ما أسباب فوز اليمين المتطرف في أوروبا وما تأثيره على الوضع في أوكرانيا وغزة؟
تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT
رأى الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الأمن الروسي والعلاقات الروسية الأطلسية محمد سيف الدين، أن صعود اليمين في الانتخابات الأوروبية هو استمرار لنسق سابق خلال السنوات الأخيرة.
حزب الجمهوريون الفرنسي: "الماكرونية" تعني المزيد من الضرائب والهجرة وانعدام الأمنوفي حديث لـRT قال سيف الدين إن هذا الصعود له أسباب مختلفة، منها ما هو داخلي ومنها ما هو مرتبط بالضغوط الخارجية التي تفعلها الأزمات الدولية، مبينا أنه في الأسباب الداخلية، هناك منشأ اقتصادي لشعور جزء كبير من الأوروبيين بالقلق والمنافسة، مع إدراك للضعف الاستراتيجي الذي تعاني منه القارة الأوروبية.
ولفت إلى أنه من ناحية هناك معدلات تضخم مرتفعة، ومعاناة اقتصادية بعد جائحة كوفيد-19 وفي ظل منافسة عالمية محمومة. ومن ناحية أخرى هناك قلق على الهوية جراء تدفق اللاجئين، والتغيرات الديموغرافية التي يحدثونها في البلدان الأوروبية، مشيرا إلى أن "هناك بين الناحيتين تناقضا واضحا، إذ تحتاج الدول الأوروبية المهاجرين كقوة عمل، وتعاني في استيعابهم ثقافيا وسياسيا، وهم حين يحضرون سيحضر معهم تأثيرهم وتفاعلاتهم.
أما حول علاقة هذه النتائج بالحربين في أوكرانيا وغزة، فرأى أنها في اتجاهين أيضا. الأول هو تأثير هاتين الأزمتين على توجهات الناخبين وبالتالي نتائج الانتخابات، وهو تأثير واضح، حيث ترفض شرائح متزايدة من الناخبين توجيه ضرائبها لخدمة الجبهة في أوكرانيا، ولا تحبذ استمرار المساعدات العسكرية والمالية لكييف، والأحزاب اليمينية هي أكثر من يعبر عن هذه الشرائح، والتي ترفض أيضا السياسات الحالية للأحزاب الحاكمة في دول أوروبا الغربية.
وأوضح سيف الدين أن الاتجاه الثاني هو تأثير نتائج هذه الانتخابات على الحربين. وفيه يمكن القول إن صعود اليمين سيؤدي إلى صعوبات أكبر في توفير المساعدات إلى أوكرانيا، وإذا وصلت أحزاب اليمين إلى السلطة، فإن تغيرا تصاعديا سيلحظ في السياسات الأوروبية تجاه الأزمة الأوكرانية، لكن مع انتظار وصول الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مجددا إلى الحكم في واشنطن، فإن وصل تكون سياسات اليمين متناغمة معه، وإن استمر حكم بايدن، فإن تعارضا سينشأ بينه وبين اليمين الأوروبي.
وبخصوص الحرب على غزة، فأفاد بأن الاتجاه اليميني في أوروبا لن يغير من الدعم المتوفر لإسرائيل بدرجة كبيرة، إلا في حال تزايد الإدانات من القضاء الدولي والدول لجريمة الإبادة، ويمكن أن يؤدي صعود اليمين إلى تركيز الموقف الأوروبي على حل الدولتين، والسير في ظل الولايات المتحدة هنا، من أجل حرية أكبر للأوروبيين في الملف الأوكراني.
وذكر سيف الدين أخيرا أن التأثير الأوروبي على قضايا الشرق الأوروبي تراجع بحدة أمام الحضور الأمريكي والصيني والإقليمي. وبالتالي فإن تأثير أي حدث أوروبي على الحرب على غزة يبقى عند درجة محدودة بالتأثير الأمريكي.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: RT العربية أوروبا الاتحاد الأوروبي الحرب على غزة القضية الفلسطينية انتخابات جو بايدن دونالد ترامب قطاع غزة كييف واشنطن سیف الدین
إقرأ أيضاً:
حرب الجغرافيا
اليمين المتطرف الذى يحكم فى إسرائيل لا يتوقف عن الإعلان عن نيته التوسّع جغرافيًا فى المنطقة العربية وفقًا لمزاعم إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات، وهو ما ينسب لمرجعيات يهودية وسياسية فى أكثر من مناسبة يكفى على سبيل المثال التوقف عند تصريحات الوزيرين المتطرفين فى حكومة الحرب الإسرائيلية إيتمار بن جفير وزير الأمن القومى وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية فى أكثر مناسبة.
