباء، وعرضوه لصدمات كهربائية في كثير من الأحيان لدرجة أنه في البداية قام بالتبول بشكل لا إرادي، ثم توقف بعد ذلك عن التبول تماما لعدة أيام. وقال الحملاوي إنه أيضاً أُجبر على ارتداء حفاضات فقط، لمنعه من تلويث الأرض.

قال إبراهيم شاهين، صاحب 38 عاما، وهو سائق شاحنة احتجز في أوائل ديسمبر لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، إنه تعرض للصعق ما يقرب من ست مرات أثناء جلوسه على كرسي. وقال شاهين إن الضباط اتهموه بإخفاء معلومات حول مكان الرهائن القتلى.

وقال بكر أيضًا إنه أُجبر على الجلوس على كرسي موصل بالكهرباء، مما أدى إلى إرسال تيار ينبض عبر جسده مما أدى إلى فقدانه الوعي.

إطلاق سراح دون تهمة

وقال بكر إنه بعد أكثر من شهر من الاحتجاز، بدا أن الضباط قبلوا براءته.

وفي وقت مبكر من صباح أحد أيام شهر فبراير، وضع بكر على متن حافلة متجهة إلى حدود إسرائيل مع جنوب غزة. بعد شهر من الاعتقال، كان على وشك إطلاق سراحه.

وقال إنه طلب هاتفه ومبلغ 7200 شيكل (حوالي 2000 دولار) التي صودرت منه أثناء اعتقاله في غزة، قبل وصوله إلى سدي تيمان.

وقال بكر إن الجندي قام بضربه والصراخ عليه قائلا: "لا ينبغي لأحد أن يسأل عن هاتفه أو أمواله".

وقال الجيش إنه تم توثيق جميع المتعلقات الشخصية ووضعها في أكياس مختومة بعد وصول المعتقلين إلى سدي تيمان، وإعادتها لهم بعد إطلاق سراحهم.

وقبيل الفجر، وصلت الحافلة إلى معبر كرم أبو سالم، بالقرب من الطرف الجنوبي لقطاع غزة.

ومثل غيره من المعتقلين العائدين، سار بكر لمسافة ميل تقريبًا قبل أن يستقبله عمال الإغاثة التابعون للصليب الأحمر، فأطعموه وفحصوا حالته الطبية لفترة وجيزة. ثم أخذوه إلى محطة قريبة حيث استجوب لفترة وجيزة من قبل مسؤولي أمن حماس حول الفترة التي قضاها في إسرائيل.

واستعار هاتفا، واتصل بأسرته التي كانت لا تزال على بعد 20 ميلا في مدينة غزة.

وقال بكر إن هذه كانت المرة الأولى التي سمعوا فيها صوته منذ أكثر من شهر.

"سألوني: هل أنت على قيد الحياة؟"

* ساهم إياد أبو حويلة في إعداد التقارير من إسطنبول، وغابي سوبلمان من رحوفوت، إسرائيل، و (ورونين بيرجمان) من تل أبيب.

** باتريك كينغسلي هو مدير مكتب التايمز في القدس، ويتولى تغطية الأخبار في إسرائيل وغزة والضفة الغربية.

*** خدمة نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: معاملة المعتقلین الجیش الإسرائیلی البالغ من العمر الأشخاص الذین صحیفة التایمز من المعتقلین المعتقلین فی فی سدی تیمان عدم الکشف عن لمدة تصل إلى لفترة وجیزة إنهم تعرضوا مقابلات مع تعرض للضرب فی إسرائیل وقال الجیش قال القادة على الجلوس بما فی ذلک فی الموقع مدینة غزة فی حظیرة وقال إن قال إنه قال إن بعد أن فی وقت إن هذه لم یکن

إقرأ أيضاً:

الآلاف يتابعون تعامد الشمس على معابد الكرنك

توافد آلاف الزائرين المصريين والسياح إلى منطقة ميناء معابد الكرنك لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس على المحور الرئيسي للمعابد بمناسبة دخول فصل الشتاء وسط أجواء احتفالية  أقامتها سلطات محافظة الأقصر التاريخية في صعيد مصر.

وتحدث هذه الظاهرة في يوم 21 ديسمبر من كل عام، الذي يوافق بداية فصل الشتاء رسميا.
وقال محمد عبدالبديع رئيس قطاع الآثار المصرية في المجلس الأعلى للآثار، في بيان لوزارة السياحة والاثار اليوم السبت، إن أطفال الكشافة بزيهم الفرعوني استقبلوا جميع الزائرين بالورود والهدايا التذكارية وقدموا لهم بعض الفقرات الفنية المستوحاه من الفن المصري القديم.

كما ألقى محمود العديسي مدير إدارة الوعي الأثري محاضرة عن أهمية هذه الظاهرة وعبقرية المصري القديم في ربط الحسابات الفلكية بالهندسة المعمارية وتخطيط المعابد واتجاهاتها.

أخبار ذات صلة الترحال.. مرآة الشعوب شتاء أوروبا أشدّ حرّاً

وأوضح عبد الخالق حلمي مدير عام آثار الكرنك، أن هذه الظاهرة تكشف تميز المصري القديم وبراعته في ربط علوم الفلك والهندسة المعمارية معا، وحرصه على ذلك طوال 2000 عام وهي المدة التي تم استغراقها لبناء معابد الكرنك، حيث تشرق الشمس أعلى مقصورة الزورق المقدس لـ"أمون رع" والتي شيدها الملك فيليب أرهيدايوس أخو الإسكندر الأكبر.

وأشار حلمي إلى أن الشمس تتعامد على محور الكرنك الرئيسي الممتد من الشرق للغرب مخترقا مداخل الصروح من السادس إلى الأول وكذلك قاعة الأساطين الكبرى حتى يراها الزائر عند ميناء الكرنك أمام واجهة المعبد الرئيسية. 

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • ساحة المرجة.. معلم تاريخي دمشقي يكتسي بصور المعتقلين والمختفين قسريا (شاهد)
  • الآلاف يتابعون تعامد الشمس على معابد الكرنك
  • إندونيسيا تحيي الذكرى العشرين لكارثة تسونامي المأساوية التي أودت بحياة مئات الآلاف
  • تفاصيل جديدة بشأن الجروح التي ظهرت على وجه غوارديولا
  • استدعت سفيري سويسرا وإيطاليا..طهران تحتج على اعتقال إيرانيين في أمريكا
  • اعتقال 7 صينيين قرب قاعدة عسكرية أمريكية وسط مخاوف من التجسس
  • طبيب وصهيوني وملحد .. تفاصيل جديدة عن منفذ حادث الدهس بألمانيا
  • البرلمان يوافق على إنشاء قاعدة بيانات للمستفيدين من الضمان الاجتماعي (تفاصيل)
  • أصالة تهنئ مكسيم وتشيد بحملته لصالح المعتقلين
  • "بايدن خلف الأسوار".. تفاصيل مثيرة حول 4 سنوات من العزلة داخل قلعة حصينة