فى السياق ذاته يمكننا قراءة حديث الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عندما قال إنه كلما نظر إلى خارطة العالم ووجد إسرائيل صغيرة يحزن!! وكذلك حديث نتنياهو عما أسماه حرب الاستقلال الثانية، كل هذا يقول إن إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ربما عازمتان على إعادة رسم الجغرافيا السياسية فى الشرق الأوسط.
بالتدقيق فى المواقف والتصريحات واتجاه الصراع فى المنطقة وشروط إسرائيل لإنهاء الحربين فى غزة ولبنان, يتضح أن هدف نتنياهو ومعه اليمين المتطرف هو تأمين عمق جغرافى لإسرائيل, وهذا لن يحدث إلا بضم الضفة الغربية والقدس وغزة ولا أستبعد أن يصل شطط نتنياهو إلى التفكير فى احتلال أجزاء من لبنان وسوريا والأردن، بذريعة تأمين حدود إسرائيل، وكل هذا بالطبع مع ضوء أخضر من دوناد ترامب.
تأتى كل المواقف السياسية الإسرائيلية لتؤكد صحة هذه القراءة لأهداف نتنياهو, فهل علينا مثلا أن نمرر تصريحات وزيرة الاستيطان أوريت ستروك بأنها تعمل على قدم وساق لإعلان السيادة الإسرائيلية على أكبر مساحة ممكنة من الضفة الغربية، وبأنه لا ينبغى وضع إستراتيجية للخروج من قطاع غزة وكذلك مطالبات سموتريتش من قسم إدارة المستوطنات فى وزارة الدفاع، وكذلك الإدارة المدنية التابعة للجيش الإسرائيلى فى الضفة الغربية قبل أيام، بالبدء فى إعداد البنية التحتية اللازمة للسيطرة على الضفة الغربيّة, من دون أن نفهم أن محطتهم التالية هى الضفة والقدس فسموتريتش نفسه قالها علنا: «آن الأوان لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية فى عام 2025، فى ظل وجود ترامب فى البيت الأبيض».
الفكرة الصهيونية التى تنتصر للدولة اليهودية الخالصة تسعى عمليًا إلى احتلال كل فلسطين التاريخية، ولخدمة هذه الفكرة يرى اليمين المتطرف أن الخروج من غزة كان خطأ وأنه لابد من إعادة السيطرة عليها وأن الطريقة الوحيدة لإزالة التهديد المتمثّل فى قيام دولة فلسطينية هو السيطرة على الضفة الغربية عبر التوسّع الاستيطانى.
القضية الفلسطينية من وجهة النظر العادلة لا يمكن أن تحل من دون الرجوع إلى الشرعية الدولية وتطبيق قرار حل الدولتين وفقا لحدود الرابع من يونيو 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وهذا ما يطالب به المجتمع الدولى والزعماء العرب فى كل محفل وفى مقدمتهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي, ولكن إسرائيل تعمل كل ما فى وسعها لمنع إقامة دولة فلسطينية فالكنيست سنّ قانونًا فى يوليو الماضى، برفض الدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة، حيث صوّت 99 نائبًا لصالح القانون من أصل 120 عضوَ وأيضًا شرّع الكنيست فى عام 2018، قانون القومية اليهودية، لدعم الاستيطان، ولحصر حق تقرير المصير باليهود على أرض فلسطين التاريخية، أى عدم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب أو قومية يحق لهم الاستقلال فى دولة فلسطينية.
كل ما حدث ويحدث الآن فى قطاع غزة من محو لكل مظاهر الحياة فى القطاع ليجبر الفلسطينيون على التهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم طلبا للحياة، هدفه فى المقام الأول تحويل قطاع غزة إلى واحة من المستوطنات ومن جانب آخر يقنن الاحتلال سياساته فى الداخل الإسرائيلى منذ سنوات عبر قوانين استعمارية لاحتلال الضفة الغربية والقدس.
فى تصورى أن الأيام القادمة ستدفع الاحتلال الإسرائيلى إلى تنفيذ مخططاته بغطاء أمريكي, لاسيما مع التفاءل الإسرائيلى بقدوم دونالد ترامب والذى أغدق بالوعود على اليمين المتطرف خاصة مع أعلانه أثناء حملته الانتخابية دعمه لفكرة توسيع الحدود الجغرافية لإسرائيل، على حساب الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة, وقد ظهرت مؤشرات تدعم هذا التفاؤل ممثلة فى الشخصيات المرشّحة لتشكيل إدارة ترامب، مثل المرشحين لحقائب الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومى ومدير المخابرات والسفير الأمريكى فى إسرائيل، كلها شخصيات صهيونية رافضة لفكرة الدولة الفللسطينية.
مع الأسف الحرب القادمة هى حرب جغرافيا بامتياز.